الامام الحجة بن الحسن عليهما السلام في سطور - ولادته اليُمْن

ذكَرتْها مصادر عامّة وخاصّة ، وعلماء كثيرون ، منهم :
الشيخ خواجه محمّد پارسا ، إذ يقول في ( فصل الخطاب ) : أبو محمّد الحسن العسكريّ ، ولده محمّد المنتظر المهديّّ رضي الله عنهما ، معلوم عند خاصّة أصحابه وثقات أهله. ويُروى أنّ حكيمة بنت أبي جعفر محمّد الجواد التقيّ كانت عمّة أبي محمّد الحسن العسكريّ تُحبّه وتدعو له ( أي للإمام العسكريّ ) ، وتتضرّع إلى الله تعالى أن يرى ولدَه. فلمّا كانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين ، دخلت حكيمة عند الحسن العسكريّ فقال لها : يا عمّة ، كوني الليلةَ عندنا لأمر ، فأقامت.
فلمّا كان وقت الفجر اضطربَت نرجس ، فقامت إليها حكيمة فوَضَعت نرجس المولودَ المبارك ، فلمّا رأته حكيمة أتت به أبا محمّد الحسن العسكريّ رضي الله عنهم وهو مختون ، فأخذه ومسح بيده على ظهره وعينيه ، وأدخل لسانه في فيه ، وأذّن في أُذنه اليمنى وأقام في الأُخرى ثمّ قال : يا عمّة ، إذهبي به إلى أمّه. قالت حكيمة : فذهبتُ به ورَدَدته إلى بين يديه وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي.
فقلت : يا سيّدي ، هل عندك من علم في هذا المولود المبارك ؟ فقال : يا عمّة ، هذا المنتظَر الذي بُشِّرنا به. قالت حكيمة : فخررتُ لله ساجدةً شكراً على ذلك. ثمّ كنت أتردّد إلى أبي محمّد الحسن فلا أرى المولود ، فقلت : يا مولاي ، ما فعل سيّدنا ومنتظَرنا ؟ قال : استودَعناه اللهَ الذي استودَعَتْه أُمُّ موسى عليهما السّلام ابنَها.
قال الشيخ محمّد پارسا : وقالوا : آتاه الله تبارك وتعالى الحكمة وفصل الخطاب في طفوليّته ، وجعله آية للعالمين كما قال تعالى : يا يَحيى خُذِ الكتابَ بقوّةٍ وآتَيناهُ الحُكمَ صبيّا ، وقال تعالى : قالوا : كيف نكلّمُ مَن كانَ في المَهدِ صبيّا * قال : إنّي عبدُالله آتانيَ الكتابَ وجَعلَني نبيّا. وطوّل الله تبارك وتعالى عمره كما طوّل عمر الخضر عليه السّلام.
وفي رواية أُخرى ينقلها الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ أنّ حكيمة قالت : فاستقمتُ ونمتُ ، ثمّ قمت وقت السحَر وقرأتُ آلم السجدة ويس ، فاضطربَت نرجس ، فكشفتُ الثوبَ عنها فإذا بالمولود ساجداً ، فنادى أبو محمّد : هَلُمّي إليّ ابني يا عمّة. فجئتُ به إليه ، فوضع قدمَيه على صدره وأدخل لسانه في فيه وأمرّ يده على عينيه وأُذنه ومفاصله ، ثمّ قال : تكلّم يا بُنيّ ، فقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله صلّى الله عليه وآله.. ثمّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمّة إلى أن صلّى على أبيه.
ثمّ قال أبو محمّد ( الإمام العسكريّ ) : يا عمّة ، إذهبي به إلى أُمّه يسلّم عليها وائتيني به. فذهبتُ به فسلّم على أُمّه ، ثمّ ردَدتُه فوضعته عنده ، فقال : يا عمّة ، إذا كان يومُ السابع ائتينا. فلمّا كان يوم السابع جئتُ فقال لي : يا عمّة ، هلمّي إليّ ابني. فجئت به ففعل به كفعله الأوّل وقال : تكلّم يا بُنيّ. فشهد الشهادتين وصلّى على آبائه واحداً بعد واحد ، ثمّ تلا : ونُريدُ أن نَمُنَّ على الذين استُضعِفوا في الأرضِ ونجعلَهُم أئمّةً ونجعلَهمُ الوارثين.
ثمّ قال الشيخ الشيخ القندوزيّ الحنفيّ : فالخبر المعلوم المحقَّق عند الثقات أنّ ولادة القائم عليه السّلام كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين في بلدة سامرّاء.
وأكّد ذلك الشيخ عبدالله بن محمّد الشبراويّ الشافعيّ لدى تعرّضه لحياة الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام ، قائلاً : ويكفيه شرفاً أنّ الإمام المهديّّ المنتظر من أولاده ، فللّه دَرُّ هذا البيت الشريف ، والنسب الخضمّ المُنيف!.. إلى أن قال : وخلّف بعده ولدَه ، وهو الثاني عشر من الأئمّة ، محمّد الحجّة الإمام ، وُلد بسُرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة 255 قبل وفاة أبيه بخمس سنين. وكان أبوه قد أخفاه حين وُلد وستر أمره؛ لصعوبة الوقت وخوفه من الخلفاء العبّاسيّين ، فإنّهم كانوا في ذلك الوقت يتطلّبون الهاشميّين ويقصدونهم بالحبس والقتل ويرون إعدامهم..
وهناك روايات خاصّة تذكر أنّ حكيمة غُمِرت بموجات الفرح حين قال لها ابن أخيها الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام : يا عمّة ، اجعلي الليلة إفطارك عندي ، فإنّ الله عزّوجلّ سيَسرُّكِ بوليّه وحجّته على خَلقه ، خليفتي من بعدي. قالت : جُعِلتُ فداك يا سيدي ، الخلَف ممّن ؟! قال : مِن سوسن.
فنظرت السيدة حكيمة إليها فلم ترَ عليها أثراً للحمل ، فقالت : إنها غير حامل! فتبسّم عليه السّلام وقال لها : إذا كان وقت الفجر يظهر لكِ بها الحَبَل ، فإنّ مَثَلها مَثَل أُمّ موسى لم يظهر بها الحبَل ، ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها؛ لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحُبالى في طلب موسى ، وهذا نظير موسى..
وقال عليه السّلام : زعم الظلَمة أنهم يقتلوني ليقطعوا هذا النسل ، فكيف رأوا قدرة الله ؟!.
وأمر عليه السّلام بعد ولادة وليده المبارك بشراء كميّات كبيرة من اللحم والخبز فوُزّعت على فقراء سامراء ، كما عقّ عنه بسبعين كبشاً ، وبعث أربعة منها إلى أحد أصحابه ، وكتب إليه بعد البسملة : هذه من عقيقة ابني محمّد.
قال أبو غانم الخادم : وُلد لأبي محمّد عليه السّلام ولد فسمّاه محمّداً ، فعرضه على أصحابه يوم الثالث وقال : هذا صاحبكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ، وهو القائم الذي تمتدّ إليه الأعناق بالانتظار ، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلا.
وخاطب عمّته السيّدة حكيمة : رُدّيه إلى أُمّه ، واكتمي خبر هذا المولود ، ولا تُخبري به أحداً حتّى يبلغ الكتابُ أجَلَه.
وكان الشيعة قد تباشروا بولادة الإمام المهديِّّ عليه السّلام وغمرتهم المَسرّات. ومن الذين بُشّروا به : حمزة بن أبي الفتح ، فقد قيل له : البُشرى ، وُلد البارحة مولود لأبي محمّد ، وأمر بكتمانه ، فقال : وما اسمه ؟ فقيل له : سُمّي بمحمّد وكُنّي بأبي جعفر.
وقد أعلم الإمام العسكريّ عليه السّلام ثقات أصحابه بمولوده المبارك وأشهدهم وأشار إلى إمامته من بعده.. ومن هؤلاء : عليّ بن بلال ، وأبو هاشم الجعفريّ ، وأبو طاهر البِلاليّ ، ومحمّد بن إبراهيم الكوفي ، وأبو عمرو ، وأحمد بن إسحاق القمّيّ ، وعقيد الخادم ، والحسن بن الحسين العلويّ.. وآخرون.
هذا ، ليتعرّفوا على إمامهم ، فلا يجحده جاحد ، ولا يشكّ في وجوده مرتاب ، وقد روى كلٌّ مِن : معاوية بن حكيم ، ومحمّد بن أيّوب ، ومحمّد بن عثمان.. قالوا : عَرَض علينا أبو محمّد الحسن بن عليّ عليه السّلام ولدَه ونحن في منزله ، وكنّا أربعين رجلاً ، فقال : ـ هذا إمامكم مِن بَعدي ، وخليفتي عليكم. أطيعوه ، ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم لتهلكوا ، أما إنّكم لا تَرَونه بعد يومكم هذا..

 
نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
شاهد المكتبة الإسلامية في جوالك بشكل يلائم جميع أجهزة المحمولة.
خدمة الأوقات الشرعية
يمكنك باستخدام هذه الخدمة ، مشاهدة اوقات الصلاة واستماع صوت الأذان لمدينة خاصة في موقعك.