حكم السائل النازل من المرأة عند الشهوة أو بدونها- استفتاء من السيد السيستاني (مكتوبة) -
مَا حُكْمُ الْمَاءِ أَوِ السَّائِلِ النَّازِلِ من الْمَرْأَةِ عِنْدَ الشَّهْوَةِ أَوْ بِدُونِهَا؟
مَوْضُوعُنَا لِهَذَا الْيَوْمِ يَتَعَلَّقُ بِجَانِبٍ أَسَاسِيٍّ مِنَ الشَّرِيعَةِ وَهِيَ الطَّهَارَةُ.
فِي الْبَدَايَةِ دَعُونَا أَنْ نَفْهَمَ الْفَرْقَ بَيْنَ حُكْمِ الْمَاءِ النَّازِلِ بِسَبَبِ الشَّهْوَةِ وَحُكْمِ الْمَاءِ النَّازِلِ بِدُونِهَا. عِنْدَمَا يَنْزِلُ الْمَاءُ بِسَبَبِ الشَّهْوَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَجِسٌ، وَيُوجِبُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ. هَذَا الحُكم يَنْطَبِقُ عَلَى النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ. وَلَكِن مَا هُوَ حُكْمُ السَّائِلِ النَّازِلِ مِنَ الْمَرْأَةِ بِدُونِ الشَّهْوَةِ؟
سَألَ شَخْصٌ مِنْ مَكْتَبَةِ الْمَرْجِعِ الدِّينِيِّ سَمَاحَةِ السَّيِّدِ عَلِيِّ السِّيِّستَانِيِّ (حَفِظَهُ اللَّهُ) هَذَا السُّؤَالَ:
"مَتَى يَتَوَجَّبُ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلُ الْجَنَابَةِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الدُّخُولِ؟"
وَالْجَوَابُ:
السَّائِلُ الْخَارِجُ بِشَهْوَةٍ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ كَثِيرًا يُلَوِّثُ الْمَلَابِسَ الدَّاخِلِيَّةَ بِحَيْثُ يَصدُقُ مَعَهُ الْإِنْزَالَ عُرْفًا فَإِنْ كَانَ مَعَ شِدَّةِ التَّهَيُّجِ الْجِنْسِيِّ وَبُلُوغِ الذَّرَوَةِ وَمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالرَّعْشَةِ الْجِنْسِيَّةِ فَهُوَ بِحُكْمِ الْمَنِيِّ، أَيْ: نَجِسٌ وَمُوجِبٌ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ بَلْ وَكَذَا إِذَا لَمْ تَبْلُغِ الذَّرَوَةَ عَلَى الْأَحْوَطِ وَجُوبًا.
وَأَمَّا السَّائِلُ الْخَارِجُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَوِ الْبَلَلُ الْمَوْضُوعِيُّ الَّذِي لَا يَتَجَاوَزُ الْفَرْجَ وَيَحْصُلُ بِالْإِثَارَةِ الْجِنْسِيَّةِ الْخَفِيفَةِ فَهُوَ لَا يُوجِبُ الْجَنَابَةَ وَمَحْكُومٌ بِالطَّهَارَةِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا شَكَّ فِي أَصْلِ خُرُوجِ الرُّطُوبَةِ أَوْ كَوْنِهَا بِهَذَا الْحَدِّ فَلَا يَجِبُ التَّطْهِيرُ وَلَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءِ، وَلَا يَجِبُ الْفَحْصُ مَعَ الشَّكِّ، وَتَعَدِّي السَّائِلِ الْخَارِجِ إِلَى بَعْضِ اللِّبَاسِ لَا يُوجِبُ صِدْقَ الْإِنْزَالِ إِذَا كَانَ رَطُوبَةً خَفِيفَةً.
أَعْزَائِي الْمُشَاهِدِينَ!
الطَّهَارَةُ مُتَوَافِقَةٌ مَعَ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَالْإِنْسَانُ مُجبِلٌ عَلَى حُبِّ النَّظَافَةِ وَالْجَمَالِ. فِي الطَّهَارَةِ فَوَائِدُ الْعَظِيمَةُ وَالْآثَارُ الْجَمِيلَةُ، فَمِنْ ذَلِكَ: مَحَبَّةُ اللَّهِ لِأَهْلِهَا: حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" [البقرة: 22]
فَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ مِنَ الْحَدَثِ وَمَا يَتَعَرَّضُ لَهُ مِنَ الْأَوْسَاخِ، وَكَذَا طَهَارَةِ الثِّيَابِ.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَأُوصِيكُمْ بِالطَّهَارَةِ الَّتِي لَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهَا.
وَبِهَذَا نَخْتِمُ حَدِيثَنَا لِهَذَا الْيَوْمِ. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لَنَا فَهْمَ دِينِنَا وَالْالتِزَامَ بِهِ فِي جَمِيعِ جَوَانِبِ حَيَاتِنَا.
شُكْرًا لَكُمْ عَلَى مُتَابَعَتِنَا فِي هَذَا النَّقَاشِ. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَمْلَأَ قُلُوبَكُمْ بِالسَّلَامِ وَأَرْوَاحَكُمْ بِالنُّورِ. إِذَا اِسْتَفِدْتُمْ مِنْ هَذَا الْفِيدِيو، لَا تَنْسَوْا الْإِعْجَابَ وَالْمُشَارِكَةَ وَالْاِشْتِرَاكَ لِمَزِيدٍ مِنَ الْمُحْتَوَى الْمُثِيرِ لِلتَّفْكِيرِ.
التعلیقات