أقسام روايات التنبؤ بالمستقبل بشكل عام

البريد الإلكتروني طباعة

في أقسام روايات التنبؤ بالمستقبل بشكل عام

في أقسام روايات التنبؤ بالمستقبل بشكل عام ، و تحديد ما يدل منها في محل البحث من هذا القسم الثاني من هذا التاريخ.

تنقسم هذه الروايات من نواح ثلاث ، تختلف باختلاف الاعتبارات الملحوظة فيها :

الناحية الأولي :

انقسامها من حيث توزيعها علي الزمن ، باعتبار ماضينا و حاضرنا و مستقبلنا.. الي ثلاثة أقسام :

القسم الأول :

ما دل علي التنبو بوقوع الحوادث قبل وقوعها ، ولكن قد حصل وقتها وجاء زمانها خلال الأجيال الاسلامية. كالتنبو من قبل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) و بعض الأئمة الأوائل ، بقيام دولة الأمويين أو العباسيين و انقراضهما ، أو خروج صاحب الزنج أو وقوع الحروب الصليبية ، و غيرها مما ورد التنبو به ، و حدث بالفعل خلال التاريخ الاسلامي.

القسم الثاني :

ما دل علي التنبو بحوادث نجدها معاصرة لنا في جيلنا الحاضر. و هي تلك الروايات التي دلت علي فساد الزمان و انحراف الاتجاهات العامد السائدة فيه ، من وجهة نظر الاسلام الواقعي... و ما يتبع ذلك و يتسبب عنه من النقاط التفصيلية و الحوادث المعينة ، علي ما سنسمع.

القسم الثالث :

التنبو بحوادث لم تقع بعد ، او لم يدل الدليل علي وقوعها ، علي اقل تقدير. كقتل النفس الزكية و خروج السفياني و الدجال و الصيحة و الخسف بالجيش في البيداء... الي غير ذلك.

وما هو داخل في هذا القسم الثاني من هذا التاريخ هو القسم الثاني من هذه الأقسام الثلاثة ، بصفته دالا علي مقدار تمسك الناس بالدين و تعاليم الاسلام في الغيبة الكبري ، بما يشمل العصر الحاضر و غيره من العصور. و اما القسمين الأول و الثالث فمجال الاطلاع عليهما سيكون هو القسم الثالث من هذا التاريخ ان شاء الله تعالي ، بصفته مسوقا بشكل رئيسي لبيان علائم الظهور ، علي ما سنسمع.

الناحية الثانية :

انقسام هذه الأخبار من حيث الرواة الناقلين لهذه الأخبار بما يعتقدون من مذاهب اسلامية. و تشكل مجموع هذه الأخبار مسارا خاصا للعرض التاريخي لعصر الغيبة الكبري ، نستطيع أن نسميه بالتاريخ الخاص لهذه الفترة.

وينقسم الرواة من هذه الناحية الي قسمين رئيسيين ، لابد من التعرف عليهما مع الالماع الي بعض الفروق الأساسية بينهما :

القسم الأول :

ما رواه المحدثون العامة من أخبار التنبؤ بالمستقبل ، فانهم نقلوا القسط الأوفي و القسم الأكبر منها. و شاعت في اخبارهم نصوص و حوادث معينة ، لاتكاد توجد فيما رواه الرواة الامامية من هذه الأخبار.

و قد وردت هذه الأخبار في مصادرهم بعنوان الملاحم و الفتن أو اشراط الساعة ، و لم تربط مداليلها ، في الأعم الأغلب ، بغيبد الامام المهدي ( عليه السلام ) أو ظهوره ، الا ما كان من القسم الثالث من الناحية السابقة و هو تلك الحوادث القريبة من الظهور و أمارة مباشرة عليه ، كوجود السفياني و الخسف. و أما القسمين الأول و الثاني منها ، فقد ذكرت اخبارها مستقلة عن مسألة المهدي ( عليه السلام ) تماما. و من هنا ذكرنا في المقدمة ، ان الاشارة الي تاريخ الامام المهدي ( عليه السلام ) فيما يخص الفترد التي تعرض لها ، قليل جدا في اخبار العامة. ولكننا سنري فيما بعد امتناع الفصل بين الفركتين بسب فلسفة الغيبة و الربط الفكري العام علي الحوادث. و سنبرهن في القسم الثالث من هذا التاريخ ، علي أن كل أخبار التنبؤ بكل اقسامها ، دالة علي وجود المهدي ( عليه السلام ) بطريق مباشر و ان ما يقع من حوادثها قبل ظهوره ، هي من علامات الظهور.

القسم الثاني :

ما رواه محدثوا الامامية من هذه الاخبار ، و هو علي كثرته و ضخامة عدده ، لا يكاد يصل الي المقدارالذي رواه العامة من ذلك.

و قد وردت هذه الاخبار في مصادرهم - عل الأعم الأغلب - ، مربوطة بغيبة المهدي ( عليه السلام ) و ظهوره ، و سميت بعلائم الظهور ، بمعني كونها حوادث لابد أن تحدث قبل الظهور ، و من ثم يكون حدوثها دالا علي حدوثه و مويدا لتوقع وجوده بشكل و آخر ، و سنذكر فلسفة ذلك وارتباطه الفكري العام ، في القسم الثالث من هذا التاريخ.

و لم يشذ عن الربط بالمهدي ( عليه السلام ) ، الا بعض ما يندرج في القسم الأول من الناحية السابقة ، كالتحذير من قبل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من دولة الأمويين أو العباسيين. فانه ذكر مستقلا عن مسألة المهدي ( عليه السلام ) علي الاغلب. ولكنه - علي اي حال - مشمول لما قلناه من ارتباط كل التنبوات بتلك المسألة و لو بشكل غيسر مباشر.

الناحية الثالثة :

انقسام هذه الأخبار من ناحية دلالتها علي سوءالزمان تارة و حسنه تارة اخري.

فان الأعم الأغلب من روايات التنبو بالمستقبل ، و خاصة فيما يدخل في محل الكلام من هذا القسم من التاريخ.. تدل علي سوء الزمان و تدهوره من الناحية العقائدية و الاقتصادية و السلوكية و انحرافة عن الاسلام. و تتضمن هذه الاخبار في حقيقتها تحذيرا للمسلم عن أن ينحرف مع المنحرفين ، و اعطائه الأساس العام للموقف تجاه الانحراف و ما يحدث من الفتن و المصاعب ، بالنحو الذي سنضح فلسفته في الفصل الاتي.

وهناك عدد مهم من الروايات ، يدل علي حسن الأفراد أو المجتمع من الناحية الاقتصادية أو العقائدية أو السلوكية. و يمكن الرجوع بهذه الروايات الي عدة أقسام :

القسم الأول :

ما دل من الأخبار علي حسن المجتمع بعد ظهور الامام المهدي ( عليه السلام ) و هي روايات عديدة جدا يشترك في نقلها الفريقان ، و هذا ما يخص تاريخ ما بعد الظهور ، و هو الكتاب الثالث من هذه الموسوعة.

القسم الثاني :

ما دل من الروايات علي كثرة المال و الطعام مع الدجال الأعور. و هي أخبار كثيرة وردت ، في الأعم الأغلب ، في مصادر الحديث العامة. و لم يخرجها من الاماميه الا القليل. و هي تخص القسم الثالث من هذا التاريخ و سنعرض لتمحيصها هناك ان شاء الله تعالي.

القسم الثالث :

ما دل علي تحقق نخبة مخلصة واعية قوية الارادة ، خلال الغيبة الكبري. و هي أخبار غير قليلة وردت في مصادر الفريقين. و سياتي التعرض الي فلسفتها في الفصل الاتي حين نعرض الي التخطيط الالهي لليوم الموعود.

القسم الرابع :

ما دل من الاخبار علي تحسن المجتمع أو الأفراد بشكل عام ، مهمل عن ذكر التاريخ ، و تحديد الزمان و المكان علي الاطلاق. و قد وردت جملة من ذلك في مصادر الحديث العامة.

و هذا مما لابد من ربطه باحد الاقسام السابقة ، و خاصة بعهد ما بعد الظهور حين تمتلي ء الأرض قسطا و عدلا ، كما ملئت ظلما و جورا ، و لا يمكن أن نفهم حدوثه خلال عهد الغيبة الكبري بعد قيام الدليل القطعي علي فساد الزمان و تدهوره ، بحسب الاخبار الواردة الفائقة عن حد التواتر ، علي ما سنسمع.

فهذه جملة الاقسام العامد للاخبار الواردة للتنبؤ باحوال الزمان ، ذكرناها لتكون علي احاطة بها الي حين تمحيطها.

 في تأسيس القواعد العامة لفهم اخبار التنبو عامة و فساد الزمان خاصة...

في تاسيس القواعد العامة لفهم اخبار التنبو عامة و فساد الزمان خاصة... علي ضوء المنهج السندي و الدلالي السابق.

يمكن أن نطرح في فهم الارتباط العام بين الروايات ، اطروحتين... ترجع الاولي الي التمسك بالالفاظ و المداليل المطابقية و المعاني المباشرة للروايات. و ترجع الثانية الي التجاوز عن الألفاظ الي الأساس الجوهري المطابق للقواعد الاسلامية الصحيحة.

ضمن كتاب تاريخ الغيبة الكبري