في الإستدلال على صحّة الرجعة وإمكانها ووقوعها

البريد الإلكتروني طباعة

في الإستدلال على صحّة الرجعة وإمكانها ووقوعها

إعلم أنّ الرجعة هنا هي الحياة بعد الموت قبل القيامة ، وهو الذي يتبادر من معناها ، وصرّح به العلماء هنا كما يأتي ، ويفهم من مواقع استعمالها ، ووقع التصريح به في أحاديثها ، كما تطّلع عليه فيما بعد ، وقد صرّح بذلك أيضاً علماء اللغة ، قال الجوهري في « الصحاح » : وفلان يؤمن بالرجعة أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت (١).

وقال أيضاً : الكرّ : الرجوع ، يقال : كرّه وكرّ بنفسه يتعدّى ولا يتعدّى (٢). انتهى.

وقال صاحب « القاموس » أيضاً : ويؤمن (٣) بالرجعة أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت (٤) ، انتهى.

فعلم أنّ هذا معناها الحقيقي (٥) ، فلا يجوز العدول عنه في موضع لا قرينة فيه ، والذي يدلّ على صحّتها وجوه اثنا عشر :

الأوّل : الدليل الذي استدلّوا به على صحّة المعاد بأنّه ممكن وقد أخبر الصادق

__________________

١ ـ الصحاح ٣ : ١٢١٦ ـ رجع.

٢ ـ الصحاح ٢ : ٨٠٥ ـ كرر.

٣ ـ ( ويؤمن ) لم يرد في « ح ، ك ».

٤ ـ القاموس المحيط ٣ : ٣٦ ـ رجع.

٥ ـ في « ك » : التحقيقي.

٧٢

به ، فيكون حقّاً.

أمّا الاُولى فظاهرة ، فإنّ ذلك قد وقع مراراً كثيرة ، والوقوع دليل الإمكان.

وأمّا الثانية فمتواترة ، ويأتي تحقيق الوقوع والإخبار المشار إليه (١) إن شاء الله تعالى ، وإنّه قد حصلت الحياة بعد الموت لجماعة من الرعية ومن الأنبياء (٢) والأوصياء أيضاً ، بل استقامة هذا الدليل في إثبات الرجعة أوضح من استقامته في إثبات المعاد; لأنّ أمر المعاد أعظم ، وأحواله أعجب وأغرب ، ولم يقع مثله قطّ ، بخلاف الرجعة ، وفي الكتاب والسنّة إشارات إلى هذا الدليل (٣) ، وردّ عظيم على من ينكر إحياء الموتى ، واعلم أنّ هذا الدليل شامل للأدلّة الآتية أو أكثرها ، فهو كالإجمال وما بعده كالتفصيل.

الثاني : الآيات الكثيرة القرآنية الدالّة على ذلك إمّا نصّاً صريحاً ، أو بمعونة الأحاديث المعتمدة (٤) الواردة في تفسيرها ، ويأتي جملة منها إن شاء الله تعالى.

الثالث : الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي والأئمّة عليهم‌السلام المرويّة في الكتب المعتمدة التي هي صريحة أكثرها لا مجال إلى تأويله بوجه ، فلا معنى لتأويل الباقي ، ولو جاز ذلك لجاز تأويل الأحاديث كلّها ، حتّى النصوص على الأئمّة عليهم‌السلام ، فإنّ أكثرها قابل للتأويل ، لكن ذلك لا يجوز للنصّ والإجماع على وجوب الحمل على الحقيقة ، وعدم جواز العدول عن الظاهر ما دام ممكناً.

وإذا تأمّلت أحاديث الرجعة وجدتها لا تقصر عن أحاديث النصّ على واحد من الأئمّة عليهم‌السلام كالرضا عليه‌السلام مثلاً ، وإن شئت فقابل بين النصوص الموجودة في

__________________

١ ـ في « ط » : إليهما.

٢ ـ في « ط » : والأنبياء. بدل من : ومن الأنبياء.

٣ ـ في حاشية « ح » في نسخة : التأويل.

٤ ـ ( المعتمدة ) لم ترد في « ك ».

( ضمن كتاب الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي )

 

ارسل سؤالك

المـــؤمّل

خاطب امامك

خاطب امامك