خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في التوحيد (مكتوبة) - ميثم كاظم
منذ ١٢ سنة١Kمشاهدهالخطبة أمير المؤمنين (ع) في التوحيد
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ
اَلْحَمْدُ للهِ الْمُلْهِمِ عِبَادَهُ حَمْدَهُ، وَفَاطِرِهِمْ عَلىٰ مَعْرِفَةِ رُبُوبِيَّتِهِ، الدَّالِّ عَلَىٰ وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ، وَبِمُحْدَثِ خَلْقِهِ عَلَىٰ أَزَلِيَّتِهِ، وَبِٱشْتِبَاهِهِمْ عَلَىٰ أَنْ لاَ شَبَهَ لَهُ، الْمُسْتَشْهِدِ بِآيَاتِهِ عَلَىٰ قُدْرَتِهِ، الْمُمْتَنِعَةِ مِنَ الصِّفَاتِ ذَاتُهُ، وَمِنَ الأَبْصَارِ رُؤْيَتُهُ، وَمِنَ الأَوْهَامِ الإِحَاطَةُ بِهِ، لاَ أَمَدَ لِكَوْنِهِ، وَلاَ غَايَةَ لِبَقَائِهِ.
لاَ تَسْتَلِمُهُ (تَشْتَمِلُهُ) الْمَشَاعِرُ، وَلاَ تَحْجُبُهُ الْحُجُبُ السَّوَاتِرُ، فَالْحِجَابُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ لإِمْتِنَاعِهِ مِمَّا يُمْكِنُ فِي ذَوَاتِهِمْ، وَلإِمْكَانِ ذَوَاتِهِمْ مِمَّا يَمْتَنِعُ مِنُهُ ذَاتُهُ، وَلإِفْتِرَاقِ الصَّانِعِ وَالْمَصْنُوعِ، وَالْحَادِّ وَالْمَحْدُودِ، وَٱلرَّبِّ وَالْمَرْبُوبِ.
فَهُوَ الأَحَدُ لاَ بِتَأْوِيلِ (بِلاَ تَأْوِيلِ) عَدَدٍ، وَالْخَالِقُ لاَ بِمَعْنَىٰ حَرَكَةٍ وَنَصَبٍ، وَٱلسَّمِيعُ لاَ بِأَدَاةٍ، وَالْبَصِيرُ لاَ بِتَفْرِيقِ آلَةٍ، وَٱلشَّاهِدُ لاَ بِمُمَاسَّةٍ، وَالْبَائِنُ لاَ بِترَاخِي (بِبَرَاحِ) مَسَافَةٍ، وَٱلظَّاهِرُ لاَ بِرُؤْيَةٍ، وَالْبَاطِنُ لاَ بِلَطَافَةٍ، أَزَلُهُ نَهْيٌ لِمُحَاوِلِ الأَفْكَارِ، وَدَوَامُهُ رَدْعٌ لِطَامِحَاتِ الْعُقُولِ، الَّذِي قَدْ حَسَرَتْ دُونَ كُنْهِهِ نَوَافِذُ الأَبْصَارِ، وَقَمَعَ وُجُودُهُ جَوَائِلَ الأَفْكَارِ.
بَانَ مِنَ الأَشْيَاءِ بِالْقَهْرِ لَهَا وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَبَانَتِ الأَشْيَاءُ مِنْهُ بِالْخُضُوعِ لَهُ وَٱلرُّجُوعِ إِلَيْهِ.
مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ، وَمَنْ عَدَّهُ فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ، وَمَنْ قَالَ: « كَيْفَ؟ » فَقَدِ اسْتَوْصَفَهُ، وَمَنْ قَالَ: « إِلاَمَ؟ » فَقَدْ وَقَّتَهُ، وَمَنْ قَالَ: « أَيْنَ؟ » فَقَدْ حَيَّزَهُ.
عَالِمٌ إِذْ لاَ مَعْلُومٌ، وَخَالِقٌ إِذْ لاَ مَخْلُوقٌ، وَرَبٌّ إِذْ لاَ مَرْبُوبٌ، وَإِلَـٰهٌ إِذْ لاَ مَأْلُوهٌ، وَقَادِرٌ إِذْ لاَ مَقْدُورٌ، وَمُصَوِّرٌ إِذْ لاَ مُصَوَّرٌ، كَذٰلِكَ يُوصَفُ رَبُّنَا، وَهُوَ فَوْقَ مَا يَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ.
أَحْمَدُهُ اسْتِتْمَاماً لِنِعْمَتِهِ، وَٱسْتِسْلاَماً لِعِزَّتِهِ، وَٱسْتِعْصَاماً مِنْ مَعْصِيَتِهِ، وَأَسْتَعينُهُ فَاقَةً إِلَىٰٰ كِفَايَتِهِ، إِنَّهُ لاَ يَضِلُّ مَنْ هَدَاهُ، وَلاَ يَئِلُ مَنْ عَادَاهُ، وَلاَ يَفْتَقِرُ مَنْ كَفَاهُ، فَإِنَّهُ أَرْجَحُ مَا وُزِنَ، وَأَفْضَلُ مَا خُزِنَ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً مُمْتَحَناً إِخْلاَصُهَا، مُعْتَقَداً مُصَاصُهَا، نَتَمَسَّكُ بِهَا أَبَداً مَا أَبْقَانَا، وَنَدَّخِرُهَاَ (نَذْخُرُهَاَ) لأَهَاوِيلِ مَا يَلْقَانَا، فَإِنَّهَا عَزِيمَةُ الإِيمَانِ، وَفَاتِحَةُ الإِحْسَانِ، وَمَرْضَاةُ الرَّحْمٰنِ، وَمَدْحَرَةُ الشَّيْطَانِ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِٱلدِّينِ الْمَشْهُورِ، وَالْعَلَمِ الْمَأْثُورِ، وَالْكِتَابِ الْمَسْطُورِ، وَٱلنُّورِ السَّاطِعِ، وَٱلضِّيَاءِ اللاَّمِعِ، وَٱلأَمْرِ الصَّادِعِ، إِزَاحَةً لِلشُّبُهَاتِ، وَٱحْتِجَاجاً بِالْبَيِّنَاتِ، وَتَحْذيراً بِٱلآيَاتِ، وَتَخْوِيفاً بِالْمَثُلاَتِ (لِلْمَثُلاَتِ).
وَٱلنَّاسُ فِي فِتَنٍ انْجَذَمَ فِيهَا حَبْلُ الدِّينِ، وَتَزَعْزَعَتْ سَوَارِي الْيَقِينِ، وَٱخْتَلَفَ النَّجْرُ، وَتَشَتَّتَ الأَمْرُ، وَضَاقَ الْمَخْرَجُ، وَعَمِيَ الْمَصْدَرُ، فَالْهُدىٰٰ خَامِلٌ، وَالْعَمىٰٰ شَامِلٌ، وَعُصِيَ الرَّحْمٰنُ، وَنُصِرَ الشَّيْطَانُ، وَخُذِلَ الإِيمَانُ، فَٱنْهَارَتْ دَعَائِمُهُ، وَتَنَكَّرَتْ مَعَالِمُهُ، وَدَرَسَتْ سُبُلُهُ، وَعَفَتْ شُرُكُهُ، أَطَاعُوا الشَّيْطَانَ فَسَلَكُوا مَسَالِكَهُ، وَوَرَدُوا مَنَاهِلَهُ، بِهِمْ سَارَتْ أَعْلاَمُهُ، وَقَامَ لِوَاؤُهُ، فِي فِتَنٍ دَاسَتْهُمْ بِأَخْفَافِهَا، وَوَطِئَتْهُمْ بِأَظْلاَفِهَا، وَقَامَتْ عَلىٰٰ سَنَابِكِهَا، فَهُمْ فِيهَا تَائِهُونَ حَائِرُونَ، جَاهِلُونَ مَفْتُونُونَ، فِي خَيْرِ دَارٍ، وَشَرِّ جِيرَانٍ، نَوْمُهُمْ سُهُودٌ، وَكُحْلُهُمْ دُمُوعٌ، بِأَرْضٍ عَالِمُهَا مُلْجَمٌ، وَجَاهِلُهَا مُكْرَمٌ.
أُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللهِ- بِتَقْوَىٰٰ اللهِ وَطَاعَتِهِ، فَإِنَّهَا النَّجَاةُ غَداً، وَالْمَنْجَاةُ أَبَداً، ]وَ [تَقْوَىٰٰ اللهِ أَفْضَلُ كَنْزٍ، وَأَحَرَزُ حِرْزٍ، وَأَعَزُّ عِزٍّ، مَنْجَاةٌ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ، وَعِصْمَةٌ مِنْ كُلِّ ضَلاَلَةٍ، فِيهَا نَجَاةُ كُلِّ هَارِبٍ، وَدَرْكُ كُلِّ طَالِبٍ، وَظَفَرُ كُلِّ غَالِبٍ، وَبِتَقْوَىٰٰ اللهِ فَازَ الْفَائِزُونَ، وَظَفِرَ الرَّاغِبُونَ، وَنَجَا الْهَارِبُونَ، وَأَدْرَكَ الطَّالِبُونَ، وَبِتَرْكِهَا خَسِرَ الْمُبْطِلُونَ ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ "النحل -128".
أَلاَ وَإِنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ- قَدْ جَعَلَ لِلْخَيْرِ أَهْلاً، وَلِلْحَقِّ دَعَائِمَ، وَلِلطَّاعَةِ عِصَماً، وَإِنَّ لَكُمْ عِنْدَ كُلِّ طَاعَةٍ عَوْناً مِنَ اللهِ (سُبْحَانَهُ) يَقُولُ عَلَىٰٰ الأَلْسِنَةِ، وَيُثَبِّتُ بِهِ الأَفْئِدَةَ، فَلْيَقْبَلِ امْرُؤٌ كَرَامَةً بِقَبُولِهَا، وَلْيَحْذَرْ قَارِعَةً قَبْلَ حُلُولِهَا، وَلْيَنْظُرِ امْرُؤٌ فِي قَصِيرِ أَيَّامِهِ، وَقَلِيلِ مُقَامِهِ، فِي مُنْزِلٍ حَتَّىٰٰ يَسْتَبْدِلَ بِهِ مَنْزِلاً، فَلْيَصْنَعْ لِمُتَحَوَّلِهِ، وَمَعَارِفِ مُنْتَقَلِهِ، فَطُوبَىٰٰ لِذِي قَلْبٍ سَلِيمٍ أَطَاعَ (نَاصِحاً) مَنْ يَهْدِيهِ، وَتَجَنَّبَ (غَاوِياً/مَا) مَنْ يُرْدِيهِ، اسْتَنْصَحَ وَقَبِلَ نَصِيحَةَ مَنْ نَصَحَ بِخُضُوعٍ، وَحُسْنِ خُشُوعٍ، وَدَخَلَ مُدْخَلَ كَرَامَةٍ، وَأَصَابَ سَبِيلَ السَّلاَمَةٍ، بِبَصَرِ مَنْ بَصَّرَهُ، وَطَاعَةِ هَادٍ أَمَرَهُ (طَاعَةً لِمَنْ يَهْدِيهِ)، إِلَىٰٰ أَفْضَلِ الدَّلاَلَةِ، وَكَشْفِ غِطَاءِ الْجَهَالَةِ الْمُضِلَّةِ الْمُهْلِكَةِ، وَبَادَرَ الْهُدَىٰٰ بِبُرْهَانٍ وَبَيَانٍ، قَبْلَ أَنْ تُغْلَقَ أَبْوَابُهُ، وَتُقْطَعَ أَسْبَابُهُ، وَٱسْتَفْتَحَ التَّوْبَةَ، وَأَمَاطَ الْحَوْبَةَ، فَقَدْ أُقِيمَ عَلَىٰٰ الطَّرِيقِ، وَهُدِيَ نَهْجَ السَّبِيلِ.
وَٱعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَ اللهِ الْمُسْتَحْفَظِينَ عِلْمَهُ ]وَ[ رُعَاةَ الدِّينِ، فَرَّقُوا بَيْنَ الشَّكِّ وَالْيَقِينِ، وَجَاؤُوا بِالْحَقِّ، بَنَوْا لِلإِسْلاَمِ بُنْيَاناً، فَأَسَّسُوا لَهُ أَسَاساً وَأَرْكَاناً، وَجَاؤُوا عَلىٰٰ ذَلِكَ شُهُوداً بِعَلاَمَاتٍ وَأَمَارَاتٍ، يَحْمُونَ حِمَاهُ، وَيَرْعَوْنَ مَرْعَاهُ، وَيَصُونُونَ مَصُونَهُ، وَيُفَجِّرُونَ عُيُونَهُ، بِحُبِّ اللهِ وَبِرِّهِ، وَتَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَذِكْرِهِ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُذْكَرَ بِهِ، يَتَوَاصَلُونَ بِالْوَلاَيَةِ، وَيَتَلاَقَوْنَ بِالْمَحَبَّةِ (بِحُسْنِ التَّحِيَّةِ، وَأَخْلاَقٍ سَنِيَّةٍ)، وَيَتَنَازَعُونَ بِحُسْنِ الرِّعَايَةِ، وَيَتَسَاقَوْنَ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ، وَيَصْدُرُونَ بِرِيَّةٍ. قُوَّامٌ عُلَمَاءُ، أَوْصِيَاءٌ أُمَنَاءُ، لاَ تَشُوبُهُمُ الرَّيْبَةُ، وَلاَ تُسْرِعُ (لاَ تَسُوغُ) فِيهِمُ الْغَيْبَةُ، عَلَىٰٰ ذَلِكَ عَقَدَ خَلْقَهُمْ وَأَخْلاَقَهُمْ، فَعَلَيْهِ يَتَحَابُّونَ، وَبِهِ يَتَوَاصَلُونَ، فَكَانُوا كَتَفَاضُلِ الْبَذْرِ يُنْتَقَىٰٰ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُلْقَىٰٰ، قَدْ مَيَّزَهُ التَّخْلِيصُ (التَّلْخِيصُ)، وَهَذَّبَهُ التَّمْحِيصُ، هُمْ مَوْضِعُ سِرِّهِ (سِرِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَلَجَأُ أَمْرِهِ، وَعَيْبَةُ عِلْمِهِ، وَمَوْئِلُ حُكْمِهِ، وَكُهُوفُ كُتُبِهِ، وَجِبَالُ (حُمَاةُ) دِينِهِ، بِهِمْ أَقَامَ انْحِنَاءَ ظَهْرِهِ، وَأَذْهَبَ ارْتِعَادَ فَرَائِصِهِ.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا بَدْءُ (مَبْدَأُ) وَقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ، وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ، يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ (حُكْمُ) اللهِ، وَيَتَوَلَّىٰٰ عَلَيْهَا (فِيهَا) رِجَالٌ رِجَالاً، وَيَبْرَأُ رِجَالٌ مِنْ رِجَالٍ، عَلَىٰ غَيْرِ دِينِ اللهِ، فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَىٰٰ الْمُرْتَادِينَ (ذِي حِجىً)، وَلَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدينَ، ]وَ [لَمْ يَكْنْ فِيهِ اخْتِلاَفٌ، وَلكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هٰذَا ضِغْثٌ، وَمِنْ هذَا ضِغْثٌ، فَيُمْزَجَانِ مَعاً فَيُجَلَّلاَنِ، فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَىٰٰ أَوْلِيَائِهِ، وَيَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنَىٰٰ.
وَمَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلاَّ تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ، فَٱتَّقُوا الْبِدَعَ، وَأَلْزَمُوا الْمَهْيَعَ، إِنَّ عَوَازِمَ الأُمُورِ أَفْضَلُهَا، وَإِنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا.
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَقُولُ: "كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَلْبَسَتْكُمْ فِتْنَةٌ، يَنْشَأُ فِيهَا الْوَلِيدُ، وَيَرْبُو فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ، يَجْرِي النَّاسُ عَلَيْهَا فَيَتَّخِذُونَهَا سُنَّةً، فَإِذَا غُيِّرَ مِنْهَا شَيْءٌ قِيلَ: قَدْ غُيِّرَتِ السُّنَّةُ، وَقَدْ أَتَىٰٰ النَّاسُ مُنْكَراً، ثُمَّ تَشْتَدُّ الْبَلِيَّةُ، وَتَنْشَأُ فِيهَا الذُّرِّيَّةُ، وَتَدُقُّهُمُ الْفِتَنُ كَمَا تَدُقُّ النَّارُ الْحَطَبَ، وَكَمَا تَدُقُّ الرَّحَىٰٰ بِثِفَالِهَا، فَيَوْمَئِذٍ يَتَفَقَّهُ النَّاسُ لِغَيْرِ اللهِ (لِغَيْرِ الدِّينِ)، وَيَتَعَلَّمُونَ لِغَيْرِ الْعَمَلِ، وَيَطْلُبُونَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ، قَدْ خَاضُوا بِحَارَ الْفِتَنِ، وَأَخَذُوا بِالْبِدَعِ دُونَ السُّنَنِ، وَتَوَغَّلُوا الْجَهْلَ، وَأَطْرَحُوا الْعِلْمَ، وَأَرَزَ الْمُؤْمِنُونَ، وَنَطَقَ الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ، آثَرُوا عَاجِلاً، وَأَخَّرُوا آجِلاً، وَتَرَكُوا صَافِياً، وَشَرِبُوا آجِنَاً، زَرَعُوا الْفُجُورَ، وَسَقَوْهُ الْغُرُورَ، وَحَصَدُوا الثُّبُورَ".
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَىٰٰ فَاسِقِهِمْ وَقَدْ صَحِبَ الْمُنْكَرَ فَأَلِفَهُ، وَبَسِئَ بِهِ وَوَافَقَهُ، حَتَّىٰٰ شَابَتْ عَلَيْهِ مَفَارِقُهُ، وَصُبِغَتْ بِهِ خَلاَئِقُهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ مُزْبِداً كَٱلتَّيَّارِ لاَ يُبَالِي مَا غَرَّقَ، أَوْ كَوَقْعِ النَّارِ فِي الْهَشِيمِ لاَ يَحْفِلُ مَا حَرَّقَ (خَرَّقَ).
هَلَكَ مَنْ قَارَنَ حَسَداً، وَقَارَنَ بَاطِلاً، وَوَالَىٰٰ عَلَىٰٰ عَدَاوَتِنَا، أَوْ شَكَّ فِي فَضْلِنَا، إِنَّهُ لاَ يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) مِنْ هٰذِهِ الأُمَّةِ (الأُمَمِ) أَحَدٌ، وَلاَ يُسَوَّىٰٰ (يَسْتَوِي) بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً، ]هُمْ[ أَطْوَلُ النَّاسِ أَغْرَاساً، وَأَفْضَلُ النَّاسِ أَنْفَاساً، هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ، وَعِمَادُ الْيَقِينِ، إِلَيْهِمْ يَفِيءُ الغَالِي، وَبِهِمْ يَلْحَقُ التَّالِي، وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوَلاَيَةِ، وَفِيهِمُ الْوَصِيَّةُ وَالْوِرَاثَةُ، وَحُجَّةُ اللهِ عَلَيْكُمْ فِي حِجَّةِ الْوِدَاعِ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ، وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَعْدَهُ الْمَقَامُ الثَّالِثُ بِأَحْجَارِ الزَّيْتِ، تِلْكَ فَرَائِضُ ضَيَّعْتُمُوهَا، وَحُرُمَاتٌ انْتَهَكْتُمُوهَا، وَلَوْ سَلَّمْتُمُ الأَمْرَ لأَهْلِهِ سَلِمْتُمْ، وَلَوْ أَبْصَرْتُمْ بَابَ الْهُدىٰٰ رَشَدْتُمْ.
تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ (عُلِّمْتُ) تَبْلِيغَ (تَأْوِيلَ) الرِّسَالاَتِ، وَإِتْمَامَ (تَنْجِيزَ) الْعِدَاتِ، وَتَمَامَ الْكَلِمَاتِ، وَفُتِحَتْ لِيَ الأَسْبَابُ، وَأُجْرِيَ لِيَ السَّحَابُ، وَنَظَرْتُ فِي مَلَكُوتٍ لَمْ يَعْزُبْ عَنِّي شَيْءٌ فَاتَ، وَلَمْ يَفُتْنِي مَا سَبَقَنِي، وَلَمْ يَشْرَكْنِي أَحَدٌ فِيمَا أَشْهَدَنِي رَبّي يَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ، وَبِي يُتِمُّ اللهُ مَوْعِدَهُ، وَيُكْمِلُ كَلِمَاتِهِ، وَأَنَا النِّعْمَةُ الَّتِي أَنْعَمَهَا اللهُ عَلَىٰ خَلْقِهِ، وَأَنَا الإِسْلاَمُ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ، كُلُّ ذَلِكَ مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَيَّ، وَأَذَلَّ بِهِ مِنْكَبِي.
أَلاَ وَإِنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَاحِدَةٌ، وَسُبُلَهُ قَاصِدَةٌ، مَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَغَنِمَ، وَمَنْ وَقَفَ عَنْهَا ضَلَّ وَنَدِمَ، إِعْمَلُوا لِيَوْمٍ تُذْخَرُ لَهُ الذَّخَائِرُ، وَتُبْلَىٰ فِيهِ السَّرَائِرُ، وَمَنْ لاَ يَنْفَعُهُ حَاضِرُ لُبِّهِ، فَعَازِبُهُ عَنْهُ أَعْجَزُ، وَغَائِبُهُ أَعْوَزُ، وَٱتَّقُوا نَاراً حَرُّهَا (لَهَبُهَا) شَدِيدٌ، وَلَجَبُهَا عَتِيدٌ، وَقَعْرُهَا بَعِيدٌ، وَحِلْيَتُهَا (حُلِيُّهَا) حَدِيدٌ، وَشَرَابُهَا صَدِيدٌ، وَعَذَابُهَا أَبَداً جَدِيدٌ.
أَلاَ وَإِنَّ اللِّسَانَ الصَّالِحَ يَجْعَلُهُ اللهُ -تَعَالَىٰ- لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمَالِ يُورِثُهُ مَنْ لاَ يَحْمَدُهُ.
أَللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ بَصَّرْتُهُمُ الْحِكْمَةَ، وَدَلَلْتُهُمْ عَلَىٰ طَرِيقِ الرَّحْمَةِ، وَحَرَصْتُ عَلَىٰ تَوْفِيقِهِمْ بِٱلتَّنْبِيهِ وَٱلتَّذْكِرَةِ، وَدَلَلْتُهُمْ عَلَىٰ طَرِيقِ الْجَنَّةِ، بِٱلتَّبَصُّرِ وَالْعَدْلِ وَٱلتَّأْنِيبِ، لِيُثِيبَ رَاجِعٌ وَيُقْبِلَ، وَيَتَّبِعَ مُتَذَكِّرٌ، فَلَمْ يُطَعْ لِي قَوْلٌ.
أَللَّهُمَّ وَإِنِّي أُعِيدُ عَلَيْهِمُ الْقَوْلَ لِيَكُونَ أَثْبَتَ لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ :
أَيُّهَا النَّاسُ، اعْرِفُوا فَضْلَ مَنْ فَضَّلَ اللهُ، وَٱخْتَارُوا حَيْثُ اخْتَارَ اللهُ، وَٱعْلَمُوا أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ بِمَنِّهِ حَيْثُ يَقُولُ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ "الأحزاب -33"، فَقَدْ طَهَّرَنَا اللهُ مِنَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَمِنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَرَجَاسَةٍ، فَنَحْنُ عَلَىٰ مِنْهَاجِ الْحَقِّ، وَمَنْ خَالَفَنَا فَعَلَىٰ مِنْهَاجِ الْبَاطِلِ.
أَنَا قَسِيمُ النَّارِ، وَخَازِنُ الْجِنَانِ، وَصَاحِبُ الْحَوْضِ وَٱلأَعْرَافِ، وَلَيْسَ مِنَّا -أَهْلَ الْبَيْتِ- إِمَامٌ إِلاَّ وَهُوَ عَارِفٌ أَهْلَ وِلاَيَتِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- : ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ "الرعد -7".
نَحْنُ الشِّعَارُ وَٱلأَصْحَابُ، وَالْخَزَنَةُ وَٱلأَبْوَابُ، وَلاَ تُؤْتَىٰ الْبُيُوتُ إِلاَّ مِنْ أَبْوَابِهَا، فَمَنْ أَتَاهَا مِنْ غَيْرِ أَبْوَابِهَا سُمِّيَ سَارِقاً لاَ تَعْدُوهُ الْعُقُوبَةُ، وَعِنْدَنَا -أَهْلَ الْبَيْتِ- أَبْوَابُ الْحُكْمِ، وَأَنْوَارُ الظُّلَمِ، وَضِيَاءُ الأَمْرِ.
وَاللهِ لَئِنْ خَالَفْتُمْ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ لَتُخَالِفُنَّ الْحَقَّ، هُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ كِبَاراً، وَأَحْلَمُهُمْ صِغَاراً، وَقَدْ قال صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ "لاَ تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا، وَلاَ تُخَالِفُوهُمْ فَتَجْهَلُوا، وَلاَ تَتَخَلَّفُوا عَنْهُمْ فَتَهْلَكُوا، وَلاَ تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ، فَٱتَّبِعُوا الْحَقَّ وَأَهْلَهُ حَيْثُ كَانُوا".
أَيْنَ الْعُقُولُ الْمُسْتَصْبِحَةُ بِمَصَابِيحِ الْهُدَىٰ، وَٱلأَبْصَارُ اللاَّمِحَةُ إِلَىٰٰ مَنَارِ التَّقْوَىٰ؟!.
أَيْنَ الْمُوقِنُونَ الَّذِينَ خَلَعُوا سَرَابِيلَ الْهَوَىٰ، وَقَطَعُوا عَنْهُمْ عَلاَئِقَ الدُّنْيَا؟!.
أَيْنَ الْقُلُوبُ الَّتِي وُهِبَتْ للهِ، وَعُوقِدَتْ عَلَىٰ طَاعَةِ اللهِ؟!.
أَيْنَ الَّذِينَ أَخْلَصُوا أَعْمَالَهُمْ للهِ، وَطَهَّرُوا قُلُوبَهُمْ لِمَوَاضِعِ نَظَرِ اللهِ.
أَلآنَ إِذْ رَجَعَ الْحَقُّ إِلَىٰٰ أَهْلِهِ، وَنُقِلَ إِلَىٰٰ مُنْتَقَلِهِ، ]وَ [قَدْ طَلَعَ طَالِعٌ، وَلَمَعَ لاَمِعٌ، وَلاَحَ لاَئِحٌ، وَٱعْتَدَلَ مَائِلٌ، وَٱسْتَبْدَلَ اللهُ بِقَوْمٍ قَوْماً، وَبِيَوْمٍ يَوْماً، وَٱنْتَظَرْنَا الْغِيَرَ انْتِظَارَ الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ، ازْدَحَمُوا عَلَىٰٰ الْحُطَامِ، وَتَشَاحُّوا عَلَىٰٰ الْحَرَامِ، وَرُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ الْجَنَّةِ وَٱلنَّارِ، فَصَرَفُوا عَنِ الْجَنَّةِ وُجُوهَهُمْ، وَأَقْبَلُوا إِلَىٰٰ النَّارِ بِأَعْمَالِهِمْ، وَدَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُوا وَوَلَّوْا، وَدَعَاهُمُ الشَّيْطَانُ فَٱسْتَجَابُوا وَأَقْبَلُوا.
ثم أقبل عليه السلاَم بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصّته وشيعته فقال:
لَقَدْ عَمِلَتِ الْوُلاَةُ قَبْلِي أَعْمَالاً عَظِيمَةً، خَالَفُوا فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مُتَعَمِّدِينَ لِخِلاَفِهِ، نَاقِضِينَ لِعَهْدِهِ، مُغَيِّرِينَ لِسُنَّتِهِ، وَلَوْ حَمَلْتُ النَّاسَ عَلىٰ تَرْكِهَا وَتَحْوِيلِهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا إِلَىٰٰ مَا كَانَتْ تَجْرِي عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، لَتَفَرَّقَ عَنِّي جُنْدِي، حَتَّىٰ لاَ يَبْقَىٰ فِي عَسْكَرِي غَيْرِي، وَقَلِيلٌ مِنْ شِيعَتِي الَّذِينَ عَرَفُوا فَضْلِي وَفَرْضَ إِمَامَتِي مِنْ كِتَابِ اللهِ -عَزَّ ذِكْرُهُ- وَسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَمَرْتُ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَرَدَدْتُهُ إِلَىٰٰ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
وَرَدَدْتُ فَدَكَ إِلَىٰٰ وَرَثَةِ فَاطِمَةَ -عَلَيْهَا ٱلسَّلاَمُ-.
وَرَدَدْتُ صَاعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَمُدَّهُ إِلَىٰٰ مَا كَانَ.
وَأَمْضَيْتُ قَطَائِعَ أَقْطَعَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لأَقْوَامٍ مُسَمَّيْنَ لَمْ تُمْضَ لَهُمْ وَلَمْ تُنْفَذْ.
وَرَدَدْتُ دَارَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَىٰٰ وَرَثَتِهِ وَهَدَمْتُهَا مِنَ الْمَسْجِدِ.
وَرَدَدْتُ قَضَايَا مِنَ الْجَوْرِ قَضَىٰ بِهَا مَنْ كَانَ قَبْلِي.
وَنَزَعْتُ نِسَاءً تَحْتَ رِجَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَرَدَدْتُهُنَّ إِلَىٰٰ أَزْوَاجِهِنَّ، وَاسْتَقْبَلْتُ بِهِنَّ الْحُكْمَ فِي الْفُرُوجِ وَٱلأَحْكَامِ.
وَسَبَيْتُ ذَرَارِيَ بَنِي تَغْلِبَ.
وَرَدَدْتُ مَا قُسِمَ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ.
وَمَحَوْتُ دَوَاوِينَ الْعَطَايَا وَأَعْطَيْتُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يُعْطِي بِٱلسَّوِيَّةِ وَلَمْ أَجْعَلْهَا دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ.
وَأَلْقَيْتُ الْمَسَاحَةَ.
وَسَوَّيْتُ بَيْنَ الْمَنَاكِحِ.
وَأَنْفَذْتُ خُمْسَ الرَّسُولِ كَمَا أَنْزَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- وَفَرَضَهُ.
وَرَدَدْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَلَىٰ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَسَدَدْتُ مَا فُتِحَ فِيهِ مِنَ الأَبْوَابِ، وَفَتَحْتُ مَا سُدَّ مِنْهُ.
وَحَرَّمْتُ الْمَسْحَ عَلَىٰٰ الْخُفَّيْنِ.
وَحَدَدْتُ عَلَىٰٰ النَّبِيذِ.
وَأَمَرْتُ بِإِحْلاَلِ الْمُتْعَتَيْنِ.
وَأَمَرْتُ بِٱلتَّكْبِيرِ عَلَىٰٰ الْجَنَائِزِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ.
وَأَلْزَمْتُ النَّاسَ الْجَهْرَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ.
وَأَخْرَجْتُ مَنْ أُدْخِلَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي مَسْجِدِهِ مِمَّنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ أَخْرَجَهُ، وَأَدْخَلْتُ مَنْ أُخْرِجَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ مِمَّنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَدْخَلَهُ.
وَحَمَلْتُ النَّاسَ عَلَىٰ حُكْمِ الْقُرْآنِ، وَعَلَىٰٰ الطَّلاَقِ عَلَىٰٰ السُّنَّةِ.
وَأَخَذْتُ الصَّدَقَاتِ عَلىٰ أَصْنَافِهَا وَحُدُودِهَا.
وَرَدَدْتُ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ وَٱلصَّلاَةَ إِلَىٰٰ مَوَاقِيتِهَا وَشَرَائِعِهَا وَمَوَاضِعِهَا.
وَرَدَدْتُ أَهْلَ نَجْرَانَ إِلَىٰٰ مَوَاضِعِهِمْ.
وَرَدَدْتُ سَبَايَا فَارِسَ وَسَائِرِ الأُمَمِ إِلَىٰٰ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
إِذاً لَتَفَرَّقُوا عَنِّي وَاللهِ.
لَقَدْ أَمَرْتُ النَّاسَ أَنْ لاَ يَجْتَمِعُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلاَّ فِي فَرِيضَةٍ، وَأَعْلَمْتُهُمْ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ فِي النَّوَافِلِ بِدْعَةٌ، فَتَنَادَىٰ بَعْضُ أَهْلِ عَسْكَرِي مِمَّنْ يُقَاتِلُ سَيْفُهُ مَعِي: يَا أَهْلَ الإِسْلاَمِ، غُيِّرَتْ سُنَّةُ عُمَر، يَنْهَانَا عَنِ الصَّلاَةِ (أَنْ نُصَلِّيَ) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعاً فِي جَمَاعَةٍ، حَتَّىٰ خِفْتُ أَنْ يَثُورُوا فِي نَاحِيَةِ عَسْكَرِي.
بُؤْسِي لِمَا لَقِيتُ مِنْ هٰذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا مِنَ الْفُرْقَةِ، وَطَاعَةِ أَئِمَّةِ الضَّلاَلِ وَٱلدُّعَاةِ إِلَىٰٰ النَّارِ.
وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، ]لَوْ[ لَمْ أُعْطِ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَىٰ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ اللهُ بِإِعْطَائِهِ، الَّذِينَ قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهَ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ "الأنفال -41" كُلُّ هٰؤُلاَءِ مِنَّا خَاصَّةً ﴿إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ "الأنفال -41"، فَنَحْنُ -وَاللهِ- الَّذِينَ عَنَىٰ اللهُ بِذِي الْقُرْبَىٰ الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللهُ بِنَفْسِهِ وَبِرَسُولِهِ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَقَالَ -تَعَالَىٰ- ﴿مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ﴾ "الحشر -7" فِي ظُلْمِ آلِ مُحَمَّدٍ ﴿إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ "الحشر -7" لِمَنْ ظَلَمَهُمْ، رَحْمَةً مِنْهُ لَنَا، وَغِنَىً أَغْنَانَا اللهُ بِهِ، وَوَصَّىٰ بِهِ نَبِيُّهُ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَنَا فِي سَهْمِ الصَّدَقَةِ نَصِيباً، وَأَكْرَمَ اللهُ رَسُولَهُ صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَكْرَمَنَا -أَهْلَ الْبَيْتِ- أَنْ يُطْعِمَنَا مِنْ أَوْسَاخِ أَيْدِي النَّاسِ، فَكَذَّبُوا اللهَ، وَكَذَّبُوا رَسُولَهُ، وَجَحَدُوا كِتَابَ اللهِ النَّاطِقِ بِحَقِّنَا، وَمَنَعُونَا فَرْضاً فَرَضَهُ اللهُ لَنَا.
مَا لَقِيَ أَهْلُ بَيْتِ نَبِيٍّ مِنْ أُمَّتِهِ مَا لَقَيِنَاهُ بَعْدَ نَبِيِّنَا صَلَّىٰٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَنْ ظَلَمَنَا، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
التعلیقات