الإمام المهدي ع بين التواتر وحساب الإحتمال

البريد الإلكتروني طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

قال الله عزوجل في كتابه الكريم : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ) (١).

بحثنا إن شاء الله تعالى في هذه المحاضرة يدور حول الإمام المهدي روحي وأرواح العالمين له الفداء ، والبحث عن فكرة الإمام المهدي ذات جوانب وجهات متعدّدة ، وانتخبت لكم الحديث عن واحد من تلك الجوانب ، وهو جانب ولادة الإمام صلوات الله وسلامه عليه ، لأقوم في محاضرتي هذه بإثبات الولادة ونفي التشكيك عن ذلك.

__________________

(١) الصف : ٨.
٧
٨

التشكيك في فكرة الإمام المهدي 7

التشكيك في فكرة الإمام المهدي صلوات الله عليه يمكن إبرازه في بعدين :

البعد الأول : التشكيك في الفكرة من الأساس ، فالإمام المهدي سلام الله عليه لم يولد ولا يولد ويرفض القول بأنّه سوف يظهر في آخر الزمان رجل يتم إصلاح العالم على يديه ، مثل هذا الشخص لم يولد ولا يولد ولا تتحقق مثل هذه الفكرة ، هذا بُعد من التشكيك في فكرة الإمام المهدي.

البعد الثاني : أن يسلّم بفكرة الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه في الجملة ، ولكن يدّعى أنّ هذه الفكرة بعد لم تولد ، وإنّما تولد فيما بعد ، فشخص بعنوان الإمام المهدي لم يتحقق بعد ، وإذا كان هناك مصلح يتحقق على يديه إزالة الظلم فذلك يتحقق ويولد فيما بعد.

البعد الأول : التشكيك في أصل الفكرة

إذا لاحظنا البُعد الأول من التشكيك ، أي : التشكيك في الفكرة من الأساس ، فبالامكان أن نجد المسلمين متفقين تقريباً على بطلان مثل ذلك ، فالإمامية وغيرهم قد اتفقت كلمتهم على أنّه سيظهر في آخر
٩

الزمان رجلٌ يتم إصلاح العالم على يده المباركة ، وقد دلّت على ذلك آيات كثيرة ، كما دلّت على ذلك مجموعة كبيرة من الروايات.
الاستدلال بالآيات في بطلان التشكيك :

أمّا الآيات فأتمكن أن أقول هي بين خمس إلى ست ، طبيعي الآيات التي لا تحتاج إلى تفسير من قبل أهل البيت سلام الله عليهم والتي هي ظاهرة بنفسها ، وواحدة من تلك الآيات ما تلوته على مسامعكم الشريفة : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بأَفْواهِهِمْ ) ، نور الله هو الإسلام ( وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) ، هذا إخبار من الله عزوجل بأنّ نوره سوف يتمّه على جميع الكرة الأرضية ، ومصداق ذلك لم يتحقق بعد ، وحيث أنّه لا يحتمل في حقه سبحانه عز وجل الأخبار على خلاف الواقع ، فلا بد وأنّ إتمام النور سوف يتحقق يوماً من الأيام ، ولا يحتمل تحقّقه إلاّ على يد هذا المصلح وهو الإمام صلوات الله عليه ، هذه الآية بنفسها ظاهرة بلا حاجة إلى تفسير روائي.

ومن هذا القبيل قوله تعالى ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ أنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُون ) (١) ، المقصود من الأرض جميع الأرض ، ولحدّ الآن لم يرث جميع الأرض العباد الصالحون ، ولا بدّ وأن يتحقق هذا فيما بعد في المستقبل ، ولا يحتمل تحققه إلاّ على يد الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه.

هاتان الايتان وغيرهما من الآيات ـ طبيعي أنا لا أريد أن أقف عند

__________________

(١) الأنبياء : ١٠٥.

١٠
هذا البعد من التشكيك ، وإنّما أريد أن أمرّ عليه مرّ الكرام كتمهيد إلى البعد الثاني الذي هو أساس بحثي ـ تدلّ على فكرة الإمام المهدي.

ولكن أعود لأؤكد لكم من جديد أنّ هذه الآيات لا تدلّ على أنّ هذا الشخص قد ولد الآن وهو موجود الآن وغائب عن أعيننا الآن ، هذه تدل على أنّه سوف يتحقق هذا الحلم وهذه الأمنية في يوم من الأيام ، الأرض يرثها العباد الصالحون ـ جميع الأرض ـ ومن الممكن أنّ الإمام لم يولد بعد وسوف يولد في المستقبل ، وتتحقق هذه الأمنية على يده في المستقبل من دون أن يكون مولوداً الآن ، فمثل هذه الآيات لا تثبت ولادة الإمام وأنّه غائب ، بل من المحتمل أنّه سوف يولد مثل هذا الشخص في المستقبل.
الاستدلال بالروايات على بطلان التشكيك :

الروايات أيضاً في هذه المجال ـ في أصل فكرة الإمام المهدي ، وأنّه سوف تتحقق هذه الأمنية ، ولو من دون دلالة على أنّ هذا الشخص مولود بالفعل ـ كثيرة وسلّم بها غير الإمامية أيضاً ، وألّفوا كتباً في جمع هذه الروايات الدالة على الإمام المهدي وأنّه سوف يظهر في آخر الزمان شخص باسم المهدي ، والذي اطلعت عليه أنا أكثر من ثلاثين كتاباً للأخوة من العامة غير الإمامية في هذا المجال.

ومن باب المثال أقرأ لكم بعض الروايات :

عن النبي 6 أنّه قال : « لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجلٌ
١١

من أهل بيتي يواطئ إسمه إسمي » (١).

حديث آخر : « لا تقوم الساعة حتى تملا الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » (٢).

وعلى هذا النسق روايات آخرى كثيرة موجودة.

وقد سلّم بهذه الروايات وبهذه الفكرة في الجملة غيرنا من الأخوة العامّة ، بما فيهم ابن تيمية وابن حجر (٣) ، بل في الآونة الأخيرة سلّم بها عبد العزيز بن باز كما ورد في مجلّة الجامعة التي تصدر من المدينة المنوّرة (٤) وذكر أنّ هذه الفكرة صحيحة والروايات صحيحة ولا يمكن إنكار هذه الفكرة.

فالمسلمون إذن بشكل عام قد سلّموا بهذه الفكرة ، للآيات والروايات.

وإذا كان هناك منكر فهو قليل ، ويمكن أن يعدّ شاذاً ، من قبيل ابن خلدون في تاريخه (٥) وأبو زهرة في كتابه الإمام الصادق (٦) ومحمد

__________________

(١) مسند أحمد ١ : ٣٧٧ ح ٣٥٦٣ ، ونحوه الصواعق المحرقة : ٢٤٩.

(٢) مسند أحمد ٣ : ٣٦ ح ١٠٩٢٠ ، كنز العمال ١٤ : ٢٧١ ح ٣٨٦٩١ ، وفيه : « رجل من عترتي ».

(٣) الصواعق المحرقة : ٢٤٩.

(٤) مجلة الجامعة الإسلامية العدد ٣ من السنة الأولى ١٦١ ـ ١٦٢.

(٥) تاريخ ابن خلدون ١ : ١٩٩.

(٦) الإمام الصادق : ١٩٩.
١٢

رشيد رضا في كتابه تفسير المنار (١) في قوله تعالي : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ ) (٢) ، فانه حينما يمرّ بها هناك يقول : الروايات ضعيفة ، فهو يحاول تضعيف الروايات بمجرد دعوى ذلك لا أكثر.

على أي حال أصل فكرة الإمام المهدي وأنّه سوف يتحقق هذا الحلم وتتحقق هذه الأمنية مسلّمة من قبل عامة المسلمين تقريباً إلاّ من شذّ ، وقد دلّت عليها الآيات كما قلت ، والروايات الكثيرة التي جمعت في ثلاثين كتاب أو أكثر للاخوة العامة فقط.
البعد الثاني : التشكيك في الولادة :

البعد الثاني للتشكيك هو التشكيك في ولادة الإمام سلام الله عليه ، بمعنى أن يقال : نحن نسلّم بهذه الفكرة وأنّه سيظهر شخص ، لكن هذا الشخص لا يلزم أن يكون هو الإمام المهدي ، ولا يلزم أن يكون مولوداً الآن ، ولا يلزم أن يكون قد غاب ، ولعلّه يولد في المستقبل والآن غير موجود ، ولا توجد غيبة ، فكيف نتمكن أن نثبت ولادة الإمام المهدي الآن وأنّه قد تحققت ولادته ؟ إن المهم في محاضرتي هذه هو إثبات هذا الموضوع ، وعنونت محاضرتي بعنوان « الإمام المهدي سلام الله عليه بين التواتر وحساب الإحتمال » وسأحاول إن شاء الله إثبات ولادة الإمام من خلال هذين الطريقين ، أي : طريق التواتر مرّة ، وطريق حساب الإحتمال أخرى.

__________________

(١) تفسير المنار ١٠ : ٣٩٣ ، سورة التوبة ، وله مناقشات حول روايات الإمام المهدي 7 راجع ٩ : ٤٩٩ ـ ٥٠٧.

(٢) التوبة : ٣٢.
١٣
١٤

أربع قضايا مهمّة

وقبل أن اشرع بالبحث أودّ أن أبيّن أربع قضايا كمقدمة لتحقيق الهدف :
القضية الأولى :

أي مسألة تاريخية إذا ما أردنا إثباتها فهناك طريقان لاثباتها :

أحدهما : التواتر.

ثانيهما : حساب الاحتمال.

والتواتر كما تعلمون يعني : أن يخبر بالقضية مجموعة كبيرة من المخبرين بحيث لا نحتمل اجتماعهم واتفاقهم وتواطئهم على الكذب ، فإذا كان خبر من الأخبار جاء ثلاثمائة شخص أو مائتا شخص أخبرونا به ، وكلّ واحد نفترضه من مكان غير مكان الآخر ، في مثل هذه الحالة لا نحتمل تواطؤ الجميع واتفاقهم على الكذب ، مثل هذا الخبر يقال له الخبر المتواتر.

هذا طريق لتحصيل العلم بالقضية والمسألة التاريخية.

الطريق الثاني : أن نفترض أنّ الخبر ليس متواتراً ، كما اذا أخبر به واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة من دون تواتر ، ولكن انظمّت
١٥
إلى ذلك قرائن من هنا وهناك ، يحصل العلم بسببها على مستوى حساب الاحتمال.

فلنفترض أنّ هناك شخصاً مصاب بمرض عضال ، وجاء شخص وأخبر بأنّ فلاناً قد شوفي من مرضه ، يحصل احتمال أنّه شوفي بدرجة ثلاثين بالمائة مثلاً ، لكن إذا انضمّت إلى ذلك قرائن فسوف ترتفع القيمة الاحتمالية من ثلاثين إلى أربعين وإلى خمسين وإلى أكثر ، افترض أنّنا شاهدناه لا يستعمل الدواء بعد ذلك وكان حينما يحضر في مكان يستعمل الدواء ، فهذا يقوّي احتمال الشفاء ، وإذا كانت القيمة الاحتمالية للشفاء بدرجة ثلاثين الآن ترتفع وتصير بدرجة أربعين مثلاً ، وأيضاً شاهدناه يجلس في المجلس ضاحكاً مستبشراً ، هذه الظاهرة أيضاً تصعّد من القيمة الاحتمالية لهذا الخبر ، وهكذا حينما تنضمّ قرائن من هذا القبيل ، فسوف ترتفع القيمة الاحتمالية للخبر إلى أن تصل إلى درجة مائة بالمائة.

هذا الخبر هو في الحقيقة ليس خبراً متواتراً ، لكن لانضمام القرائن حصل العلم.

فهنا حصول العلم يحصل بحساب الإحتمال ، يعني بتقوّي القيمة الاحتمالية بسبب انضمام القرائن.

إذن ، حصول العلم بأي قضية تاريخيّة يتمّ من خلال أمرين :

من خلال التواتر.

ومن طريق حساب الإحتمال بتجميع القرائن.

هذه القضية الأولى التي أحببت الإشارة إليها.
١٦
القضية الثانية :

لا يلزم في الخبر المتواتر أن يكون المخبر من الثقات ، فان اشتراط الوثاقة في المخبر يلزم في الخبر غير المتواتر ، كما إذا جاءنا شخص واحد أو اثنان أو ثلاثة وأخبرونا بقضية ، هنا يشترط أن يكون المخبر ـ لأجل أن يكون هذا الخبر حجة ـ عادلاً ، أما لو كانت القضية أخبر بها مائة أو مائتان أو ثلاثمائة ، يعني العدد كان يشكّل التواتر فليس من الضروري عدالة المخبر ؟ فالعدالة والوثاقة هي شرط في الخبر غير المتواتر.

وأرجو أن لا يحصل خلط في هذه القضية بين الخبر المتواتر وبين الخبر غير المتواتر ، إذ البعض يتصور أنّ مسألة الوثاقة ومسألة عدالة الراوي يلزم تطبيقهما حتى في الخبر المتواتر ، هذا غير صحيح ، بل الذي نشترط فيه العدالة والوثاقة هو الخبر غير المتواتر.

لماذا لا نشترط في الخبر المتواتر العدالة والوثاقة ؟

النكتة هي : أنّ الخبر المتواتر حسب الفرض يفيد العلم ، لكثرة المخبرين ، وبعد ما أفاد العلم لا معنى لاشتراط الوثاقة والعدالة ، إذ المفروض أنّ العلم حصل ، وليس بعد العلم شيء يُقصد ، فلا معنى إذن لاشتراط الوثاقة والعدالة في باب الخبر المتواتر ، وهذه قضيّة بديهيّة وواضحة في سوق العلم.

وعلى أساس هذه القضيّة ليس من الحق وليس من الصواب أن نأتي إلى الروايات الدالة على ولادة الإمام المهدي 7 أو أي قضية ترتبط بالإمام المهدي سلام الله عليه ونقول : هذه الرواية ضعيفة السند ، الرواة مجاهيل ، هذا مجهول أو ذاك مجهول ، هذه الرواية الأولى إذن نطرحها ،
١٧

الرواية الثانية الراوي فيها مجهول إذن نطرحها ، والثالثة كذلك ، الرابعة هكذا و ...

هذا ليس بصحيح ، فان هذا صحيح لو فرض أنّ الرواية كانت واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع أو خمس أو عشر ، أما بعد فرض أن تكون الروايات الدالة على ولادة الإمام المهدي سلام الله عليه قد بلغت حدّ التواتر لا معنى أن نقول هذه الرواية الأولى ضعيفة السند ، والثانية ضعيفة السند لجهالة الراوي والثالثة هكذا ، فان هذه الطريقة وجيهة في الخبر غير المتواتر ، أمّا في الخبر المتواتر فلا معنى لها.

هذه القضيّة الثانية التي أحببت الإشارة إليها.
القضية الثالثة :

إذا فرض أنّ لدينا مجموعة من الأخبار تختلف في الخصوصيّات والتفاصيل ، لكن الجميع يشترك في مدلول واحد من زاوية ، كما لو فرضنا أنّه جاءنا مجموعة كبيرة من الاشخاص يخبروننا عن تماثل ذلك الشخص المريض للشفاء ، لكن الشخص الأول جاء وأخبر بالشفاء في الساعة الواحدة ، والثاني حينما جاء أخبر بالشفاء أيضاً لكن في الساعة الثانية ، والثالث حينما جاء أخبر بشفائه لكن في الساعة الثالثة ، فاختلفوا في رقم الساعة ، لكن الكلّ متفق على أنّه قد شوفي ، والخامس أو السادس جاء وأخبر بالشفاء لكن بهذا الدواء ، والآخر قال بذلك الدواء ، فكان الاختلاف بمثل هذا الشكل ، أي : اختلاف في الخصوصيّات ، لكن الكلّ متفق من زاوية واحدة ، وهي أنّه قد شوفي.

في مثل هذه الحالة هل يثبت الشفاء ؟
١٨

نعم أصل الشفاء يثبت بنحو العلم.

والنكتة في ذلك ، أنّ المخبر الأول في الحقيقة يخبر بخبرين لا بخبر واحد : الخبر الأول الذي يخبر به أنّه شوفي ، والخبر الثاني أنّه شوفي في الساعة الأولى ، الثاني حينما يخبر أيضاً يخبر بأنه شوفي ، والثالث حينما يخبر أيضاً يخبر بأنّه شوفي ، إذن هم متفقون في الأخبار الأول أنه شوفي ، لكن يختلفون في الأخبار الثاني ، إذن في الأخبار الأول التواتر موجود والاتفاق بين الجميع موجود.

ومن هنا نخرج بهذه النتيجة : أنّ الأخبار الكثيرة إذا اتفقت من زاوية على شيء معيّن فالعلم يحصل بذلك الشيء ، وإن اختلفت هذه الأخبار من الجوانب الأخرى في التفاصيل.

وبعد هذا فليس من حقّنا أن نناقش في روايات الإمام المهدي 7 ونقول : هذه مختلفة في التفاصيل ، واحدة تقول بأنّ أم الإمام المهدي اسمها نرجس والثانية تقول أنّ أم الإمام اسمها سوسن والثالثة تقول اسمها شيء ثالث ، أو أن واحدة تقول وُلد في هذه الليلة والثانية تقول وُلد في تلك الليلة أو واحدة تقول وُلد في هذه السنة والأخرى تقول في السنة الأخرى ، فعلى هذا الأساس هذه الروايات لا يمكن أن نأخذ بها ، وليست متواترة وليست مقبولة ، لأنها تختلف في التفاصيل ، ولا تنفع في إثبات التواتر وفي تحصيل العلم بولادة الإمام سلام الله عليه ، لأنها مختلفة ومتضاربة فيما بينها حيث اختلفت بهذا الشكل.

إنه باطل ، لان المفروض أن كل هذه الأخبار متفقة في جانب واحد ، وهو الأخبار بولادة الإمام سلام الله عليه ، ولئن اختلفت فهي مختلفة في
١٩

تفاصيل وخصوصيات اُخرى ، لكن في أصل ولادة الإمام هي متفقة ، فالعلم يحصل والتواتر يثبت من هذه الناحية.

هذه القضية الثالثة.
القضية الرابعة :

وهي الأخيرة التي أردت الإشارة إليها : ليس من حق شخص أن يجتهد في مقابل النص ، فإذا كان عندنا نص صريح الدلالة وتام السند من كلتا الجهتين ، فلا حق لاحد أن يأتي ويقول أنا أجتهد في هذه المسألة.

فالله عزوجل يقول : ( وَأقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) (١) ، وهذه الآية بوضوح تدلّ على الطلب ، غاية ما في الأمر ليست صريحة في الطلب الوجوبي ، لكن في أصل الطلب ـ طلب الصلاة وطلب الزكاة ـ دلالتها صريحة وسند القرآن لا مناقشة فيه.

فلا يحق لاحد أن يقول : أنا أريد أن أجتهد في هذه المسألة وأقول هي لا تدل على الطلب !! ليس له هذا الحق ، وهذا يسمونه اجتهاد في مقابل النص.

نعم إذا كان يجتهد في الدلالة ويقول لا تدل على الوجوب بل تدل على الاستحباب ، فهذا جيد ، لأنّ الدلالة ليست صريحة على الوجوب ، أمّا أن يجتهد في الدلالة على أصل الطلب ويقول أنا أجتهد وأقول لا تدل هذه على اصل الطلب في رأيي فهذا لا معنى له ، لأنّ دلالتها على الطلب صريحة والسند أيضاً قطعي.

__________________

(١) البقرة : ٤٣.
٢٠
على ضوء هذا أخرج بهذه النتيجة أيضاً : ليس من حق أحد أن يقول روايات الإمام المهدي أنا اجتهد فيها كما يجتهد الناس في مجالات أخرى ، هذا لا معنى له ، لأنّ الروايات حسب الفرض هي واضحة الدلالة صريحة وتامة غير قابلة للاجتهاد ، وسندها متواتر ، فالاجتهاد هنا إذن لا معنى له أيضاً ، فان للاجتهاد مجالاً إذا فرض أنّ الدلالة لم تكن صريحة أو السند لم يكن قطعياً ، أما بعد قطعية السند وصراحة الدلالة ، فالاجتهاد لا معنى له ، فانّه اجتهاد في مقابل النصّ ، وهذه قضية واضحة أيضاً.

هذه أربع قضايا أحببت الإشارة إليها في مقدّمة بحثي ، والآن أدخل في البحث وأريد أن أبيّن عوامل نشوء اليقين بولادة الإمام المهدي سلام الله عليه ، وسوف نلاحظ أن هذه العوامل إما تفيد التواتر ، أو تفيد اليقين بحساب الإحتمال ، كما أوضّح لكم فيما بعد.
٢١
٢٢

عوامل نشوء اليقين بولادة الإمام المهدي 7

العامل الأول :

الأحاديث الكثيرة المسلّمة بين الفريقين الإمامية وغيرهم ، والتي تدلّ على ولادة الإمام سلام الله عليه ، ولكن من دون أن ترد في خصوص الإمام المهدي وبعنوانه ، فهي تدلّ على ولادة الإمام من دون أن تنصب على هذا الإتجاه ، وأذكر لكم في هذا المجال ثلاثة أحاديث :

الحديث الأول : حديث الثِقْلين أو الثَقَلَين ، الذي هو حديث متواتر بين الإمامية والإخوة العامة ، ولا مجال للمناقشة في سنده ، قاله النبي 6 في مواطن متعدّدة : في حجة الوداع ، في حجرته المباركة ، في مرضه ، وفي ... ، فإذا رأينا اختلافاً في بعض ألفاظ الحديث فهو ناشئ من اختلاف مواطن تعدّد ذكر النبي 6 لهذا الحديث :

« إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، أحدهما أكبر من الاخر ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (١).

__________________

(١) راجع : المستدرك للحاكم ٣ : ١٠٩ ، المعجم الكبير للطبراني ٥ : ١٦٦ ح ٤٩٦٩ ، تاريخ بغداد ٨ : ٤٤٢ ، حلية الأولياء ١ : ٣٥٥ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٦٤ ، وغيرها كثير جداً.
٢٣

لاحظوا : « ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض » ، يعني أن الكتاب مع العترة ، من البداية ، من زمان النبي 6 إلى أن يردا عليه الحوض.

وهذا يدلّ على أنّ العترة الطاهرة مستمرة مع الكتاب الكريم ، وهذا الاستمرار لا يمكن توجيهه إلاّ بافتراض أنّ الإمام المهدي 7 قد ولد ولكنه غائب عن الاعين ، إذ لو لم يكن مولوداً وسوف يولد في المستقبل لافترق الكتاب عن العترة الطاهرة ، وهذا تكذيب ـ استغفر الله ـ للنبي ، فهو يقول : « ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض » هذا لازمه أنّ العترة لها استمرار وبقاء مع الكتاب إلى أن يردا على النبي 6 ، وهذا لا يمكن توجيهه إلاّ بما قلت : إن الإمام المهدي سلام الله عليه قد ولد ولكنه غائب ، وإلاّ يلزم الأخبار على خلاف الواقع.

وهذا حديث واضح الدلالة ، يدل على ولادة الإمام سلام الله عليه ، لكن كما قلت هذا الحديث لم يرد ابتداءاً في الإمام المهدي ، وإنّما هو منصبّ على قضيّة ثانية : « وإنّهما لن يفترقا » ، لكن نستفيد منه ولادة الإمام بالدلالة الالتزامية.

وقد يقول قائل : لنفترض أن الإمام 7 لم يولد ، ولكن في فترة الرجعة التي ستقع في المستقبل يرجع الإمام العسكري 7 ، ويتولد آنذاك الإمام المهدي 7 ، إن هذه فريضة ممكنة وعلى أساسها يتم التلائم بين صدق الحديث وافتراض عدم ولادة الإمام 7.

وجوابنا : أن لازم هذه الفريضة تحقق الافتراق بين العترة الطاهرة والكتاب الكريم في الفترة السابقة على فترة الرجعة ، ففي هذه الفترة لا
٢٤

وجود للإمام المهدي 7 ولا وجود للعترة وقد تحقق فيها افتراق الكتاب الكريم عن العترة الطاهرة.

الحديث الثاني : حديث الإثني عشر ، وهذا أيضاً حديث مسلّمٌ بين الفريقين ، يرويه البخاري ومسلم وغيرهما من طرق أهل السنة ، ومن طرقنا أيضاً قد رواه غير واحد كالشيخ الصدوق مثلاً في كمال الدين والحديث منقول عن جابر بن سمرة يقول :

دخلت مع أبي على النبي 6 فسمعته يقول : « إنّ هذا لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة » ، ثم تكلّم بكلام خفي عليّ ، فقلت لأبي ما قال ؟ قال : كلّهم من قريش (١).

وهذا الحديث من المسلّمات أيضاً ، وليس له تطبيق معقول ومقبول إلاّ الأئمة الإثني عشر : .

وجاء البعض وحاول تطبيقه على الخلفاء الراشدين واثنين أو ثلاثة من بني أميّة واثنين أو ثلاثة من بني العباس.

إن هذا تطبيق غير مقبول ، وكلّ شخص يلاحظ هذا الحديث يجده إخباراً غيبي من النبي 6 عن قضية ليس لها مصداق وجيه ومقبول سوى الأئمة صلوات الله عليهم الإثني عشر.

وهذا الحديث بالملازمة يدلّ على ولادة الإمام المهدي سلام الله عليه ، إذ لو لم يكن مولوداً الآن ، والمفروض أنّ الإمام العسكري توفي ،

__________________

(١) كمال الدين : ٢٧٢ ، والغيبة للطوسي : ١٢٨.

وانظر صحيح البخاري ٩ : ٧٢٩ كتاب الاحكام باب الاستخلاف ، وصحيح مسلم ٣ : ٢٢٠ ح ١٨٢١ كتاب الامارة ، ومسند أحمد ٥ : ٩٠.
٢٥
ولم يحتمل أحد أنه موجود ، إذن كيف يولد الإمام المهدي من أب هو متوفى.

فلابدّ وأن نفترض أنّ ولادة الإمام 7 قد تحقّقت ، وإلاّ هذا الحديث يعود تطبيقه غير وجيه.

فهذا الحديث بالدلالة الإلتزامية يدل على ولادة الإمام صلوات الله وسلامه عليه.

الحديث الثالث الذي أريد أن أذكره في هذا المجال ، حديث أيضاً مسلّم سنداً بين الفريقين ، وهو قوله 6 :

« من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة » (١) ، هذا أيضاً يرويه أهل السنة ، ويرويه الشيخ الكليني في الكافي ، فهو مسلّم عند السنّة والشيعة.

فإذا لم يكن الإمام المهدي 7 مولوداً الآن ، فهذا معناه نحن لا نعرف إمام زماننا ، فميتتنا ميتة جاهلية.

فالحديث يدلّ على أنّ كلّ زمان لابدّ فيه من إمام ، وكلّ شخص مكلّف بمعرفة ذلك الإمام ومكلّف بأن لا يموت ميتة جاهلية ، فلو لم يكن الإمام مولوداً إذن كيف نعرف إمام زماننا ؟.

هذه أحاديث ثلاثة ، وإن لم تكن منصبّة على الإمام المهدي صلوات الله عليه مباشرة ، ولكنّها بالدلالة الإلتزامية تدلّ على أنّ الإمام سلام الله عليه قد ولد وتحققت ولادته.

__________________

(١) كمال الدين : ٤٠٩ ح ٩ ، المناقب لابن شهر آشوب ٣ : ٢١٧ ، ونحوه الكافي ١ : ٣٧٧ ح ٣ ، وفي مسند الطيالسي : ٢٥٩ ، وصحيح مسلم ٣ : ٢٣٩ ح ١٨٥١ عن عبد الله بن عمر : « ... من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهليّة ».
٢٦

العامل الثاني

إخبار النبي والأئمة صلوات الله عليهم بأنّه سوف يولد للإمام العسكري ولد يملا الأرض قسطاً وعدلاً ويغيب ، ويلزم على كلّ مسلم أن يؤمن بذلك.

هذه الأحاديث كثيرة ، فالشيخ الصدوق في كمال الدين جعلها في أبواب :

باب ما روي عن النبي في الإمام المهدي ، ذكر فيه خمسة وأربعين حديثاً.

ثم بعد ذلك ذكر باب ما روي عن أمير المؤمنين 7 في الإمام المهدي.

ثم باب عن الزهراء سلام الله عليها وما ورد عنها في الإمام المهدي 7 ، ذكر فيه أربعة أحاديث.

ثم عن الإمام الحسن 7 ، ذكر فيه حديثين.

ثم عن الإمام الحسين 7 ، ذكر فيه خمسة أحاديث.

ثم عن الإمام السجاد 7 ، ذكر فيه تسعة أحاديث.

ثم عن الإمام الباقر 7 ، ذكر فيه سبعة عشر حديثاً.
٢٧

ثم عن الإمام الصادق 7 ، ذكر فيه سبعة وخمسين حديثاً.

وقد جمعتُ الأحاديث فكانت مائة وثلاثة وتسعين حديثاً.

هذا فقط ما يرويه الشيخ الصدوق في الاكمال (١) ، ولا أريد أن أضمّ ما ذكره الكليني في الكافي ، والشيخ الطوسي ، وغيرهما (٢) ، وربما آنذاك يفوق العدد الألف رواية.

وتبرّكاً وتيمّناً أذكر حديثاً واحداً عن النبي 6 وحديثين عن الإمام الصادق سلام الله عليه.

أمّا عن النبي 6 :

فهو ما رواه ابن عباس قال : سمعت النبي 6 يقول : « ... ألا وإنّ الله تبارك وتعالى جعلني وإيّاهم حججاً على عباده ، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري ، ويحفظون وصيّتي ، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدي أمتي ، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله ، يظهر بعد غيبة طويلة ... » إلى آخر الحديث (٣).

وبهذا المضمون أو قريب منه أحاديث كثيرة ، وبعض الأحاديث تذكر أسماء الأئمة صلوات الله عليهم.

وأمّا عن الإمام الصادق 7 :

فهو ما رواه محمد بن مسلم بسند صحيح متفق عليه قال : سمعت أبا

__________________

(١) كمال الدين : ٢٥٦ ـ ٣٨٤.

(٢) الكافي ١ : ٣٢٨ ـ ٣٣٥ ، والغيبة للطوسي : ١٥٧ ، البحار ٥١ : ٦٥ ـ ١٦٢.

(٣) كمال الدين : ٢٥٧ ح ٢ ، كفاية الأثر : ١٠.
٢٨

عبد الله 7 يقول : « إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها » (١).

وحديث آخر عن زرارة يقول : سمعت أبا عبد الله 7 يقول : « إنّ للقائم غيبة قبل أن يقوم ، يا زرارة وهو المنتظر ، وهو الذي يشك في ولادته » (٢).

فمسألة التشكيك في الولادة أخبر بها الإمام الصادق 7 من ذلك الزمان ، فكان أوّل من شكك في الولادة جعفر عمّ الإمام المهدي 7 ، لعدم اطلاعه على الولادة ، ووجود تعتيم إعلامي قوي على مسألة ولادة الإمام المهدي 7 ، نتيجة الظروف الحرجة المحيطة بالإمامة في تلك الفترة ، حتى أنّه لم يجز الأئمة التصريح باسم الإمام المهدي ، فجعفر ما كان مطّلعاً على أنّ الإمام العسكري 7 له ولد باسم الإمام المهدي ، لذلك فوجئ بالقضية وأنكر أو شكّك في الولادة ، فهو اوّل من شكك.

ثم تلاه في التشكيك ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والاهواء والنحل ، شكّك في مسألة الولادة فقال : وتقول طائفة منهم ـ أي من الشيعة ـ أنّ مولد هذا يعني الإمام المهدي الذي لم يخلق قط في سنة ستين ومائتين ، سنة موت أبيه (٣).

وتبعه على ذلك محمد اسعاف النشاشيبي في كتابه الإسلام الصحيح ، يقول : ولم يعقب الحسن ـ يعني العسكري سلام الله عليه ـ

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٤٠ ح ١٥ ، الغيبة للطوسي : ١٦١ ح ١١٨.

(٢) كمال الدين : ٣٤٢ ح ٢٤.

(٣) الفصل ٣ : ١١٤.
٢٩

ذكراً ولا أنثى (١).

على أي حال مسألة التشكيك في الولادة أخبر بها الإمام الصادق 7 ، وكانت موجودة من تلك الفترة ، فالإمام يقول لزرارة : « وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته ، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف ، ومنهم من يقول أنّه ولد قبل موت أبيه بسنتين ... » إلى أن يقول الإمام : « يا زرارة إذا أدركت ذلك الزمان فادعوا بهذا الدعاء : « اللّهم عرّفني نفسك فانّك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيّك ، اللّهم عرّفني رسولك فانّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف جحتك ، اللّهم عرّفني حجتك فانّك إن لم تعرّفني حجتك ضللت عن ديني » (٢).

واقعاً الإنسان والعياذ بالله فجأةً يضلّ عن الدين من حيث لا يشعر ، فالدعاء بهذا ضروري للبقاء بالتمسّك بهذا المذهب الصحيح : « اللّهم عرّفني حجتك فانّك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ».

ومن الأشياء التي لا تنبغي الغفلة عنها الأدعية المعروفة عن أهل البيت صلوات الله عليهم ، ومنها هذا الدعاء : « اللّهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كلّ ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً » (٣).

ومن الطبيعي أنّ الأئمة صلوات الله عليهم يذكرون هذا الدعاء

__________________

(١) الإسلام الصحيح : ٣٤٨.

(٢) كمال الدين : ٣٤٢ ح ٢٤.

(٣) الكافي ٤ : ١٦٢.
٣٠
ليعلّموا شيعتهم ، ومِنْ تعبيرهم بالحجة فقط يعلم مدى حالة الكتمان والتكتم ، حتى أنّ الوارد في الدعاء المتقدم « اللّهم كن لوليك فلان ابن فلان » كتماناً للاسم المبارك.

هذه جملة من الأحاديث ، وهي بهذا الصدد كثيرة ، رواها الكليني في الكافي والشيخ في الغيبة وغيرهما ، وهي تشكّل في الحقيقة مئات الأحاديث في هذا المجال.

وبعد هذه الكثرة فهي من حيث السند متواترة لا معنى للمناقشة فيها ، وهي واضحة غير قابلة للاجتهاد ، وإلاّ لكان ذلك اجتهاداً في مقابل النص.

هذا هو العامل الثاني من عوامل نشوء اليقين بولادة الإمام المهدي سلام الله عليه.
٣١
٣٢

العامل الثالث

رؤية بعض الشيعة للإمام المهدي 7 ، كما حدّثت به مجموعة من الروايات الأخرى ، وهذه الروايات التي سأذكرها هي غير الروايات التي ذكرها الشيخ الصدوق في كمال الدين.

فرغم التعتيم الإعلامي بالنسبة إلى اسم الإمام وولادته 7 الذي قام به الأئمة : ، السلطة اطلعت من خلال إخبار النبي وأهل البيت أنّه سوف يولد شخص من ذرّية الإمام العسكري يملأ الأرض قسطاً وعدلاً وتزول على يده المباركة السلطات الظالمة ، انهم كانوا مطلعين ويراقبون الأوضاع ، كما اطلع فرعون على مثل هذه القضية وكان يراقب الأوضاع ويراقب النساء ويراقب القوابل ، ونفس القضية اتبعها بنو العباس في زمان المعتمد العباسي ، فكانوا يراقبون الأوضاع ، ولذلك كانت القضيّة تعيش كتماناً شديداً من هذه الناحية.

حتى أنّ الإمام الهادي سلام الله عليه يروي عنه الثقة الجليل أبو القاسم الجعفري داود بن القاسم الرجل العظيم الثقة الجليل ويقول : سمعت أبا الحسن ـ يعني الإمام الهادي 7 ـ يقول : « الخلف من بعدي الحسن ابني ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟ » فقلت : ولم جعلني
٣٣

الله فداك ؟ فقال : « إنّكم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه » ، فقلت : فكيف نذكره ؟ قال : « قولوا الحجة من آل محمّد » (١).

على اي حال ، رغم هذا التعتيم الإعلامي الذي حاول الأئمة : أن يقوموا به رأى الإمام المهدي 7 جماعة من الشيعة.

ينقل الشيخ الكليني عن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعاً عن عبد الله بن جعفر الحميري.

وهذا السند في غاية الصحة والوثاقة ، فالشيخ الكليني معروف إذا حدّث هو مباشرة بكلام يحصل من نقله اليقين ، ومحمد بن عبد الله هو محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري من الثقات الأجلّة الأعاظم ، ومحمّد بن يحيى العطار هو استاذ الشيخ الكليني من الأعاظم الأجلّة ، فاثنان من أعاظم مشايخ الكليني الكبار ينقل عنهم ، وعبد الله بن جعفر الحميري معروف بالوثاقة والجلالة.

يقول عبد الله بن جعفر الحميري : اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (٢) عند احمد بن اسحاق (٣) ، فغمزني أحمد بن اسحاق أن أساله عن الخلف ، فقلت له : يا ابا عمرو إني أريد أن أسالك عن شيء وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه ، فإنّ اعتقادي وديني أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، ... ولكن أحببت أن أزداد يقيناً ، فانّ إبراهيم 7 سأل ربه عزوجل أن يريه كيف يحيي الموتى فقال : أولم تؤمن ؟ قال : بلى ولكن

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٢٨ ، كمال الدين : ٣٨١ ح ٥.

(٢) عمرو بن عثمان بن سعيد العمري السمّان.

(٣) احمد بن اسحاق القمي الأشعري المعروف بالوثاقة.
٣٤

ليطمئنّ قلبي ، وقد أخبرني أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن ـ يعني عن الإمام الهادي 7 ـ قال : سألته وقلت : من أعامل ؟ وعمّن آخذ وقول من أقبل ؟ فقال : « العمري ثقتي ، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع ، فإنه الثقة المأمون » ، وأخبرني أبو علي أنّه سأل ابا محمّد 7 ـ يعني الإمام العسكري 7 ـ عن مثل ذلك ؟ فقال : « العمري وابنه ثقتان ، فما أدّيا إليك فعنّي يؤدّيان وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ، فإنهما الثقتان المأمونان » ، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك ، قال : فخرّ أبو عمرو ساجداً وبكى ثم قال : سل حاجتك ، فقلت له : أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد ؟ ـ يعني من بعد العسكري ـ فقال : إي والله ... فقلت له : فبقيت واحدة ، فقال لي : هات ، قلت : الاسم ؟ قال : محرّم عليكم أن تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي ، وليس لي أن أحلّل ولا أحرم ، ولكن عنه 7 ، فإنّ الأمر عند السلطان أنّ أبا محمد مضى ولم يخلّف ولداً وقسّم ميراثه ... فاتقوا الله وامسكوا عن ذلك » (١).

فهل هذه الرواية قابلة للاجتهاد من حيث الدلالة ؟

انها من حيث الدلالة صريحة ، ويتمسّك بها الأصوليّون في مسألة حجيّة خبر الثقة ، وقد ذكر السيد الشهيد الصدر في أبحاثه أنّ هذه الرواية لوحدها تفيدنا اليقين ـ وقد ذكر ذلك لا بمناسبة الإمام المهدي ، بل بمناسبة حجية خبر الثقة ـ اذ هناك إشكال يقول ان هذه الرواية هي خبر واحد فكيف نستدل بها على حجيّة خبر الواحد ؟ ما هذا إلاّ دور في هذا

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٢٩ ح ١ ، الغيبة للطوسي : ٢٤٣ ح ٢٠٩.
٣٥


المجال ، وكان السيد الشهيد يريد أن يثبت أنّ هذه الرواية تفيد اليقين ، لأنّ الشيخ الكليني كلّما ينقل ويقول : أخبرني ، فلا نشك في اخباره ، والذي أخبره هو محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى العطار ، وهما من أعاظم الشيعة لا نحتمل في حقّهم أنّهم كذبوا أو أخطأوا ويحصل القطع من نقلهما ، وهما ينقلان عن عبد الله بن جعفر الحميري الذي هو من الأعاظم ، وهو ينقل مباشرةً عن السفير الأول للإمام سلام الله عليه ، والسفير يقول : أنا رأيت الخلف بعيني.

فهذه الرواية لوحدها يمكن أن يحصل منها اليقين ، وهي واضحة في الدلالة على أنّه قد رئي الإمام صلوات الله وسلامه عليه.

وهناك رواية أخرى تنقل قصة حكيمة بنت الإمام الجواد سلام الله عليه ، وهذه القصة مشهورة ، ولكن لا بأس أن أشير إلى بعض مقاطعها ، وهي مذكورة في كتاب كمال الدين وغيره.

تنقل حكيمة : بعث إليّ أبو محمد سلام الله عليه سنة خمس وخمسين ومائتين في النصف من شعبان وقال : يا عمّة اجعلي الليلة إفطارك عندي فإنّ الله عزوجل سيسرّك بوليّه وحجّته على خلقه خليفتي من بعدي ، قالت حكيمة : فتداخلني لذلك سرور شديد وأخذت ثيابي عليّ وخرجت من ساعتي حتى انتهيت إلى أبي محمد 7 وهو جالس في صحن داره وجواريه حوله ، فقلت : جعلت فداك يا سيدي الخلف ممّن هو ؟ قال : من سوسن ـ في بعض الروايات سوسن ، وفي بعضها نرجس ، وفي بعضها شيء آخر ـ وقلت أنّ هذه الاختلافات لا يمكن أن يتشبّث بها شخص ويقول هذه الروايات مردودة لأنها مختلفة ، فان هذا
٣٦

ليس له أثر ـ فأدرتُ طرفي فيهنّ فلم أرَ جارية عليها أثر غير سوسن ، قالت حكيمة : فلمّا صلّيت المغرب والعشاء أتيت بالمائدة فأفطرت أنا وسوسن وبايتّها في بيت واحد ، فغفوت غفوة ثم استيقظت ، فلم أزل مفكرة فيما وعدني أبو محمد من أمر ولي الله ، فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كلّ ليلة للصلاة ، فصلّيت صلاة الليل حتى بلغت إلى الوتر ، فوثبت سوسن فزعة وخرجت فزعة واسبغت الوضوء ، ثم عادت ـ يعني امّ الإمام المهدي 7 ـ فصلّت صلاة الليل وبلغت الوتر ، فوقع في قلبي أنّ الفجر قد قرب ، فقمت لانظر فإذا بالفجر الأول قد طلع ، فتداخل قلبي الشك من وعد أبي محمد 7 فناداني من حجرته : « لا تشكّي وكأنّك بالأمر الساعة » ، قالت حكيمة : فاستحييت من أبي محمد وممّا وقع في قلبي ورجعت إلى البيت خجلة ، فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة ، فلقيتها على باب البيت فقلت : بأبي أنت وأمي هل تحسّين شيئاً ؟ قالت : نعم يا عمّة إنّي لاجد أمراً شديداً ، قلت : لا خوف عليك إن شاء الله ، وأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت وأجلستها عليها وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة ، فقبضت على كفي وغمزت غمزةً شديدة ثم أنّت أنّة وتشهّدت ونظرت تحتها فإذا أنا بولي الله صلوات الله عليه متلقّياً الأرض بمساجده (١).

ونقل الشيخ الطوسي أيضاً في الغيبة حديثاً ظريفاً فقال :

جاء أربعون رجلاً من وجهاء الشيعة اجتمعوا في دار الإمام العسكري ليسألوه عن الحجة من بعده ، وقام عثمان بن سعيد العمري

__________________

(١) الغيبة للطوسي : ٢٣٤ ح ٢٠٤.
٣٧

فقال : يابن رسول الله أريد أن أسالك عن أمر أنت أعلم به منّي ، فقال له : إجلس يا عثمان ، فقام مغضباً ليخرج ، فقال : لا يخرجنّ أحد ، فلم يخرج منّا أحد ، إلى أن كان بعد ساعة فصاح 7 بعثمان فقام على قدميه فقال : أخبركم بما جئتم ؟ قالوا : نعم يا بن رسول الله ، قال : جئتم تسألوني عن الحجة من بعدي ؟ قالوا : نعم ، فاذا غلام كأنّه قطعة قمر أشبه الناس بأبي محمد ، فقال : هذا إمامكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم ، ألا وانّكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتمّ له عمر ، فاقبلوا من عثمان ما يقوله ، وانتهوا إلى أمره ، واقبلوا قوله ، فهو خليفة إمامكم والأمر إليه » (١).

هذه اربع روايات نقلتها لكم ، والروايات في هذا الصدد كثيرة جدّاً ، وحسبنا ما روي في رؤية الإمام الذي هو في الحقيقة يمكن أن يشكّل مقدار التواتر.

__________________

(١) الغيبة للطوسي : ٣٥٧ ح ٣١٩.
٣٨

العامل الرابع

وضوح فكرة ولادة الإمام المهدي 7 بين الشيعة ، فالذي يقرأ التاريخ ويقرأ الروايات يفهم أنّ الشيعة من الزمان الأول كانوا يتداولون فكرة الإمام المهدي وأنّه يغيب ، وكانت قضية واضحة فيما بينهم ، ولذلك نرى أنّ الناووسية ادعت أنّ الإمام الغائب هو الإمام الصادق 7 ، ولكن بعد وفاة الإمام الصادق اتضح بطلان هذه العقيدة ، والواقفيّة ادعوا أنّ الإمام المهدي الذي يبقى هو الإمام موسى بن جعفر سلام الله عليه ، والفت النظر إلى ان هذا لا ينبغي سبباً لتضعيف فكرة الإمام المهدي ، بل بالعكس ، هذا عامل للتقوية ، لأنّ هذا يدل على أنّ هذه الفكرة كانت فكرة واضحة بين الأوساط ، ولذلك ينسبون إلى بعض الأئمة نسبة غير صحيحة وان هذا هو الإمام المهدي أو ذاك.

وإذا راجعنا كتاب الغيبة للشيخ الطوسي نجده يذكر بعنوان الوكلاء المذمومين عدّة ، منهم : محمد بن نصير النميري ، أحمد بن هلال الكرخي ، محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني ، وغير ذلك إلى عشرة أو أكثر من الذين أدعوا الوكالة والسفارة عن الإمام كذباً وزوراً وخرجت عليهم اللعنة وتبّرأ منهم الشيعة.
٣٩

وهذا العامل أيضاً لا يكون سبباً لتضعيف فكرة الإمام المهدي وولادته وغيبته ، بل هذا في الحقيقة عامل للتقوية ، اذ يدلّ على أنّ هذه الفكرة كانت واضحة وثابتة ، لذلك ادعى هؤلاء الوكالة كذباً وزوراً ، وخرجت البراءة واللعنة في حقهم.

إذن هذا العامل الرابع من عوامل حصول اليقين بفكرة الإمام المهدي 7.
٤٠
العامل الخامس

ان قضية السفراء الاربعة وخروج التوقيعات بواسطتهم قضيته واضحة في تاريخ الشيعة ، ولم يشكك فيها أحد من زمان الكليني الذي عاصر سفراء الغيبة الصغرى ووالد الشيخ الصدوق علي بن الحسين وإلى يومنا ، انه لم يشكك أحد من الشيعة في جلالة هؤلاء السفراء ولم يحتمل كذبهم ، وهم أربعة :

الأول : عثمان بن سعيد أبو عمرو ، الذي قرأنا الرواية المتقدمة عنه ، وكان عثمان بن سعيد السمّان يبيع السمن في الزقاق ، وكانت الشيعة توصل له الكتب والأموال فيضعها في الزقاق ، حتى يخفي القضية ثم يوصلها إلى الإمام ، وكان هذا وكيلاً عن الإمام الهادي وعن الإمام العسكري وبعد ذلك عن الإمام الحجة صلوات الله عليهم.

الثاني : محمد بن عثمان بن سعيد.

الثالث : الحسين بن روح.

الرابع : علي بن محمد السمري.

هؤلاء أربعة سفراء أجلّة ، خرجت على أيديهم توقيعات ـ استفتاءات ـ كثيرة ، نجد جملة منها في كمال الدين ، وفي كتاب الغيبة ،
٤١

وكتب أخرى.

ان هذه السفارة والسفراء الذين ما يحتمل في حقّهم الكذب ، وخروج هذه التوقيعات الكثيرة بواسطتهم هو نفسه قرينة قويّة على صحة هذه الفكرة ، أي : فكرة ولادة الإمام المهدي ، وعلى أنّه غائب صلوات الله وسلامه عليه.
٤٢

العامل السادس

تصرّف السلطة ، فان تاريخ الإماميّة وغيرهم ينقل أنّ المعتمد العباسي بمجرّد أن وصل إلى سمعه أنّه ولد للإمام مولود أرسل شرطته إلى دار الإمام وأخذوا جميع نساء الإمام واعتقلوهنّ حتى يلاحظوا الولادة ممّن ؟ طبيعي بعض التاريخ ينقل أنّ القضية كلها كانت بإرشاد جعفر عمّ الإمام المهدي ، وهذا غير مهمّ ، فان نفس تصرّف السلطة قرينة واضحة على أنّ مسألة الولادة ثابتة ، وإلاّ فهذا التصرف لا داعي إليه.
٤٣
٤٤

العامل السابع

ان كلمات المؤرّخين وأصحاب التاريخ والنسب من غير الشيعة واضحة في ولادة الإمام المهدي ، منهم :

ابن خلكان قال : أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري ، ثاني عشر الأئمة الإثني عشر على اعتقاد الإمامية ، المعروف بالحجة ، كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين (١).

والذهبي قال : وأما ابنه محمد بن الحسن الذي تدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة ، فولد سنة ثمان وخمسين ، وقيل : سنة ست وخمسين (٢).

وابن حجر الهيتمي قال : ولم يخلّف ـ يعني الإمام العسكري ـ غير ولده أبي القاسم محمد الحجة ، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين (٣).

وخير الدين الزركلي قال : ولد في سامراء ، ومات أبوه وله من العمر خمس سنين (٤).

__________________

(١) وفيات الأعيان ٤ : ١٧٦ رقم : ٥٦٢.

(٢) تاريخ الإسلام ١٩ : ١١٣ رقم : ١٥٩.

(٣) الصواعق : ٢٥٥ و ٣١٤.

(٤) الاعلام ٦ : ٨٠.
٤٥
إلى غير ذلك من كلمات المؤرخين العامة ، وهي تشكّل قرينة على صحة هذه القضية.
٤٦

العامل الثامن

تباني الشيعة واتفاقهم من زمان الكليني ووالد الشيخ الصدوق وإلى يومنا هذا على فكرة الإمام المهدي 7 وغيبته ، وفي كل طبقات الشيعة لم نجد من شكك في ولادة الإمام وفي غيبته ، وهذا من أصول الشيعة وأصول مذهبهم.
٤٧

حساب الاحتمال

هذه عوامل ثمانية لنشوء اليقين ، وقبل أن أختم محاضرتي أقول :

نحن إمّا أن نسلّم بكثرة الأخبار وتواترها ووضوح دلالتها على الغيبة ، ومعه فلا يمكن لاحد أن يجتهد في مقابلها ، لأنّه اجتهاد في مقابل النص.

أو لا نسلّم التواتر ، ولكن بضميمة سائر العوامل إلى هذه الأخبار ـ التي منها : تباني الشيعة ، وكلمات المؤرخين ، ووضوح فكرة الإمام المهدي وولادته بين طبقات الشيعة من ذلك التاريخ السابق ، وتصّرف السلطة ، ومسألة السفارة والتوقيعات ، وغير ذلك من العوامل ـ يحصل اليقين بحقانية القضية.

إذن نحن بين أمرين :

امّا التواتر ، على تقدير التسليم بكثرة الأخبار وتواترها.

أو اليقين ، من خلال ضم القرائن على طريقة حساب الاحتمال.

نسأل الله عزّوجلّ بحقّ محمّد وآل محمّد أن يهدينا إلى الصراط المستقيم.
٤٨



 
  • بحوث حول المهدي عليه السلام

    • الامام المهدي (عج) و دولة العدل الالهي | زكية كاظم جبار

      الزيارات: 17005

      بسم الله الرحمن الرحيمالمقدمةالحمد لله الذي جعل الحمد مجازاً الى حقيقة شكره وذريعة الى بلوغ رضوانه وجميل ذكره والصلاة والسلام على محمد الذي اجاز لح الحق قرب (قاب قوسين او ادنى وعلى اوصيائه وحملة عبئه أئمة الهدى ومصابيح الدجى (ذرية بعضها من بعض والله سميع...

      المزيد

    • أدلة مشتركة بين عموم المسلمين أنّ لهذه الاُمّة مهدياً | سيد علي الميلاني

      الزيارات: 5810

      وفي هذا الفصل نحاول أنْ نستدلّ بأدلة مشتركة بين عموم المسلمين ، وأقصد من عموم المسلمين الشيعة الاماميّة الاثني عشريّة وأهل السنّة بجميع مذاهبهم.في هذا الفصل نقاط وهي نقاط الاشتراك بين الجميع :النقطة الاولى : لا خلاف بين المسلمين في أنّ لهذه الاُمّة مهدياً ،...

      المزيد

    • الأمل يخفف ثقل الابتلاء | الشيخ كاظم القره غولي

      الزيارات: 1634

      الشيخ كاظم القره غولي إنّ الأمر المرتبط بقيام دولة الحق التي ستبسط فيها يد المعصوم عليه السلام على جميع أرجاء الدنيا، وانتشار العدل وسيادته، بنحو ساغ أن يعبر في الروايات الشريفة أنّه عليه السلام (يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)، فشدت النفوس...

      المزيد

    • الرجعة زمن الظهور في الأحاديث | شبكة السادة المباركة

      الزيارات: 5074

         قال تعالى (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ))أرسل الله تعالى الرسول وأنزل عليه القرآن هدى للناس وتبيينا لأمور دينهم ودنياهم وبما ان هذا القرآن فيه المحكم والمتشابه وفيه الظاهر...

      المزيد

    • القوّة الالهيّة عند صاحب الزمان عج | السيد علي الصدر

      الزيارات: 38599

      القوّة الالهيّة : هناك سؤال يُطرح كثيراً في أنه كيف يغلب الامام المهدي ( عليه السلام ) ويستولي على العالم ، وكيف تخضع له الحكومات مع امتلاكهم هذه الأسلحة الفتّاكة ، والأجهزة الحديثة ؟ وسرعان ما يتجلّى الجواب إذا عرفنا بأنّه ( عليه السلام ) مقرون بلا فصل مع...

      المزيد

    • المهدي عليه السلام من ولد فاطمة عليها السلام | الشيخ حسان سويدان

      الزيارات: 7581

      المهدي عليه السلام من ولد فاطمة عليها السلام الشيخ حسان سويدان عن سعيد بن المسيب قال: كنا عند أم سلمة، فتذاكرنا المهدي عليه السلام فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: المهدي حق وهو من ولد فاطمة، وعن الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه انّ النبي صلى...

      المزيد

    • النصّ على عدد الاثني عشر عند الاماميه

      الزيارات: 3298

      وهذه الأخبار على ضربين : أحدهما يتضمّن النصّ على عدد الاثني عشر على الجملة ، والثاني : يتضمّن النصّ على أعيان الأئمّة الاثني عشر على التفصيل. فأمّا الضرب الأول منهما: فنحو ما رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن ابن...

      المزيد

    • دور الأسرة في التمهيد للإمام المهدي عليه السلام | الشيخ حسين الاسدي

      الزيارات: 5365

      تناقل علماء الاجتماع كلمة رفعوها شعاراً لبدء سعادة المجتمع، هي (انّ سعادة المجتمع تبدأ من سعادة الاسرة). فإنّ الاسرة هي نواة المجتمع، وكلّما تماسكت الاسرة كلّما كان المجتمع اقرب الى التماسك والسعادة.وهذه حقيقة واقعية لا ينكرها إلاّ مكابر. فالفرد اذا نشأ في...

      المزيد

    • في إثبات إمامة المهدي عليه السلام ووجوده | السيد علي بن عبد الكريم النجفي

      الزيارات: 3564

      لابدّ من ذكر إثبات إمامة المهدي عليه السلام ووجوده وعصمته بالأدلة العقلية، وإنْ كان إثبات إمامة آبائه عليهم السلام يثبت بها وجوده وإمامته، لأنّ ذلك أصل يترتب على هذا، ومقام يرجع هذا البحث إليه، ولكنْ نذكر هنا ما يقطع حجّة جاحديه ويعلم أنّ الحق (له) ومعه...

      المزيد

    • في غيبة ادريس النبي عليه السلام | الشیخ الصدوق

      الزيارات: 13715

      ( في غيبة إدريس النبي عليه السلام )فأول الغيبات غيبة إدريس النبي عليه السلام المشهورة حتى آل الامر بشيعته إلى أن تعذر عليهم القوت وقتل الجبار من قتل منهم وأفقر وأخاف باقيتهم ، ثم ظهرعليه السلام فوعد شيعته بالفرج وبقيام القائم من ولده ، وهو نوح عليه السلام...

      المزيد

    • فيما ذكر في بيان عمره الشريف عج | الشيخ الطوسي

      الزيارات: 5092

      فيما ذكر في بيان(1) عمره عليه السلامقد بينا بالاخبار الصحيحة بأن مولد صاحب الزمان عليه السلام كان في سنة ست وخمسين ومائتين وأن أباه عليه السلام مات في سنة ستين(2) فكانت له حينئذ أربع سنين فيكون عمره إلى حين خروجه ما يقتضيه الحساب ولا ينافي ذلك الاخبار التي...

      المزيد

    • قراءة في كتاب ترجمة الامام المنتظر عليه السلام | محمد الخاقاني

      الزيارات: 1769

      جاء الكتاب في طبعته الأولى ١٤٣٦هـ بـ(١٣٤) صفحة من القطع الوزيري.وهو من نشر وتقديم مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلامفي النجف الأشرف. ومن تحقيق وتعليق الشيخ محمد جاسم الماجدي.

      المزيد

    • كيف نؤمن بأن المهدي ع قد وجد | السيد محمد الصدر

      الزيارات: 10266

      ( المبحث الخامس ) كيف نؤمن بأن المهدي قد وجد  (102) ونصل الآن إلى السؤال الرابع وهو يقول : هب أنّ فرضية القائد المنتظر ممكنة بكلّ ما تستبطنه من عمر طويل ، وإمامة مبكرة ، وغيبة صامتة ، فإنّ الإمكان لا يكفي للاقتناع بوجوده فعلاً. فكيف نؤمن فعلاً بوجود المهدي؟ وهل تكفي بضع روايات...

      المزيد

    • ما روي من النصوص على أعيان الأئمّة الاثني عشر

      الزيارات: 4549

      وأما الضرب الثاني ـ وهو ما روي من النصوص على أعيان الأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام ـ فمن ذلك : ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه رحمه‌الله قال : حدّثنا أبي ، ومحمد بن موسى بن المتوكّل ، ومحمد بن عليّ ماجيلويه ، وأحمد بن عليّ بن إبراهيم ، والحسين بن إبراهيم بن ناتانه ،...

      المزيد

    • ماهي دابة الأرض التي استدلو بها على الرجعه

      الزيارات: 30480

      ماهي دابة الأرض؟ الدابة تطلق في اللغة على كلِّ ما يدبُّ ويتحرك على وجه الأرض من الإنسان والحيوان وغيره ، قال تعالى : ( وَمَا مِن دابَّةٍ في الأرضِ إلاّ على اللّه رِزقُها ) (3) ، وقال تعالى : ( ولو يُؤاخِذُ اللّه النَّاسَ بِظُلمِهِم مَّا تَرَكَ عَليها مِن...

      المزيد

    • نبي الله داود و المهدي عليهما السلام | شبكة السادة المباركة

      الزيارات: 8081

      نبي الله داود و المهدي عليهما السلام    فلمّا كان زمان داوود (عليه السلام) كان له أربعة إخوة ولهم أب شيخ كبير، وكان داوود من بينهم خامل الذِّكر وكان أصغر أخوته لا يعلمون أنّه داوود النبي المنتظر الَّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده، وكانت الشيعة يعلمون أنّه قد وُلد وبلغ...

      المزيد

    • وجه الانتفاع بالإمام الغائب عليه السلام | الشيخ محمد علي الدكسن

      الزيارات: 6628

      لقد وردت أحاديث متعددة تذكر فوائد وجود الإمام الغائب عليه السلام ووجه الانتفاع به، وفيما يلي نذكر بعضها:- جاء في (كمال الدين) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: أنّه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل ينتفع الشيعة بالقائم عليه السلام في...

      المزيد

    • وفود بالأموال التي كانت تحمل على الرسم للامام العسكري | السيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم النيلي النجفي

      الزيارات: 2266

      ومن ذلك بالطريق المذكور يرفعه إلى أبي الحسن عليّ بن سنان الموصلي ، قال : حدّثني أبي ، قال : لمّا قبض سيّدنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليه‌السلام قدم من قم والجبال وفود بالأموال التي كانت تحمل على الرسم [ والعادة ] (1) ، ولم يكن عندهم خبر بوفاة الحسن...

      المزيد

    • آثار استعجال الناس للظهور | السيد محمد علي بحر العلوم

      الزيارات: 2021

        روي عن الإمام الصادق عليه السلام: (إنما هلك الناس من استعجالهم لهذا الأمر إنّ الله عز وجل لا يعجَلُ لعجلة العباد إنّ لهذا الأمر غايةً ينتهي إليها فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعةً ولم يستأخروا).

      المزيد

    • أدلة السفارة | الشيخ محمد آل عبيدان القطيفي

      الزيارات: 4054

      كيف يتمّ تعيين شخص من الأشخاص سفيراً للناحية المقدّسة؟.وكيف يحرز المجتمع الشيعي سفارته؟.من الطبيعي لابدّ وأنْ يكون ما يأتي به السفير المدّعي لمنصب السفارة يشتمل جانبين، يشتمل الجانب الإعجازي منجهه، كما يشتمل ما يوجب التصديق به، بأنْ يكون أمراً معروفاً...

      المزيد

    < 1 2 3 >