دولة الأمام المهدي عليه السلام

طباعة


الفصل الثالث
دولة الامام المهدي ( عليه السلام )

هي هي دولة الله تعالى ، ودولة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والدولة الكريمة ، والدولة الشريفة ، ودولة الحق ، كما جاء تسميتها بها في الأحاديث المباركة.
ففي حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« فأين دولة الله ؟ اما هو قائم واحد » (1).
وفي الحديث الآخر عنه ( عليه السلام ) :
« ودولتنا في آخر الدهر تظهر » (2).
وفي دعاء الافتتاح الشريف كما في الحديث أيضاً :
« اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة » (3).
وفي الزيارة المباركة للامام المهدي ( عليه السلام ) :
« السلام عليك ايها المؤمّل لاحياء الدولة الشريفة » (4).
وفي حديث توصيف أصحابه ( عليه السلام ) :
1 ـ البحار ، ج 51 ، ص 54 ، ب 5 ، ح 38.
2 ـ البحار ، ج 51 ، ص 143 ، ب 6 ، ح 3. «
3 ـ البحار ، ج 91 ، ص 6 ، ب 2 ، ح 2.
4 ـ البحار ، ج 102 ، ص 86 ، ب 7 ، ح 1.
(74)
« منتظرون لدولة الحق » (1).
وبدراستها تعرف أنها دولة السماء في الأرض ، وأفضل دول العالم ، منذ خلق الله تعالى آدم ( عليه السلام ).
في هذه الدولة يتبدل الخوف الى الأمن ، والفقر الى الغنى ، والحزن الى السرور ، والجحيم الى النعيم ، والظلم الى العدل ، والجهل الى العلم ، والفساد الى الصلاح ، والضعف الى القوّة ، والذبول الى النضارة ، ويكون فيها كل الخيرات ، والخيرات كلها.
وما أجمل ما جاء من وصفها في الحديث :
« وفي أيام دولته تطيب الدنيا وأهلها » (2).
طيباً لا كدر فيه ، وصلاحاً لا فساد فيه ، وسَعداً لا نحس فيه.
فهي الحَريّة بأن يكون عصرها أفضل العصور ، عصر النور ، عصر العلم ، عصر القدرة ، عصر السعادة ، عصر السلامة ، عصر المعجزات ، عصر الخير ، وخير عصر.
وفي الحديث :
« يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً » (3).
كل ذلك ببركة دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) في قيادته الالهية الحكيمة. تلك القيادة التي يهيمن بها من عاصمته العصماء ، على جميع الاماكن والأرجاء ؛ هيمنةً تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته.
ففي حديث أبي بصير ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) :
« إنه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر ، رفع الله تبارك وتعالى له كلَّ
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 126 ، ب 22 ، ح 20.
2 ـ المهدي ، ص 266.
3 ـ الغيبة للشيخ النعماني ، ص 237.
(75)
منخفض من الأرض ، وخفّض له كلَّ مرتفع ، حتّى تكون الدُّنيا عنده بمنزلة راحته ، فأيّكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها » (1).
وفي حديث آخر :
« يُنصب له عمودٌ من نور من الأرض الى السماء فيرى فيه اعمال العباد ، وأن له علوماً مذخورة تحت بلاطة في اهرام مصر ، لا يصل إليها أحدٌ قبله » (2).
وفي الحديث الآخر :
« إن الدنيا تتمثل للامام مثل فلقة الجوز ، فلا يعزب عنه منها شيء ، وانه يتناولها من اطرافها كما يتناول احدكم من فوق مائدته ما يشاء » (3).
وفي الحديث العلوي قال :
« قد أعطانا ربّنا عزّ وجلّ علمنا للاسم الأعظم الّذي لو شئنا خرقت السماوات والأرض والجنّة والنّار ، ونعرج به إلى السماء ونهبط به الأرض ونغرّب ونشرّق ، وننتهي به إلى العرش فنجلس (4) عليه بين يدي الله عزّوجلّ ، ويطيعنا كلّ شيء ، حتّى السماوات ، والأرض ، والشمس والقمر ، والنجوم ، والجبال ، والشجر ، والدّوابّ ، والبحار ، والجنّة ، والنار ؛ أعطانا الله ذلك كلّه بالاسم الاعظم الّذي علّمنا وخصّنا به.
ومع هذا كلّه نأكل ونشرب ونمشي في الأسواق ، ونعمل هذه الاشياء
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 328 ، ب 27 ، ح 46.
2 ـ كمال الدين ، ص 565.
3 ـ الاختصاص ، ص 217.
4 ـ لا يخفى أن هذا البيان كناية عن شدّة قربهم المعنوي ، وعظم منزلتهم عند الله تعالى.
أو كناية عن أحاطتهم العلميّة بأمور السماوات والأرضين بافاضة الله تعالى لهم.
أو بمعنى عظيم قدرتهم على الأمور بواسطة هذه المخلوقات وإطاعتها لهم.
(76)
بأمر ربنّا ، ونحن عباد الله المكرمون الّذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون » (1).
فقيادة هذه الدولة ، يمدها رب الأرض والسماء بأفضل ما كان يمدّ به الاولياء في ولايتهم التكوينية وقدرتهم الربّانية.
ولا شك أن الله تعالى قادر على شيء ، وتنفذ قدرته في كل شيء.
وَهَب يسيراً من قدرته لسليمان بن داود ( عليهما السلام ) ، فسخّر بها المخلوقات.
وأعطى حرفاً من إسمه الأعظم لآصف بن برخيا ، فأتى بعرش بلقيس من سبأ بلمح البصر.
وستعرف من خلال الأحاديث الشريفة الآتية أن دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) الربانيّة العالميّة أعظم وأعظم من دولة نبي الله سليمان ( عليه السلام ) ، ومن مُلكِ ذي القرنين.
فدولة النبي سليمان ( عليه السلام ) شملت فلسطين وبلاد الشام ، ولم تشمل مصر وأفريقيا ، ولم تتجاوز الى الهند والصين (2).
بينما دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) تشمل جميع مناطق العالم ، بل تنفتح على العوالم الأخرى.
كما وان مدة دولة النبي سليمان ( عليه السلام ) كانت نحو نصف قرن فقط ، ثم وقع الانحراف بعد وفاته ، وتمزّقت الدولة ، ووقعت المعركة بين مملكتي القدس ونابلس (3).
بينما دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) مستمرة الى آخر الدنيا ، ولا دولة بعدها أبدا.
وكذا ذوالقرنين الذي آتاه الله الملك ، وبلغ مطلع الشمس ومغربها من الأرض ، ولكن لم يتوصل الى السماء.
1 ـ البحار ، ج 26 ، ص 7 ، ب 13 ، ح 1.
2 ـ عصر الظهور ، ص 265.
3 ـ عصر الظهور ، ص 266.
(77)
بينما الامام المهدي ( عليه السلام ) تُسخّر له السماوات والارضون.
ففي حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) : ـ
« أما إن ذا القرنين قد خُيّر بين السحابين فاختار الذلول ، وذخر لصاحبكم الصعب.
قال : قلت : وما الصعب ؟
قال ( عليه السلام ) : ما كان فيه رعد وصاعقة وبرق ، فصاحبكم يركبه.
أما إنه سيركب السحاب ، ويرقى في الأسباب ، أسباب السماوات السبع ، والأرضين السبع » (1).
فالإمام المهدي ( عليه السلام ) منحه الله تعالى ما فوق ذلك ، وخصّه بأعظم ما هنالك من الاعجازات الالهيّة ، والقدرات الربانيّة التي ما كان ولم يكن لها مثيلٌ ونظير ... متعنا الله تعالى بدولته وأقرَّ عيوننا بطلعته.
وينبغي أن نشير الى غيض من فيض ملامح تلك الدولة السامية في الصحائف التالية :
1 ـ نظامُ الدّولة
نظام دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) نظام فريدٌ في نوعه ، قِمّةٌ في سموّه ، موفّق في جميع المجالات ، متقّنٌ في كافّة المهمات.
نظام يقوده إمام معصوم ، لا زلل فيه ولا خطل ، متصلٌ بربّ السماء ، ومُلهم بأصح الآراء ، يؤيّده روح القدس والروح الأمين ، ويُرافقه ملائكة الله المقرّبين.
نظامٌ لا مثيل له ، بل هو خلافة الله في أرضه ، وحكومة الله في خلقه ، عظيمٌ
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 321.
(78)
كعظمة السماء ، وثابت كثُبات الأرض ، في أتمّ التقدير وأكمل التدبير.
وذلك لأنه النظام الالهي الأمثل ، الذي نظّمه الله الحكيم الذي أتقن كل شيء صُنعَه ، وعرف ما يُصلح خلقَه ، ورسمه له الله الخبير الذي أحاط بكل شيء علماً ، ونفذ في كل شيء قدرةً وحُكماً.
ويكفيك دليلاً على إتقان هذا النظام وصدوره من الله العلاّم ، أحاديث ربّانيّة علم الامام وبيان ما رسمه الله له من المهام ، وروايات دولته ، ونصوص الوصية الواصلة اليه من جدّه ، مثل : حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) قال :
« إنّ الله عزّوجلّ أنزل على نبيّه ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً قبل وفاته ، فقال : يا محمّد ! هذه وصيّتك إلى النجبة من أهلك.
قال : وما النجبة يا جبرئيل ؟
فقال : عليٌ بن أبي طالب وولده ( عليهم السلام ) ، وكان علي الكتاب خواتيم من ذهب.
فدفعه النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) إلى أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) وأمره أن يفكَّ خاتماً منه ويعمل بما فيه.
ففكَّ أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) خاتماً وعمل بما فيه.
ثمَّ دفعه إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) ، ففكَ خاتماً وعمل بما فيه.
ثمَّ دفعه إلى الحسين ( عليه السلام ) ، ففكّ خاتماً (1) فوجد فيه أن اخرج بقوم إلى الشهادة ، فلا شهادة لهم إلاّ معك ، وإشْرِ نفسك ( أي بعها ) لله عزّوجلّ ، ففعل.
ثمَّ دفعه إلى عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) ، ففكَّ خاتماً فوجد فيه أن اطرق ، واصمت وألزم منزلك ، واعبد ربّك حتى يأتيك اليقين ، ففعل.
1 ـ لعل الخواتيم كانت متفرقة في مطاوي الكتاب ، بحيث كلما نُشرت طائفة من مطاويه انتهى النشر الى خاتم يمنع من نشر ما بعدها من المطاوي إلاّ أن يفضّ الخاتم كما في هامش الكافي.
(79)
ثمَّ دفعه إلى محمّد بن عليّ ( عليه السلام ) ففكَّ خاتماً فوجد فيه : حدِّث الناس وافتهم ولا تخافنَّ إلاّ الله عزَّوجلَّ ، فإنَّه لا سبيل لأحد عليك [ ففعل ].
ثمَّ دفعه إلى ابنه جعفر ، ففكَّ خاتماً فوجد فيه : حدِّث الناس وافتهم ، وانشر علوم أهل بيتك ، وصدِّق آبائك الصالحين ، ولا تخافنَّ الله عزَّوجلَّ ، وأنت في حرز وأمان ، ففعل.
ثمَّ دفعه إلى ابنه موسى ، وكذلك يدفعه موسى إلى الذي بعده ، ثمَّ كذلك إلى قيام المهدي صلّى الله عليه » (1).
وأضاف في الحديث الرابع من الباب :
فقلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : بأبي أنت وامّي ، ألا تذكُر ما كان في الوصيّة ؟
فقال :
« سنن الله وسنن رسوله.
فقلت : أكان في الوصيّة توثبهم (2) وخلافهم على أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ؟
فقال : نعم ، والله شيئاً شيئاً وحرفاً حرفاً.
أما سمعت قول الله عزّوجلّ : ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين ) (3) ؟ » (4).
وهذا كتاب دستوري كامل للامام المعصوم في أعماله ، وأقواله ، وافعاله ، وسيرته وفي نظام دولته.
مضافاً الى عمود النور الالهي الذي به يسمع الامام ( عليه السلام ) ويرى ما يحتاج اليه من
1 ـ اصول الكافي ، ج 1 ، ص 280 ، ح 2.
2 ـ التوثب هو الاستيلاء على الشيء ظلماً.
3 ـ سورة يس ، الآية 12.
4 ـ اصول الكافي ، ج 1 ، ص 283 ، ح 4.
(80)
أمور عوالمه ، مما تلاحظه في أحاديثه مثل أحاديث البصائر :
1 ـ اسحاق الحريري (1) ، قال كنت عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، فسمعته وهو يقول :
« انّ لله عموداً من نور ، حجبه الله عن جميع الخلايق. طرفه عند الله ، وطرفه الاخر في اذن الامام ، فاذا أرادالله شيئاً اوحاه في اذن الامام » (2).
2 ـ الحسن بن العبّاس بن جريش عن ابي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال ابوعبدالله ( عليه السلام ) :
« ... نور كهيئة العين على رأس النبي ( صلى الله عليه وآله ) والاوصياء ، لا يريد احد منّا علم امر من امر الارض ، أو امر من امر السّماء الى الحجب الّتي بين الله وبين العرش ، الاّ رفع طرفه الى ذلك النّور ، فراى تفسير الّذي أراد فيه مكتوباً » (3).
3 ـ اسحاق القمّي ، قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : جعلت فداك ، ما قدر الامام ؟
قال : « يسمع في بطن امّه ، فاذا وصل الى الأرض كان على منكبة الايمن مكتوباً : ( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَمُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (4).
ثمّ يبعث ايضاً له عموداً من نور تحت بطنان العرش الى الارض ، يرى فيه اعمال الخلايق كلّها.
ثمّ يتشعّب له عمود آخر من عندالله الى اذن الامام كلّما احتاج الى مزيد افرغ فيه افراغاً » (5).
1 ـ في البحار : الجريرى.
2 ـ بصائر الدرجات ، ص 439 ، ب 12 ، ح 1.
3 ـ بصائر الدرجات ، ص 439 ، ب 12 ، ح 5.
4 ـ سورة الانعام ، الآية 115.
5 ـ بصائر الدرجات ، ص 439 ، ب 12 ، ح 6.
(81)
وعليه فالقانون الأساسي والنظام الحكومي لدولة الامام المهدي ( عليه السلام ) ، قانون ونظام الهي حكيم خالص ، فيه امور جميع أرجاء الكون ومجالات الحياة.
وقد عرفت من آيات البشائر المتقدمة أنه مبنيٌ على عظيم النعم والتمكّن الآتم ، حيث قال عز اسمه : ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ ) (1) والمنّة هي النعمة العظيمة.
وقال عز من قائل : ( وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ... ) (2).
فتكون الحياة في دولته الشريفة هي الحياة الطيبة ، حياة الجنّة ، وعيشة السعادة ، بنظام الله وتدبيره ، وببركة قيادة الامام المهدي ( عليه السلام ) الذي وجوده لطفٌ ، وتصرفه لطف آخر.
ولا عجب في ذلك فإنّ أهل البيت ( عليهم السلام ) « مساكن بركة الله » ، كما في الزيارة الجامعة ، أي محل استقرار البركة التي هي كثرة النعمة والخير والكرم ، وزيادة التشريف والكرامة ، والنماء والسعادة.
وفي حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« نحن أهل البيت الرحمة ، وبيت النعمة ، وبيت البركة » (3).
بارك الله تعالى في كل ما يخصهم ويختص بهم ، والشواهد ظاهرة باهرة.
2 ـ قضاء الدولة
لا شكّ أن من أهم الأسس التي تفصل الحق عن الباطل ، وتعيّن مصير الامة في سعادتها أو شقاءها هي مسئلة القضاء ، والأحكام القضائيّة.
فهي التي إن حقّت سَعُدت الامة ، وإن بطلت شقيت الأمّة ، وآل أمرها إلى البوار والدمار.
1 ـ سورة القصص ، الآية 5.
2 ـ سورة النور ، الآية 56.
3 ـ البحار ، ج 26 ص 254 ، ب 4 ، ح 27.
(82)
لذلك أهتمّ الشارع المقدّس جدّاً بقضاء العدل ، وزجر أكيداً عن قضاء الجور.
قانه بالعدل قامت السماوات والأرض.
وفى الأحاديث الشريفة عن أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) :
« العدل ميزان الله الذي وضعه في الخلق ، ونصبه لاقامة الحق » (1).
« العدل يصلح الرعيّة » (2).
« ما عمّرت البلدان بمثل العدل » (3).
وعن الامام الصادق ( عليه السلام ) في قوله تعالى :
( اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ) (4).
قال ( عليه السلام ) : « العدل بعد الجور » (5).
وعن الامام الرضا ( عليه السلام ) :
« استعمال العدل والاحسان ، مؤذنٌ بدوام النعمة » (6).
فبالقضاء العدل يصل كل ذي حقّ إلى حقّه.
وبالقضاء العدل يرتدع الظالم عن ظلمه.
وبالقضاء العدل يستساغ العيش ، وتطيب الحياة ، ويسعد الانسان.
وقضاء دوله الامام المهدي ( عليه السلام ) ، قضاءٌ عادل حق ، ومصيبٌ كبد الحقيقة. فانه ( عليه السلام ) يقضي ويحكم بعلم الامامة ، وبما يلهمه الله تعالى ، المطلع على الحقائق والضمائر ، والواقف على جميع الافعال في الظواهر والسرائر.
1 ـ غرر الحكم ، ج 1 ، ص 222.
2 ـ غرر الحكم ، ج 1 ، ص 551.
3 ـ غرر الحكم ، ج 2 ، ص 741.
4 ـ سورة الحديد ، الاية 17.
5 ـ البحار ، ج 75 ، ص 353.
6 ـ البحار ، ج 75 ، ص 26.
(83)
ومن الثابت انه ( عليه السلام ) يقضي بعلمه الالهي وتوسّمه الربّاني. فيعطي كلَّ نفس حقها من غير حاجة الى إنتظار شهادة الشهود أو وسائل الاثبات.
ومن الواضح في حكمة الحكم ، أنه ( عليه السلام ) حيث يريد أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ويقضي على كل ظلم وجور ، ويأخذ حق المظلوم من الظالم لا يُتوقّع منه ، بل لا يناسبه أن ينتظر حتى يرفع المظلوم إليه شكواه ويقدم له دعواه ، أو يأتي الشهود ليشهدوا بحق مجحود.
ولعلّ هناك من لا يستطيع إثبات حقه ، أو يعجز عن ردّ ظالمه. بل من تمام الحكمة أن يحكم هو بما أراه الله تعالى بإلهامه ، ونوّره بعلمه ، ليطهّر جميع البلاد من لوث الظلم والفساد.
وقد أمدّه الله القدير بكفايته ، وتولاّه برعايته ، وأوضح له الحقّ الباهر كالصبح الزاهر.
بل أوضح ذلك ببركته ( عليه السلام ) لولاته ، والقضاة المبعوثين من قِبَله ايضاً ، كما يستفاد ذلك من الأحاديث المباركة.
ففي تفسير قوله تعالى : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لاَيَات لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) (1) ، المفسّر بأهل البيت ( عليهم السلام ) (2) ، قد جاء في أحاديث تفسيره كيفية حكم الامام المهدي ( عليه السلام ).
ففي حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« اذا قام قائم آل محمد ( عليه السلام ) ، حكم بين الناس بحكم داود ، لا يحتاج إلى بيّنة ، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه ، ويخبر كلّ قوم ما استنبطوه ، ويعرف وليّه من عدوّه بالتوسّم.
1 ـ سورة الحجر ، الآية 75.
2 ـ اصول الكافي ، ج 1 ، ص 218 ، ح 1.
(84)
قال الله عزّوجلّ : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لاَيَات لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيل مُّقِيم ) (1).
وفي حديثه الآخر :
« اذا قام القائم ( عليه السلام ) ، لم يقم بين يديه أحد من خلق الرّحمن إلاّ عرفه ، صالح هو أو (2) طالح ، و [ لأنّ ] (3) فيه آية للمتوسّمين ، وهي السّبيل (4) المقيم » (5).
وفي النهج الشريف :
« فيريكم كيف عدل السيرة ، ويحي ميّت الكتاب والسنّة » (6). (7)
وفي الحديث الآخر :
« لا يذهب الدنيا حتى يخرج رجل منّي ، يحكم بحكومة آل داود ؛ لا يسأل عن بيّنة ، يعطى كل نفس حكمها » (8).
وفي الحديث الآخر :
« وانما سمي المهدي مهديّاً لأنّه يهدي إلى أمر خفيّ.
ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عزّوجلَّ من غار بأنطاكية.
ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة ، وبين أهل الانجيل بالانجيل ، وبين أهل الزَّبور بالزَّبور ، وبين أهل القرآن بالقرآن.
1 ـ كنز الدقائق ، ج 7 ، ص 150.
2 ـ في المصدر « أم » بدل أو.
3 ـ من المصدر.
4 ـ في المصدر « بسبيل ».
5 ـ كنز الدقائق ، ج 7 ، ص 151.
6 ـ نهج البلاغة ، الخطبة 138.
7 ـ منهاج البرائة ، ج 8 ، ص 346.
8 ـ البحار ، ج 52 ، ص 320 ، ب 27 ، ح 22.
(85)
وتجمع إليه أموال الدُّنيا من بطن الأرض وظهرها.
فيقول النّاس : تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام ، وسفكتم فيه الدِّماء الحرام ، وركبتم فيه ما حرَّم الله عزَّوجلَّ.
فيعطي شيئاً لم يعطه أحدٌ كان قبله ، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً ، كما ملئت ظلماً وجوراً وشراً (1).
وفي الحديث الآخر :
« اذا قام القائم ، بعث في أقاليم الأرض ، في كل إقليم رجلاً يقول : عهدك في كفّك ، فاذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه ، فانظر الى كفّك واعمل بما فيها » (2).
ولا يخفى أنه لا تخالف بين هذا القضاء وبين قضاء الاسلام ، لأنه من القضاء بالعلم الذي هو من صميم الدين ، ومن الحكم بالحق.
قال تعالى : ( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الاَْرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ) (3).
فيكون قضاءه ( عليه السلام ) على هُدى سنّة الله تعالى وسنّة رسوله ( صلى الله عليه وآله ).
لذلك أفاد في الجواهر بعد الاستدلال له بالكتاب والسنة :
« أن للامام ( عليه السلام ) أن يقضي بعلمه مطلقاً ، في حق الله ، وحق الناس ، بالاجماع.
بل للقاضي ذلك في حق الناس قطعاً ، وفي حق الله على الأصح ، بل الاجماع » (4).
وقال أمين الاسلام الطبرسي :
1 ـ الغيبة للشيخ النعماني ، ص 237 ، ح 26.
2 ـ الغيبة للشيخ النعماني ، ص 319 ، ح 8.
3 ـ سورة ص ، الآية 26.
4 ـ الجواهر ، ج 40 ، ص 86.
(86)
« وإذا علم الامام أو الحاكم أمراً من الأمور ، فعليه أن يحكم بعلمه ، ولا يسأل البيّنة ، وليس في هذا نسخٌ للشريعة....
لأن النسخ هو ما تأخر دليله على حكم المنسوخ ولم يكن مصاحباً له ، واما إذا اصطحب الدليلان ، فلا يكون أحدهما ناسخاً لصاحبه ... » (1).
ويوضح لنا ذلك حديث الامام العسكري ( عليه السلام ) :
« فاذا قام يقضي بين الناس بعلمه ، كقضاء داود ( عليه السلام ) » (2).
3 ـ ثقافةُ الدَولة
من الواضح أن أسمى إزدهار ايّ دولة وايّ اُمة ، انما يكون بثقافتها وعلمها ، وأعظم الحضارات في المجتمعات ، هي الحضارة العلمية. فبالعلم حياتها وقوّتها ، وبالحكمة ازدهارها ورقيّها.
وهذه الحضارة العلمية ، والكيان الثقافي ، تبلغ القمة ، وتصل الى أعلى مرتبة في دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) ، حتى تكمل عقول العباد ، ويُبلغ معالي السداد.
ففي الحديث الباقري ( عليه السلام ) :
« اذا قام قائمنا ، وضع يده على رؤوس العباد ، فجمع بها عقولهم ، وكملت بها أحلامهم » (3).
وفي الحديث الشريف الآخر :
« وتؤتَون الحكمة في زمانه ، حتى أن المرأة لتقضى في بيتها بكتاب الله
1 ـ إعلام الورى ، ص 477.
2 ـ البحار ، ج 52 ، ص 320 ، ب 27 ، ح 25.
3 ـ البحار ، ج 52 ، ص 328 ، ب 27 ، ح 47.
(87)
تعالى وسنّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » (1).
وما أعظمها من فضيلة وما اعلاها من مرتبة ، إيتاء الحكمة ، ثم عموم الحكمة حتى الى المخدرات في بيوتها.
وقد فسرت الحكمة في اللغة بانها هي :
« العلم الذي يرفع الانسان ويمنعه عن فعل القبيح » (2).
وعرفت في كلمات علماءنا بانها هي :
« العلوم الحقيقية الالهية » (3).
( وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ).
تلك الحكمة التي آتاها الله صفوة عباده الصالحين.
فقال عز اسمه فيما اقتص عن اولياءه المقربين :
( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) (4).
( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ) (5).
وقال تعالى عن النبي سليمان ( عليه السلام ) :
( وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) (6).
فتمتاز دولة الإمام المهدي ( عليه السلام ) على الصعيد الثقافي بمنح فضيلة الحكمة لجميع أفراد الاُمّة.
والقرآن الكريم الذي مصدر النور والهدى ، تعرفه الاُمة الاسلامية آنذاك حق
1 ـ الغيبة للشيخ النعماني ، ص 239 ، ح 30.
2 ـ مجمع البحرين ، ص 511.
3 ـ الانوار اللامعة ، ص 77.
4 ـ سورة النساء ، الآية 54.
5 ـ سورة لقمان ، الآية 12.
6 ـ سورة ص ، الآية 34.
(88)
المعرفة وبالمعرفة الحقّة.
ففي الحديث الشريف عن أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) :
« كأنّي أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة ، قد ضربوا الفساطيط ، يعلّمون الناس القرآن كما اُنزل » (1).
وفي ظلّ الامام المهدي ( عليه السلام ) يستضيء المؤمنون بنور العلم الأكمل ، ويُعطون العرفان الأفضل.
ففي حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« العلم سبعة وعشرون حرفاً. فجميع ما جاءت به الرُّسل حرفان ، فلم يعرف الناس حتّى اليوم غير الحرفين.
فاذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثّها في الناس ، وضمَّ إليها الحرفين. حتّى يبثّها سبعة وعشرين حرفاً » (2).
وتعرف من هذا الحديث الشريف أن نسبة العلوم التي ظهرت للناس منذ زمن سيدنا آدم ( عليه السلام ) الى الرسول الخاتم ( صلى الله عليه وآله ) هى نسبة حرفين الى سبعة وعشرين حرفاً ـ بالرغم من كثرتها وفُرتها ، وتكامل البشر بها.
فما ظنّك بالخمسة والعشرين جزءاً الباقية الى تلك الدولة الزاكية.
وهذا أرقى مستوى العلم يكون في دولته الكريمة ، وقيادته الحكيمة.
ولا غرو في ذلك بعد تلك القابلية العقلية والكمال العقلي.
فيقذف ويُلقى نور العلم في قلوب المؤمنين ، كما تلاحظه في خطبة المخزون لأميرالمؤمنين ( عليه السلام ) التي جاء فيها :
1 ـ الغيبة للشيخ النعماني ، ص 318 ، ح 3.
2 ـ البحار ، ج 52 ، ص 336 ، ب 27 ، ح 73.
(89)
« ويسير الصدِّيق الأكبر براية الهدى ، والسيف ذي الفقار ، واِلمخصرة (1) حتّى ينزل أرض الهجرة مرَّتين وهي الكوفة.
فتستبشر الأرض بالعدل ، وتعطي السماء قطرها ، والشجر ثمرها ، والأرض نباتها وتتزيّن لأهلها ، وتأمن الوحوش حتّى ترتعي في طرق الأرض كأنعامهم ، ويُقذف في قلوب المؤمنين العلم فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من علم.
فيومئذ تأويل هذه الآية : ( يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِن سَعَتِهِ ) (2) » (3).
ولا عجب في هذا القذف العلمي من أهل البيت ( عليهم السلام ) الذين هم مظاهر القدرة الالهيّة والكرامة الربّانيّة ، كما تلاحظ نظائره في موارده.
مثل القذف والالقاء ، في قضية زاذان ابو عمرو الفارسي في حديث سعد الخفاف ، عن زاذان أبي عمرو ، قال : قلت له : يا زاذان ، إنّك لتقرأ القرآن فتحسن قراءته ؛ فعلى من قرأت ؟
قال : فتبسّم ثمّ قال : إنّ أميرالمؤمنين مرَّ بي وأنا أنشد الشعر ، وكان لي خلق حسن. فأعجبه صوتي ، فقال :
« يا زاذان ! فهلاّ بالقرآن ؟
قلت : يا أميرالمؤمنين ، وكيف لي بالقرآن ؟ فوالله ما أقرأ منه إلاّ بقدر ما اُصلّي به.
قال : فادنُ منّي.
فدنوت منه ، فتكلّم في اُذني بكلام ما عرفته ولا علمت ما يقول.
1 ـ المخصرة : شيء كالسوط ، وما يتوكّأ عليه كالعصى.
2 ـ سورة النساء ، الآية 130.
3 ـ البحار ، ج 53 ، ص 86 ، ب 29 ، ح 86.
(90)
ثمّ قال : افتح فاك ، فتفل في فيَّ ، فوالله ما زالت قدميّ من عنده حتّى حفظت القرآن باعرابه وهمزه ، وما احتجت أن أسأل عنه أحدً بعد موقفي ذلك.
قال سعد : فقصصت قصّة زاذان على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : صدق زاذان ؛ إنّ أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) دعا لزاذان بالإسم الأعظم الّذي لا يردّ » (1).
فالقرآن الكريم ومعالم أهل البيت ( عليهم السلام ) الطيّبين تعمّان تلك الدولة الحقّة بالعلم والحكمة.
وتفتحان له الحياة العلمية الزاهرة ، في ظلال سليل العترة الطاهرة الامام المهدي صلوات الله عليه.
فاذا زهى العلم وزال الجهل ، واقترنت الحياة بهدى كلام الله وأهل البيت كانت السعادة العظمى في الآخرة والدنيا.
4 ـ إقتصادُ الدَّولة
لا شك أن من أهم العروق الحيوية للتعايش ، هو الجانب الاقتصادي بجميع انحاءه ، من التجارة ، والصناعة ، والمصادر المالية.
وهي بمعناها الصحيح ، ومستواها الرفيع ، ومحتواها الخالي عن المشاكل والمستجمع للفضائل ، لا تكون الا في دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) ، كما تُفصح عنها الأحاديث الشريفة.
ففي حديث أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال :
« أبشركم بالمهدي يُبْعَثُ فِى اُمَّتِي عَلَى اختِلاف مِنَ النَّاس وزِلْزَال ، فَيَمْلاَُ الأَرْضَ قِسْطاً وعَدلاً كَمَا مَلِئَتْ جَوْراً وظُلْماً. يَرضَى عَنْهُ ساكِنُ السَّمَاءِ
1 ـ البحار ، ج 41 ، ص 195 ، ب 110 ، ح 6.
(91)
وسَاكِنُ الأَرْضِ. يَقسِمُ الْمَالَ صِحَاحاً.
فقال له رجلٌ : ما صِحَاحاً ؟
قال : بالسَّوِيَّةِ بين النَّاسِ ، قال :
« ويَمْلاُ الله قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّد غنىً ويَسَعُهُمْ عَدْلُهُ ، حَتّى يَأْمُرَ مُنَادِياً ، فَيُنَادِي فَيَقُولُ : مَنْ لَهُ في الْمَالِ حاجَةٌ ؟
فَمَا يَقُومُ مِنَ النَّاسِ إلاّ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَيَقُولُ : أَنَا.
فَيُقَالُ لَهُ : إِيتِ السَّادِن ( يَعْنِي الْخَازِنَ ) فَقُل لَهُ : إنَّ الْمَهدِيَ يَأْمُرُكَ أنْ تُعطِيَني مَالاً.
فَيَقُولُ لَهُ : احْثُ. فَيَحْثِي ، حَتَّى إذَا جَعله في حِجره وأبرزه في حجره ندم ، فيقول : كنتُ أجشع اُمة محمد نفساً ، أوَ عجز عنّي ما وسعهم ، فيردّه فلا يُقبل منه.
فيقال له : انا لا نأخذ شيئاً أعطيناه.
وفي حديثه الآخر : ويُطاف بالمال في أهل الحِواء ( أي البيوت المجتمعة من الناس ) ، فلا يوجد أحدٌ يقبله » (1).
وهذه الأحاديث الشريفة ترشدنا الى أعظم غناء اقتصادي رشيد في ذلك المجتمع البشري السعيد.
غناءٌ في كلا الجانبين الدولة والاُمّة.
ثراءٌ في الدولة بحيث تسع خزانتها لحاجات جميع الامة. وثراء في الامة بحيث لا يحتاج منهم أحدٌ الى أموال الدولة.
وهذا لم يسبق له مثيل ونظير ، في جميع الازمنة والعصور.
1 ـ عقد الدرر ، ص 219.
(92)
5 ـ زراعةُ الدَّولة
لا ريب في أن من أعظم اركان الحياة في كل ذي روح وحياة ، هي أقواته ومآكله في غذاءه ودواءه ، في سفره وحضره ، وفي صغره وكبره.
ومن المعلوم أنها لا تحصل الا من الحقل الزراعي والنماء الأرضي ، الذي يشكّل أعظم جانب من غذاء الانسان ورخاءه ، الى جانب مصادر مالِه وثروته.
وهذا الحقل الحياتي ان تحسّن حسنت الحياة وطاب العيش ، وان تدهور ـ والعياذ بالله ـ ساءت الحياة وانكدر العيش ، وعقّب القحط والشدة ، وكانت ضحاياه الأرواح والأنفس.
والمستوى الأرقى لتحسّن الحقل الزراعي الطبيعي ، لم يحصل بعدُ ، ولم يكن الاّ في عهد دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) المباركة.
حيث تبلغ فيها بركات الأرض والسماء الغاية والنهاية ، ويعيش الناس فيها العيش الرغيد والسعيد.
ويكفينا لمعرفة ذلك ، مراجعة الاحاديث الشريفة الواردة في هذا المقام ، مثل :
1 ـ حديث الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، قال :
« تُنْعَمُ اُمَّتي فِى زَمَن الْمَهْدِيِّ نِعْمَةً لَمْ يَتَنعَّمُوا مِثْلَهَا قَطُّ ؛ تُرْسَلُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً ، ولاَ تَدَعُ الأَرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا إلاّ أخْرَجتْهُ » (1).
2 ـ حديث أميرالمؤمنين ، قال :
« فيَبْعَثُ المهْدِيُّ ( عليه السلام ) اِلى أُمَرَائِهِ بسائرِ الأمْصارِ بالعَدْلِ بينَ النَّاسِ ، ويذْهَب الشَّرُّ ويبْقَى الخيرُ ، ويزْرِعُ الإنسانُ مُدّاً يخْرُج له سبْعمائة مُدٍّ ،
1 ـ عقد الدرر ، ص 195.
(93)
كما قال اللهُ تعالى : ( كَمَثَلِ حَبَّة أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَة مِاْئَةُ حَبَّة وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ) (1). (2)
3 ـ حديث الاربعماءة ، قال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه :
« بنا يفتح الله ، وبنايختم الله ، وبنا يمحو ما يشاء وبنا يثبت ، وبنا يدفع الله الزَّمان الكلِب ، وبنا ينزِّل الغيث ، فلا يغرَّنّكم بالله الغرور.
ما أنزلت السماء قطرة من ماء منذ حبسه الله عزَّوجلَّ ، ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها ، ولأخرجت الأرض نباتها ، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد ، واصطلحت السباع والبهائم ، حتّى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام ، لا تضع قدميها إلاّ على النّبات ، وعلى رأسها زبّيلها ، لا يهيّجها سبع ولا تخافه ».
وهذه الروايات الشريفة تعطينا بوضوح بلوغ النماء الزراعي الى أقصى قمته الزاهرة ، في تلك الدولة المظفرة.
6 ـ حضارةُ الدَّولة
من الواضح أن للدولة دوراً كبيراً وتأثيراً بالغاً في بناء الأمّة وصياغة المجتمع.
فاذا توصلت الدولة الى الحضارة الصالحة ، صلحت الأمة وارتقى المجتمع الى التمدّن الصالح.
وقد عرفت أن دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) هي القمّة : في نظامها ، وقضائها ، وثقافتها ، واقتصادها وزراعتها ....
1 ـ سورة البقرة ، الآية 261.
2 ـ عقد الدرر ، ص 211.
(94)
فتكون هي الوحيدة التي تبلغ أرقى الحضارات وأقوى الامكانيات التي لم يتوصل اليها تاريخ العالم.
حضارةٌ مُثلى ، يمنحها ربُّ السماوات العُلى ، ويرعاها بقيّة الله العظمى.
حضارة السماء في الأرض.
حضارة بريئة من كل شين ورين.
الحضارة التي كان يرضاها الله تعالى لأمة الرسول ، والتي نطقت بها الزهراء البتول ( عليها السلام ) في احتجاجها على نساء المهاجرين والأنصار ، حيث قالت سلام الله عليها : ـ
« ما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا والله منه شدّة وطأته ونكال وقعته ...
وأيمُ الله لو تكافوا عن زمام نبذه اليه رسول الله لأعتقله ، ثمّ سار بهم سيراً سجحا ، لا يكلم حشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلاً رويّاً ، صافياً ، فضفاضاً ، تطفح ضفّتاه.
ثم لأصدرهم بطاناً بغمرة الشارب ، وشبعة الساغب ، ولا تفتحت عليهم بركاتٌ من السماء والأرض.
ولكنهم بَغَوا فسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون » (1).
وفي خطبة الامام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) :
« واقسم بالله لو ان الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لاعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها ... » (2).
1 ـ دلائل الامامة ، ص 39.
2 ـ البحار ، ج 47 ، ص 26.
(95)
فتقدّم الحضارة في جميع موافق الحياة في دولة صاحب الأمر ( عليه السلام ) هى المزية الخاصة بها ، دون جميع الأدوار المارّة على الكرة الأرضيّة.
هذا الى جانب تفتّحهم على جميع مخلوقات الأرض كما في حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) : ـ
« كأني بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين ، ليس شيءٌ الا وهو مطيع لهم ، حتى سباع الأرض ، وسباع الطير ، تطلب رضاهم ، وكل شيء.
حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول : مَرَّبى اليوم رجلٌ من أصحاب القائم » (1).
بل تفتحهم وتوصّلهم الى طرق السماء كما تقدم في حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) : ـ
« ... أما إنه سيركب السحاب ، ويرقى في الاسباب ، أسباب السماوات السبع والأرضين السبع » (2).
فما أسعدها من حياة طيّبة ، وحضارة سامية.
يعقبها سعادة الآخرة ، ونعيم الجنّة.
7 ـ تكاملُ الدَّولة
من المكارم الخاصة بدولة الامام الحجة ( عليه السلام ) التكامل الأبهى في كلا المجالين الروحى والبدني.
فمضافاً الى الكمال الروحي في ذلك العصر بالنفوس الزاكية والمعنويّات الراقية ، والشخصيّات المتشبّعة بالعلم والحكمة.
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 327.
2 ـ البحار ، ج 52 ، ص 321.
(96)
كما في الحديث المتقدم عن الامام الباقر ( عليه السلام ) :
( اذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد ، فجمع بها عقولهم ، وكملت بها أحلامهم ) (1).
مضافاً الى ذلك يتحقق التكامل العضوي ، والسلامة البدنية ، الى أقصى حدّ وغاية.
بحيث ينالون أزهى الجمال ، وأنور المثال ، كما تلاحظه في الاحاديث المتظافرة عن العترة الطاهرة ( عليهم السلام ) ، من ذلك : ـ
1 ـ حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في وصف الامام المهدي ( عليه السلام ) ، جاء فيه :
« يا اُبيُّ ! طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه ، وطوبى لمن قال به. ينجّيهم من الهلكة.
وبالاقرار بالله وبرسوله وبجميع الأئمة ، يفتح الله لهم الجنّة.
مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه فلا يتغيّر أبداً.
ومثلهم في السّماء كمثل القمر المنير الّذي لا يطفأ نوره أبداً » (2).
2 ـ حديث الامام السجاد ( عليه السلام ) ، قال :
« إذا قام قائمنا ، أذهب الله عزّوجلّ عن شيعتنا العاهة ، وجعل قلوبهم كزبر الحديد ، وجعل قوَّة الرَّجل منهم قوَّة أربعين رجلاً ، ويكونون حكّام الأرض وسنامها » (3).
3 ـ حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) :
« فاذا وقع أمرنا وجاء مهديّنا ، كان الرَّجل من شيعتنا أجرأ من ليث
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 328 ، ب 27 ، ح 47.
2 ـ البحار ، ج 52 ، ص 31 ، ب 27 ، ح 4.
3 ـ البحار ، ج 52 ، ص 317 ، ب 27 ، ح 12.
(97)
وأمضى من سنان ، يطأ عدوَّنا برجليه ويضربه بكفّيه ، وذلك عند نزول رحمة الله وفرجه على العباد » (1).
4 ـ حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« إنَّ قائمنا إذا قام ، مدَّالله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم ، حتّى [ لا ] يكون بينهم وبين القائم بريد (2) ؛ يكلّمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه » (3).
5 ـ حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) :
« ... ولا يبقى على وجه الأرض اعمى ، ولا مقعد ، ولا مبتلى ، الا كشف الله عنه بلاؤه بنا أهل البيت.
ولتنزلن البركة من السماء إلى الأرض ، حتى ان الشجرة لتقصف مما يزيد الله فيه من الثمرة ، ولتؤكل ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء.
وذلك قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَات مِنَ السَّماءِ وَالاَْرْضِ وَلكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (4) ». (5)
هذه جوانب موجزة من شؤون دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) التي تعم خيرها جميع البلاد والعباد ، ويسود أمنها جميع البقاع والاصقاع ، ولا يدركها ذو عاهة الا برئ ولا ذو ضعف الا قوي ، ويظهر فيها أرقى العمران ، وتتجلى فيها كرامة الانسان.
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 318 ، ب 27 ، ح 17.
2 ـ البريد : أربعة فراسخ.
3 ـ البحار ، ج 52 ، ص 336 ، ب 27 ، ح 72.
4 ـ سورة الاعراف ، الآية 96.
5 ـ مختصر بصائر الدرجات ، ص 51.
(98)
كرامةً لا يرافقها مشكلة ، ولا ينغّصها معضلة ؛
كرامةً تدعمها المعنويات ، وتساندها أسمى الدرجات ؛
كرامةً في رفاه كامل ، وعيش فاضل ، وعُمر مديد ، وفكر سديد.
8 ـ حياةُ الدَّولة
من مختصات دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) المظفّرة أنها آخر الدّوَل ، وباقية الدّوَل الى آخر الدنيا.
فيردف الله تعالى مع الكرم كرماً ومع الفضل فضلاً ، فتدوم هذه الدولة الكريمة بالرجعة العظيمة رجعة أهل البيت ( عليهم السلام ) الى الدنيا ، وتبقى الى مئات السنين وآلاف السنوات ، والى ما قدّر الله تعالى في الدنيا من الحياة.
ففي الحديث القدسي الشريف :
« ولاُملكنّه مشارق الأرض ومغاربها ، ولاسخرنّ له الرياح ، ولاُذلّلنَّ له الرِّقاب الصعاب ، ولاُرقينّه في الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ، ولاُمدَّنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي ، ويجمع الخلق على توحيدي. ثمَّ لاُديمنَّ مُلكه ولاُداولنَّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة » (1).
فداوم مُلكه وبقاء دولته يكون الى يوم القيامة ـ بوجوده أوّلاً ، ثمّ بالأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) الراجعين الى الدنيا من بعده.
وهنا سؤالٌ يُطرح كثيراً وهو أنه كم يملك وكم سنة يحكم الامام المهدي ( عليه السلام ) في دولته ؟
الجواب : أن الأحاديث الواردة في المقام مختلفة.
1 ـ كمال الدين ، ص 254 ، ب 23 ، ح 4.
(99)
فبعضها تحدّد مدة حكومته ( عليه السلام ) بسبع سنين ، وبعضها بتسع عشرة سنة وأشهراً ، وبعضها بسبعين سنة (1).
وقال الشيخ المفيد اعلى الله مقامه : ـ ( قد رُوى أن مدة دولة القائم ( عليه السلام ) تسع عشرة سنة ، يطول أيامها وشهورها ) (2).
لكن اختار السيد الاصفهاني القول بان ملكه ( عليه السلام ) 309 سنة ، استناداً الى حديث الفضل بن شاذان انه قال : حدثنا عبدالرحمن بن ابي نجران ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) انه قال :
« يملك المهدي ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف من كهفهم ... ) (3).
ثم انه ترتعش الأنامل ، وتفيض عيناي الدموع ، لهول المصاب ومحنة الاكتئاب حين أنقل حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) انه : إذا جاء الحجة الموت يكون الذي يغسّله ، ويكفّنه ، ويحنّطه ، ويلحده في حفرته الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، ولا يلي الوصيّ الا الوصيّ (4) ، فسلام عليه يوم وُلد إلى يوم يبعث حيّا.
وفي حديث الامام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) انه قال : ـ
( لقد حدثني حبيبي جدّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّ الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته ، ما منّا الا مقتول ، أو مسموم ) (5).
فصلوات الله عليهم أجمعين ، ولعن الله ظالِميهم وقاتليهم الى يوم الدين.
1 ـ راجع كتبا الغيبة للشيخ النعماني ، ص 232 ، ب 26 ، الاحاديث.
2 ـ الارشاد ، ج 2 ، ص 386 ، ولا يخفى انه نقل قبل هذا الحديث ما رواه عبدالكريم الخثعمي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : ـ قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) كم يملك القائم ( عليه السلام ) ؟
قال : سبع سنين.
3 ـ مختصر كفاية المهتدي ، ص 236.
4 ـ البحار ، ج 53 ، ص 94 ، ب 29 ، ح 103.
5 ـ البحار ، ج 27 ، ص 217 ، ب 9 ، ح 19.
(100)
نعم .. يُصاب الناس بامامهم ( عليه السلام ) لكن تدوم دولته الحقّة الى يوم القيامة ، يؤمّها بقيّة العترة الطاهرة في رجعتهم الزاهرة ، التي ثبتت بالادلة القطعيّة ، كما حررناها في كتابنا ( محاضرات في الرجعة ).
ونذكر هنا حديثاً واحداً في الختام ، مسكاً نتبرك به ، وكرامةً نأملها في رجعة المعصومين ( عليهم السلام ) ورجوع سيد الشهداء الحسين ( عليه السلام ).
وهو ما رواه الشيخ الجليل الحسن بن سليمان الحلي ـ تلميذ الشهيد الاول ـ في كتابه ، قال :
رويت عن جعفر بن محمد ، عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن محمد البصري ، قال : حدثني أبو الفضل ، عن ابن صدقة ، عن المفضل بن عمر قال : قال ابوعبدالله ( عليه السلام ) :
« كأني والله بالملائكة قد زاحموا المؤمنين على قبر الحسين ( عليه السلام ).
قال : قلت فيتراؤن لهم ؟
قال : هيهات هيهات ؛ لزماء والله المؤمنين ، حتى انهم ليمسحون وجوههم بايديهم.
قال : وينزل الله على زوار الحسين ( عليه السلام ) غدوة وعشية من طعام الجنة ، وخدامهم الملائكة.
ولا يسأل الله عبد حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا أعطاه اياها.
قال : قلت : هذه والله الكرامة.
قال المفضل : قال لي ابوعبدالله ( عليه السلام ) : ازيدك ؟
قلت : نعم يا سيدي.
قال : كأني بسرير من نور قد وضع ، وقد ضُربت عليه قبة من ياقوتة حمراء مكللة بالجوهر.
(101)
وكأني بالحسين ( عليه السلام ) جالساً على ذلك السرير وحوله تسعون الف قبة خضراء ، وكأني بالمؤمنين يزورونه ويسلّمون عليه ، فيقول الله عزّوجلّ لهم :
اوليائي سلوني ، فطال ما اوذيتم وذللتم واضطهدتم ، فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا قضيتها لكم.
فيكون اكلهم وشربهم من الجنة. فهذه والله الكرامة التي لا يشبهها شيء » (1).
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ، وسلام على محمد وآل الطاهرين
سلام الله عليهم أجمعين
1 ـ مختصر بصائر الدرجات ، ص 193.
(( ضمن كتاب عند قدمي الأمام المهدي ))