رفع الشُبُهات في تعدّد الزوجات للنبي الأكرم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم
عمّار حسين الجوراني
منذ 11 سنةرفع الشُبُهات في تعدّد الزوجات للنبي الأكرم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم
في الآونة الأخيرة صدر فلم في الولايات المتّحدة الأمريكيّة أساء لشخصيّة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، لذلك رأيت من الواجب عليَّ وعلى كلِ فرد ينتمي إلى الإسلام الحنيف الدفاع عن شخصيّة النبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وبيان حقيقة ومقام الخاتم صلّى الله عليه وآله وسلّم ورفع الشبهات التي يقع فيها البعض من المجتمع المسلم وغير المسلم.
وذلك يكون بالتعرض إلى شيءٍ من سيرة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بعيداً عن الأحاديث والروايات الموضوعة أو المشبوهة والدس وبعيداً عن الأشخاص الذين أرادوا من الإساءة إلى شخصيّة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بوضع الأحاديث الكاذبة والتي لا تمت بصلةٍ إلى الإسلام ، ولا لسيرة النبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، لذا اخترت بالدرجة الأساس الاستناد على كتاب الله الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأنّه أصدقُ الحديث ذلك الكتاب الذي تحدى البشريّة جمعاء على أن يأتوا بآيةٍ فعجزت البشريّة عن ذلك.
إن القرآن الكريم هو الدستور الإلهي الذي جاء به الرسول محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم لإنقاذ البشريّة والأخذ بأيديهم إلى ساحل البرّ والأمان.
وإليكم بعض الآيات لبيان مقام الرسول الكريم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ...
قال تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ...
وقال تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) ... [ سورة النجم : الآية 3 ]
وقال تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ... ) ... [ سورة آل عمران : الآية 159 ]
وقال تعالى : ( مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ... ) ... [ سورة الأحزاب : الآية 38 ]
وقال تعالى : ( فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ... ) ... [ سورة الشورى : الآية 115 ]
وقال تعالى : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ... [ سورة البقرة : الآية 129 ]
وقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ... ) ... [ سورة الحديد : الآية 9 ]
والآيات التي جاءت بحقّ النبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم في القرآن الكريم هي كثيرةٌ لِمن أراد معرفة مقام الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم فليراجع التفاسير وبالخصوص الآيات التي اُختصّ بها النبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم دون غيره.
كذلك لم أتعرض لتفسير الآيات التي تمّ تدوينها وذلك لاختصار البحث والمراجعة والتوسع هي ترجع للقارئ اللبيب ، كذلك تمّ كتابة البحث على شكل نقاط وكلّ نقطة تتعرّض إلى رفع الشبهات على مستوى من المستويات العقائديّة أو الأخلاقيّة أو الاجتماعيّة وهكذا ...
1 ـ أن الرسالة التي جاء بها الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم هي شاملة ورحمة لجميع البشر حيث قال الله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ، فإن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الرحمة الإلهيّة التي تجلت على وجه الأرض.
وتجسّدت في شخصيّة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ومن خلال السيرة التي نُقلت عنه أنّه كلُ من شاهد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أو سمع كلامه تأثر بكلامهِ ومال إليه حتّى قال فيه قومهُ أنّه ساحر.
وفي هذا المقام رُويَ عن رسول الله في بداية نشر الإسلام في مكّة كان الناس يرمونه بالحجارة وكان يقول اللهم اغفر لهم فإنّهم جُهّال.
وفي أحد الأيّام وهو كذلك أثخنتهُ الجراح ووقع على الأرض فغُشيَ عليه وكان لعتبة والوليد غلامٌ فأرسلوه إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخذ الغلام يمسح الدم عن الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم فلمّا أفاق قال أعُداس هذا ؟ فتفاجأ الغلام من ذكر النبي لأسمه وقال من أين تعرف أسمي ؟ فأخذ النبي يحدّثه عن كثير من الاُمور التي كانت تخصّ ذلك الغلام وبعد ذلك رجع الغلام مدهوشاً ممّا رأى من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال عتبة إلى الوليد لقد أفسد علينا غلامنا ألم أقُل لك أنّه ساحر.
ومن خلال هذه الرواية أودّ القول بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان لهُ التأثير المباشر في جميع مكّة حتّى أنّه في ذلك المجتمع كان يلقّب بالصادق الأمين.
2 ـ أنّ النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما بدأ بنشر الرسالة أخذ بإعداد جميع مقوّمات نشر الرسالة الإسلامية إلى مجتمع مكّة أوّلاً ومن بعد ذلك إلى أبعد من ذلك ، ومن ضمن المقوّمات التي قام بها النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم هو مصاهرة القبائل وفي ذلك الحين كان لها الأثر حيث أنّ القبيلة التي تصاهر النبي تميل إليه وتتقرّب إلى شخص النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم كذلك إنّ النساء التي تقترن به تكون مبلّغة وكاشفة عن شخصيّة الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم وأخلاقه وحُسن معاملته والمعاشرة.
3 ـ مصدر التشريع هي السماء « الله » والمُبَلِغ عن السماء هو الرسول محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وما أمرت به السماء هو أن يتعامل مع الاُمور حسب الظواهر ولا يتعامل معها على ما أطلعهُ الله من الغيب وقد رسخ هذا المفهوم في نفوس أصحابه ومجتمعه وأخذ الاُمور على الظواهر وإبداء الأحكام على ظاهرها ، وقد نصبت الشريعة السماويّة على هذا بشكلٍ واضح وكذلك عمِل به الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم والسلف الصالح من بعده ، وأكّدوا عليه بشكلٍ منقطع النظير على الرغم من إطلاع النبي على الغيب وما كان يضمر أعدائه والمجتمع الذي كان في ذلك الوقت.
ومن الجدير بالذكر أنّ جميع القوانين الوضعيّة التي وُضعت من قِبَل البشر هي اعتمدت على الظواهر لإقامة الأحكام ومن جُملة ما كان هو سائد في مجتمع مكّة هو تعدّد الزوجات وهذا التعدّد هو لعدّة أسباب منها كثرة الأولاد وما شاكل.
على الرغم من أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يعلم أنّه لن يرزق الأولاد إلّا من خديجة رضوان الله تعالى عليها مع ذلك تزوّج أكثر من إمرأة ولم يرزق الأولاد منهنّ علماً أنّ البعض منهنّ كانت أمّ لولد أي متزوّجة ورُزقت الولد من غير رسول الله ولم تُرزق منه حتّى يروى أنه العاص بن وائل عَيَرَ الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنّه أبتر فنزل قوله تعالى : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ). [ سورة الكوثر ]
هكذا إرادة السماء فيالها من حكمة إلهية وسبحان ربّ العزّة عمّا يصفون.
4 ـ إنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هو المبلغ عن السماء والخليفة الإلهي والرسول المنتخب من قِبَل الله سبحانه وتعالى ، لذلك أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم اُختصّ بأمورٍ دون غيره من البعض حيث أنّ صلاة الليل كانت واجبةً على النبي الأكرم وكذلك أنّهُ حين قبض إلى الرفيق الأعلى صلّى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام صلاة الميّت بسبعَ تكبيرات عِلماً أنّ صلاة الميّت بخمس تكبيرات ، وكثير من الخصوصيّات التي اُختص بها الرسول دون غيره ومن ضمن تلك الخصوصيّات هي الزواج بتسعة من النساء وهذه اُختصّ بها الرسول دون غيره ولا نعرف الحكمة من ذلك وإنّما أردت أن أقول في هذا المقام هو انّ الله جلّ وعلا شَرعهُ لنبيّهِ دون غيره وهو الحكيم الخبير.
5 ـ إنّ قانون الضمان الإجتماعي هو أحد القوانين الإنسانيّة التي تدعو إليه جميع المجتمعات من أجل الوصول بالإنسان إلى العيش الكريم واحترام حقوق الفرد ، وأفضل ما جاءت به السماء هو قانون الزواج حيث أنّ هذا القانون حفظ حقوق الطرفين وبالخصوص المرأة ، وأمر الزوج بأن يتكفّل كلّ ما تحتاج الزوجة من الأمور الحياتيّة من السكن والطعام والشراب واللباس وجعل نفقة الزوجة واجبةً على الزوج وذلك من أجل حفظ المرأة وتقديسها لا كما يدّعي البعض من أنّ الإسلام سلب حقوق المرأة وغير ذلك.
6 ـ إنّ تعدّد الزوجات في ذلك الزمان كان من الأمور الاعتياديّة والسائدة وغير معيب أو يعتبر شيء شاذّ في تلك العصور أو المجتمعات ولو سلّطنا الضوء على التاريخ في ذلك الوقت لوجدنا أنّ الكثير كان لديه أكثر من زوجة واحدة ، أمّا الغرب الذي يرى أن تعدّد الزوجات شيء منكر ومعيب وانتهاك لحقوق المرأة ، فأنّ ذلك الإدعاء هو باطل ومن خلال تاريخ أوروبا والشعوب الأخرى فإنّ معظم تلك المجتمعات كانت تمارس العلاقات الجنسيّة عن طريق غير مشروع ولو تعرّضنا إليها لطال بنا الكلام ولكن اتطرّق لنموذج واحد من هؤلاء حيث أنّه جاء في كتاب برنارد شو وكان يتكلّم عن النساء وذكر أنّه كان لديه علاقة مع 450 إمرأة وعلاقة غير شرعيّة ، ألا يعد ذلك انتهاك واحتقار للمرأة وسلب جميع حقوقها وابتذالها بهذه الصورة النكرة ؟ كذلك أنّه مثل هذه الممارسات تؤدّي إلى ضياع النسب وانتشار الفساد والتفكك الأسري. والآن نجد أن الكثير من المجتمعات تُبيح الجنس وما يسمّى بالحريّة فماذا نقول عن تلك المجتمعات ؟
7 ـ إنّ مقام الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والعصمة التي اُختصّ بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يمكن حمله أو التصوّر بأنّ الرسول الأكرم كان يتبع أهوائه وشهواته من تعدّد الزوجات وما شاكل من الأمور التي يمارسها بعض ضعاف الأنفس علماً الزوجات التي تزوّج منهنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سوف يأتي ذكر أعمارهنّ والأسباب التي قام بها الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بالزواج منهنّ وكلّ تلك الأسباب هي أسباب منطقيّة ويقرها العقل والشارع.
مقتبس من موقع : [ مؤسسة السبطين العالميّة ]
التعلیقات