الخطبة الشعبانیة (مكتوبة) - مهدي الصدقي
منذ ١٢ سنة٤٣٣مشاهدهالخطبة الشعبانية
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ
إنَّ رَسولَ اللّه ِ صلى الله علیه و آله خَطَبَنا ذاتَ یَومٍ فَقالَ : «أیُّهَا النّاسُ ، إنَّهُ قَد أقبَلَ إلَیکُم شَهرُ اللّه ِ بِالبَرَکَةِ وَالرَّحمَةِ وَالمَغفِرَةِ ، شَهرٌ هُوَ عِندَ اللّه ِ أفضَلُ الشُّهورِ ، وَأیّامُهُ أفضَلُ الأَیّامِ ، ولَیالیهِ أفضَلُ اللَّیالی ، وساعاتُهُ أفضَلُ السّاعاتِ . هُوَ شَهرٌ دُعیتُم فیهِ إلى ضِیافَةِ اللّه ِ ، وجُعِلتُم فیهِ مِن أهلِ کَرامَةِ اللّه ِ ، أنفاسُکُم فیهِ تَسبیحٌ ، ونَومُکُم فیهِ عِبادَةٌ ، وعَمَلُکُم فیهِ مَقبولٌ ، ودُعاؤُکُم فیهِ مُستَجابٌ .
فَاسأَلُوا اللّه َ رَبَّکُم بِنِیّاتٍ صادِقَةٍ وقُلوبٍ طاهِرَةٍ أن یُوَفِّقَکُم لِصِیامِهِ وتِلاوَةِ کِتابِهِ ؛ فَإِنَّ الشَّقِیَّ مَن حُرِمَ غُفرانَ اللّه ِ فی هذَا الشَّهرِ العَظیمِ .
وَاذکُروا بِجوعِکُم وعَطَشِکُم فیهِ جوعَ یَومِ القِیامَةِ وعَطَشَهُ ، وتَصَدَّقوا عَلى فُقَرائِکُم ومَساکینِکُم ، ووَقِّروا کِبارَکُم ، وَارحَموا صِغارَکُم ، وصِلوا أرحامَکُم ، وَاحفَظوا ألسِنَتَکُم ، وغُضّوا عَمّا لا یَحِلُّ النَّظَرُ إلَیهِ أبصارَکُم ، وعَمّا لا یَحِلُّ الاِستِماعُ إلَیهِ أسماعَکُم ، وتَحَنَّنوا عَلى أیتامِ النّاسِ یُتَحَنَّن عَلى أیتامِکُم ، وتوبوا إلَى اللّه ِ مِن ذُنوبِکُم ، وَارفَعوا إلَیهِ أیدِیَکُم بِالدُّعاءِ فی أوقاتِ صَلَواتِکُم ؛ فَإِنَّها أفضَلُ السّاعاتِ ، یَنظُرُ اللّه ُ عز و جل فیها بِالرَّحمَةِ إلى عِبادِهِ ، یُجیبُهُم إذا ناجَوهُ ، ویُلَبّیهِم إذا نادَوهُ ویَستَجیبُ لَهُم إذا دَعَوهُ .
یا أیُّهَا النّاسُ ، إنَّ أنفُسَکُم مَرهونَةٌ بِأَعمالِکُم فَفُکّوها بِاستِغفارِکُم ، وظُهورَکُم ثَقیلَةٌ مِن أوزارِکُم فَخَفِّفوا عَنها بِطولِ سُجودِکُم ، وَاعلَموا أنَّ اللّه َ ـ تَعالى ذِکرُهُ ـ أقسَمَ بِعِزَّتِهِ ألاّ یُعَذِّبَ المُصَلّینَ وَالسّاجِدینَ ، ولا یُرَوِّعَهُم بِالنّارِ یَومَ یَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمینَ .
أیُّهَا النّاسُ ، مَن فَطَّرَ مِنکُم صائِما مُؤمِنا فی هذَا الشَّهرِ کانَ لَهُ بِذلِکَ عِندَ اللّه ِ عِتقُ نَسَمَةٍ ومَغفِرَةٌ لِما مَضى مِن ذُنوبِهِ» .
فَقیلَ : یا رَسولَ اللّه ِ ، ولَیسَ کُلُّنا یَقدِرُ عَلى ذلِکَ! فَقالَ صلى الله علیه و آله : «اِتَّقُوا النّارَ ولَو بِشِقِّ تَمرَةٍ ، اِتَّقُوا النّارَ ولَو بِشَربَةٍ مِن ماءٍ .
أیُّهَا النّاسُ ، مَن حَسَّنَ مِنکُم فی هذَا الشَّهرِ خُلُقَهُ کانَ لَهُ جَوازا عَلَى الصِّراطِ یَومَ تَزِلُّ فیهِ الأَقدامُ ، ومَن خَفَّفَ فی هذَا الشَّهرِ عَمّا مَلَکَت یَمینُهُ خَفَّفَ اللّه ُ عَنهُ حِسابَهُ ، ومَن کَفَّ فیهِ شَرَّهُ کَفَّ اللّه ُ فیهِ غَضَبَهُ یَومَ یَلقاهُ ، ومَن أکرَمَ فیهِ یَتیما أکرَمَهُ اللّه ُ یَومَ یَلقاهُ ، ومَن وَصَلَ فیهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللّه ُ بِرَحمَتِهِ یَومَ یَلقاهُ ، ومَن قَطَعَ رَحِمَهُ قَطَعَ اللّه ُ عَنهُ رَحمَتَهُ یَومَ یَلقاهُ ، ومَن تَطَوَّعَ فیهِ بِصَلاةٍ کُتِبَ لَهُ بَراءَةٌ مِنَ النّارِ ، ومَن أدّى فیهِ فَرضا کانَ لَهُ ثَوابُ مَن أدّى سَبعینَ فَریضَةً فیما سِواهُ مِنَ الشُّهورِ ، ومَن أکثَرَ فیهِ مِنَ الصَّلاةِ عَلَیَّ ثَقَّلَ اللّه ُ میزانَهُ یَومَ تَخَفَّفُ المَوازینُ ، ومَن تَلا فیهِ آیَةً مِنَ القُرآنِ کانَ لَهُ مِثلُ أجرِ مَن خَتَمَ القُرآنَ فی غَیرِهِ مِنَ الشُّهورِ .
أیُّهَا النّاسُ ، إنَّ أبوابَ الجِنانِ فی هذَا الشَّهرِ مُفَتَّحَةٌ ، فَاسأَلوا رَبَّکُم ألاّ یُغلِقَها عَلَیکُم ، وأبوابَ النّیرانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسأَلوا رَبَّکُم ألاّ یَفتَحَها عَلَیکُم ، وَالشَّیاطینَ مَغلولَةٌ فَاسأَلوا رَبَّکُم ألاّ یُسَلِّطَها عَلَیکُم» .
قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام : فَقُمتُ فَقُلتُ : یا رَسولَ اللّه ِ ، ما أفضَلُ الأَعمالِ فی هذا الشَّهرِ؟
فَقالَ : «یا أبَا الحَسَنِ ، أفضَلُ الأَعمالِ فی هذَا الشَّهرِ الوَرَعُ عَن مَحارِمِ اللّه ِ عز و جل » . ثُمَّ بَکى ، فَقُلتُ : یا رَسولَ اللّه ِ ، ما یُبکیکَ؟ فَقالَ : «یا عَلِیُّ ، أبکی لِما یُستَحَلُّ مِنکَ فی هذَا الشَّهرِ ، کَأَنّی بِکَ وأنتَ تُصَلّی لِرَبِّکَ ، وقَدِ انبَعَثَ أشقَى الأَوَّلینَ وَالآخِرینَ ، شَقیقُ عاقِرِ ناقَةِ ثَمودَ ، فَضَرَبَکَ ضَربَةً عَلى فَرقِکَ (قَرنِکَ) فَخَضَّبَ مِنها لِحیَتَکَ» .
قالَ أمیرُ المُؤمِنینَ علیه السلام : فَقُلتُ : یا رَسولَ اللّه ِ وذلِکَ فی سَلامَةٍ مِن دینی؟
فَقالَ : «فی سَلامَةٍ مِن دینِکَ» . ثُمَّ قالَ صلى الله علیه و آله : «یا عَلِیُّ ، مَن قَتَلَکَ فَقَد قَتَلَنی ، ومَن أبغَضَکَ فَقَد أبغَضَنی ، ومَن سَبَّکَ فَقَد سَبَّنی ؛ لِأَنَّکَ مِنّی کَنَفسی ، وَروحُکَ مِن روحی ، وَطینَتُکَ مِن طینَتی . إنَّ اللّه َ ـ تَبارَکَ وَتَعالى ـ خَلَقَنی وإیّاکَ ، وَاصطَفانی وَإیّاکَ ، وَاختارَنی لِلنُّبُوَّةِ وَاختارَکَ لِلإِمامَةِ ، وَمَن أنکَرَ إمامَتَکَ فَقَد أنکَرَنی نُبُوَّتی . یا عَلِیُّ ، أنتَ وَصِیِّی ، وأبو وُلدی ، وزَوجُ ابنَتی ، وخَلیفَتی عَلى اُمَّتی فی حَیاتی وبَعدَ مَوتی ، أمرُکَ أمری ونَهیُکَ نَهیی .
اُقسِمُ بِالَّذی بَعَثَنی بِالنُّبُوَّةِ وجَعَلَنی خَیرَ البَرِیَّةِ ، إنَّکَ لَحُجَّةُ اللّه ِ عَلى خَلقِهِ ، وأمینُهُ عَلى سِرِّهِ ، وَخَلیفَتُهُ عَلى عِبادِهِ» .
التعلیقات