شبهات وردود حول الرجعه (( 3 ))

البريد الإلكتروني طباعة

الشبهة الخامسة : ظهور اليهودية في التشيع بالقول بالرجعة.

يقول أحمد أمين في كتابه (فجر الإسلام) : فاليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة! وقد أجاب أعلام الطائفة بما يفنّد مدّعاه الذي لا يقوله ذو مِسكة إذا أراد الانصاف.

يقول الشيخ المظفر : فأنا أقول على مدّعاه : فاليهودية أيضا ظهرت في القرآن بالرجعة ، كما تقدم ذكر القرآن لها في الآيات المتقدمة (3) ، ونزيده فنقول : والحقيقة أنه لا بدَّ أن تظهر اليهودية والنصرانية في كثير من

__________________

 

(3) ذكرنا الآيات التي آشار إليها في مقدمة البحث ، وهي تدل على وقوع الرجعة في الاُمم السابقة ، وقد صرّح القرآن الكريم بذكرها بما لا يقبل التأويل.
101

المعتقدات والأحكام الإسلامية ، لأنَّ النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء مصدّقا لما بين يديه من الشرائع السماوية ، وإنْ نسخ بعض أحكامها ، فظهور اليهودية أو النصرانية في بعض المعتقدات الإسلامية ليس عيبا في الإسلام ، على تقدير أنّ الرجعة من الآراء اليهودية كما يدّعيه هذه الكاتب (1).

ويقول الشيخ كاشف الغطاء قدس‌سره : ليت شعري هل القول بالرجعة أصل من أصول الشيعة وركن من أركان مذهبها حتى يكون نبزا عليها ، ويقول القائل : ظهرت اليهودية فيها! ومن يكون هذا مبلغ علمه عن طائفة ، أليس كان الأحرى به السكوت وعدم التعرّض لها؟ إذا لم تستطع أمرا فدعه.

وعلى فرض أنها أصل من أصولهم ، فهل اتّفاقهم مع اليهود بهذا يوجب كون اليهودية ظهرت في التشيع ، وهل يصحّ أن يقال إنّ اليهودية ظهرت في الإسلام ، لأنّ اليهود يقولون بعبادة إله واحد والمسلمون به قائلون؟! وهل هذ إلاّ قول زائف واستنباط سخيف (2).

الشبهة السادسة : الظاهر من قوله تعالى : ( حَتَّى إذَا جَآءَ أحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ رَبِّ ارجِعُونِ * لَعَلِّي أعمَلُ صَالِحا فِيما تَرَكتُ كَلاَّ إنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قآئلُهَا وَمِن وَرآئهِم بَرزَخٌ إلى يَومِ يُبعَثُونَ ) (3) نفي الرجوع إلى الدنيا بعد الموت ، فكيف يمكن التوفيق بين القول بالرجعة وبين ما يدلّ عليه ظاهر الآية؟

__________________

(1) عقائد الإمامية ، للمظفر : 112.

(2) أصل الشيعة وأُصولها : 167 وللسيد محسن الأمين العاملي قدس‌سره ردٌّ على هذه المسألة أورده في مقدمة أعيان الشيعة 1 : 56 ـ 57.

(3) سورة المؤمنون 23 : 99 ـ 100.
102

الجواب من عدّة وجوه :

أولاً : إنّه ليس في الآية شيءٌ من ألفاظ العموم ، فلعلَّ المشار إليهم لا يرجع أحد منهم ، لأنَّ الرجعة خاصّة كما تقدّم.

ثانيا : إنَّ الذي يفهم من الآية أنّ المذكورين طلبوا الرجعة قبل الموت لا بعده ، والذي نقول به ونعتقده هو الرجعة بعد الموت ، فالآية لا تنافي صحّة الرجعة بهذا المعنى.

ثالثا : إنَّ الظاهر من الآية هو إرادة الرجعة مع التكليف في دار الدنيا ، بل يكاد يكون صريح معناها ، ونحن لا نجزم بوقوع التكليف في الرجعة ، وأنّ الدواعي معها متردّدة ، وأنه أمر منوط بعلم الغيب ، ولا يفصح عنه إلاّ المستقبل (1).
الشبهة السابعة : أحاديث الرجعة موضوعة.

الجواب : هذه الدعوى لا وجه لها ، ذلك لأنَّ الرجعة من الاُمور الضرورية فيما جاء عن آل البيت عليهم‌السلام من الأخبار المتواترة ، وعلى تقدير صحّة هذه الدعوى ، فإنه لا يعتبر الاعتقاد بها بهذه الدرجة من الشناعة التي هوّلها خصوم الشيعة ، وكم من معتقدات لباقي طوائف المسلمين لم يثبت فيها نصّ صحيح ، ولكنها لم توجب تكفيرا وخروجا عن الإسلام؟

ولذلك أمثلة كثيرة ، منها الاعتقاد بجواز سهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو عصيانه ، ومنها الاعتقاد بقدم القرآن ، ومنها القول بالوعيد ، ومنها الاعتقاد بأنّ

__________________

(1) راجع الايقاظ من الهجعة ، للحر العاملي : 422.

(2) عقائد الإمامية ، للمظفر : 110.
103

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينصّ على خليفةٍ من بعده (2).

وقد بيّنا في الدليل الثالث من الفصل الثاني ثبوت الاعتقاد بالرجعة عند أئمة الهدى من عترة المصطفى عليهم‌السلام وذلك لتواتر الروايات التي نقلها الثقات عنهم عليهم‌السلام.
الشبهة الثامنة : الرجعة محدودة في زمان النبوة.

قيل : إنَّ الرجعة لا تجوز إلاّ في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليكون معجزا له ودلالة على نبوته.

قال الشيخ الطبرسي : وذلك باطل ، لأنَّ عندنا بل عند أكثر الاُمّة يجوز إظهار المعجزات على أيدي الأئمة والأولياء ، والأدلة على ذلك مذكورة في كتب الأُصول (1).

وللّه الحمد والمِنّة أولاً وآخرا

وآخر دعوانا أن الحمدُ للّه ربِّ العالمين

__________________

(1) مجمع البيان ، للطبرسي 1 : 242.

( ضمن كتاب الرّجعة علي موسى الكعبي )

 

ارسل سؤالك

المـــؤمّل

خاطب امامك

خاطب امامك