شبكة رافـد::التقويم الإسلامي

كيفية الصلاة في القطب الشمالي والجنوبي (1)

كيفية الصلاة في القطب الشمالي والجنوبي (1)

شبكة رافـد::التقويم الإسلامي
ان المولى يحب عباده أكثر من اي شخص آخر حتى من والدته التي نعرف عنها وعن تضحيتها لأجل ولدها فهو أرحم وألطف بهذا العبد منها، فلهذا جعل لنا طريق لكي نسير به حتى نصل للعبودية والكمال الذي جعله الغاية من خلق هذا البشر فقال تبارك وتعالى: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (1).
فجعل له واجبات ومحرمات لكي يعمل ويلتزم بأحدى ويترك ويتجنب الأُخرى وليكون الإنسان هو الذي يُعيّن درجته وإيمانه بنفسه حسب الشروط الذي جعلها المولى والكيفية التي صاغها للعبد، ومن ضمن الواجبات فريضة الصلاة المُحبّبة إلى النفوس.
فجعل لهذه الفريضة المقدسة أحكام وأوقات خاصة تربط الإنسان بالمولى، وكان مقصد الشارع المقدس في الصلاة هو ذكر الله تعالى وعدم نسيانه، وارتباط قلب المصلي بالله تعالى طوال الأربع والعشرين ساعة من خلال أوقات الصلاة المفروضة والموزعة عليها بدقة مع سنن ونوافل تشغل قلب الإنسان بالله تعالى، وهذا ما بيّنه القرآن الكريم في أكثر من آية، ومنها قوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (2) وقوله تعالى {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}(3).
وإذا أردنا أن نعرفَ أهمية العبادات ومدى تأثيرها على سلوك الإنسان لكي يصل إلى الكمال المطلوب منه، وما هي قيمة تلك العبادة يجب عليه الرجوع إلى العدل الثاني من القرآن الكريم وهم العترة الطاهرة، أحد الثقلين الذي خلّفه لنا رسول الله صلى الله عليه وآله؛ لكي لا ننحرف عن جادة الصواب حتى نضل.
عن زرارة، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: بُني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم ، والولاية.
قال زرارة: فقلت: وأي شيء من ذلك أفضل؟
فقال: الولاية أفضل لأنها مفتاحهن، والوالي هو الدليل عليهن.
قلت: ثم الذي يلي ذلك في الفضل؟ فقال: الصلاة، قلت: ثم الذي يليها في الفضل؟ قال: الزكاة لأنه قرنها بها، وبدأ بالصلاة قبلها، قلت: فالذي يليها في الفضل؟ قال: الحج، قلت: ماذا يتبعه؟ قال: الصوم.(4)
ثم بينوا لنا ما هي شروط صحة تلك العبادات وكيفيتيها ونحن في مجال بيان نوع خاص من أوقات الصلاة وهي كيفية الصلاة في قطبي الشمالي والجنوبي.
[هذه المسألة التي تقدمت وهي ان الذي يعيش في القطب الجنوبي أو الشمالي الذي نهاره ستة أشهر وليله ستة أشهر كيف يصلي وكيف يصوم؟
صاحب العروة عرض هذه المسألة وقال ان الإحتمالات فيها أربعة، واختار من بينهما الإحتمال الأول وهو ان صلاته وصومه على حسب البلدان المتعارفة فيصوم ويصلي بصلاتهم
وان الاحتمال الثاني يقول ان التكليف في هكذا مناطق ساقط عن هؤلاء الناس لأن التكليف منصرف الى الساكنين في البلدان المتعارفة من حيث النهار والليل
القول الثالث وقد اختاره السيد الحكيم وهو يقول ان الصوم يسقط عنه أما بالنسبة الى الصلاة فإنه يصلي الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء.
القول الرابع ان يكون تابعا للبلد الأول الذي كان فيه سابقاً فيصلي بصلاة بلده الأول ويصوم بصومهم
السيد الخوئي (قده) يقول ان هذه الإحتمالات الأربعة كلها باطلة لأنها لاتنسجم مع الروايات الواردة فان هذا الاحتمال خارج عن حدود الروايات الموجودة فهذه الأقوال ليس لها دليل
أما الإحتمال الأول والذي قد اختاره السيد اليزدي حيث يقول انه لابد ان يأخذ بلدة متعارفة ويحسب على حسابها كمكة مثلا او كربلاء او النجف فان القول الأول يقول ان الصلوات لها مواقيت معينة بينما هذا الفرض وهو من في القطب الشمالي عندما يصلي فانه ليس وقت معين فهو لم يصل الفجر في وقتها وكذا الظهرين وكذا العشائين لأنه لافجر ولازوال ولامغرب في القطب الجنوبي هذا مع ان الصلوات لها أوقات معينة وهذه الأوقات المعينة مفقودة عند من يصلي في القطب الشمالي أو الجنوبي فتكون صلاته في غير وقتها، فالاحتمال الأول لامقتضي له كما يقول السيد الخوئي
أما الاحتمال الثاني وهو الذي يقول بسقوط التكليف فان التكليف منصرف الى الساكنين في البلدان المتعارفة وهذه البلاد هي بلاد غير متعارفة فان يوم واحد عنده يعادل سنة كاملة، فهذا الاحتمال باطل كما يقول السيد الخوئي لأنه منافي لإطلاق الأدلة من الكتاب والسنة الناطقة بوجوب الصلاة والصوم لكافة الناس، نعم خرج منه المريض والمسافر بالنسبة للصوم والمغمى عليه والمجنون بالنسبة للصلاة لورود الدليل فيه لكن هذا الذي يعيش في القطب هو شخص بالغ عاقل ولاعلّة فيه فلابد من شمول التكليف له.
الإحتمال الثالث وقد اختاره السيد الحكيم وهو القائل بسقوط الصوم فقط دون الصلاة فهو منافي لاطلاق الادلة الواردة من الكتاب والسنة فان اطلاقات الأدلة الشاملة لهذا الانسان تنافي سقوط الصوم وحده فان قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(5) تعني وجوب الصوم على الناس فلايمكن القول بسقوط الصوم عنه فان موضوع الصوم لم ينعدم، وكذا ينافي بني الاسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية (6) فمنها الصلاة والصوم
أما قول السيد الحكيم بوجوب صلاة يوم واحد فهو قول باطل ايضا فان هذا اليوم خارج عن موضوع الأدلة لأن المنسبق من الأدلة هو اليوم المتعارف، فالاحتمال الثالث والذي قد اختاره السيد الحكيم قد أبطله السيد الخوئي
الاحتمال الرابع وهو ان من ذهب الى القطب الشمالي يراجع بلده الذي كان فيه من قبل فيصلي بصلاتهم ويصوم صيامهم، فيقول السيد الخوئي لامعنى لهذا القول فإن هذا الشخص قد ترك بلده ولامعنى لأن يصلي بصلاة بلده فإن اُفق بلده يختلف عن افق البلد الذي فيه والصلاة تكون حسب اُفق البلد الذي يكون فيه فعلاً
هنا قال السيد الخوئي: لايقال بانه يمكن هنا ان يستصحب بأن يقول ان هذا الشخص الذي كان سابقا في النجف الأشرف ويصلي باُفق النجف الاشرف فالآن أيضا يصلي حسب افق النجف الأشرف، فيجيب السيد الخوئي ويقول لايمكن هنا الاستصحاب فإن الحالة السابقة وهي الصلاة حسب اُفق النجف الأشرف قد انتفت يقينا بخروجه من النجف الأشرف ومع العلم بإنتفاء الحالة السابقة فلايمكن الإستصحاب](7).
ومن بعد ذلك يبيّن السيد الخوئي قدس سره رأيه سوف نذكره في البحث الآتي وللحديث صلة والحمد لله رب العالمين

للبحث صلة...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ القرآن الكريم: سورة الذاريات، الآية 56.
2ـ القرآن الكريم: سورة طه، الآية 14.
3ـ القرآن الكريم: سورة العنكبوت، الآية 45.
4ـ وسائل الشيعة: الشيخ الحر العاملي، ج1 ص 13، ط آل البيت.
5ـ القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 183.
6ـ وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص13، ط آل البيت.
7ـ الأستاذ الشيخ حسن الجواهري، بحث الفقة،35/03/23.
http://www.eshia.ir/feqh/archive/text/javaheri/feqh