الجرح.. والشهادة.. و « فزت وربّ الكعبة »..
الدكتور يوسف السعيدي
منذ 11 سنةالجرح.. والشهادة.. و « فزت وربّ الكعبة »..
ناقوس الذكرى يدق.. ما لاح الجديدان.. وما اطَرد الخافقان.. وما حدا الحاديان.. ومدادي أضحى دم الجرح.. مرتمياً على صحيفة الهموم.. صارخاً.. يا علي.. وجمرة الأسى في صميم الحشا.. توجرت.. وتكسرت عبراتي.. بين مآقي العيون.. وندى دمك الزكي.. فار كما ( فَارَ التَّنُّورُ ).. حاملاً غصصي وشهقاتي بين الجوانح النائحة.. والشرايين الصائحة.. وارتجف اليراع بعاصف الأقدار جزعاً.. لوجد الفراق.. وعتب يراوح في خلجات النفس.. يكدر صفوة السنين.. وشجى ناقوس الذكريات.. وادلهمام سجف الليالي الباكيات.. ابحث عن دروب الصبر.. وأغفو على وسادة الحزن.. واستيقظ بتمتمة الدموع.. والأنين.. ولوعة الفراق.. الفراق الذي شابت منه ذوائبي.. وجرح الشوق الغائر.. ينزف.. دون محطات وقوف.. ومن كل جفن ينبوع.. فاض.. وتفجر.. فناحت نسائم الدهر.. ورسمت اكف الحزن.. سواد الليل البهيم.. وسحائب من الآلام خيمت على الوجود.. انشر حروفك .. أيها القلم المدمي.. فليلي مسهد.. وبدرك يقظ.. وصمتك مخترق.. واجم وجوم المعابد.. والخلوات.. وصيحة الكرار « فزت وربّ الكعبة ».. وأمواج من الدموع.. طافحة في دار العصمة العلوية.. وتفجر بركان الأحزان.. وها أنا اليوم أتوكأ على عصا الهموم.. وامشي على الجمر.. حائراً بين الدهر.. ولوعة الجرح.. وجمرة في القلب مستعرة.. حين اقبل الناعي وطرق سمعي ناعيته.. فاشتعلت بين جوانحي.. نار.. وهاج الأنين لفقد زوج البتول.. وارتجفت الأيّام.. ووقف كون المعالي تحت منبرك.. في محراب الشهادة الهاشميّه.. هنا تربع أمس.. بانتظار غد .. تعتكف فيه الشفاه.. هنا صدحت بخطابك.. وكلّ الأكوان صامته.. باسم الولاية.. وكأنك اختطفت الموت.. صرفاً.. ونحواً.. ولغات.. وجرت عيون السماء دموعاً حين اغتيل بدر الأمّة على أرض كوفان.. فاظلم وجدان العالم.. ونشر الديجور.. وفجع نظام الكون.. وشجى أصل النبوّة بفاجعة الإمامه.. واهتزّت أركان الهدى.. وردد لسان روح القدس.. ناعياً.. قد حلّ مصاب.. وأيّ مصاب.. فضجت أصوات النوح في العالم العلوي.. فاشدد حيازيمك يا علي.. ومحرابك الحزين.. يا زين الموحّدين النجباء.. يناديك.. أينك يا صاحب العصا والميسم ؟؟؟ أنين المحراب.. مكتوم.. يسأل عنك.. لم تركتني يا عماد الأتقياء ؟؟؟ أطلت الغياب يا علي.. ألا تدري أن موعد التكبير قد حان ؟؟؟ وخيوط الفجر ألقت بنفسها على أديم المحراب فغدت تحبو كطفل صغير.. لا تقوى أرجله على السير ؟؟؟ أتراك تركتني يا صاحب الحوض واللواء.. مع بقايا دمك الطاهر ؟؟؟.. وحين نطق السيف.. صبت حتوف على حتوف.. وصمت العالم.. واختير المصرع.. ليكتب بدم الوصي.. صحائف اليقين.. ولترسم العزة بنضوح الشريان.. وتكدر وجه الكون.. وانطوت سماء العقيدة.. كمداً.. بعاصف من رياح النائبات وتكسرت صم جلاميد الصخور.. عزيز علي أن أراك صريعاً.. وقد توسد خدك التراب.. يا أبا تراب.. أندبك كالوالهة الثكلى.. وان بقي ذكرك مقروناً بلسان المجد.. غياثاً للورى.. في سفر صيغ من جواهر الكلم.. صعب مغزاه في نهج بلاغتك.. إلّا على العارفين.. ولئن أبكتني صائحات النوائح.. وحشرجات الثكالى.. في أوائل أسراب الذاكرين لهول الفاجعة.. التي زلزلت رواسي الدهور مذ عقد لك الأمر.. في اللوح المحفوظ.. وجرى القضاء أن تمضي شهيد المحراب.. وسواد الليل والديجور.. أمسى ثوب حزني.. وحدادي.. حين اغتالك سيف المرادي.. لينطلق نداء الوحي عند ذي العرش.. فيملأ الكون دوياً.. فنعى مقتلك العرش والكرسي.. وسكان سبع سماوات.. نعياً شجياً.. وبكى اللوح لفقدك يا أبا الحسنين.. بكاءً سرمدياً.. وأنت تكابد الأمر المهول.. وهتاف من امّة.. بكت قبلك الرسول الابطحي التهامي.. لك أيّها الأمير في الأحشاء نيران لم يزل لظاها يورى.. ودموع العين جرت دماً.. وهل يجدي بكاء العيون ؟؟؟ يا أخا المختار طه.. يا قسيم الجنّة والنار.. في موعد الحشر.. تبّاً لأمّة غيبت بدر الوفاء.. وعيون الوحي بكت.. تلتها دموع المصحف.. وزمزم.. والصفا.. وماج بدر الدجى في دمائه.. ارتمى على أديم المسجد الكوفي.. وا حسرتاه.. وا لوعتاه.. لقد غسلتك سيدي في عبرتي.. كفنتك سيّدي في مهجتي.. وضج الورى.. صياحاً.. بعيون همل.. هيهات لها أن تطفئ نيران الحشا.. وجمرات القلوب.. وحرقات المهج والأرواح.. وأنا أطوف بين الخلق.. صارخاً.. هو مولاي علي.. همت عشقاً بعلي.. يا إمامي يا علي.. سيّدي.. استميحك عذراً.. في قبول سطوري.. هذه بضاعتي مسجاة في حضرة محرابك.. ما عسعس ليل.. وما ادلهم ظلام.. وما تنفّس صبح.. وما أضاء فجر.. في دوحة الولاء المحمّدي
التعلیقات