من دلائل صاحب الزمان عليه السلام وبيناته وآياته

طباعة

من دلائل صاحب الزمان عليه السلام وبيناته وآياته
روى الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد الأنصاري قال :وجه قوم من المفوضة والمقصرة كامل بن إبراهيم المدني إلى ابي محمد (عليه السلام) (ليناظره في امرهم خ) قال كامل : فقلت في نفسي أسأله لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي، وقال بمقالتي، قال : فلما دخلت على سيدي ابي محمد
  289
(عليه السلام) نظرت إلى ثياب بيض ناعمة عليه، فقلت في نفسي وليُّ اللّه وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الإِخوان وينهانا عن لبس مثله ؟ فقال متبسماً يا كامل وحسر ذراعيه فإذا مسح اسود خشن على جلده، فقال هذا للّه وهذا لكم (فخجلت خ د) فسلمت وجلست الى باب عليه ستر مرخى (مسبل خ د) فجاءت الريح فكشفت طرفه فإذا أنا بفتى كأنه فلقة(1) قمر من أبناء أربع سنين او مثلها، فقال لي يا كامل بن إبراهيم، فاقشعررت(2) من ذلك وألهمت ان قلت لبيك يا سيدي، فقال جئت الى وليَّ اللّه وحجته وبابه تسأله، هل يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك، وقال بمقالتك ؟ فقلت إي واللّه قال اذن واللّه يقل(3) داخلها، واللّه انه ليدخلها قوم يقال لهم الحقيِّة، قلت يا سيدي ومن هم ؟ قال قوم من حبهم لعليّ يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه وفضله (وفي بعض الروايات مكان ثم سكت هذه الجملة : انهم قوم يعرفون ما تجب عليهم معرفته جملاً لا تفصيلاً من معرفة اللّه ورسوله والأئمة (عليهم السلام) ونحوها ثم قال (الخ كذا في الحاشية) ثم سكت (عليه السلام) عني ساعة، ثم قال وجئت تسأله عن مقالة المفوضة، كذبوا، بل قلوبنا أوعية لمشيئة اللّه فاذا شاء : شئنا، واللّه يقول : وما تشاءون الا ان يشاء اللّه، ثم رجع الستر الى حالته فلم أستطع كشفه، فنظر اليَّ أبو محمد (عليه السلام) متبسماً فقال : يا كامل ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجة من بعدي، فقمت وخرجت ولم أعاينه بعد ذلك.
وعن القنبري من ولد قنبر الكبير، مولى أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، أنه حدّث عن رشيق صاحب (حاجب خ د) المادراي قال : بعث إلينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر فأمرنا أن يركب كل واحد منا فرساً ويجنب
__ _____________________
(1) الفلقة بكسر الفاء : القطعة.
(2) أي اخذني القشعريرة أي الرعدة.
(3) أي الداخلون قليلون.
 
  290
آخر ونخرج مخففين لا يكون معنا قليل ولا كثير إلا على السرج مصلى(1)، وقال لنا الحقوا بسامرة ووصف لنا محلة وداراً وقال : اذا أتيتموها تجدوا على الباب خادماً اسود، فاكبسوا الدار، ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه، فوافينا سامرة فوجدنا الأمر كما وصفه وفي الدهليز خادم اسود وفي يده تكة(2) ينسجها، فسألناه عن الدار ومن فيها، فقال صاحبها، فواللّه ما التفت إلينا وقل اكتراثه بنا، فكبسنا الدار كما أمرنا فوجدنا دارا سرية ومقابل الدار ستر ما نظرت قط الى أنبل منه(3) كأن الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت(4)، ولم يكن في الدار احد، فرفعنا الستر فإذا بيت كبير كأنَّ بحراً فيه، وفي اقصى البيت حصير قد علمنا أنه على الماء وفوقه رجل من احسن الناس هيئة، قائم يصلي، فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من اسبابنا، فسبق أحمد بن عبد اللّه ليتخطى البيت فغرق في الماء وما زال يضطرب حتى مددت يدي اليه فخلصته وأخرجته وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل، فناله مثل ذلك، وبقيت مبهوتاً، فقلت لصاحب البيت المعذرة الى اللّه واليك، فواللّه ما علمت كيف الخبر ولا إلى من اجيء، وأنا تائب الى اللّه، فما التفت الى شيء مما قلنا وما انفتل(5) عما كان فيه، فهالنا ذلك وانصرفنا عنه، وقد كان المعتضد ينتظرنا، وقد تقدم الى الحجاب اذا وافيناه أن ندخل عليه في أي وقت كان، فوافيناه في بعض الليل، فأدخلنا عليه، فسألنا عن الخبر فحكينا له ما رأينا، فقال ويحكم لقيكم أحد قبلي وجرى منكم الى أحد سبب أو قول ؟ قلنا : لا فقال أنا لَغاً (6) من جدي وحلف بأشد ايمانٍ
________ _____________________
(1) اقول انه اسم لثاني الجياد التي يسابق بها.
 وهاك اسماؤها :
1 - السابق.
 2 - المصلي.
 3 - التالي.
 4 - البارع.
 5 - المرتاح.
 6 - الحطي.
 7 - العاطف.
 8 - المؤمل (بكسر الميم الثاني).
 9 - اللطيم.
 10 - السكيت (بضم السين وفتح الكاف)، والقسكل اسم للاخير.
(2) التكة : رباط السراويل.
(3) أي افضل واعلى.
(4) يعني كان جديداً حديثاً.
(5) أي لم ينصرف عن فعله.
(6) لغا : سقط، غير معدود.
 
  291
له، أنه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربن أعناقنا، فما جسرنا أن نحدث به إلا بعد موته.
الصدوق عن اسحاق بن حامد الكاتب قال : كان بقم رجل بزاز مؤمن وله شريك مرجئ فوقع بينهما ثوب نفيس، فقال المؤمن يصلح هذا الثوب لمولاي، فقال شريكه لست اعرف مولاك ولكن افعل بالثوب ما تحب، فلما وصل الثوب شقه (عليه السلام) بنصفين طولاً فأخذ نصفه ورد النصف وقال : لا حاجة لي في مال المرجئ. 
وقال الصدوق حدثنا الحسين بن علي بن محمد القمي المعروف بأبي علي البغدادي قال كنت ببخارا فدفع اليّ المعروف بابن جاوشير عشرة سبائك ذهباً وأمرني أن أسلمها بمدينة السلام(1) الى الشيخ ابي القاسم الحسين بن روح (قدس اللّه روحه)(2) فحملتها معي فلما بلغت أموية(3) ضاعت مني سبيكة من تلك السبائك ولم اعلم بذلك حتى دخلت مدينة السلام، فاخرجت السبائك لاسلمها فوجدتها ناقصة واحدة منها، فاشتريت سبيكة مكانها بوزنها واضفتها الى التسع سبائك ثم دخلت على الشيخ ابي القاسم الروحي (قدس اللّه روحه) ووضعت السبائك بين يديه، فقال لي خذ لك تلك السبيكة التي اشتريتها واشار اليها بيده فان السبيكة التي ضيعتها قد وصلت الينا وهوذا هي، ثم اخرج إليّ تلك السبيكة التي كانت ضاعت مني باموية فنظرت اليها وعرفتها.
فقال الحسين بن علي بن محمد المعروف بأبي علي البغدادي، ورأيت تلك السنة بمدينة السلام امرأة تسألني عن وكيل مولانا (عليه السلام) من هو ؟ فاخبرها بعض القميين انه ابو القاسم الحسين بن روح وأشار لها إليه،
_ _____________________
(1) يعني بغداد (منه).
(2) نائب إمام الزمان (عليه السلام).
(3) ويقال لها آمل البط : مدينة مشهورة في غربي جيهون في طريق بخارا من مزو، خربها التتر (منه).
 
  292
فدخلت عليه وانا عنده فقالت له : ايها الشيخ أي شيء معي ؟ فقال ما معك فالقيه في دجلة ثم ائتيني حتى اخبرك قال فذهبت المرأة وحملت ما كان معها فالقته في دجلة ثم رجعت ودخلت الى أبي القاسم الروحي (قدس اللّه روحه)، فقال ابو القاسم (رضي اللّه عنه) لمملوكة له : أَخرجي الي الحقة فاخرجت اليه حقة، فقال للمرأة : هذه الحقة التي كانت معك ورميت بها في دجلة، اخبرك بما فيها او تخبريني ؟ فقالت له بل اخبرني فقال في هذه الحقة زوج سوار(1) ذهب وحلقة كبيرة فيها جوهر وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر وخاتمان احدهما فيروزج والآخر عقيق وكان الأمر كما ذكر لم يغادر(2) منه شيئاً، ثم فتح الحقة فعرض علي ما فيها، ونظرت المرأة اليه، فقالت : هذا الذي حملته بعينه ورميت به في دجلة، فغشي(3) علي وعلى المرأة فرحاً بما شاهدناه من صدق الدلالة، قال الحسين لي من بعد ما حدثني بهذا الحديث : اشهد باللّه تعالى، ان هذا الحديث كما ذكرته لم ازدد فيه ولم انقص منه وحلف بالأئمة الاثني عشر، (صلوات اللّه عليهم)، لقد صدق فيما حدث به ما زاد فيه ولا نقص منه.
وروى الشيخ عن ابن نوع عن ابي عبد اللّه الحسين بن محمد بن سورة القمي عن جماعة من مشائخ اهل قم، ان علي بن الحسين بن موسى بن بابويه كانت تحته بنت عمه محمد بن موسى بن بابويه فلم يرزق منها ولداً، فكتب الى الشيخ ابي القاسم حسين بن روح (رضي اللّه عنه) ان يسأل الحضرة ان يدعو اللّه ان يرزقه اولاداً فقهاء، فجاء الجواب انك لا ترزق من هذه وستملك جارية ديلمية وترزق منها ولدين فقيهين، قال ابو عبد اللّه بن سورة : ولابي الحسن بن بابويه (رحمه اللّه) ثلاثة اولاد، محمد(4) والحسين
_____________________
(1) حلية كالطوق تلبسها المرأة في زندها او معصمها.
(2) أي لم يترك.
(3) أي ادخل.
(4) هو الشيخ الصدوق صاحب التصانيف الكثيرة المفيدة كلها كمن لا يحضر الفقيه والخصال والامالي وعلل الشرائع وعيون اخبار الرضا والتوحيد وغير هذه.
 
  293
فقيهان ماهران في الحفظ يحفظان ما لا يحفظ غيرهما، من اهل قم، ولهما اخ اسمه الحسن هو الاوسط، مشتغل بالعبادة والزهد، لا يختلط بالناس ولا فقه له، قال ابن سورة كلما روى ابو جعفر وابو عبد اللّه ابنا علي بن الحسين شيئاً، يتعجب الناس من حفظهما ويقولون لهما هذا الشأن خصوصية لكما بدعوة الإِمام (عليه السلام) لكما، وهذا امر مستفيض في اهل قم.
وقال ابن سورة سمعت سروراً وكان رجلاً عابداً مجتهداً لقيته بالاهواز غير اني نسيت نسبه، يقول: كنت اخرس لا اتكلم فحملني ابي وعمي في صباي، وسني اذ ذاك ثلاث عشرة او اربع عشرة، الى الشيخ ابي القاسم بن روح (رضي اللّه عنه)، فسألاه ان يسأل الحضرة ان يفتح اللّه لساني فذكر الشيخ ابو القاسم الحسين بن روح انكم أُمرتم بالخروج الى الحائر قال سرور فخرجنا انا وابي وعمي الى الحائر فاغتسلنا وزرنا، قال فصاح بي ابي وعمي يا سرور فقلت بلسان فصيح لبيك، فقالا لي ويحك تكلمت؟ فقلت نعم، قال ابو عبد اللّه بن سورة وكان سرور هذا رجلاً ليس بجهوري الصوت.
وفي كتاب الصراط المستقيم(1) ذكر الشيخ الموثوق به عثمان بن سعيد العمري(2) ان ابن ابي غانم القزويني قال: ان العسكري (عليه السلام) لا خلف له فشاجرته الشيعة وكتبوا الي الناحية، وكانوا يكتبون لا بسواد، بل بالقلم الجاف، على الكاغد الابيض ليكون علما(3) معجزا، فورد جواباً اليهم: بسم اللّه الرحمن الرحيم عافانا اللّه واياكم من الضلال والفتن، انه انتهى الينا شك جماعة منكم في الدين وفي ولاية ولي امرهم، فغمنا ذلك لكم لا لنا، لأن اللّه معنا والحق معنا فلا يوحشنا من بَعُدَ علينا، ونحن صنائع ربنا والخلق صنائعنا(4)، ما لكم في الريب تترددون؟ اما علمتم ما
  -------------------------------------
(1) للمحقق الداماد (رحمه اللّه).
(2) عثمان بن سعيد العمري الزيات ويقال له السمان .
 يكنى ابا عمرو، جليل القدر ثقة من اصحاب الهادي والعسكري وكان وكيلاً للصاحب (عليه السلام).
(3) أي آية وعلامة.
(4) أي خلقوا لنا وهو مفاد قوله تبارك اسمه: لولاك لما خلقت الافلاك.
 
  294
جاءت به الآثار من ائمتكم أفرأيتم كيف جعل اللّه لكم معاقل تأوون اليها(1) واعلاما تهتدون بها من لدن آدم الى ان ظهر الماضي(2) (عليه السلام)؟ كلما غاب علم بدا علم، واذا أفل نجم طلع نجم، فلما قبضه اللّه اليه ظننتم انه ابطل دينه وقطع السبب بينه وبين خلقه؟ كلا ما كان ذلك ولا يكون حتى تقوم الساعة ويظهر امر اللّه وهم كارهون، فاتقوا اللّه وسلموا لنا وردوا الامر الينا، فقد نصحت لكم واللّه شاهد عليّ وعليكم.
 __________ _____________________
(1) جمع معقل كمسجد، الملجأ.
(2) هو ابو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) (منه).
 
((ضمن كتاب  الانوار البهية))