الامام المهدي ( عليه السلام ) ونسخ الشريعة

قالوا إذا حصل الإجماع على أن لا نبي بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) و أنتم قد زعمتم أن القائم إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب و أنه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقه في الدين و يأمر بهدم المساجد و المشاهد و أنه يحكم بحكم داود ( عليه السلام ) لا يسأل عن بينة و أشباه ذلك بما ورد فيما أخباركم و هذا يكون نسخا للشريعة و إبطالا لأحكامها فقد أثبتم معنى النبوة فإن لم تتلفظوا باسمها فما جوابكم عنها.

و الجواب إنا لا نعرف ما تضمنه السؤال من أنه ( عليه السلام ) لا يقبل الجزية من أهل الكتاب و أنه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقه في الدين فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به فأما هدم المساجد و المشاهد فقد يجوز أن يهدم من ذلك ما بني على غير تقوى الله و على خلاف ما أمر الله به سبحانه و هذا مشروع قد فعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أما ما روي من أنه ( عليه السلام ) يحكم بحكم داود ( عليه السلام ) لا يسأل البينة فهذا أيضا غير مقطوع به و إن صح فتأويله أنه يحكم بعلمه فيما يعلمه و إذا علم الإمام و الحاكم أمرا من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه و لا يسأل البينة و ليس في هذا نسخ للشريعة.

على أن هذا الذي ذكروه من ترك قبول الجزية و استماع البينة لو صح لم يكن ذلك نسخا للشريعة لأن النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ ولم يكن مصاحبا له فأما إذا اصطحب الدليلان فلا يكون أحدهما ناسخا لصاحبه و إن كان يخالفه في الحكم و لهذا اتفقنا على أن الله سبحانه لو قال ألزموا السبت إلى وقت كذا ثم لا تلزموه أن ذلك لا يكون نسخا لأن الدليل الرافع مصاحب للدليل الموجب و إذا صحت هذه الجملة و كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أعلمنا بأن القائم من ولده يجب اتباعه و قبول أحكامه فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم به فينا و إن خالف بعض الأحكام المتقدمة غير عاملين بالنسخ لأن النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل و هذا واضح.

ضمن كتاب كشف الغمة