الصفحة 6 من 7
قال السيّد عليّ بن طاووس : إنّ مِن العجَب أن يبلغ طلب الدنيا بالعبد.. في الإقدام على قتل مولانا الصادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليه بعد تكرار الآيات الباهرات ، حتّى يكرّر [ المنصور ] إحضارَه للقتل سَبعَ دفعات [ أو تسع مرّات ]... تارةً يأمر رزّام بن مسلم مولى أبي خالد أن يقتل الإمام وهو سلام الله عليه في الحِيرة ، وتارة يأمر باغتياله مع ابنه موسى بن جعفر ، حيث قال قيس بن ربيع : حدثني أبي الربيعُ قال : دعاني المنصور يوماً قال : أما ترى ذلك الذي يبلغني عن هذا الحُسَينيّ ؟! قلت : ومَن هو يا سيّدي ؟! قال : جعفر بن محمّد ، واللهِ لأستأصِلَنّ شَأفَتَه. ثمّ دعا بقائدٍ من قُوّاده فقال : انطَلِقْ إلى المدينة في ألف رجلٍ فاهجمْ على جعفر بن محمّد وخُذ رأسَه ورأسَ ابنهِ موسى في مَسيرِك .وتارة يأمر بإحراق بيته ، وقد فعلوا. ثمّ لم يقنع بهذه الأفعال الشنيعة حتّى شَرِك في دمه وقَتلَه مسموماً بالعنب. فاستُشهد سلام الله عليه يوم الاثنين في الخامس والعشرين من شهر شوّال سنة 148 هجريّة ، وله من العمر 68 سنة ـ أو 65 سنة ـ متأثّراً بذلك السم الحادّ الذي دسّه إليه أبوجعفر المنصور الدوانيقي على يد عامله على المدينة محمّد بن سليمان.
مدفنه
قال المسعوديّ : ودُفن عليه السّلام بالبقيع مع أبيه [ الباقر عليه السّلام ] وجدِّه [ السجاد عليّ بن الحسين عليهما السّلام ] ، وقيل أنّه سُمّ. وعلى قبورهم في هذا الموضع من البقيع رُخامة مكتوب عليها : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله مُبيدِ الأُمم ، ومُحيي الرِّمم ، هذا قبرُ فاطمة بنتِ رسول الله صلّى الله عليه وآله سيّدة نساء العالمين ، وقبر الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، وعليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد رضي الله عنهم .
وربّما المقصود بـ ( فاطمة ) في الخبر هذا هي فاطمة بنت أسد رضوان الله تعالى عليها أُمّ أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام.
وقد رُوي عن عيسى بن داب قال : لمّا حُمِل أبو عبدالله جعفر بن محمّد عليهما السّلام على سريره ( أي : تابوته ) وأُخرج إلى البقيع ليُدفن ، قال أبو هريرة الأبّار العِجليّ :
أقـولُ وقـد راحوا بـه يَحمِلونَهُ أتَدرونَ ماذا تَحمِلونَ إلـى الثَّرى غداة حثا الحاثون فوقَ ضـريحه | على كاهِلٍ مـن حـامِليهِ وعاتق ثَبيراً ثَوى مِن رأسِ علَياءَ شاهِق تُراباً.. وأولى كان فوق المَفارِقِ |
ثبير : اسم جبل. المفارق : جمع لمفرق الرأس) (9).
وكان للإمام الصادق عليه السّلام قبر إلى جانب قبور آبائه وأجداده عليهم السّلام في البقيع عليه قبة وله مزار يُزار ، حتّى الثامن من شوّل سنة 1344 هجريّة ، إذ هُدّمت ظُلماً ، لمحو آثار بيت الوحي والرسالة ، وطمس ذكر آل النبيّ الكرام عليه وعليهم أفضل الصلاة والسّلام.