الامام الحجة بن الحسن عليهما السلام في سطور

اسمه الشريف
هو المسمّى باسم جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وقد ذكر المؤرّخون والرواة أنّ الذي سمّاه بهذا الاسم هو جدّه النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم.
• في ( كفاية الطالب ) للكنجيّ الشافعيّ ، عن جابر بن عبدالله الأنصاريّ قال : دخل جَنْدل بن جُنادة اليهوديّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسأله عن أشياء فأجابه النبيّ ، ثمّ قال : أخبرْني عن أوصيائك مِن بعدك لأتمسّك بهم. قال : أوصيائي اثنا عشر. قال جَندل : هكذا وجدناهم في التوراة.. يا رسول الله ، سَمِّهم لي ، فقال صلّى الله عليه وآله : أوّلهم سيّد الأوصياء أبو الأئمّة عليّ ، ثمّ ابناه الحسن والحسين ، فاستمسِك بهم ولا يغرّنّك جهلُ الجاهلين ، فإذا وُلد عليّ بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك. فقال جندل : وجدنا في التوراة وفي كتب الأنبياء عليهم السّلام إيليا وشبّراً وشبيراً ، فهذا اسم عليّ والحسن والحسين ، فمَن بعد الحسين وما اسمهم ؟
قال : إذا انقضت مدة الحسين فالإمام ابنه عليّ ويُلقّب بـ « زين العابدين » ، فبعده ابنه محمّد ويُلقّب بـ « الباقر » ، فبعده ابنه جعفر يُدعى بـ « الصادق » ، فبعده ابنه موسى يُدعى بـ « الكاظم » ، فبعده ابنه عليّ يُدعى بـ « الرضا » فبعده ابنه محمّد يُدعى بـ « التقيّ » و « الزكيّ » ، فبعده ابنه عليّ يُدعى بـ « النقيّ » و « الهادي » ، فبعده ابنه الحسن يُدعى بـ « العسكريّ » ، فبعده ابنه محمّد يُدعى بـ « المهديّ » و « القائم » و « الحُجّة » ، فيغيب ثمّ يخرج ، فإذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلا...
• وروى الترمذيّ بسنده عن زرّ عن عبدالله قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا تذهب الدنيا حتّى يَملك العربَ رجلٌ من أهل بيتي ، يواطئ اسمُه اسمي.

كنيته المباركة
روى القَندوزيّ الحنفيّ عن ابن الخشّاب عن جعفر بن محمّد عليه السّلام : الخلَف الصالح من ولدي ، وهو المهديّّ ، اسمه محمّد وكنيته أبو القاسم ، يخرج في آخر الزمان.
هذا هو المشهور ، وقد ورد النهي عن جمع الاسم والكنية معاً في شخص غير رسول الله صلّى الله عليه وآله وحفيده المهديّّ المنتظر سلام الله عليه إلى أن يزيّن الله تعالى الأرض بظهوره وظهور دولته.
هذا ، فيما ذكر المَقدسيّ الشافعيّ في ( عقد الدرر ص 194 ) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كنّاه بـ « أبي عبدالله ». وذكر غيره أنّه يُكنّى بـ « أبي جعفر » ، وهو غير مشهور.


قال الشَّبراويّ : كان الإمام محمّد الحجّة يُلقَّب أيضاً بـ « المهديّّ » و « القائم » و « المنتظَر » و « الخلَف الصالح » و « صاحب الزمان ».. وأشهرها المهديّّ.
• وقال ابن الصبّاغ المالكيّ : وأمّا لقبه فـ « الحجّة » و « المهديّّ » و « الخلَف الصالح » و « القائمُ المنتظَر » و « صاحب الزمان ».. وأشهرها المهديّّ.
• وفي ( إعلام الورى 213 : 2 ) قال الطبرسيّ : وكانت الشيعة في غيبته الأُولى تعبّر عنه وعن غيبته بـ « الناحية المقدّسة » وكان ذلك رمزاً وكانوا يقولون أيضاً : الغريم ـ يَعْنونه عليه السّلام ـ ، وصاحب الأمر.
وكذلك لُقّب بـ « الخاتم » لكونه خاتم الأوصياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسّلام ، و « صاحب الدار » فهو أمين الله في أرضه ، وحجّته على عباده.
وإلى هنا نكون قد عرفنا أمرين :
الأوّل ـ نسبه الزكيّ ، فهو حفيد رسول الله صلّى الله عليه وآله إذ ينتهي إلى جدّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وجدّته الصدّيقة الزهراء عليهما السّلام.
والثاني ـ أنّه سلام الله عليه آخر وصيّ لآخر نبيّ ، فهو الخاتِم للوصيات ، كما كان جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله خاتِماً للنبوّات.

أبوه عليه السّلام
هو الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل بيت النبوّة عليهم السّلام ، الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام.. الذي تعرّض للاستدعاء السلطوي مع أبيه الهادي عليه السّلام إلى سامرّاء ، وفُرضت عليه الإقامة الجبريّة والرقابة المشدّدة ، وتعرّض للسجن والاضطهاد ، ثمّ دُسّ له السمّ بأمرٍ من المعتمد العبّاسيّ فاستُشهد في الثامن من ربيع الأوّل سنة 260 هجريّة ، وابنه المهديّّ عليه السّلام لم يتجاوز إذ ذاك سنته الخامسة بعد. ولكنّه عليه السّلام قبل أن يُستشهد نصّ على إمامة ولده الحجّة عليه السّلام في مواقف عديدة ، منها ما رواه أحمد بن إسحاق الأشعريّ ، وكان الإمام العسكريّ عليه السّلام قد قال له :
ـ يا أحمد ، لولا كرامتُك على الله عزّوجلّ وعلى حُجَجه ما عرضتُ عليك ابني هذا.
وكان الإمام العسكريّ عليه السّلام ـ كما ينقل أحمد بن إسحاق ـ قد نهض مسرعاً فدخل البيت ، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر ، وهو من أبناء ثلاث سنين.
ومنها ما نقله محمّد بن عثمان العَمْريّ وقد سأل الإمامَ العسكريّ عليه السّلام : يا ابن رسول الله ، فمَن الحُجّة والإمام بَعدك ؟ فدلّه الإمام على حجّة الله بعده قائلاً : ابنيّ محمد هو الإمام بعدي ، مَن مات ولم يعرف مات مِيتةً جاهليّة. أما إنّ له غيبةً يَحار فيها الجاهلون ، ويَهلِك فيها المُبطلون ، ويكذب فيها الوقّاتون ، ثمّ يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البِيض تَخفِق فوق رأسه بنجف الكوفة.


روى الشيخ القندوزيّ الحنفيّ عن الإمام الصادق عليه السّلام في تعريفه بالإمام المهديّّ عليه السّلام أنّه قال : يُقال لأُمّه « نرجس ».
وحسبما صرّح به بعض الرواة أنّها بنت ( يشوعا ) بن قيصر ملك الروم. وهي من ولْد الحواريّين ، إذ أُمّها ينتهي نسبها إلى ( شمعون ) أحد أوصياء السيّد المسيح عيسى عليه السّلام وأحد حواريّيه.
وكانت هذه السيّدة الزكيّة من سيّدات نساء المسلمين في عفّتها وإيمانها وطهارتها ، فعاشت مكرّمة في بيت زوجها الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام ، ويكفيها شرفاً وفخراً وسموّاً أنّها كانت وعاءً طاهراً لخاتم الأوصياء وحجّة الحقّ الإمام المهديّّ عليه السّلام ، متحمّلة المشاقّ وأجواء الإرهاب العبّاسيّ والسجن والاضطهاد من قِبل السلطة التي كانت تبحث عن الخلَف لتقضي عليه.
ونقل الرواة أسماءً كريمة لهذه السيّدة المعظّمة كانت تُسمّى بها بين الحين والآخر ، لا سيّما بعد حملها بحجّة الله الإمام الخاتِم عليه السّلام.
ومن تلك الأسماء :
1 ـ مليكة.
2 ـ سَوسن.
3 ـ ريحانة.
4 ـ نرجس.
5 ـ صَقيل.
6 ـ خمط.
وقد جاء الثناء عليها من قِبل أئمّة الهدى عليهم السّلام قبل أن تُخلق ، كما في خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام يخاطبِ فيها حفيده المهديّّ عليه السّلام عبر الغيب : يا ابنَ خِيرةِ الإماء.. أبشِرْ بنصرٍ قريب من ربّ رحيم. وفي تعريف الإمام جعفر الصادق عليه السّلام به قائلاً : هو الخامس من ولد ابني موسى ( أي الكاظم ) ، ذلك ابن سيّدة الإماء..


ذكَرتْها مصادر عامّة وخاصّة ، وعلماء كثيرون ، منهم :
الشيخ خواجه محمّد پارسا ، إذ يقول في ( فصل الخطاب ) : أبو محمّد الحسن العسكريّ ، ولده محمّد المنتظر المهديّّ رضي الله عنهما ، معلوم عند خاصّة أصحابه وثقات أهله. ويُروى أنّ حكيمة بنت أبي جعفر محمّد الجواد التقيّ كانت عمّة أبي محمّد الحسن العسكريّ تُحبّه وتدعو له ( أي للإمام العسكريّ ) ، وتتضرّع إلى الله تعالى أن يرى ولدَه. فلمّا كانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين ، دخلت حكيمة عند الحسن العسكريّ فقال لها : يا عمّة ، كوني الليلةَ عندنا لأمر ، فأقامت.
فلمّا كان وقت الفجر اضطربَت نرجس ، فقامت إليها حكيمة فوَضَعت نرجس المولودَ المبارك ، فلمّا رأته حكيمة أتت به أبا محمّد الحسن العسكريّ رضي الله عنهم وهو مختون ، فأخذه ومسح بيده على ظهره وعينيه ، وأدخل لسانه في فيه ، وأذّن في أُذنه اليمنى وأقام في الأُخرى ثمّ قال : يا عمّة ، إذهبي به إلى أمّه. قالت حكيمة : فذهبتُ به ورَدَدته إلى بين يديه وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي.
فقلت : يا سيّدي ، هل عندك من علم في هذا المولود المبارك ؟ فقال : يا عمّة ، هذا المنتظَر الذي بُشِّرنا به. قالت حكيمة : فخررتُ لله ساجدةً شكراً على ذلك. ثمّ كنت أتردّد إلى أبي محمّد الحسن فلا أرى المولود ، فقلت : يا مولاي ، ما فعل سيّدنا ومنتظَرنا ؟ قال : استودَعناه اللهَ الذي استودَعَتْه أُمُّ موسى عليهما السّلام ابنَها.
قال الشيخ محمّد پارسا : وقالوا : آتاه الله تبارك وتعالى الحكمة وفصل الخطاب في طفوليّته ، وجعله آية للعالمين كما قال تعالى : يا يَحيى خُذِ الكتابَ بقوّةٍ وآتَيناهُ الحُكمَ صبيّا ، وقال تعالى : قالوا : كيف نكلّمُ مَن كانَ في المَهدِ صبيّا * قال : إنّي عبدُالله آتانيَ الكتابَ وجَعلَني نبيّا. وطوّل الله تبارك وتعالى عمره كما طوّل عمر الخضر عليه السّلام.
وفي رواية أُخرى ينقلها الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ أنّ حكيمة قالت : فاستقمتُ ونمتُ ، ثمّ قمت وقت السحَر وقرأتُ آلم السجدة ويس ، فاضطربَت نرجس ، فكشفتُ الثوبَ عنها فإذا بالمولود ساجداً ، فنادى أبو محمّد : هَلُمّي إليّ ابني يا عمّة. فجئتُ به إليه ، فوضع قدمَيه على صدره وأدخل لسانه في فيه وأمرّ يده على عينيه وأُذنه ومفاصله ، ثمّ قال : تكلّم يا بُنيّ ، فقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله صلّى الله عليه وآله.. ثمّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمّة إلى أن صلّى على أبيه.
ثمّ قال أبو محمّد ( الإمام العسكريّ ) : يا عمّة ، إذهبي به إلى أُمّه يسلّم عليها وائتيني به. فذهبتُ به فسلّم على أُمّه ، ثمّ ردَدتُه فوضعته عنده ، فقال : يا عمّة ، إذا كان يومُ السابع ائتينا. فلمّا كان يوم السابع جئتُ فقال لي : يا عمّة ، هلمّي إليّ ابني. فجئت به ففعل به كفعله الأوّل وقال : تكلّم يا بُنيّ. فشهد الشهادتين وصلّى على آبائه واحداً بعد واحد ، ثمّ تلا : ونُريدُ أن نَمُنَّ على الذين استُضعِفوا في الأرضِ ونجعلَهُم أئمّةً ونجعلَهمُ الوارثين.
ثمّ قال الشيخ الشيخ القندوزيّ الحنفيّ : فالخبر المعلوم المحقَّق عند الثقات أنّ ولادة القائم عليه السّلام كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين في بلدة سامرّاء.
وأكّد ذلك الشيخ عبدالله بن محمّد الشبراويّ الشافعيّ لدى تعرّضه لحياة الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام ، قائلاً : ويكفيه شرفاً أنّ الإمام المهديّّ المنتظر من أولاده ، فللّه دَرُّ هذا البيت الشريف ، والنسب الخضمّ المُنيف!.. إلى أن قال : وخلّف بعده ولدَه ، وهو الثاني عشر من الأئمّة ، محمّد الحجّة الإمام ، وُلد بسُرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة 255 قبل وفاة أبيه بخمس سنين. وكان أبوه قد أخفاه حين وُلد وستر أمره؛ لصعوبة الوقت وخوفه من الخلفاء العبّاسيّين ، فإنّهم كانوا في ذلك الوقت يتطلّبون الهاشميّين ويقصدونهم بالحبس والقتل ويرون إعدامهم..
وهناك روايات خاصّة تذكر أنّ حكيمة غُمِرت بموجات الفرح حين قال لها ابن أخيها الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام : يا عمّة ، اجعلي الليلة إفطارك عندي ، فإنّ الله عزّوجلّ سيَسرُّكِ بوليّه وحجّته على خَلقه ، خليفتي من بعدي. قالت : جُعِلتُ فداك يا سيدي ، الخلَف ممّن ؟! قال : مِن سوسن.
فنظرت السيدة حكيمة إليها فلم ترَ عليها أثراً للحمل ، فقالت : إنها غير حامل! فتبسّم عليه السّلام وقال لها : إذا كان وقت الفجر يظهر لكِ بها الحَبَل ، فإنّ مَثَلها مَثَل أُمّ موسى لم يظهر بها الحبَل ، ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها؛ لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحُبالى في طلب موسى ، وهذا نظير موسى..
وقال عليه السّلام : زعم الظلَمة أنهم يقتلوني ليقطعوا هذا النسل ، فكيف رأوا قدرة الله ؟!.
وأمر عليه السّلام بعد ولادة وليده المبارك بشراء كميّات كبيرة من اللحم والخبز فوُزّعت على فقراء سامراء ، كما عقّ عنه بسبعين كبشاً ، وبعث أربعة منها إلى أحد أصحابه ، وكتب إليه بعد البسملة : هذه من عقيقة ابني محمّد.
قال أبو غانم الخادم : وُلد لأبي محمّد عليه السّلام ولد فسمّاه محمّداً ، فعرضه على أصحابه يوم الثالث وقال : هذا صاحبكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ، وهو القائم الذي تمتدّ إليه الأعناق بالانتظار ، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلا.
وخاطب عمّته السيّدة حكيمة : رُدّيه إلى أُمّه ، واكتمي خبر هذا المولود ، ولا تُخبري به أحداً حتّى يبلغ الكتابُ أجَلَه.
وكان الشيعة قد تباشروا بولادة الإمام المهديِّّ عليه السّلام وغمرتهم المَسرّات. ومن الذين بُشّروا به : حمزة بن أبي الفتح ، فقد قيل له : البُشرى ، وُلد البارحة مولود لأبي محمّد ، وأمر بكتمانه ، فقال : وما اسمه ؟ فقيل له : سُمّي بمحمّد وكُنّي بأبي جعفر.
وقد أعلم الإمام العسكريّ عليه السّلام ثقات أصحابه بمولوده المبارك وأشهدهم وأشار إلى إمامته من بعده.. ومن هؤلاء : عليّ بن بلال ، وأبو هاشم الجعفريّ ، وأبو طاهر البِلاليّ ، ومحمّد بن إبراهيم الكوفي ، وأبو عمرو ، وأحمد بن إسحاق القمّيّ ، وعقيد الخادم ، والحسن بن الحسين العلويّ.. وآخرون.
هذا ، ليتعرّفوا على إمامهم ، فلا يجحده جاحد ، ولا يشكّ في وجوده مرتاب ، وقد روى كلٌّ مِن : معاوية بن حكيم ، ومحمّد بن أيّوب ، ومحمّد بن عثمان.. قالوا : عَرَض علينا أبو محمّد الحسن بن عليّ عليه السّلام ولدَه ونحن في منزله ، وكنّا أربعين رجلاً ، فقال : ـ هذا إمامكم مِن بَعدي ، وخليفتي عليكم. أطيعوه ، ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم لتهلكوا ، أما إنّكم لا تَرَونه بعد يومكم هذا..


روى أبو داود بسنده عن أبي سعيد الخُدريّ قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : المهديّّ منّي ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف.
كما رُوي عن النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم في وصف وصيّه الآخِر وحفيده المنتظر روايات عديدة ، جاء فيها أنّه : أشَمّ الأنف ، أجلى أقنى ، أجلى الجبين ، أفرَق الثَّنايا ، أعلى الجبهة ، أزَجّ أبلَج أعيَن ، كثّ اللحية ، أكحَل العينَين ، بَرّاق الثنايا ، في وجهه القدسيّ خال ، وفي كتفه علامة النبيّ صلّى الله عليه وآله.
وروى أبو عبدالله محمّد بن يوسف الكنجيّ الشافعيّ في ( البيان في أخبار صاحب الزمان ص 96 ) بسنده عن حذيفة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : المهديّّ من وُلْدي ، وجهه كالكوكب الدُّرّيّ ، اللون لونٌ عربيّ ، والجسم جسم إسرائيليّ. قال الشيخ المجلسيّ : المراد من قوله جسمه جسم إسرائيليّ ، أي طويل القامة ، عظيم الجثّة. والمراد من قوله : كالكوكب الدُّريّ ، أي مضيء كما أنّ الكوكب يُضيء. وقيل أيضاً في معنى التشبيه بالجسم الإسرائيليّ ـ نسبة إلى بني يعقوب عليه السّلام ـ : أنّه حنطيّ اللون ، مستقيم القامة ، أقرب إلى الطول منه إلى القِصر.
• فيما روى الشيخ جمال الدين يوسف بن عليّ المَقْدسيّ الشافعيّ ، بسنده عن أبي عبدالله الحسين بن عليّ ، قال : لو قام المهديّّ لأنكره الناس؛ لأنّه يرجع إليهم شابّاً موفّقاً ، وإنّ من أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم شابّاً وهم يظنّونه شيخاً كبيرا.
• وقد وصفه أمير المؤمنين عليه السّلام جدّه فقال : إنّه أجلى الجبين ، أقنى الأنف.. ، أبلج الثنايا ، بفخذه اليُمنى شامة.
• وفي خطبة له عليه السّلام رواها عنه حفيده الإمام محمّد الباقر عليه السّلام أنّه قال وهو على المنبر : يخرج رجل من وُلْدي في آخر الزمان ، أبيض اللون ، مُشرَب بالحمرة ، عريض الفخذين ، عظيم مُشاش المنكبين ، شامة على لون جلده ، وشامة على شبه شامة النبيّ صلّى الله عليه وآله.
• وروى ابن مسعود وحذيفة أن النبيّ صلّى الله عليه وآله وصف المهديّّ صلوات الله عليه وآله فقال : خَلْقه خَلْقي. كما روى جابر الأنصاريّ أنّه صلّى الله عليه وآله قال : أشبه الناس بي خَلْقاً وخُلقاً.
فهو سلام الله عليه أشبه الناس حُسناً برسول الله صلّى الله عليه وآله ، وأجمل الناس وجهاً وأحسنهم سَمْتاً ، قد أشرق وجهه بنور الإمامة.. وقد وصف واصف ـ وأنّى له إدراك جمال المولى المهديّّ صلوات الله عليه! ـ فقال :

طَلَع الجمالُ بوجهـهِ الوضّـاحِ رشأٌ كأن جبيـنه صـبـحٌ بـدا ناشدتُه : أنت الهلال ؟ أجـابني : لم أدرِ مِن لطفٍ تكوّن جسمُـهُ ماءُ الشبـابِ بخـدّهِ مُتَرقـرقٌ قد قلت لما أن تـجلّى وجـههُ : وسَرى النسيمُ بوجهـهِ الفَيّـاحِ أو أنّـه نـورٌ لـكـلِّ صبـاحِ طَوقُ الهلال يكون نقشَ وشاحي أم أنّـه مِـن عـالَـم الأرواحِ كزجاجةٍ ضُمّت على مصـباحِ سبحانَ ربّي خالق الإصبـاحِ!


• وفي الروايات الخاصّة أنّ عمر بن الخطّاب سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن المهديّّ ما صفته ؟ فقال : هو شابّ مربوع ، حسن الوجه ، حسن الشعر ، يسيل شعره على منكبيه ، ويعلو نورُ وجهه سوادَ لحيته ورأسه.
• وفي ذكر علامته عجّل الله تعالى فرَجَه ، قال الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام : علامته أن يكون شيخَ السنّ ، شابَّ المنظر ، حتّى أنّ الناظر إليه لَيحسبه ابن أربعين سنةً أو دونها ، وإنّ من علاماته أن لا يهرم بمرور الأيّام والليالي عليه حتّى يأتيَ أجله.
• وفي جملة الروايات المتعرّضة لأوصافه الشريفة جاءت هذه العبارات في ( بحار الأوار ـ ج 51 ) : أنّه ناصح اللون ، واضح الجبين ، أبلَج الحاجب ( أي مفترِّقه ) ، مسنون الخدّ ( أي طويله ) ، أقنى الأنف ( أي مستويه ) ، أشمّ ( أي مرفوع الرأس ) ، أروَع ( أي يُعجبك بحُسنه ) ، كأنّ صفحة غُرّته كوكب دُرّيّ ، بخدّه الأيمن خال ، وبرأسه وَفرَة ( وهي ما سال من الشعر على الأُذن ) ، له سَمت ، ما رأت العيون أقصدَ منه ، ولا أعرف حُسناً وحياءً.
أمّا عناصره الروحيّة والمعنوية فلها شرح يطول إذا تناول : سعةَ علومه ، وزهدَه ، وصبره ، وعبادته ، وشجاعته ، وصلابته في الحقّ ، وسخاءه.. وقد كان نقش خاتمه : « أنا حُجّته وخاصّته ». وهو بحقّ كذلك ، إذ هو المعصوم الرابع عشر ، والإمام الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله وخلفائه.


سؤال : هل نزلت آيات في القرآن الكريم تشير إلى الإمام المهديّّ عليه السّلام ولو على نحو التلميح والتأويل ؟
الجواب : نعم.. هنالك أكثر من 130 آية شريفة مُؤّولة في الإمام الحجّة المنتظر سلام الله عليه ، جمعها المحدّث السيّد هاشم البحرانيّ في كتابه : ( المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة عليه السّلام ) ، كما أشار إلى بعضها علماء العامّة في مصادر عديدة ، مِن ذلك :
• في ظلّ قوله تبارك وتعالى : وإنْ مِن أهلِ الكتابِ إلاّ لَيُؤمِنَنَّ به قبلَ مَوتِه ويومَ القيامةِ يكونُ عليهم شهيدا.. روى الشيخ القندوزيّ الحنفيّ : عن محمّد بن مسلم ، عن محمّد الباقر رضي الله عنه قال : إنّ عيسى عليه السّلام ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا ، فلا يبقى أهل ملّة ، يهوديٌّ ولا غيرُه ، إلاّ آمنوا به قبل موته ، ويصلّي عيسى خلف المهديّّ عليه السّلام.
• وفي ظلّ الآية المباركة : هو الذي أرسلَ رسولَهُ بالهُدى ودِينِ الحقِّ لِيُظهِرَهُ على الدينِ كلِّهِ ولو كرِهَ المشركون.
روى القندوزيّ الحنفيّ أيضاً : عن أبي بصير ، عن سماعة ، عن جعفر الصادق رضي الله عنه : واللهِ ما يجيء تأويلها حتّى يخرج القائم المهديّّ عليه السّلام ، فإذا خرج القائم لم يبقَ مشرك إلاّ كره خروجه ، ولا يبقى كافر إلاّ قُتل.
• وتحت قوله عزّ من قائل : ولَئن أخّرْنا عنهمُ العَذابَ إلى أُمّةٍ معدودة عن الباقر والصادق رضي الله عنهما قالا : إنّ الأُمّة المعدودة هم أصحاب المهديّّ في آخر الزمان ، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعِدّة أهل بدر ، يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف.
• وفي قوله جلّ وعلا : ولقد كتَبْنا في الزَّبورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أنّ الأرضَ يَرِثُها عباديَ الصالحون ، عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السّلام قالا : همُ القائمُ وأصحابه.
• وروى أبو الجارود عن الإمام الباقر سلام الله عليه أنّه قال في ظلّ الآية الشريفة : الذينَ إنْ مكّنّاهُم في الأرضِ أقامُوا الصلاةَ وآتَوُا الزكاةَ وأمَروا بالمعروفِ ونَهَوا عن المنكرِ وللهِ عاقبةُ الأُمور : هذه الآية نزلت في المهديّّ وأصحابه ، يُملّكهمُ الله مشارق الأرض ومغاربها ، ويُظهِر اللهُ بهم الدينَ حتّى لا يُرى أثر من الظلم والبِدع.
وإذا وقفنا عند قوله تعالى : ونُريدُ أن نَمُنَّ على الذينَ استُضعِفوا في الأرضِ ونجعلَهُم أئمّةً ونجعلَهمُ الوارثين ، نسمع أمير المؤمنين عليّاً عليه السّلام يقول : هم آلُ محمّد ، يبعث اللهُ مهديَّهم بعد جَهدهم ، فيُعزّهم ويُذِلّ عدوَّهم.
• وقد نقل ابن حجر في ( الصواعق المحرقة ص 96 ) ، والصبّان في ( إسعاف الراغبين ص 56 ) عن مُقاتل بن سليمان ومَن تبعه من المفسرين أنّهم قالوا في ظلّ الآية الكريمة : « وإنّه لَعِلمٌ لِلساعة » : ـ إنّ هذه الآية نزلت في المهديّّ.


سؤال : هل بلغت أحاديث المهديّّ المنتظر حدّ التواتر بحيث يُطمأنّ إليها ؟
الجواب : هو أنّ الأحاديث الشريفة حول هذا الإمام الهمام عليه السّلام قد تجاوزت التواتر بحيث احتلّت فصولاً كبيرة في مصادر المسلمين ، جُمعت في مجلّدات وموسوعات كثيرة وعديدة.. نورد بعضها :
1 ـ في ( الإرشاد ص 373 ) روى الشيخ المفيد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قوله : لن تنقضي الأيّام والليالي حتّى يبعث اللهُ رجلاً من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، يملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجورا.
2 ـ أخرج أحمد بن حنبل والترمذيّ وأبو داود وابن ماجة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لَبعث الله فيه رجلاً من أهل بيتي ، يملأها عدلاً كما مُلئت جورا.
3 ـ عن المعلّى بن زياد ، عن العلاء قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : أُبشّركم بالمهديّ ، يُبعَث في أُمّتي على اختلافٍ من الناس وزلازل ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض..
4 ـ عن سلمان الفارسيّ المحمّديّ قال : دخلتُ على النبيّ صلّى الله عليه وآله والحسينُ على فخذه ، وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول : إنّك سيّد ابن سادة أبو سادة ، إنّك إمام ابن إمام أبو أئمّة ، وإنّك حجّة ابن حجّة أبو حجج تسعة من صُلبك ، تاسعهم قائمهم.
5 ـ ورُوي عنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال : يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كاسمي وكنيته ككُنيتي ، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً ، فذلك هو المهديّّ.
إلى مئات ، بل آلاف الأخبار والروايات والأحاديث الشريفة التي جُمعت في كتب.


وهنّ عشرات ، نذكر أهمّها وأشهرها :
1 ـ أحوال صاحب الزمان ، سعد الدين الحمويّ.
2 ـ الأحاديث القاضية بخروج المهديّّ ، محمّد بن إسماعيل الصنعانيّ.
3 ـ أربعون حديثاً في المهديّّ ، أبو العلاء الهمدانيّ.
4 ـ أربعون حديثاً في المهديّّ ، الحافظ أبو نعيم الإصفهانيّ.
5 ـ البيان في أخبار صاحب الزمان ، الكنجيّ الشافعيّ ـ طبع في النجف الأشرف 1382 هـ
. 6 ـ البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان ، المتّقي الهنديّ.
7 ـ البيانات عن المهديّّ ، المورديّ.
8 ـ التوضيح في تواتر ما جاء في المهديّّ المنتظر والدجّال المسيح ، الشوكانيّ.
9 ـ تلخيص البيان في علامات مهديّ آخر الزمان ، ابن كمال باشا الحنفيّ.
10 ـ جمع الأحاديث الواردة في المهديّّ ، أبو بكر بن خيثمة.
11 ـ العَرف الورديّ في أخبار المهديّّ ، جلال الدين السيوطيّ.
12 ـ عقد الدرر في أخبار المنتظر ، المقدسي الشافعيّ.
13 ـ علامات المهديّّ ، جلال الدين السيوطيّ.
14 ـ الغيبة ، النعماني.
15 ـ الغيبة ، الشيخ الطوسيّ.
16 ـ الغيبة ، الشيخ المفيد.
17 ـ فرائد فوائد الفكَر في المهديّّ المنتظر ، مرعي بن يوسف الكرميّ الحنبليّ.
18 ـ القطر الشهديّ في أوصاف المهديّّ ، منظومة شهاب الدين أحمد بن أحمد بن إسماعيل الحلواني الشافعيّ ـ مطبعة المعاهد بمصر 1345 هـ.
19 ـ القول المختصر في علامات المهديّّ المنتظر ، ابن حجر.
20 ـ كتاب المهديّّ ، لأبي داود صاحب السنن وأحد أصحاب الصحاح الستّة.
21 ـ المهديّّ ، لابن قيّم الجوزية.
22 ـ المهديّّ إلى ما ورد في المهديّّ ، لابن طولون.
23 ـ المشرب الورديّ في أخبار المهديّّ ، الملاّ علي القاري الحنفيّ.
24 ـ النجم الثاقب في بيان أنّ المهديّّ من أولاد عليّ بن أبي طالب.
25 ـ الهديّة المهدويّة ، أبو الرجاء محمّد هندي.


نعم ، هنالك دلائل وافرة في وجود الإمام المهديّّ سلام الله عليه ، منها :
1. عدّ بعضهم خمسين صحابيّاً معروفاً ، كانوا قد رَوَوا أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وآله في الإمام المهديّّ عليه السّلام.. منهم : أبو أيوّب الأنصاريّ ، وأبو ذرّ الغفاريّ ، وأبو سعيد الخُدريّ ، وأبو هريرة ، وأُمّ سلمة ، وأنس بن مالك ، وجابر الأنصاريّ ، والجارود بن المنذر ، وحذيفة بن اليمان ، والإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السّلام ، وزيد بن أرقم ، وسلمان الفارسيّ ، وعائشة ، والعبّاس بن عبدالمطلّب ، وعبدالرحمن بن عوف ، وعبدالله بن عباس ، وعبدالله بن عمر ، وعبدالله بن مسعود ، وعثمان ، والإمام عليّ عليه السّلام ، وعمّار بن ياسر ، وعمر بن الخطّاب ، وفاطمة الزهراء عليها السّلام ، ومعاذ بن جبل.. وغيرهم ، جاءت أسانيدهم في عشرات المصادر وعيون الأخبار ، ثمّ أخذ عنهم التابعون.. وهكذا.
2. ذكر الشيخ القندوزيّ الحنفيّ في ( ينابيع المودّة 460 ـ 461 ) جماعةً ممّن رأى المهديّّ عليه السّلام في زمان حياة والده عليه السّلام ، وهم : أبو غانم الخادم ، وعمر الأهوازيّ ، والخادم الفارسيّ ، ويعقوب بن منفوس ، وأبو الأديان ، وسنان الموصليّ.. وآخرون.
فيما ذكر الطبرسيّ آخرين في كتابه ( إعلام الورى 218 : 1 ) ، وهم : محمّد بن إسماعيل بن موسى الكاظم عليه السّلام ، وأبو نصر ظريف الخادم ، وأحمد بن إسحاق ، وخادمة لإبراهيم بن عبدة النيسابوريّ ـ وكانت من الصالحات ـ قالت : كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا ، فجاء صاحب الأمر حتّى وقف معه ، وقبض على كتاب مناسكه وحدّثه بأشياء.
وذكر أيضاً إبراهيم بن إدريس ، وآخرين. ثمّ قال الطبرسيّ : ولو ذكرنا جميع أسماء من رآه عليه السّلام لطال الكتاب ، واتّسع الخطاب ، وسيأتي ذكر بعضهم فيما يأتي من الكتاب.
3. اعترف جماعة من العلماء والمحدّثين بحقيقة وجود الإمام المهديّّ عليه السّلام وحياته المباركة وطول عمره الشريف ، وأنّه حيّ مرزوق ، أو ـ على أقلّ الفروض ـ مخلوق مولود من الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام ، ومن هؤلاء نذكر على سبيل المثال :
محمّد بن طلحة الشافعيّ في كتابه ( مطالب السَّؤول في مناقب آل الرسول 79 : 2 ) قال فيه بعد أن ذكر نسبه ومدحه : أمّا مولده ففي ( سُرّ من رأى ) في 23 شعبان سنة 258 هـ. وهذا رأيه ، فيما أكّد محيي الدين بن عربيّ في ( الفتوحات المكيّة ـ المجلد الثالث ص 28 ـ 41 ) أنّه وُلد وسوف يظهر ، وأورد فيه عدّة أحاديث نبويّة ، وهذه الأبيات الجذّابة :

ألا إنّ ختـم الأوليـاء شـهيـدُ هو السيّد المهديّّ من آل أحـمدٍ هو الشمس يجلو كلَّ غمٍّ وظُلمةٍ وعيـن إمـام العالميـن فقيـدُ هو الصارم الهنديّ حيـن يبـيدُ هو الوابل الوسميّ حين يـجودُ


وممّن أقرّ بحقيقته سلام الله عليه أيضاً : ابن الصبّاغ المالكيّ في كتابه ( الفصول المهمّة ) ذاكراً نسبه وتاريخ ولادته ، ودلائل إمامته ، وطُرفاً من أخبار غيبته. وكذا ابن الأثير في ( الكامل 373 : 5 ) ، إلاّ أنّه ذكر سنة 232 هـ تاريخاً لمولده الشريف. كذلك سبط ابن الجوزيّ في ( تذكرة خواصّ الأئمّة ) قائلاً : كنيته أبو عبدالله وأبو القاسم ، وهو الخلَف الحجّة ، صاحب الزمان ، القائم والمنتظر والتالي ، وهو آخر الأئمّة. وأبو الفداء في ( تاريخه 52 : 2 ) ذاكراً تاريخ مولده سنة 235 هـ. والقرمانيّ في ( أخبار الدول 117 ) ، وقد وصفه. وابن خلِّكان في ( وَفَيات الأعيان 451 : 2 ) ويرى ولادته يوم الجمعة سنة 255 هـ ولكن في منتصف شهر رمضان لا منتصف شعبان. والذهبيّ في ( تاريخ دول الإسلام 115 : 5 ). والرفاعيّ في ( صحاح الأخبار ). والشبلنجيّ في ( نور الأبصار 152 ) وقد فصّل الحديث حول نسبه وألقابه وأوصافه. وخير الدين الزركليّ في ( الأعلام 309 : 6 ـ 310 ) ذكره ذكراً تاريخيّاً واضحاً. والبيهقيّ في ( شُعب الإيمان ) قائلاً : لا امتناعَ في طول عمره ، وامتداد أيّامه كعيسى بن مريم والخضر. والشعرانيّ في ( اليواقيت والجواهر ج 2 ـ المبحث الخامس والستّون ) في بيان أشراط الساعة. والصفديّ ، كما نقل القندوزيّ في ( ينابيع المودّة 471 ). ومحمّد البخاريّ في ( فصل الخطاب ). والسيّد أحمد دحلان في ( الفتوحات الإسلاميّة 322 : 2 ) رادّاً على من اعتقد أنّ المهديّ العباسيّ هو الإمام المنتظر ، قائلاً : مِن أظهر علاماته أنّه من وُلد فاطمة.. ومن المقطوع به أنّه لابدّ من ظهوره. ولم يَقُل لابدّ من مولده.
4. نقل الرواة مجموعةً من رسائل الإمام المهديّّ عليه السّلام كان قد بعثها في غيبته الصغرى ، تضمّن بعضها وصايا وبعضها أجوبة عن المسائل الشرعية. كان منها :
أ ـ رسالته إلى محمّد بن إسحاق.
ب ـ كتابه إلى محمّد بن إبراهيم بن مهزيار.
ج ـ كتابه إلى إسحاق بن يعقوب.
د ـ كتابه إلى جماعة من الشيعة وقع بينهم خلاف في الإمامة.
هـ ـ رسالته إلى عثمان بن سعيد العَمْريّ وابنه محمّد.
و ـ رسالته إلى محمّد الأسديّ.
ز ـ رسائله الثلاث إلى الشيخ المفيد.
هذا ، إضافة إلى أجوبة الإمام المهديّّ عليه السّلام عن مسائل عديدة ، كان منها : مسائل محمّد بن عبدالله بن جعفر الصادق عليه السّلام ، ومسائل محمّد بن عبدالله الحِميَريّ.. قد تضمّنت عشرات المواضيع الفقهيّة.
هذا ، إلى العديد ممّا صدر من توقيعاته المباركة ذكرها الشيخ الصدوق في ( كمال الدين 483 ) ، والشيخ الطوسيّ في ( الغَيبة 290 ) ، والطبرسيّ في ( الاحتجاج 469 ) ، وقطب الدين الراونديّ في ( الخرائج والجرائح 113 : 3 ).. وكان من تلك التوقيعات الشريفة :
ـ وأمّا ظهور الفَرَج فإنّه إلى الله تعالى ذِكره ، وكذب الوقّاتون.
ـ وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجّة الله.
ـ وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السَّحاب ، وإنّي لأمانٌ لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء.


وهم ـ من مولده سلام الله عليه إلى بدء غيبته الكبرى ـ ثمانية :
1 ـ المهتدي العبّاسيّ ( 255 ـ 256 هـ ).
2 ـ المعتمد العبّاسيّ ( 256 ـ 279 هـ ).
3 ـ المعتضد العبّاسيّ ( 279 ـ 289 هـ ).
4 ـ المكتفي العبّاسيّ ( 289 ـ 295 هـ ).
5 ـ المقتدر العبّاسيّ ( 295 ـ 320 هـ ).
6 ـ القاهر العبّاسيّ ( 320 ـ 322 هـ ).
7 ـ الراضي العبّاسيّ ( 322 ـ 329 هـ ).
8 ـ المتّقي العبّاسيّ ( 329 ـ 333 هـ ).

غيبتاه وسفراؤه
الغيبة الأُولى : وتسمّى بـ ( الغيبة الصغرى ) مدّتها 69 سنة ، نصب فيها سفراءه بينه وبين شيعته ، فكانوا يتّصلون به وتخرج توقيعاته وأجوبته ورسائله عن طريقهم. وهؤلاء السفراء هم :
1 ـ عثمان بن سعيد العَمْري ( ت 257 هـ ) الثقة الأمين ، أوّل سفراء الإمام المهديّّ عليه السّلام ، وكانت له خدمات جليلة للأئمّة الأطهار عليهم السّلام ، وعُرف بالوثاقة والكتمان. دُفن في بغداد بجانب الرصافة ، وله قبر يزوره المؤمنون. وقد أبّنه الإمام المهديّّ عليه السّلام تأبيناً تضمّن تقديره له والدعاء له والحزن عليه.
2 ـ محمد بن عثمان العَمْريّ ( ت 304 هـ ) وقد تولّى النيابة عن الإمام عليه السّلام بعد وفاة أبيه ( عثمان ). وكان من الأعلام في العلم والتقوى ، ومن ثقات الأصحاب وأعدلهم ، مدحه الإمام لعسكريّ عليه السّلام ومدح أباه. وقد تشرّف برؤية الإمام المهديّّ عليه السّلام لمّا حجّ بيت الله الحرام وهو متعلّق بأستار الكعبة في المستجار يدعو عليه السّلام : اللهمّ أنجِزْ لي ما وعدتني. وكان حَفرَ قبرَه بيده لمّا شعر بملاقاة الله تعالى ، فدخل فيه وتلا القرآن ، وأوصى أن يُدفنَ معه لوح صنعه فيه آيات وأسماء الأئمّة الطاهرين.
3 ـ الحسين بن روح ، أبو القاسم النوبختي ( ت 326 هـ ) النائب الثالث والسفير الثقة العدل الأمين. له مناظرات فاخرة مع المعاندين ، وكان قويّ الإرادة صُلباً في الحقّ ، إلاّ أنّه آثر التقيّة حفاظاً على مقدّسات الدين. تُوفّي في بغداد ودُفن في المكان المعروف اليوم بـ ( سوق الشُّورجة ) ، وله مزار شريف.
4 ـ عليّ بن محمّد السَّمَريّ ( ت 329 هـ ) وهو من عناصر التقوى والإيمان ، تقلّد النيابة العامّة للإمام المنتظر عليه السّلام بنصٍّ منه ، وهو آخر الوكلاء.. وقد أخبره الإمام سلام الله عليه بقرب وفاته ، في رسالة أوصاه فيها بأُمور.. أخرجها السمريّ للناس.
وبوفاة هذا السفير الرابع تبدأ :
الغيبة الثانية : وهي المُسمّاة بـ ( الغيبة الكبرى ) وقد بدأت سنة 329 هـ ، ولا تنتهي إلاّ بظهوره الشريف حين يأذن الله تعالى له بالخروج ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تُملأ ظلماً وجورا.
وتلك عقيدة الأديان الأخرين أيضاً ، إذ نادت بظهور المصلح العظيم في فكرةٍ مقدّسة توارثتها عقائد اليهوديّة والمسيحيّة وسواهما أنّ مصلحاً عظيماً سيخرج في آخر الزمان ، يقيم ما انهار من القيم الإنسانيّة والأخلاق ، ويُصلح ما فسد من شؤون الناس ، ويثبّت قوانين القسط والعدالة ، فيسود النعيم والأمان ربوع العالم ، ولا يبقى مظلوم أو فقير ، بعد أن يُقام على الظالمين والمفسدين أشدّ العقوبات وأحسمها.
وقد وردت إشارات في ذلك في أناجيل النصارى ، ومنها : إنجيل يوحنّا 5 / 25 ـ 28 ، وإنجيل لوقا 21 / 25 ـ 26 ، وإنجيل متّى 24 / 29 ، 25 / 6 ، 24 / 44.
وتبشّر هذه الأناجيل بعباراتها المتفرّقة بحتميّة ظهور السيّد المسيح الذي سينقذ المسيحين من المحن والاضطهاد ، وينقذ غيرهم من الواقع المرير الذي يعيشونه.
فيما يرى المسلمون أنّ المسيح عيسى عليه السّلام سيهبط إلى الأرض بعد الظهور وسيصلّي خلف الإمام المهديّّ عليه السّلام ، وذلك لروايات كثيرة ، منها :
• عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ خلفائي وأوصيائي اثنا عشر ، أوّلهم أخي وآخِرهم ولدي. قيل : يا رسول الله ، مَن أخوك ؟ قال : عليّ بن أبي طالب ، قيل : مَن ولَدُك ؟ قال : المهديّّ الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً. والذي بعثني بالحقّ بشيراً ، لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لَطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدي المهديّّ ، فينزل عيسى بن مريم فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض بنور ربّها ، ويبلغ سلطانُه المشرق والمغرب.


مكتبوب عليها : البيعة لله.

ظهوره
في مكّة المكرّمة ، موسم الحجّ.

بيعته
بين الركن والمقام

أنصاره
ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، عددَ أهل بدر. وهم خواصّ أصحابه ، وأصحاب الألوية ، وعمّاله فيما بعدُ على الأمصار.

شهادته
ثبت بالأدلّة والنصوص الموثّقة أنّ الشهادة كانت من كرامة الله تعالى للنبيّ وآله صلوات الله عليه وعليهم ، فقد جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله : ما مِن نبيّ ولا وصيّ إلاّ شهيداً.
• وعن الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام أنّه قال : لقد حدّثني حبيبي وجدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّ الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته ، ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم.
• وعن الإمام الصادق عليه السّلام قال : واللهِ ما منّا إلاّ مقتول شهيد.
• وعن الإمام الرضا عليه السّلام قال : ما منّا إلاّ مقتول.
و ( منّا ) ـ بلا شكّ ـ تشمل الإمامَ المهديّّ سلام ربّنا عليه. ومن هنا قرأنا في النصوص الواردة عن الإمام الباقر عليه السّلام في قصّة الظهور : ثمّ يخرج المنصور إلى الدنيا فيطلب دمَه ودم أصحابه ( أي دم الإمام المهديّّ عليه السّلام ).
فيما جاء في رواية المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السّلام إذ قال له : ثمّ لَكأنّي أنظر يا مفضّل إلينا معاشرَ الأئمّة بين يدَي رسول الله صلّى الله عليه وآله نشكو إليه ما نزل بنا من الأُمّة بعده ، وما نالنا من التكذيب والردّ علينا... وقتلِهم إيّانا بالسمّ والحبس.
أماّ الشيخ عليّ اليزديّ الحائريّ فيذكر في كتابه ( إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب ص 190 ـ طبعة أصفهان سنة 1351 هـ. ش ) من شأن الاعتقاد بالغيبة والظهور قوله : فإذا تمّت السبعون سنة أتى الحجّةَ الموت ، فتقتله امرأة من بني تميم اسمها سعيدة بِجاوَنِ صخرٍ من فوق سطح وهو متجاوزٌ في الطريق.
السلام عليه يوم وُلد ، ويوم يظهر ، ويوم يُستشهد ، ويوم يُبعث حيّاً

 
نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
شاهد المكتبة الإسلامية في جوالك بشكل يلائم جميع أجهزة المحمولة.
خدمة الأوقات الشرعية
يمكنك باستخدام هذه الخدمة ، مشاهدة اوقات الصلاة واستماع صوت الأذان لمدينة خاصة في موقعك.