اخبار الامام علی بن الحسین السجاد من وقوع الغیبه بالقاْْئم (عج)

طباعة

31

( باب )

* ( ما أخبر به سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام ) *

* ( من وقوع الغيبة بالقائم عليه السلام وأنه الثاني عشر ) *

* ( من الائمة عليهم السلام ) *

1 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي سعيد العصفري ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي حمزة قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول : إن الله تبارك وتعالى خلق محمدا وعليا والائمة الاحد عشر من نور عظمته أرواحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق ، يسبحون الله عزوجل ويقدسونه ، وهم الائمة الهادية من آل محمد عليهم السلام .

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : قد روي هذا الخبر بغير هذا اللفظ إلا أن مسموعي ما قد ذكرته .

2 ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال : حدثنا محمد بن هارون الصوفي ، عن عبد الله (1) بن موسى ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني رضي الله عنه قال : حدثني صفوان ابن يحيى ، عن إبراهيم بن أبي زياد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي خالد الكابلي قال : دخلت على سيدي علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام فقلت له : يا ابن رسول الله أخبرني بالذين فرض الله عزوجل طاعتهم ومودتهم ، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال لي : يا كنكر (2) إن أولي الامر الذين جعلهم الله عزو جل أئمة للناس وأوجب عليهم طاعتهم : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم الحسن ، ثم الحسين ابنا علي بن أبي طالب ، ثم انتهى الامر إلينا . ثم سكت .

فقلت له : يا سيدي روي لنا عن أمير المؤمنين ( علي ) عليه السلام أن الارض لا تخلو من حجة لله عزوجل على عباده ، فمن الحجة والامام بعدك ؟ قال : ابني جعفر ، وإسمه في التوراة باقر ، يبقر العلم بقرا ، هو الحجة والامام بعدي ، ومن بعد محمد ابنه جعفر ، واسمه عند أهل السماء الصادق ، فقلت له : يا سيدي فكيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه عليهما السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فسموه الصادق ، فإن للخامس من ولده ولدا اسمه جعفر يدعي الامامة اجتراء على الله وكذبا عليه فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري على الله عزوجل ، والمدعي لما ليس له بأهل ، المخالف على أبيه والحاسد لاخيه ، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة ولي الله عزوجل ، ثم بكي علي بن الحسين عليهما السلام بكاء شديدا ، ثم قال : كأني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله ، والمغيب في حفظ الله والتوكيل بحرم أبيه جهلا منه بولادته ، وحرصا منه على قتله إن ظفر به ، ( و ) طمعا في ميراثه حتى يأخذه بغير حقه .

قال أبو خالد : فقلت له : يا ابن رسول الله وإن ذلك لكائن ، فقال : إي وربي إن ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله . قال أبو خالد : فقلت : يا ابن رسول الله ثم يكون ماذا ، قال : ثم تمتد الغيبة (3) بولي الله عزوجل الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلى الله عليه واله والائمة بعده .

يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كل زمان ، لان الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف ، اولئك المخلصون حقا وشيعتنا صدقا ، والدعاة إلى دين الله عزوجل سرا وجهرا . وقال علي بن الحسين عليهما السلام : إنتظار الفرج من أعظم الفرج .

وحدثنا بهذا الحديث علي بن أحمد بن موسى . ومحمد بن أحمد الشيباني (4) وعلي بن عبد الله الوراق ، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن سهل بن زياد الادمي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني رضي الله عنه ، عن صفوان ، عن إبراهيم أبي زياد عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي خالد الكابلي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام .

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : ذكر زين العابدين عليه السلام ( ل‍ ) جعفر الكذاب دلالة في إخباره بما يقع منه .

وقد روي مثل ذلك عن أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام أنه لم يسر به لما ولد وأنه أخبرنا بأنه سيضل خلقا كثيرا كل ذلك دلالة له عليه السلام أيضا لانه لا دلالة على الامامة أعظم من الاخبار بما يكون قبل أن يكون كما كان ، مثل ذلك دلالة لعيسى بن مريم عليه السلام على نبوته إذ أنبأ الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ، وكما كان النبي صلى الله عليه وآله حين قال أبو سفيان في نفسه : من فعل مثل ما فعلت جئت فدفعت يدي في يده ألا كنت أجمع عليه الجموع من الاحابيش وكنانة فكنت ألقاه بهم (5) فلعلي كنت أدفعه . فناداه النبي صلى الله عليه وآله من خيمته فقال : إذا كان الله يجزيك يا أبا سفيان . وذلك دلالة له عليه السلام كدلالة عيسى بن مريم عليه السلام . وكل من أخبر من الائمة عليهم السلام بمثل ذلك فهي دلالة تدل الناس على أنه إمام مفترض الطاعة من الله تبارك وتعالى .

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن بن الفرات قال : أخبرنا صالح بن محمد بن عبد الله بن محمد بن زياد ، عن أمه فاطمة بنت محمد بن الهيثم المعروف بابن سيابة (6) قالت : كنت في دار أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام في الوقت الذي ولد فيه جعفر فرأيت أهل الدار قد سروا به ، فصرت إلى أبي الحسن عليه السلام فلم أره مسرورا بذلك ، فقلت له : يا سيدي ما لي أراك غير مسرور بهذا المولود ؟ فقال عليه السلام : يهون عليك أمره فإنه سيضل خلقا كثيرا (7) .

3 ـ حدثنا الشريف أبو الحسن علي بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن ـ

عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام قال : حدثنا أحمد بن محمد النوفلي قال : حدثنا أحمد بن هلال ، عن عثمان بن عيسى الكلابي ، عن خالد بن نجيح ، عن حمزة بن حمران ، عن أبيه ( حمران بن أعين ) ، عن سعيد بن جبير قال : سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام يقول : في القائم منا سنن من الانبياء (8) ( سنة من أبينا آدم عليه السلام ، و ) سنة من نوح ، وسنة من إبراهيم ، وسنة من موسى ، وسنة من عيسى ، وسنة من أيوب ، وسنة من محمد صلوات الله عليهم ، فأما ( من آدم و ) نوح فطول العمر وأما من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس ، وأما من موسى ، فالخوف والغيبة وأما من عيسى فاختلاف الناس فيه ، وأما من أيوب فالفرج بعد البلوى ، وأما من محمد صلى الله عليه وآله فالخروج بالسيف .

4 ـ حدثنا محمد بن علي بن بشار القزويني قال : حدثنا أبو الفرج المظفر ابن أحمد قال : حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الاسدي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن حمزة بن حمران ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير قال : سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام يقول : في القائم سنة من نوح وهو طول العمر .

5 ـ حدثنا علي بن أحمد الدقاق ، ومحمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنهما قالا : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين ابن يزيد ، عن حمزة بن حمران ، عن أبيه حمران بن أعين ، عن سعيد بن جبير قال : سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام يقول : في القائم سنة من نوح وهو طول العمر .

6 ـ وبهذا الاسناد قال : قال علي بن الحسين سيد العابدين عليهما السلام : القائم منا تخفى ولادته على الناس حتى يقولوا : لم يولد بعد ، ليخرج حين يخرج وليس لاحد في عنقه بيعة .

7 ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن بسطام بن مرة ، عن عمرو بن ثابت قال : قال علي بن الحسين سيد العابدين عليهما السلام : من ثبت على موالاتنا (9) في غيبة قائمنا أعطاه الله عزوجل أجر ألف شهيد من شهداء بدر واحد .

8 ـ حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال : حدثنا القاسم بن العلاء قال : حدثنا إسماعيل بن علي القزويني قال : حدثني علي بن إسماعيل ، عن عاصم بن حميد الحناط ، عن محمد بن قيس ، عن ثابت الثمالي ، عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال : فينا نزلت هذه الاية : ﴿ وَأُولُو الْأَرْ‌حَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّـهِ(10) وفينا نزلت هذه الاية : ﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ(11) والامامة في عقب الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام إلى يوم القيامة . وإن للقائم منا غيبتين إحداهما أطول من الاخرى ، أما الاولى فستة أيام ، أو ستة أشهر ، أو ستة سنين (12) . وأما الاخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الامر أكثر من يقول به فلا يثبت عليه إلا من قوى يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجا مما قضينا ، وسلم لنا أهل البيت .

9 ـ وبهذا الاسناد قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام : إن دين الله عزوجل (13) لا يصاب بالعقول الناقصة والاراء الباطلة والمقائيس الفاسدة ، ولا يصاب إلا بالتسليم ، فمن سلم لنا سلم ، ومن اقتدى بنا هدى ، ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك ، ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم .

الهوامش :

(1) في بعض النسخ « عبيد الله » وهو الروياني الذى تقدم ص 312

(2) كنكر لقب لابي خالد .

(3) في بعض النسخ « تشتد الغيبة » .

(4) كذا والظاهر هو السناني

(5) في بعض النسخ « الا كنت أجمع عليه الاحاببش بركابه فكنت ألقاه بهم » والمراد بالاحابيش قريش لانهم تحالفوا بالله انهم ليد على غيرهم ما سجا ليل ووضح نهار وما رسا حبشي . وحبشي بضم الحاء وسكون الباء وتشديد الياء التحتية جبل بأسفل مكة على سنة أميال منها ، فسموا أحابيش قريش باسم الجبل . وقال ابن اسحاق : ان الاحابيش هم بنو الهون بن خزيمة وبنو الحارث بن عبد مناة من كنانة وبنو المصطلق من خزاعة ، فلما سميت تلك الاحياء بالاحابيش من قبل تجمعها صار التحبيش في الكلام : التجميع . وفي بعض النسخ « الزنج » مكان « الجموع » .

(6) في بعض النسخ « ابن سبانة » وفي بعضها « ابن النسابة » .

(7) ذكر المصنف هذا الحديث مؤيدا لكلامه ولا ربط له بالعنوان .

(8) في بعض النسخ « في القائم منا سنن من ستة أنبياء » وفي بعضها « سنن من سبعة انبياء » . وما بين القوسين ليس في بعض النسخ .

(9) في بعض النسخ « على ولايتنا » .

(10) الاحزاب : 6 .

(11) الزخرف : 47 .

(12) قال العلامة المجلسي ـ ره ـ : قوله عليه السلام : « فستة أيام » لعله اشارة إلى اختلاف أحواله عليه السلام في غيبته ، فستة أيام لم يطلع على ولادته الا خاص الخاص من أهاليه عليه السلام ، ثم بعد ستة أشهر اطلع عليه غيرهم من الخواص ، ثم بعد ست سنين عند وفاة والده عليه السلام ظهر أمره لكثير من الخلق . أو اشارة إلى أنه بعد امامته لم يطلع على خبره إلى ستة أيام أحد ، ثم بعد ستة أشهر انتشر أمره ، وبعد ست سنين ظهر وانتشر أمر السفراء .

والاظهر أنه اشارة إلى بعض الازمان المختلفة التى قدرت لغيبته وأنه قابل للبداء . ويؤبده ما رواه الكليني باسناده عن الاصبغ في حديث طويل قد مر بعضه في باب أخبار أمير المؤمنين عليه‌السلام « ثمّ قال : قلت : يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة؟ فقال : ستة أيّام أو ستة أشهر أو ست سنين ، فقلت : وان هذا لكائن؟ فقال : نعم كما أنَّه مخلوق ، وأنى لك بهذا الامر يا أصبغ اولئك خيار هذه الاُمّة مع خيار أبرار هذه العترة ، فقلت : ثمّ ما يكون بعد ذلك؟ فقال : ثمّ يفعل الله ما يشاء ، فإنَّ له بداءات وارادات وغايات ونهايات » فانه يدلُّ على أنَّ هذا الامر قابل للبداء والترديد قرينة ذلك والله يعلم ـ انتهى.

(13) يعنى أحكامه وشريعته وفرائضه وسننه لا الأُمور الاعتقادية الّتى لا يعرف إلّا بالعقول وبارشادهم عليه السلام.

ضمن کتاب كمال الدّين وتمام النّعمة