فيمن ولدت لستّة أشهر
السيد محسن الأمين العاملي
منذ 11 سنةفيمن ولدت لستّة أشهر
18 ـ قال المفيد (1) : روي عن يونس ، عن الحسن ، أنّ عمر اُتي بامرأة قد ولدت لستّة أشهر ، فهمّ برجمها ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : إنّ خاصمتك بكتاب الله خَصَمْتُك ، إن الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) (2) ويقول جلّ قائلاً : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) (3) فإذا كانت مدّة الرضاعة حولين كاملين ، وكان حمله وفصاله ثلاثين شهراً كان الحمل منها ستّة أشهر.
فخلّى عمر سبيل المرأة ، وثبت الحكم بذلك ، فعمل به الصحابة والتابعون ومن أخذ عنهم (4) إلى يومنا هذا. انتهى.
وقد أشار إلى مسألة المجنونة التي زنت ـ المتقدّمة ـ وإلى مسألة من ولدتْ لستّة أشهر أبو عمرو يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبرّ بن عاصم النمريّ القرطبيّ المالكيّ في كتاب « الاستيعاب في أسماء الأصحاب » (5) فقال في ترجمة عليّ عليه السلام من كتاب « الاستيعاب » ما لفظه : وقال في المجنونة الّتي أَمر برجمها عمر وفي الّتي وضعت لستّة أشهر فأراد عمر رجمها ، فقال له عليّ عليه السلام : إنّ الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) الحديث ، وقال له : إنّ الله رفع القلم عن المجنون ، الحديث ، فكان عمر يقول : لولا عليّ لهلك عمر.
قال : وقد روي مثل هذه القصّة لعثمان مع ابن عبّاس ، وعن عليّ أخذها ابن عبّاس. انتهى.
وفي مناقب ابن شهراشوب (6) : كان الهيثم في جيش ، فلما جاء جاءت امرأته بعد قدومه بستّة أشهر بولد ، فأنكر ذلك منها ، وجاء بها عمر ، وقصّ عليه ، فأمر برجمها ، فأدركها عليّ عليه السلام قبل أن ترجم ، ثمّ قال لعمر : أرْبَعْ على نفسك (7) ، إنّها صدقتْ ، إنّ الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) ، وقال : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) فالحمل والرضاع ثلاثون شهراً.
فقال عمر : لولا عليّ لهلك عمر ، وخلّى سبيلها ، وألحق الولد بالرجل.
ثمّ قال ابن شهراشوب : شرح ذلك : انّ أقلّ الحمل أربعون يوماً وهو زمن انعقاد النطفة ، وأقلّه لخروج الولد حيّاً ستّة أشهر ، وذلك أنّ النطفة تبقى في الرحم أربعين يوماً ، ثمّ تصير علقة أربعين يوماً ، ثمّ تصير مضغة أربعين يوماً ، ثمّ تتصوّر في أربعين يوماً ، وتلجها الروح في عشرين يوماً ، فذلك ستّة أشهر ، فيكون الفصال في أربعة وعشرين شهراً ، فيكون الحمل في ستّة أشهر (8).
الهوامش
1. إرشاد المفيد 1 / 206.
2. سورة الأحقاف : 15.
3. سورة البقرة : 233.
4. في المصدر : عنه.
5. 3 / 39.
6. 2 / 365.
7. ْأي كُفّ وارفُق.
8. سنن سعيد بن منصور : 2 / 66 ح 2074 ، السنن الكبرى للبيهقيّ : 7 / 442 ، المناقب للخوارزميّ : 94 ح 94 ، تذكرة الخواصّ : 148 ، كشف الغمّة : 1 / 118 ، ذخائر العقبى: 82 ،كشف المراد : 384 ، نهج الحقّ وكشف الصدق : 349 ، فرائد السمطين : 1 / 346 ح 269 ، جواهر المطالب : 1 / 195 ، كنز العمّال : 5 / 457 ح 13598 ، تأويل الآيات : 2 / 581 ح 6 ، إحقاق الحقّ : 8 / 26 ، تفسير البرهان : 5 / 42 ح 9 ، بحار الأنوار : 40 / 180 وص 232 ح 12 وص 252 ح 27 وج 104 / 66 ح 1 و 2 ، تفسير نور الثقلين : 5 / 14 ح 19 ، معادن الجواهر : 2 / 33 ح 12 ، الغدير : 6 / 93 95 ، قضاء أمير المؤمنين عليه السلام : 44 و 45 ح 3 ، دلائل الصدق : 3 / 75 ، غزوات أمير المؤمنين عليه السلام : 39.
مقتبس من كتاب : [ عجائب أحكام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ] / الصفحة : 59 ـ 61
التعلیقات