اخبار الرسول صلى الله عليه وآله بشهادة أمير المؤمنين عليه السلام
العلامة المجلسي
منذ 10 سنواتاخبار الرسول صلى الله عليه وآله بشهادته واخباره صلوات الله عليه بشهادة نفسه
أقول : قد مضى في خطبته عليه السلام عند وصول خبر الانبار إليه : أما والله لوددت أن ربّي قد أخرجني من بين أظهركم إلى رضوانه ، وإن المنيّة لترصدني ، فما يمنع أشقاها أن يخضبها ؟ ـ وترك يده على رأسه ولحيته ـ عهداً عهده إلي النبي الاُمّي ، وقد خاب من افترى ، ونجا من اتّقى وصدق بالحسنى.
١ ـ ن ، لي : الطالقاني ، عن أحمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن الفضال عن أبيه ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام في خطبة النبي صلّى الله عليه وآله في فضل شهر رمضان فقال عليه السلام : فقمت فقلت : يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر ؟ فقال يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزّ وجلّ ، ثمّ بكى ، فقلت : يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال : يا علي أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر ، كأنّي بك وأنت تصلّي لربّك وقد انبعث أشقى الأوّلين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك ، قال أميرالمؤمنين عليه السلام : فقلت : يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني ؟ فقال : صلّى الله عليه وآله : في سلامة من دينك ، ثمّ قال : صلّى الله عليه وآله : يا علي من قتلك فقد قتلني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، و من سبّك فقد سبّني ، لأنّك منّي كنفسي ، روحك من روحي وطينتك من طينتي إنّ الله تبارك وتعالى خلقني وإيّاك واصطفاني وإيّاك ، واختارني للنبوّة واختارك للإمامة ، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوّتي ، يا علي أنت وصيّي وأبو ولدي ، وزوج ابنتي وخليفتي على امّتي في حياتي وبعد موتي ، أمرك أمري ونهيك نهيي اقسم بالذي بعثني بالنبوّة وجعلني خير البريّة إنّك لحجّة الله على خلقه ، وأمينه على سرّه ، وخليفته على عباده (1).
٢ ـ ن : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي جعفر عليه السلام (2) قال : جاء رجل من اليهود إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن أشياء إلى أن قال : كم يعيش وصي نبيّكم بعده ؟ قال : ثلاثين سنة قال : ثمّ مه يموت أو يقتل ؟ قال : يقتل يضرب (3) على قرنه فتخضب لحيته ، قال : صدقت والله إنّه لبخط هارون وإملاء موسى عليه السلام ، الخبر (4).
٣ ـ ما : بإسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال : خطب الناس أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة فقال : معاشر الناس إنّ الحقّ قد غلبه الباطل ، وليغلبنّ الباطل عمّا قليل ، أين أشقاكم ـ أو قال : شقيكم ، شك أبي ـ هذا ، فوالله ليضربنّ هذه فليخضبنها من هذه ـ وأشار بيده إلى هامته ولحيته ـ (5).
٤ ـ ما : أبو عمر ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، عن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق (6) عن هبيرة بن مريم قال : سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول ـ ومسح لحيته ـ : ما يحبس أشقاها أن يخضبها عن أعلاها بدم ؟ (7)
٥ ـ ل : في خبر اليهودي الذي سأل أميرالمؤمنين عليه السلام عمّا فيه من خصال الأوصياء : قال عليه السلام : قد وفيت سبعاً وسبعاً يا أخا اليهود وبقيت الاخرى وأوشك بها ، فكأن قد ، فبكى أصحاب علي عليه السلام وبكى رأس اليهود وقالوا : يا أمير المؤمنين أخبرنا بالاخرى ، فقال : الاخرى أن تخضب هذه ـ وأومأ بيده إلى لحيته ـ من هذه ـ وأومأ بيده إلى هامته ـ قال : وارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع بالضجّة والبكاء ، حتّى لم يبق بالكوفة دار إلّا خرج أهلها فزعاً ، وأسلم رأس اليهود على يدي علي عليه السلام من ساعته ، ولم يزل مقيماً حتّى قتل أميرالمؤمنين عليه السلام واخذ ابن ملجم لعنه الله ، فأقبل رأس اليهود حتّى وقف على الحسن عليه السلام والناس حوله وابن ملجم لعنه الله بين يديه ، فقال له : يا أبا محمّد اقتله قتله الله ، فإني رأيت في الكتب التي انزلت على موسى عليه السلام أنّ هذا أعظم عند الله عزّ وجلّ جرماً من ابن آدم قاتل أخيه ، ومن الغدار عاقر ناقة ثمود (8).
٦ ـ شا : علي بن المنذر الطريقي ، عن أبي الفضل العبدي ، عن مطر (9) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال جمع أميرالمؤمنين عليه السلام الناس للبيعة ، فجاء عبد الرحمن بن الملجم المرادي لعنه الله ، فرده مرّتين أو ثلاثا ، ثم بايعه ، فقال عند بيعته له : ما يحبس أشقاها فوالذي نفسي بيده لتخضبنّ هذه من هذه. ووضع يده على لحيته ورأسه ـ فلما أدبر ابن ملجم منصرفا عنه قال عليه السلام متمثلا :
اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك |
ولا تجزع من الموت إذا حل بواديك |
كما أضحكك الدهر كذاك الدهر يبكيك (10)
٧ ـ شا : ابن محبوب ، عن الثمالي عن أبي إسحاق السبيعي ، عن ابن نباتة قال : أتى ابن ملجم أميرالمؤمنين عليه السلام فبايعه فيمن بايع ، ثم أدبر عنه فدعاه أميرالمؤمنين عليه السلام فتوثق منه وتؤكّد عليه أن لا يغدر ولا ينكث ، ففعل ، ثمّ أدبر عنه فدعاه الثانية فتوثق منه وتؤكد عليه ألا يغدر ولا ينكث ، ففعل ، ثمّ أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين الثالثة فتوثق منه وتؤكد عليه أن لا يغدر ولا ينكث ، فقال ابن ملجم لعنه الله : والله يا أميرالمؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري ، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام :
اريد حباءه ويريد قتلي |
عذيرك من خليلك من مراد (11) |
امض يا ابن ملجم فوالله ما أرى أن تفي بما قلت (12)
٨ ـ شا : روى أبو زيد الأحول عن الاجلح عن أشياخ كندة قال : سمعتهم أكثر من عشرين مرّة يقولون : سمعنا عليّاً عليه السلام على المنبر يقول : ما يمنع أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم ؟ ويضع يده على لحيته (13).
٩ ـ شا : روى علي بن الحزور عن ابن نباتة قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام في الشهر الذي قتل فيه فقال : أتاكم شهر رمضان وهو سيّد الشهور وأوّل السنة ، وفيه تدو رحى السلطان (14) ، ألا وإنّكم حاجوا العام صفا واحداً ، وآية ذلك أنّي لست فيكم ، قال : فهو ينعى نفسه ونحن لا ندري (15).
١٠ ـ كشف : ومن مناقب الخوارزمي يرفعه إلى أبي سنان الدؤلي أنّه عاد عليّاً في شكوى اشتكاها قال : فقلت له : تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه ، فقال : لكنّي والله ما تخوّفت على نفسي ، لانّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله الصادق المصدّق يقول : إنّك ستضرب ضربة ههنا ـ وأشار إلى صدغيه ـ فيسيل دمها حتى يخضب لحيتك ، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.
وبإسناده عن جابر قال : إنّي لشاهد لعلي وقد أتاه المرادي يستحمله فحمله ثمّ قال « شعر » :
عذيري من خليلي من مراد |
اريد حباءه ويريد قتلي |
كذا أورده فخر خوارزم ، والذي نعرفه « اريد حباءه ويريد قتلي * عذيري » البيت.
ثمّ قال : هذا والله قاتلي ، قالوا : يا أمير المؤمنين أفلا تقتله ؟ قال : لا ، فمن يقتلني إذاً ؟ ثم قال : « شعر » :
اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك |
ولاتجزع من الموت إذا حل بناديك » (16) |
بيان : قال الجزري : في حديث علي عليه السلام أنّه قال وهو ينظر إلى ابن ملجم : « عذيرك من خليلك من مراد » يقال : عذيرك من فلان بالنصب أيّ هات من يعذرك فيه ، فعيل بمعنى فاعل (17). وقال : في حديث علي عليه السلام « اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك » الحيازيم جمع الحيزوم وهو الصدر ، وقيل : وسطه ، وهذا الكلام كناية عن التشمر للأمر والاستعداد له (18).
١١ ـ كنز : أبو طاهر المقلد بن غالب عن رجاله بإسناده المتّصل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام : وهو ساجد يبكي حتّى علا نحيبه وارتفع صوته بالبكاء ، فقلنا : يا أميرالمؤمنين لقد أمرضنا بكاؤك وأمضنا وشجانا (19) ، وما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قطّ ، فقال : كنت ساجداً أدعو ربّي بدعاء الخيرات في سجدتي ، فغلبني عيني فرأيت رؤيا هالتني وفظعتني ، رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قائما وهو يقول : يا أبا الحسن طالت غيبتك ، فقد اشتقت إلى رؤياك ، وقد أنجز لي ربّي ما وعدني فيك ، فقلت : يا رسول الله وما الذي أنجز لك في ؟ قال أنجز لي فيك وفي زوجتك وابنيك وذريّتك في الدرجات العلى في عليين ، قلت بأبي أنت واُمّي يا رسول الله فشيعتنا ، قال : شيعتنا معنا ، وقصورهم بحذاء قصورنا ، ومنازلهم مقابل منازلنا ، قلت : يا رسول الله صلّى الله عليه وآله فما لشيعتنا في الدنيا ؟ قال : الأمن والعافية ، قلت : فما لهم عند الموت ؟ قال : يحكم الرجل في نفسه ويؤمر ملك الموت بطاعته ، قلت : فما لذلك حدّ يعرف ؟ قال : بلى إن أشدّ شيعتنا لنا حباً يكون خروج نفسه كشراب أحدكم في يوم الصيف الماء البارد الذي ينتقع (20) به القلوب ، وإن سائرهم ليموت كما يغبط أحدكم على فراشه كأقر ما كانت عينه بموته (21).
١٢ ـ قب : روي أنّه جرح عمرو بن عبدود رأس علي عليه السلام يوم الخندق فجاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فشدّه ونفث فيه فبرأ ، وقال : أين أكون إذا خضبت هذه من هذه ؟ (22)
١٣ ـ د : في كتاب تذكرة الخواص ليوسف الجوزي قال أحمد في الفضائل : قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : يا علي أتدري من أشقى الأوّلين والآخرين ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : من يخضب هذه من هذه ـ يعني لحيته من هامته ـ.
قال الزهري : كان أميرالمؤمنين عليه السلام يستبطئ القاتل فيقول : متى يبعث أشقاها ؟ وقال : قدم وفد من الخوارج من أهل البصرة فيهم رجل يقال له الجعد بن نعجة ، فقال له : يا علي اتّق الله فإنّك ميّت ، فقال له : بل أنا مقتول بضربة على هذا فتخضب هذه ـ يعني لحيته من رأسه ـ عهد معهود وقضاء مقضي وقد خاب من افترى.
وعن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري ـ وكان أبو فضالة من أهل بدر قتل بصفين مع أمير المؤمنين عليه السلام ـ قال فضالة : خرجت مع أبي فضالة عائداً أميرالمؤمنين عليه السلام من مرض أصابه بالكوفة ، فقال له أبي : ما يقيمك هيهنا بين أعراب جهينة ؟ تحمل إلى المدينة. فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا عليك ، فقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله عهد إليّ أن لا أموت حتّى تخضب هذه من هذه أيّ لحيته من هامته.
وذكر ابن سعد في الطبقات أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لما جاء ابن ملجم وطلب منه البيعة طلب منه فرساً أشقر ، فحمله عليه فركبه ، فأنشد أميرالمؤمنين : « اريد حباءه » البيت.
وعن محمّد بن عبيدة قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ما يحبس أشقاكم أن يجئ فيقتلني ، اللهم إنّي قد سئمتهم وسئموني ، فأرحهم منّي وأرحني منهم ، قالوا : يا أمير المؤمنين أخبرنا بالذي يخضب هذه من هذه نبيد عشيرته ، فقال : إذا والله تقتلون بي غير قاتلي (23).
١٤ ـ ير : أبو محمّد ، عن عمران بن موسى ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن محمّد بن عبد الوهّاب ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال : دخل عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله على أمير المؤمنين عليه السلام في وفد مصر الذي أوفدهم محمّد بن أبي بكر ، ومعه كتاب الوفد قال : فلمّا مرّ باسم عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله قال : أنت عبد الرحمن ؟ لعن الله عبد الرحمن ، قال : نعم يا أمير المؤمنين ، أما والله يا أميرالمؤمنين إنّي لاحبّك ، قال : كذبت والله ما تحبّني ـ ثلاثاً ـ قال : يا أمير المؤمنين أحلف ثلاثة أيمان أنّي احبّك ، وتحلف ثلاثة أيمان أنّي لا احبّك ؟ قال : ويلك ـ أو ويحك ـ إنّ الله خلق الأرواح قبل الأجساد (24) بألفي عام فأسكنها الهواء ، فما تعارف منها هنالك ائتلف في الدنيا ، وما تناكر منها هنا اختلف في الدنيا ، وإنّ روحي لا تعرف روحك ، قال : فلمّا ولّى قال : إذا سركم أن تنظروا إلى قاتلي فانظروا إلى هذا ، قال بعض القوم : أو لا تقتله ؟ ـ أو لا نقتله ـ فقال : ما أعجب من هذا ، تأمروني أن أقتل قاتلي لعنه الله. (25)
بيان : أقتل قاتلي أيّ من لم يقتلني وسيقتلني ، والحاصل أن القصاص لا يجوز قبل الفعل ، أو المعنى أنّه إذا كان في علم الله أنّه قاتلي فكيف أقدر على قتله ؟ وإن كان من أسباب عدم القدرة عدم مشروعيّة القصاص قبل الفعل وعدم صدور ما يخالف الشرع عنه عليه السلام ويرد عليه إشكالات ليس المقام موضع حلها.
١٥ ـ ير : أحمد بن الحسن ، عن ابن أسباط يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال : دخل أميرالمؤمنين عليه السلام الحمّام فسمع صوت الحسن والحسين عليهما السلام قد علا ، فقال لهما : ما لكما فداكما أبي وأمي ؟ فقالا : اتبعك هذا الفاجر فظننا أنه يريد أن يضرّك ، قال : دعاه والله ما اطلق إلا له (26).
١٦ ـ حة : رأيت في كتاب عن حسن بن الحسين بن طحال المقدادي قال : روى الخلف عن السلف عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : يا علي إنّ الله عزّ وجلّ عرض مودّتنا أهل البيت على السماوات والأرض ، فأوّل من أجاب منها السماء السابعة ، فزيّنها بالعرش والكرسي ، ثمّ السماء الرابعة فزيّنها بالبيت المعمور ، ثمّ السماء الدنيا فزيّنها بالنجوم ، ثمّ أرض الحجاز فشرفها بالبيت الحرام ثمّ أرض الشام فزيّنها (27) ببيت المقدّس ، ثمّ أرض طيبة فشرفها بقبري ، ثمّ أرض كوفان فشرفها بقبرك يا علي ، فقال له : يا رسول الله اقبر بكوفان العراق ؟ فقال : نعم يا علي ، تقبر بظاهرها قتلا بين الغريين والذكوات البيض ، يقتلك شقي هذه الاُمّة عبد الرحمن بن ملجم ، فوالذي بعثني بالحق نبيّاً ما عاقر ناقة صالح عند الله بأعظم عقاباً منه ، يا علي ينصرك من العراق مائة ألف سيف (28).
١٧ ـ يج : من معجزاته عليه السلام ما روي عن حنان بن سدير عن رجل من مزينة قال : كنت جالساً عند علي عليه السلام فأقبل إليه قوم من مراد ومعهم ابن ملجم ، قالوا : يا أمير المؤمنين طرا علينا ولا والله ما جاءنا زائرا ولا منتجعاً (29) وإنّا لنخافه عليك فاشدد يدك به (30) فقال له علي عليه السلام : اجلس ، فنظر في وجهه طويلاً ثم قال : أرأيتك إن سألتك عن شيء وعندك منه علم هل أنت مخبري عنه ؟ قال : نعم ، وحلفه عليه فقال : أكنت تراضع الغلمان وتقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا : قد جاءنا ابن راعية الكلاب ؟ قال : اللهمّ نعم ، فقال له : مررت برجل وقد أيفعت فنظر إليك وأحد النظر فقال : أشقى من عاقر ناقة ثمود ؟ قال : نعم ، قال : قد أخبرتك امّك أنّها حملت بك في بعض حيضها ، فتعتع هنيئة ، ثمّ قال : نعم قد حدثتني بذلك ، ولو كنت كاتما شيئا لكتمتك هذه المنزلة ، فقال له علي عليه السلام : قم ، فقام ثمّ قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : إنّ قاتلك شبه اليهودي بل هو يهودي.
ومنها ما تواترت به الروايات من نعيه نفسه قبل موته وأنّه يخرج من الدنيا شهيداً من قوله : والله ليخضبنها من فوقها ـ يومئ إلى شيبته ـ ما يحبس أشقاها أن يخضبها بدم ؟ وقوله : أتاكم شهر رمضان وفيه تدور رحى السلطان ، ألا وإنّكم حاجو العام صفا واحداً ، وآية ذلك أنّي لست فيكم ، وكان يفطر في هذه الشهر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين وليلة عند عبد الله بن جعفر زوج زينب بنته لأجلها ، لا يزيد على ثلاث لقم ، فقيل له في ذلك فقال : يأتيني أمر الله وأنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان ، فاصيب من الليل ولد توجه إلى المسجد في ليلة ضربه الشفي في آخرها ، فصاح الاوز في وجهه وطردهن الناس ، فقال : دعوهن فإنّهن نوائح (31).
بيان : تراضع الغلمان لعلّه من قولهم : فلان يرضع الناس أيّ يسألهم ، وفي بعض النسخ « تواضع » بالواو من المواضعة بمعنى الموافقة في الأمر. ويقال : تعتع في الكلام أيّ تردّد من حصر أوعي ، قوله : « وفيه تدور رحى السلطان » لعلّ المراد انقضاء الدوران كناية عن ذهاب ملكه عليه السلام ، أو هو كناية عن تغير الدولة وانقلاب أحوال الزمان ، ولا يبعد أن يكون في الأصل « الشيطان » مكان السلطان وخمص البطن خلا.
وفي الديوان المنسوب إليه عليه السلام مخاطباً لابن ملجم لعنه الله :
ألا أيها المغرور في القول والوعد |
ومن حال عن رشد المسالك والقصد (32) |
أقول : قد أثبتنا بعض الأخبار في كتاب الفتن في باب إخبار النبي صلّى الله عليه وآله بمظلوميّتهم عليهم السلام.
الهوامش
1. عيون الأخبار : ١٦٣ ـ ١٦٥. أمالى الصدوق : ٥٧ و ٥٨.
2. في المصدر : عن جعفر بن محمّد.
3. في المصدر : ويضرب.
4. عيون الأخبار : ٣١ و ٣٢.
5. أمالى الشيخ : ٢٣٢.
6. في المصدر : ابن اسحاق.
7. أمالى الشيخ : ١٦٧.
8. الخصال ٢ : ٢٤ و ٢٥.
9. في المصدر : عن فطر.
10. الارشاد : ٦.
11. قال الزمخشرى في اساس البلاغة ص ٢٩٥ بعد نقل البيت ونسبته إلى عمرو بن معدى كرب : معناه هلم من يعذرك منه إن اوقعت به يعنى أنّه أهل للايقاع به فان أوقعت به كنت معذورا.
12. الإرشاد : ٦.
13. الإرشاد : ٧.
14. في المصدر : الشيطان خ ل.
15. الإرشاد : ٧.
16. كشف الغمة : ١٢٨ ـ ١٣٠.
17. النهاية ٣ : ٧٦.
18. النهاية ١ : ٢٧٤. وفيه : التشمير.
19. أمضه الأمر : أحرقه وشق عليه. شجا الرجل : أحرقه.
20. ينتفع خ ل.
21. مخطوط. وفى ( ك ) : كما قرت عينه ما كانت عنه بموته. لكنّه مصحف.
22. لم نظفر به في المصدر.
23. تذكرة الخواص : ١٠٠ و ١٠١.
24. في المصدر : قبل الأبدان.
25. بصائر الدرجات : ٢٤.
26. بصائر الدرجات : ١٤٠.
27. فشرفها خ ل.
28. فرحة الغرى : ١٨ و ١٩.
29. انتجع فلانا : أتاه طالباً معروفه.
30. أيّ خذ البيعة منه.
31. لم نجد الروايتين في المصدر المطبوع.
32. الديوان : ٣٨. ولا يوجد هذه الفقرة في غير ( ك ) من النسخ.
مقتبس من كتاب : [ بحار الأنوار ] / المجلّد : 42 / الصفحة : 190 ـ 199
التعلیقات