اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب في سطور - شهادته الرهيبة

بعد أن عاش أمير المؤمنين صلوات الله عليه حياة البعثة والرسالة بدقائقها وأحداثها ووقائعها ، وكان المحامي الأوّل عنها بعد أبيه أبي طالب رضوان الله تعالى عليه.. أصبح العَضُد الأيمَن لرسول الله صلّى الله عليه وآله في دولته عشر سنوات من حكومته المباركة ( 1 ـ 11 هجرية ).
وغيرةً على الإسلام ، ومحافظةً على حريمه ، وحرصاً على دماء المسلمين ومصالحهم.. عاش عهد أبي بكر ( 11 ـ 13 هجرية ) وعمر بن الخطّاب ( 13 ـ 23 هجريّة ) وعثمان بن عفّان ( 23 ـ 35 هجرية ).. لا يبخل بنصيحة ولا إشارة من شأنهما رفع شأن الإسلام وتقويم أوضاع المسلمين ، ودحر الأعداء وإزالة المشاكل والعقبات ، وإصلاح الأُمور.. متنازلاً عن الدفاع عن حقّه الإلهيّ؛ حفظاً لشرع الله تعالى ورسالة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله من الزوال.
حتّى إذا لاذ به الناس بعد قتل عثمان ، وألزَموه زِمامَ الأمور.. نهض بها يُقيم العدل وينتصر للمظلوم ، ويضع الموازين الحقّة بين الناس ، ويحكم بحكم الله تعالى وفق القرآن الكريم والسنّة المحمّديّة الشريفة.. فتكاثر عليه المارقون والقاسطون والناكثون يحيكون ضدّه المكائد ، ويُؤلّبون ذوي الأغراض والأهواء والأمراض وأصحاب المنافع والمصالح الذاتيّة. فكانت حروب متتابعة في أوقات متقاربة.. لم تَنتَهِ إلاّ بالمكر العظيم ، حين دَبَّرتْه قَطام محرّضةً عليه أحد الخوارج وهو عبدالرحمن بن مُلجَم لعنه الله ، فهيّأ لغدرته الكبرى سيفاً مسموماً اندفع به إلى المحراب الذي ملأه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بنفحات إيمانيّة روحيّة عباديّة مقدّسة. فأهوى بسيفه الجائر الكافر على هامته المقدّسة وهي مُتطامنة للسجود لربّها عزّوجلّ في صلاة الفجر ، في مسجد الكوفة وهو صائم ، يوم التاسع عشر من شهر رمضان سنة 40 من الهجرة النبويّة.
وكان لتلك الضربة الظالمة أثرُها الرهيب ، فما حلّ الحادي والعشرون من شهر رمضان ـ بعد يومين ـ إلاّ وكانت شهادة وليّ الله الأعظم ، وكانت الواقعة فجيعةً دوّت في السماوات والأرضين ، وأنزلت البلاء والويل على العالمين.
هذا وعُمرُ أمير المؤمنين عليه السّلام كعمر رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم رحل.. ثلاثٌ وستّون سنة ، وقد مضى على إمامته ثلاثون سنة ، وعلى حكمه أربع سنوات وأشهر. فقام الإمام الحسن عليه السّلام ـ وهو أكبر ولْده والوصيّ من بعده ـ بتجهيزه ودفنه في ظهر الكوفة ونجفها ، في البقعة الطاهرة المعروفة بوادي السّلام ، والمُسمّاة اليوم بالنجف الأشرف.
وقد أُخفي القبر الشريف؛ لئلاّ تمتدّ إليه الأيدي الأُمويّة الحاقدة فتهدمه ، وبقي مخفيّاً إلى زمن حفيده الإمام جعفر الصادق عليه السّلام فأظهره بعد كرامة تنقلها رواية مفصّلة ، ثمّ كان البناء الشامخ والمقام الرفيع والروضة البهيّة الجنتّية التي تحجّ إليها القلوب من أرجاء الدنيا ، فضلاً عن هبوط الملائكة الأخيار عليها كلّ آن.

 
نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
شاهد المكتبة الإسلامية في جوالك بشكل يلائم جميع أجهزة المحمولة.
خدمة الأوقات الشرعية
يمكنك باستخدام هذه الخدمة ، مشاهدة اوقات الصلاة واستماع صوت الأذان لمدينة خاصة في موقعك.