غيبة نبي الله سليمان عليه السلام

طباعة


غيبة نبي الله سليمان عليه السلام
 
 
  ثمَّ إنَّ داوود استخلف سليمان (عليهما السلام) لأنَّ الله عزَّ وجلَّ أوحى إليه يأمره بذلك، فلمّا أخبر بني إسرائيل ضجّوا من ذلك، وقالوا: يستخلف علينا حدثاً وفينا من هو أكبر منه، فدعا أسباط بني إسرائيل، فقال لهم: قد بلغني مقالتكم فأروني عِصيّكم فأيُّ عصا أثمرت فصاحبها وليُّ الأمر من بعدي، فقالوا: رضينا، فقال: ليكتب كلُّ واحد منكم اسمه على عصاه، فكتبوه، ثمَّ جاء سليمان (عليه السلام) بعصاه فكتب عليها اسمه، ثمَّ أُدخلت بيتاً وأُغلق الباب وحرسته رؤوس أسباط بني إسرائيل، فلمّا أصبح صلّى بهم الغداة، ثمَّ أقبل ففتح الباب فأخرج عِصيّهم وقد أورقت وعصا سليمان قد أثمرت، فسلّموا ذلك لداوود (عليه السلام) فاختبره بحضرة بني إسرائيل، فقال له: يا بنيّ، أيُّ شيء أبرد؟ قال: عفو الله عن النّاس، وعفو النّاس بعضهم عن بعض، قال: يا بنيَّ، فأيُّ شيء أحلى؟ قال: المحبّة وهي روح الله في عباده.
 فافترَّ داوود ضاحكاً فسار به في بني إسرائيل.
 فقال: هذا خليفتي فيكم من بعدي، ثمَّ أخفى سليمان بعد ذلك أمره، وتزوَّج بامرأة واستتر من شيعته ما شاء الله أن يستتر، ثمَ إنَّ امرأته قالت له ذات يوم: بأبي أنت وأُمّي ما أكمل خصالك وأطيب ريحك ولا أعلم لك خصلة أَكرهها إلاّ أنّك في مؤونة أبي فلو دخلت السوق فتعرَّضت لرزق الله رجوت أن لا يخيّبك، فقال لها سليمان (عليه السلام): إنّي والله ما عملت عملاً قطُّ ولا أُحسنه، فدخل السّوق فجال يومه ذلك ثمَّ رجع فلم يصب شيئاً، فقال لها: ما أصبت شيئاً، قالت: لا عليك إن لم يكن اليوم كان غداً، فلمّا كان من الغد خرج إلى السوق فجال يومه فلم يقدر على شيء، ورجع فأخبرها، فقالت له: يكون غداً إن شاء الله، فلمّا كان اليوم الثالث مضى حتّى انتهى إلى ساحل البحر فإذا هو بصيّاد،
فقال له: هل لك أن أُعينك وتعطينا شيئاً، قال: نعم، فأعانه فلمّا فرغ أعطاه الصيّاد سمكتين فأخذهما وحمد الله عزَّ وجلَّ، ثمَّ إنّه شقَّ بطن إحديهما فإذا هو بخاتم في بطنها فأخذه فصرَّه في ثوبه فحمد الله، وأصلح السمكتين وجاء بهما إلى منزله ففرحت امرأته بذلك، وقالت له: إنّي أُريد أن تدعو أبويَّ حتّى يعلما أنّك قد كسبت، فدعاهما فأكلا معه، فلمّا فرغوا قال لهم؛ هل تعرفوني؟ قالوا: لا والله إلاّ أنّا لم نر إلاّ خيراً منك، قال: فأخرج خاتمه فلبسه فحنَّ عليه الطير والرِّيح وغشيه الملك، وحمل الجارية وأبويها إلى بلاد إصطخر، واجتمعت إليه الشيعة واستبشروا به ففرَّج الله عنهم ممّا كانوا فيه من حيرة غيبته.