خروج الإمام الحسين ( عليه السلام ) من المدينة إلى مكة

تاريخ الخروج :
28 رجب 60 هـ ، خرج ركب الإمام الحسين ( عليه السلام ) نحو مكَّة المكرّمة ، وسار معه ( عليه السلام ) نفر من أهل بيته وأصحابه ، وبرفقته نساؤه وأبناؤه ، وأخته زينب الكبرى ( عليها السلام ) ، يخترقون قلب الصحراء ، ويجتازون كثبان الرمال .
دوافع الخروج : نذكر منها ما يلي :
1- استبداد واستئثار الأمويِّين بالسلطة .
2- القتل والإرهاب ، وسفك الدماء الذي كانت تنفّذه السلطة الأموية .
3- العَبَث بأموال الأُمَّة الإسلامية ، ممَّا أدَّى إلى نشوء طبقة مترفة على حساب طبقة محرومة .
4- الانحراف السلوكي ، وانتشار مظاهر الفساد الاجتماعي .
5- غياب قوانين الإسلام في كثير من المواقع المُهمَّة ، وتحكُّم المِزاج والمصلحة الشخصية.
6- ظهور طبقة من وضَّاع الأحاديث والمحرِّفين لسُنَّة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وذلك لتبرير مواقف السلطة . هدف الخروج :
أشار الإمام الحسين ( عليه السلام ) في إحدى رسائله إلى الهدف من خروجه : ( وإنِّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً ، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً ، وإنَّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمَّة جَدِّي ( صلى الله عليه وآله ) ، أُريدُ أنْ آمُرَ بالمعروفِ وأنْهَى عنِ المنكر ، وأسيرُ بِسيرَةِ جَدِّي ، وأبي علي بن أبي طَالِب ) .

زيارة قبر جدّه ( صلى الله عليه وآله ) :
زار الإمام الحسين ( عليه السلام ) ـ قبل خروجه من المدينة المنوّرة ـ قبر جدِّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) زيارة المُودِّع الذي لا يعود .
فقد كان يعلم ( عليه السلام ) أن لا لقاء له مع مدينة جدِّه ( صلى الله عليه وآله ) ، ولن يزور قبره بعد اليوم ، وأنّ اللقاء سيكون في مستقرِّ رحمة الله ، وأنَّه لن يلقى جدَّه إلاّ وهو يحمل وسام الشهادة ، وشكوى الفاجعة .
فوقف الإمام ( عليه السلام ) إلى جوار القبر الشريف ، فصلَّى ركعتين ، ثم وقف بين يدي جدِّه ( صلى الله عليه وآله ) يُناجي ربَّه قائلاً : ( اللَّهُمَّ هَذا قَبْر نَبيِّك مُحمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنَا ابنُ بنتِ نَبيِّك ، وقد حَضَرني مِن الأمرِ مَا قد عَلمت ، اللَّهُمَّ إنِّي أحِبُّ المَعروف ، وأنكرُ المُنكَر ، وأنَا أسألُكَ يَا ذا الجَلال والإكرام ، بِحقِّ القبرِ ومن فيه ، إلاَّ مَا اختَرْتَ لي مَا هُو لَكَ رِضىً ، ولِرسولِك رِضَى ) .

خروج الإمام الحسين ( عليه السلام ) من مَكة إلى العراق :
على أثر الرسائل الكثيرة التي أرسلها أهل الكوفة إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) عندما كان في مكة المكرمة ، اِرتأى ( عليه السلام ) أن يُرسِل مندوباً عنه إلى الكوفة .
فوقع الاختيار على ابن عمه مُسلم بن عقيل ( عليه السلام ) ، لتوفر مستلزمات التمثيل والقيادة به .
ومنذ وصوله إلى الكوفة راحَ يجمع الأنصار ، ويأخذ البَيعة للإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ويوضِّح أهداف الحركة الحسينية ، ويشرح أهداف الثورة لزعماء الكوفة ورجالاتها .
فأعلَنَت ولاءَها للإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وعلى أثر تلك الأجواء المشحونة ، كتب مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين ( عليهما السلام ) يَحثُّه بالمسير والقدوم إلى الكوفة .
فتسلَّم الإمام الحسين ( عليه السلام ) رسالة مسلم بن عقيل وتقريره ، عن الأوضاع والظروف السياسية ، واتجاه الرأي العام .
فقرر الإمام ( عليه السلام ) التوجُّه إلى العراق ، وذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة ( يوم التروية ) 60 هـ .
ويعني ذلك أنَّ الإمام ( عليه السلام ) لم يُكمِل حَجَّه بِسببِ خُطورَةِ الموقف ، لِيُمارس تكليفه الشرعي في الإمامة والقيادة .
فجمع الإمام الحسين ( عليه السلام ) نساءه ، وأطفاله ، وأبناءه ، وأخوته ، وأبناء أخيه ، وأبناء عُمومَته ، وشدَّ ( عليه السلام ) الرحَال ، وقرَّر الخروج من مكة المكرَّمة .
فلما سرى نبأ رحيله ( عليه السلام ) ، تَملَّكَ الخوفُ قُلوبَ العَديد من مُخلصِيه ، والمشفِقين عليه ، فأخذوا يتشبَّثون به ويستشفعون إليه ، لعلَّه يعدل عن رأيه ، ويتراجع عن قراره .
إلاَّ أنَّ الإمام ( عليه السلام ) اعتذرَ عن مطالباته بالهدنة ، ورفضَ كُل مَساعي القعود والاستسلام .
والمُتَتَبِّع لأخبار ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، يَجدُ أنَّ هناك سِرّاً عظيماً في نهضته. ويتوضح هذا السر من خلال النصيحة التي قُدِّمت للإمام ( عليه السلام ) من قِبَل أصحابه وأهل بيته ، فكلُّهم كانوا يتوقَّعون الخيانة وعدم الوفاء بالعهود التي قطعها له أهل الكوفة .
وندرك هنا أن للإمام الحسين ( عليه السلام ) قراراً وهدفاً لا يُمكِن أن يتراجع عنه ، فقدْ كان واضحاً من خلال إصراره وحواره أنَّه ( عليه السلام ) كان متوقِّعاِ للنتائج التي آل إليها الموقف ، ومشخِّصاً لها بشكل دقيق ، إلاَّ أنه كان ينطلق في حركته من خلال ما يُملِيه عليه الواجب والتكليف الشرعي .
ونجد ذلك واضحاً في خُطبَتِه حيث قال ( عليه السلام ) : ( الحَمدُ للهِ ، ومَا شاءَ الله ، ولا قُوَّة إلاَّ بالله ، خُطَّ المَوتُ على وِلدِ آدم مخطَّةَ القِلادَة على جِيدِ الفَتاة ، وما أولَهَني إلى أسْلافي اشتياقَ يَعقُوبَ إلى يوسف ، وخيرٌ لي مَصرعٌ أنا لاقيه ، كأني بأوصالي تقطِّعُها عسلان الفلوات بين النَّواوِيسِ وكَربلاء ، فيملأن أكراشاً جوفا ، وأحوية سغباً.
لا مَحيصَ عن يوم خُطَّ بالقلم ، رِضا الله رِضَانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويوفِّينا أجورنا أجور الصابرين ، لن تشذّ عن رسول الله لَحمته ، وهي مجموعة له في حظيرة القدس ، تقرُّ بهم عَينه ، وينجزُ بهمْ وَعدَه .
من كان باذلاً فِينَا مهجتَه ، وموطِّناً على لِقَاء الله نفسه ، فلْيَرْحَل مَعَنا ، فإنِّي راحلٌ مُصبِحاً إن شاء الله ) مقتل الإمام الحسين للسيّد ابن طاووس : 23 .
إذن فكلُّ شيء واضحٌ أمام الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وهو مُصمِّم على الكفاح و الشهادة ، فليس النصر يحسب دائماً بالنتائج الآنيَّة المادِّيَّة ، فقد يحتاج الحدَث الكبير إلى فترة زمنية طويلة ، حيث يتفاعل فيها جملة من الحوادث والأسباب ، ليعطي نتائجه .
وهذا ما حدث بالفعل بعد استشهاد الإمام ( عليه السلام ) ، إذ ظَلَّت روح المقاومة تغلي في نفوس أبناء الأمَّة . واستمرَّتْ بعد موت يزيد ، حتى قَضَتْ على كِيان الحكم الأموي تلك الروح التي كانت شعاراً لِكلِّ ثائر في سبيل التحرُّر من الظُلم والطغيان .

 

البطاقات الحسينية

تابعونا

rafed.net on facebook rafed.net chanel in youtube rafed in instagram


نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
شاهد المكتبة الإسلامية في جوالك بشكل يلائم جميع أجهزة المحمولة.
خدمة الأوقات الشرعية
يمكنك باستخدام هذه الخدمة ، مشاهدة اوقات الصلاة واستماع صوت الأذان لمدينة خاصة في موقعك.