شبكة رافـد::التقويم الإسلامي

حقيقة الإسراء والمعراج 2022

تحديد الليلة

هناك تسؤالات كثيرة عن ليلة الإسراء والمعراج 2022 وما يصح أن يعمل فيها ، ولقد كثر هذا التساؤل عن موعد هذه الليلة في مواقع التواصل الإجتماعيّة وخصوصاً في جوجل وتصدر قائمة البحث ، وهذا الأمر جيّد حيث يدلّ على الفطرة السليمة لدى الناس بحيث تبحث عن مواعيد مناسبات دينيّة إسلاميّة ، هناك قول عن وقوع الإسراء والمعراج في 27 من شهر رجب الأصب ، وتلبية للردّ على استفسارات المسلمين حول العالم على عمليّات البحث عن موعد ليلة الإسراء والمعراج 2022 إذ أنّه وفقاً للحسابات الفلكيّة يصادف الإسراء والمعراج في ليلة 27 رجب 1443 الموافق 28 فبراير الجاري يوم الأثنين على حساب في السعوديّة ، ووفقاً للحسابات الفلكيّة يصادف الإسراء والمعراج في ليلة 27 رجب 1443 الموافق 1 مارس الجاري يوم الثلاثاء على حساب في العراق. حدثت مناسبات عظيمة وذات أهميّة في شهر رجب الأصب ، وكانت لها أثر كبير على التاريخ الإسلامي. ومن جملة المناسبات العظيمة التي وقعت في أواخر هذا الشهر المبارك هي البعثة النبويّة ، ولهذه المناسبة تأثيرها الواضح على بداية الإسلام والمسلمين. وخصّص هذا اليوم وليلته بأعمال خاصّة ذكرت في كتب الأدعية والأحاديث الواردة عن المعصومين عليهم السلام ، وهناك قول يشير إلى وقوع الإسراء والمعراج في هذا اليوم المبارك وحيث يصادف 28 فبراير لسنة 2022 بتقويم الميلادي ، وهناك روايات مختلفة في تحديد ليلة الإسراء والمعراج ، وفي ما يلي نذكر أهمّ الأقوال :ليلة 17 ربيع الأول هجري يصادف 2021/11/22 ميلادي شهر نوفمبر ـ تشرين الثاني ـ. (1)

ليلة 27 رجب ، وبرأي الملّا فتح الله الكاشاني صاحب تفسير منهج الصادقين أن هذا أشهر الأقوال. 27/ 7/1443 هجري يصادف 28/2/2022 ميلادي شهر فبراير ـ شباط ـ. (2)

ليلة 17 رمضان هجري يصادف 18/ 4/2022 ميلادي شهر أبريل ـ نيسان ـ. (3)

إنّ قضية الإسراء والمعراج ثبتت في كتب الفريقين وهي حقيقة ثابتة لا يمكن الكلام فيها ، وورد في القرآن الكريم سورة باسم الإسراء تثبت أصل وقوع الحادثة. ولكن حصل الاختلاف بين المسلمون في يوم الوقوع ومكانه وكيفيّة عروج النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله إلى السماء ، وما حصل في الإسراء والمعراج ، وهل أسري به مرّة أو مرتين أو أكثر من ذلك ، وهل كان العروج بروحة أو بجسمه الطاهر ، ولعلّ يكون منشأ الاختلاف ناتج عن وقوع المعراج أكثر من مرة واحدة.

فهنا ننقل ما ورد في كتاب الخصال :

عن أبي عبدالله عليه السلام قال : عرج النبيُّ صلّى الله عليه وآله مائة وعشرين مرَّة من مرَّة إلّا وقد أوصى الله عزَّ وجلَّ فيها النبيَّ صلّى الله عليه وآله بالولاية لعليٍّ والائمّة عليهم السلام أكثر ممَّ أوصاه بالفرائض. (4)

علّة المعراج

عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام : لأي علة عرج الله بنبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى السماء ومنها إلى سدرة المنتهى ومنها إلى حجب النور وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان ؟ فقال : إن الله لا يوصف بمكان ولا يجرى عليه زمان ، ولكنه عزّ وجلّ أراد أن يشرّف به ملائكته وسكان سماواته ويكرمهم بمشاهدته ويريه من عجائب عظمته ، ما يخبر به بعد هبوطه ، وليس ذلك على ما يقوله المشبّهون سبحان الله وتعالى عمّا يصفون. (5)

ولم تتجاوز مدّة الإسراء والمعراج والعودة إلى مكّة المكرّمة أكثر من ليلة واحدة ، بحيث أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان في مكّة صباح اليوم التالي للإسراء ؛ فقد روى العيّاشي :

عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال : انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم صلّى العشاء الآخرة وصلّى الفجر في اللّيلة التي اسرى به بمكّة. (6)

في كتاب الله سورتان تتحدثان عن المعراج :

السورة الأولى هي سورة « الإسراء » وقد أشارت إلى القسم الأوّل من سفر الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ أي أشارت لإسرائه صلّى الله عليه وآله وسلّم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ـ وقد استتبع الإسراء بالمعراج.

السورة الثّانية التي أشارت للمعراج هي سورة « النجم » التي تحدثت عنه في ستّ آيات هي : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ ‎* لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ (7).

هذه الآيات تفيد حسب أقوال المفسّرين أنّ الإسراء والمعراج تمّا في حالة اليقظة ، وإنّ قوله تعالى : ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ ﴾‌ هو إثبات آخر لصحّة هذا القول. (8)

في الكتب الإسلاميّة المعروفة هناك عدد كبير جدّاً من الأحاديث والرّوايات التي جاءت حول قضيّة المعراج ، حتّى أنّ الكثير من علماء الإسلام يذهب إلى « تواتر » حديث المعراج أو اشتهاره ، وعلى سبيل المثال نعرض للنماذج الآتية :

ما قاله العلامة الطبرسي في تفسيره المعروف « مجمع البيان » :

قيل : نزلت الآية في إسرائه ، وكان ذلك بمكة ، صلى المغرب في المسجد الحرام ، ثم أسري به في ليلته ، ثم رجع فصلى الصبح في المسجد الحرام ، فأما الموضع الذي أسري إليه أين كان فإن الإسراء إلى بيت المقدس ، وقد نطق به القرآن ولا يدفعه مسلم ، وما قاله بعضهم : إن ذلك كان في النوم فظاهر البطلان ، إذ لا معجز يكون فيه ولا برهان. ، وقد وردت روايات كثيرة في قصة المعراج ، في عروج نبينا صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى السماء ، ورواه كثير من الصحابة مثل ابن عباس وابن مسعود وأنس وجابر بن عبد الله وحذيفة وعائشة وأم هانىء وغيرهم عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وزاد بعضهم ونقص بعض ، ... (9)

أمّا العلّامة « المجلسي » فيقول في « بحار الأنوار » ما نصّه:

وأقول : اعلم أنّ عروجه صلّى الله عليه وآله إلى بيت المقدس ثمّ إلى السماء في ليلة واحدة بجسده الشريف ، ممّا دلّت عليه الآيات والأخبار المتواترة من طرق الخاصّة والعامّة ، وإنكار أمثال ذلك أو تأويلها بالعروج الروحانيّ أو بكونه في المنام ينشأ إمّا من قلّة التتبّع في آثار الأئمّة الطاهرين ، أو من قلّة التديّن وضعف اليقين. (10)

اعمال ليلة الاسراء والمعراج

لم يورد في القرآن الكريم ولا في أحاديث الواردة عن النبي الأكرم وأهل بيته المعصومين أيّة أعمال مخصوصة من عبادة أو احتفال في خصوص ليلة الإسراء والمعراج ، وإنّ هناك قول من بعض المؤرّخين في السيرة النبويّة أنّ الليلة السابعة والعشرين من شهر رجب الأصب التي تصادف ليلة المبعث النبوي هي ليلة الإسراء ، ولم يصل لنا في أيّ يوم كان موعدها وقد يكون ذلك بسبب تكرّر الموقف ، وذكرت كتب الأدعية والأذكار أعمال خاصّة لليلة المبعث ويومه.

متى كان الاسراء و المعراج ؟

سماحة العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يوم السابع والعشرين من شهر رجب ، هل هو المعراج ؟ أم المبعث الشريف ؟!

نرجو التوضيح والسلام عليكم.

الجواب :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد.

فيما يتعلق بالسابع والعشرين من شهر رجب ، نقول :

إن الثابت من طرق أهل البيت عليهم السلام ـ وأهل البيت أدرى بما فيه ـ هو أن هذا اليوم هو يوم المبعث النبوي الشريف ، وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله ، يتيمن بيوم مبعثه ، وبيوم ولادة الإمام علي عليه السلام ، حسبما نقله لنا ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي.

وأما الإسراء والمعراج ، فقد كان في شهر رمضان المبارك.

وقد روي أيضاً : أنه كان في شهر ربيع الأول ، وكلا التاريخين صحيح ، فإن إسراءات النبي صلّى الله عليه وآله ، قد تعددت.

ويزعم أهل السنة أنه كان في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب. وهو غير صحيح.

والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين. (11)

دعاء المعراجِ

ومن ذلك دُعَاء المعْراج مرويّ عن النَّبيّ صَلَّى الله عليه وآله وهو :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ كُلُّ مَعْبُودٍ يَا مَنْ‌ يَحْمَدُهُ كُلُّ مَحْمُودٍ يَا مَنْ يُطْلَبُ عِنْدَهُ كُلُّ مَفْقُودٍ يَا مَنْ يَفْزَعُ إِلَيْهِ كُلُّ مَجْهُودٍ يَا مَنْ سَائِلُهُ غَيْرُ مَرْدُودٍ يَا مَنْ بَابُهُ عَنْ سُؤَالِهِ غَيْرُ مَسْدُودٍ يَا مَنْ هُوَ غَيْرُ مَوْصُوفٍ وَ لَا مَحْدُودٍ يَا مَنْ عَطَاؤُهُ غَيْرُ مَمْنُوعٍ وَلَا مَنْكُودٍ يَا مَنْ هُوَ لِمَنْ دَعَاهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ وَهُوَ نِعْمَ الْمَقْصُودُ يَا مَنْ رَجَاءُ عِبَادِهِ بِحَبْلِهِ مَشْدُودٌ يَا مَنْ لَيْسَ بِوَالِدٍ وَ لَا مَوْلُودٍ يَا مَنْ شِبْهُهُ وَمِثْلُهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ يَا مَنْ كَرَمُهُ وَ فَضْلُهُ لَيْسَ بِمَعْدُودٍ يَا مَنْ حَوْضُ بِرِّهِ لِلْأَنَامِ مَوْرُودٌ يَا مَنْ لَا يُوصَفُ بِقِيَامٍ وَلَا قُعُودٍ يَا مَنْ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ حَرَكَةٌ وَ لَا جُمُودٌ يَا اللهُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ يَا وَدُودُ يَا رَاحِمَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ يَعْقُوبَ يَا غَافِرَ ذَنْبِ دَاوُدَ يَا مَنْ لَا يُخْلِفُ الْوَعْدَ وَيَعْفُو عَنِ الْمَوْعُودِ يَا مَنْ رِزْقُهُ وَسَتْرُهُ لِلْعَاصِينَ مَمْدُودٌ يَا مَنْ هُوَ مَلْجَأُ كُلِّ مُقْصًى مَطْرُودٍ يَا مَنْ دَانَ لَهُ جَمِيعُ خَلْقِهِ بِالسُّجُودِ يَا مَنْ لَيْسَ عَنْ نَيْلِ وُجُودِهِ أَحَدٌ مَصْدُودٌ يَا مَنْ لَا يَحِيفُ فِي حُكْمِهِ وَيَحْلُمُ عَنِ الظَّالِمِ الْعَنُودِ ارْحَمْ عُبَيْداً خَاطِئاً لَمْ يُوفِ بِالْعُهُودِ إِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تُرِيدُ يَا بَارُّ يَا وَدُودُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ مَبْعُوثٍ دَعَا إِلَى خَيْرِ مَعْبُودٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَهْلِ الْكَرَمِ وَالْجُودِ وَافْعَلْ بِنَا مَا أَنْتَ أَهْلُهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَسَلْ حَاجَتَكَ تُقْضَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (12)


الهوامش

1. الطبقات الكبرى « لابن سعد » / المجلّد : 1 / الصفحة : 214 / الناشر : دار الصادر.

2. تفسير كبير منهج الصادقين في الزام المخالفين « للملا فتح الله الكاشاني » / المجلّد : 5 / الصفحة : 236 / الناشر : كتابفروشي محمد حسن علمي.

3. الطبقات الكبرى « لابن سعد » / المجلّد : 1 / الصفحة : 213 / الناشر : دار الصادر.

4. الخصال « للشيخ الصدوق » / المجلّد : 2 / الصفحة : 601 ـ 602 / الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة / الطبعة : 1.

5. علل الشرائع « الشيخ الصدوق » / المجلّد : 1 / الصفحة : 132 / الناشر : منشورات المكتبة الحيدريّة.

6. تفسير العياشي / المجلّد : 2 / الصفحة : 279 / الناشر : المطبعة العلميّة / الطبعة : 1.

7. النجم : 13 ـ 18.

8. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل « لمكارم الشيرازي » / المجلّد : 8 / الصفحة : 386 / الناشر : مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام / الطبعة : 1.

9. مجمع البيان في تفسير القرآن « للشيخ الطبرسي » / المجلّد : 6 / الصفحة : 163 / الناشر : دار المرتضى.

10. بحار الأنوار « للشيخ المجلسي » / المجلّد : 18 / الصفحة : 289 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2.

11. مختصر مفيد « السيد جعفر مرتضى العاملي » / المجلّد : 6 / الصفحة : 115 ـ 116 /الناشر : المركز الإسلامي للدراسات / الطبعة : 1.

12. المصباح « للكفعمي » / الصفحة : 363 ـ 364 / الناشر : الأعلمي / الطبعة : 1.


إنتاج شبكة رافد للتنمية الثقافية