في ذكر من رآه عليه السلام

البريد الإلكتروني طباعة

في ذكر من رآه عليه السلام روى الصدوق بإسناده عن محمد بن معاوية بن حكيم ومحمد بن ايوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري (1) ( رضي اللّه عنهم ) ، قالوا عرض علينا ابو محمد الحسن بن علي ( صلوات اللّه عليه ) ابنه ( عليه السلام ) ونحن في منزله وكنا اربعين رجلاً ، فقال : هذا امامكم من بعدي وخليفتي عليكم اطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي ، فتهلكوا في اديانكم ، اما انكم لا ترونه (2) بعد يومكم هذا ، قالوا فخرجنا من عنده فما مضت الا أيام قلائل حتى مضى ابو محمد ( صلوات اللّه عليه ).

وبإسناده عن يعقوب بن منقوش قال دخلت على ابي محمد الحسن بن علي ( عليه السلام ) وهو جالس علي دكان (3) في الدار وعن يمينه بيت ، عليه ستر مسبل ، فقلت له سيدي ، من صاحب هذا الأمر؟ فقال ارفع الستر ، فرفعته فخرج الينا غلام خماسي له عشر او ثمان او نحو ذلك (4) واضح الجبين ابيض الوجه ، دري المقلتين ، شثن الكفين (5) معطوف الركبتين في خده الايمن خال ، وفي رأسه ذؤابة (6) فجلس على فخذ ابي محمد ( عليه السلام ) ، فقال هذا صاحبكم ، ثم وثب فقال : يا بني ادخل الى الوقت المعلوم فدخل البيت وانا انظر اليه ، ثم قال لي : يا يعقوب انظر في البيت فدخلت فما رأيت احداً.

وعن علي بن عبد اللّه الوراق ، عن سعد ، عن احمد بن اسحاق ، قال : دخلت على ابي محمد الحسن بن علي ( عليه السلام ) وانا اريد ان أسأله عن الخلف بعده ، فقال لي مبتدئاً يا احمد بن اسحاق ، ان اللّه تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم ولا تخلو الى يوم القيامة من حجة للّه على خلقه ( به ظ ) يدفع البلاء عن اهل الأرض وبه ينزل الغيث ، وبه يخرج بركات الأرض ، قال فقلت : يا ابن رسول اللّه فمن الإِمام والخليفة بعدك؟ فنهض ( عليه السلام ) فدخل البيت ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأنَّ وجهه القمر ليلة البدر من ابناء ثلاث سنين ، فقال : يا احمد بن اسحاق لولا كرامتك على اللّه وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، انه سميَّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وكنيه (7) ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، يا احمد بن اسحاق ، مثله في هذه الامة مثل الخضر ( عليه السلام ) ومثله كمثل ذي القرنين ، واللّه ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة الا من يثبته اللّه على القول بإمامته ، ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه ، قال احمد بن اسحاق فقلت له : يا مولاي هل من علامة يطمئن اليها قلبي؟

فنطق الغلام ( عليه السلام ) بلسان عربي فصيح ، فقال : انا بقية اللّه في ارضه ، والمنتقم من اعدائه فلا تطلب اثراً بعد عين ، يا احمد بن اسحاق ، قال احمد بن اسحاق : فخرجت مسروراً فرحاً ، فلما كان من الغد عدت اليه فقلت له : يا ابن رسول اللّه ، لقد عظم سروري بما انعمت علي فما السنة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال طول الغيبة يا أحمد ، فقلت له : يا ابن رسول اللّه وان غيبته لتطول؟ قال اي وربي حتى يرجع عن هذا الأمر اكثر القائلين به ، فلا يبقى الا من اخذ اللّه عهده بولايتنا وكتب في قلبه الايمان وايده بروح منه ، يا احمد بن اسحاق هذا أمر من اللّه وسر من سر اللّه وغيب من غيب اللّه ، فخذ ما اتيتك واكتمه ، وكن من الشاكرين ، تكن معنا.

غداً في عليين.

روى الشيخ الطوسي عن احمد بن عبدون ، عن ابي الحسن الشجاعي عن ابي عبد اللّه محمد بن ابراهيم النعماني ، عن يوسف بن احمد الجعفري ، قال حججت سنة ست وثلاثمئة وجاورت بمكة تلك السنة ، وما بعدها الى سنة تسع وثلاثمئة ، ثم خرجت عنها منصرفاً الى الشام ، فبينا أنا في بعض الطريق وقد فاتتني صلاة الفجر فنزلت من المحمل وتهيأت للصلاة فرأيت اربعة نفر في محمل ، فوقفت اعجب منهم ، فقال احدهم مم تعجب ، تركت صلاتك وخالفت مذهبك ، فقلت للذي يخاطبني وما علمك بمذهبي؟ فقال تحب ان ترى صاحب زمانك؟ قلت نعم ، فأومأ الى احد الأربعة ، فقلت ان له دلائل وعلامات ، فقال : أيّها احب اليك ان ترى الجمل وما عليه صاعدا الى السماء؟ او ترى المحمل صاعداً الى السماء ، فقلت ايهما كان ، فهي دلالة ، فرأيت الجمل وما عليه يرتفع الى السماء وكان الرجل ، أومأ الى رجل به سمرة ، وكان لونه الذهب ، بين عينيه سجّادة.

عن القطب الراوندي قال : روي ان ابا محمد الدعلجي كان له ولدان وكان من اخيار اصحابنا وكان قد سمع الاحاديث ، وكان احد ولديه على الطريقة المستقيمة ، وهو ابو الحسن ، كان يغسل الأموات ، وولد آخر يسلك مسالك الاحداث ، في الاجرام ودفع الى ابي محمد حجة يحج (8) بها عن صاحب الزمان ( عليه السلام ) ، وكان ذلك عادة الشيعة وقتئذ ، فدفع شيئاً منها الى ابنه المذكور بالفساد ، وخرج الى الحج ، فلما عاد حكى انه كان واقفاً بالموقف ، فرأى الى جانبه شاباً حسن الوجه ، اسمر اللون ، بذؤابتين ، مقبلاً على شأنه في الابتهال والدعاء ، والتضرع وحسن العمل ، فلما قرب نَفرُ (9) الناس التفت الي ، فقال : يا شيخ أما تستحيي؟ فقلت من أي شيء يا سيدي؟ قال يدفع اليك حجة عمن تعلم ، فتدفع منها الى فاسق يشرب الخمر ، يوشك ان تذهب عينك هذه ، وأومأ الى عيني ، وانا من ذلك الى الآن على وجل ومخافة ، وسمع ابو عبد اللّه (10) محمد بن محمد بن النعمان ، ذلك ، قال : فما مضى عليه اربعون يوماً بعد مورده حتى خرج في عينه التي اومأ اليها قرحة فذهبت.

عن الشيخ الصدوق ، قال سمعنا شيخاً من اصحاب الحديث ، يقال له احمد بن فارس (11) الأديب يقول : سمعت بهمدان حكاية حكيتها ، كما سمعتها لبعض اخواني ، فسألني ان اثبتها له بخطي ولم اجد الى مخالفته سبيلاً ، وقد كتبتها وعهدتها الى من حكاها ، وذلك ان بهمدان أناساً يعرفون ببني راشد ، وهم كلهم يتشيعون ومذهبهم مذهب اهل الإِمامة ، فسألت عن سبب تشيعهم من بين اهل همدان ، فقال لي شيخ منهم ، رأيت فيه صلاحاً وسمتاً (12) ، ان سبب ذلك ان جدّنا الذي ننسب اليه خرج حاجاً فقال : انه لما صدر عن الحج ، وساروا منازل في البادية ، قال فنشطت في النزول والمشي فمشيت طويلاً حتى اعييت ، وتعبت ، وقلت في نفسي : انام نومة تريحني ، فاذا جاء أواخر القافلة قمت ، قال فما انتبهت الا بحرّ الشمس ، ولم أر أحداً ، فتوحشت ولم ار طريقاً ولا اثراً ، فتوكلت على اللّه عز وجل ، وقلت : اسير حيث وجّهني ، ومشيت غير طويل فوقعت في ارض خضراء نضرة ، كأنها قريبة عهد بغيث ، واذا تربتها اطيب تربة ، ونظرت في سواء (13) تلك الأرض ، الى قصر يلوح كأنه سيف ، فقلت : يا ليت شعري ما هذا القصر الذي لم اعهده ولم اسمع به؟ فقصدته فلما بلغت الباب رأيت خادمين ابيضين ، فسلمت عليهما فرداً عليّ رداً جميلاً ، وقالا : اجلس فقد اراد اللّه بك خيراً ، وقام احدهما فدخل واحتبس غير بعيد ثم خرج فقال ، قم فادخل ، فدخلت قصراً لم ار بناءً احسن من بنائه ، ولا اضوأ منه ، وتقدم الخادم الى ستر على بيت فرفعه ، ثم قال لي : ادخل ، فدخلت البيت فاذا فتى جالس في وسط البيت ، وقد علّق على رأسه من السقف سيف طويل تكاد ظبته (14) تمس رأسه ، والفتى بدر يلوح في ظلام ، فسلمت فرد السلام ، بألطف الكلام واحسنه ، ثم قال لي : اتدري من أنا؟ فقلت لا واللّه ، فقال ، انا القائم من آل محمد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، انا الذي اخرج في آخر الزمان بهذا السيف ، وأشار اليه فاملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ، فسقطت على وجهي وتعفرت (15) ، فقال : لا تفعل ارفع رأسك أنت فلان من مدينة ، بالجبل ، يقال لها همدان ، قلت صدقت يا سيدي ومولاي ، قال فتحب ان تؤوب الى اهلك (16) ؟ قلت نعم يا سيدي ، وابشّرهم بما اتاح اللّه (17) عز وجل لي ، فأومأ الى الخادم ، فاخذ بيدي وناولني صرة وخرج.

ومشى معي خطوات فنظرت الى ظلال واشجار ، ومنارة مسجد ، فقال : اتعرف هذا البلد ، قلت ان بقرب بلدنا بلدة تعرف باستاباد وهي تشبهها ، قال : فقال هذه استاباد امض راشداً ، فالتفت فلم اره.

ودخلت استاباد واذا في الصرة اربعون او خمسون ديناراً ، فوردت همدان وجمعت اهلي وبشرتهم بما أتاح اللّه لي ويسّره عز وجل ولم نزل بخير ، ما بقي معنا من تلك الدنانير.

( اقول استاباد هي التي تعرف اليوم باسداباد وهي قريب من همدان وبينهما عقبة كئود ) (18) وسمعت ان قبر هذا الرجل باسداباد معروف واللّه تعالى العالم.

قال العلامة المجلسي ، أخبرني والدي ( رحمه اللّه ) قال : كان في زماننا رجل شريف صالح كان يقال له امير اسحاق الاسترابادي ، وكان قد حج اربعين حجة ماشياً ، وكان قد اشتهر بين الناس انه ، تطوى له الأرض ، فورد في بعض السنين بلدة اصفهان فأتيته وسألته عما اشتهر فيه ، فقال كان سبب ذلك اني كنت في بعض السنين مع الحاج متوجهين الى بيت اللّه الحرام ، فلما وصلنا الى موضع كان بيننا وبين مكة سبعة منازل او تسعة ، تأخرت وغلبني العطش حتى آيست من الحياة ، فناديت يا صالح يا ابا صالح ارشدونا الى الطريق يرحمكم اللّه ، فتراءى لي في منتهى البادية ، شبح ، فلما تأملته حضر عندي في زمان يسير ، فرأيته شاباً حسن الوجه نفي الثياب اسمر على هيئة الشرفاء ، راكباً على جمل ، ومعه الاداوة (19) فسلمت عليه فرد عليَّ السلام وقال : انت عطشان؟ قلت نعم ، فاعطاني الاد واة فشربت ، ثم قال : تريد ان تلحق القافلة؟ قلت نعم ، فاردفني خلفه وتوجه نحو مكة ، وكان من عادتي قراءة الحرز اليماني ، في كل يوم ، فاخذت في قراءته ، فقال ( عليه السلام ) في بعض المواضع اقرأ هكذا ، قال فما مضى الا زمان يسير حتى قال لي : تعرف هذا الموضع؟ فنظرت فاذا أنا بالابطح (20) فقال انزل ، فلما نزلت ، رجعت وغاب عني ، فعند ذلك عرفت انه القائم ( عليه السلام ) ، فندمت وتأسفت على مفارقته وعدم معرفته ، فلما كان بعد سبعة ايام اتت القافلة فرأوني في مكة ، بعدما آيسوا من حياتي فلذا اشتهرت بطيّ الأرض.

وحكى صاحب كشف الغمة ، قصة اسماعيل الهرقلي والسيد عطوة الحسيني (21) في كشف الغمة ، وانا اذكر من ذلك قصتين قرب عهدهما من زماني ، وحدثني بهما جماعة من ثقات اخواني ، كان في البلاد الحلية شخص يقال له اسماعيل بن الحسن الهرقلي من قرية يقال لها هرقل ، مات في زماني وما رأيته ، حكى لي ولده شمس الدين قال : حكى لي والدي انه خرج فيه وهو شاب على فخذه الايسر توثة (22) مقدار قبضة الانسان وكانت في كل ربيع تشقق ويخرج منها دم وقيح ويقطعه ألمها عن كثير من اشغاله ، وكان مقيماً بهرقل ، فحضر الحلة يوماً ودخل الى مجلس السعيد رضي الدين علي بن طاوس ، ( رحمه اللّه ) ، وشكا اليه ما يجده منها وقال اريد ان اداويها ، فاحضر له اطباء الحلة وأراهم الموضوع ، فقالوا هذه التوثة فوق العرق الاكحل ، وعلاجها خطر ، ومتى قطعت خيف ان ينقطع العرق ، فيموت ، فقال له السعيد رضي الدين ( قدس اللّه روحه ) : انا متوجه الى بغداد وربما كان اطباؤها أعرف وأحذق من هؤلاء فاصحبني ، فأصعده معه واحضر الاطباء ، فقالوا كما قال اولئك ، فضاق صدره فقال له السعيد : ان الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب وعليك الاجتهاد في الاحتراس ولا تغرر بنفسك فاللّه تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله فقال له والدي : اذا كان الأمر على ذلك وقد وصلت الى بغداد فاتوجه الى زيارة المشهد الشريف ، بسر من رأى على مشرفه السلام ، ثم انحدر الى اهلي فحسن له ذلك فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين ، وتوجه ، قال : فلما دخلت المشهد وزرت الأئمة ( عليهم السلام ) ونزلت السرداب واستغثت باللّه تعالى وبالامام ( عليه السلام ) وقضيت بعض الليل في السرداب وبقيت في المشهد الى الخميس ، ثم مضيت الى دجلة واغتسلت ولبست ثوباً نظيفاً وملأت ابريقاً كان معي ، وصعدت اريد المشهد فرأيت اربعة فرسان خارجين من باب السور ، وكان حول المشهد قوم من الشرفاء ، يرعون اغنامهم فحسبتهم منهم فالتقينا فرأيت شابين احدهما عبد مخطوط وكل واحد منهم متقلد بسيف وشيخاً منقباً ، بيده رمح والآخر متقلد بسيف وعليه فرجية ملونة ، فوق السيف ، وهو متحنك بعذبته فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق ، ووضع كعب الرمح في الأرض ، ووقف الشابان عن يسار الطريق ، وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام ، فقال له صاحب الفرجية ، انت غدا تروح الى اهلك ، فقال نعم فقال له تقدم حتى ابصر ما يوجعك قال فكرهت ملامستهم ، وقلت في نفسي اهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة ، وانا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول ثم اني بعد ذلك تقدمت اليه ، فلزمني بيده ومدّني اليه ، وجعل يلمس جانبي من كتفي الى ان أصابت يده التوثة فعصرها بيده فأوجعني ثم استوى في سرجه كما كان فقال لي الشيخ : افلحت يا اسماعيل فعجبت من معرفته باسمي فقلت افلحنا وافلحتم ان شاء اللّه ، قال فقال لي الشيخ : هذا هو الإِمام ، قال فتقدمت اليه فاحتضنته وقبلت فخذه ، ثم انه ساق وانا أمشي معه محتضنه ، فقال ارجع ، فقلت لا افارقك ابداً ، فقال : المصلحة رجوعك فاعدت عليه مثل القول الأول فقال الشيخ يا اسماعيل ما تستحيي ، يقول لك الإِمام مرتين ارجع وتخالفه ، فجبهني بهذا القول فوقفت فتقدم خطوات والتفت اليَّ وقال : اذا وصلت بغداد فلا بد ان يطلبك ابو جعفر ، يعني الخليفة المستنصر ، رحمه اللّه فاذا حضرت عنده واعطاك شيئاً فلا تأخذه ، وقل لولدنا الرضي ليكتب لك الي علي بن عوض ، فانني اوصيه يعطيك الذي تريد ثم سار واصحابه معه ، فلم ازل ابصرهم الى ان غابوا عنّي وحصل عندي أسف لمفارقته ، فقعدت الى الأرض ساعة ، ثم مشيت الى المشهد ، فاجتمع القوم حولي وقالوا نرى وجهك متغيراً أوجعك شيء قلت لا ، قالوا اخاصمك احد؟ قلت لا ليس عندي مما تقولون خبر لكن اسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم ، قالوا هم من الشرفاء ارباب الغنم ، فقلت لا بل هو الإِمام ( عليه السلام ) فقالوا الإِمام هو الشيخ او صاحب الفرجية ، فقلت هو صاحب الفرجية ، فقالوا أريته المرض الذي فيك؟ فقلت هو قبضه بيده واوجعني ثم كشفت رجلي ، فلم أر لذلك المرض أثراً فتداخلني الشك من الدهش فاخرجت رجلي الاخرى فلم ار شيئاً فانطبق الناس علي ومزقوا قميصي فادخلني القوم خزانة ومنعوا الناس عنّي ، وكان ناظر بين النهرين بالمشهد فسمع الضجة وسأل عن الخبر فعرفوه فجاء الى الخزانة ، وسألني عن اسمي وسألني منذ كم خرجت من بغداد ، فعرفته اني خرجت في اول الاسبوع فمشى عني وبت في المشهد وصلّيت الصبح ، وخرجت وخرج الناس معي ، الى ان بعدت عن المشهد ورجعوا عني ووصلت إلى ( أوانا ) فبت بها وبكرت منها اريد بغداد فرأيت الناس مزدحمين على الفطرة العتيقة يسألون من ورد عليهم عن اسمه ونسبه واين كان ، فسألوني عن اسمي ومن اين جئت فعرفتهم فاجتمعوا علي ومزقوا ثيابي ، ولم يبق لي في روحي حكم ، وكان ناظر بين النهرين كتب الى بغداد وعرفهم الحال ، ثم حملوني الى بغداد وازدحم الناس علي وكادوا يقتلونني من كثرة الزحام وكان الوزير القمي ( رحمه اللّه تعالى ) قد طلب السعيد رضي الدين ( رحمه اللّه ) وتقدم ان يعرفه صحة هذا الخبر ، قال : فخرج رضي الدين ومعه جماعة فوافينا باب النوبي ، فرد اصحابه الناس عنّي ، فلما رآني قال : أعنك يقولون ، قلت : نعم فنزل ( فترجل خ د ) عن دابته وكشف عن فخذي فلم ير شيئاً فغشي عليه ساعة واخذ بيدي وادخلني على الوزير ، وهو يبكي ، ويقول : يا مولانا هذا أخي واقرب الناس الى قلبي ، فسألني الوزير عن القصة ، فحكيت له فاحضر الاطباء الذين اشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها فقالوا ما دواؤها الا القطع بالحديد ومتى قطعها مات ، فقال لهم الوزير فبتقدير ان تقطع ولا يموت ، في كم تبرأ فقالوا في شهرين ويبقى في مكانها حفيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر ، فسألهم الوزير متى رأيتموه قالوا منذ عشرة ايام فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم وهي مثل اختها ليس فيها أثر اصلاً فصاح احد الحكماء هذا عمل المسيح فقال الوزير حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها ثم انه احضر عند الخليفة المستنصر ، ( رحمه اللّه تعالى ) ، فسأله عن القصة فعرفه بها كما جرى فتقدم له بألف دينار فلما حضرت قال : خذ هذه فانفقها فقال ما أجسر اخذ منه حبة واحدة ، فقال الخليفة : ممن تخاف ، فقال : من الذي فعل معي هذا ، قال لا تأخذ من ابي جعفر شيئاً فبكى الخليفة وتكدر ، وخرج من عنده ، ولم يأخذ شيئاً.

قال افقر عباد اللّه تعالى الى رحمته عليّ بن عيسى عفا اللّه عنه : كنت في بعض الأيام احكي هذه القصة لجماعة عندي وكان هذا شمس الدين محمد ، ولده عندي ، وانا لا اعرفه فلما انقضت الحكاية قال : انا ولده لصلبه فعجبت من هذا الاتفاق وقلت : هل رأيت فخذه وهي مريضة ، فقال : لا لأني اصبو عن ذلك ولكنّي رأيتها بعدما صلحت ، ولا أثر فيها ، وقد نبت في موضعها شعر ، وسألت السيد صفي الدين محمد بن بشر العلوي الموسوي ، ونجم الدين حيدر بن الايسر ( رحمهما اللّه تعالى ) ، وكانا من اعيان الناس وسراتهم وذوي الهبات منهم ، وكانا صديقين لي وعزيزين عندي ، فاخبراني بصحة هذه القصة ، وانهما رأياها في حال مرضها وحال صحتها ، وحكى لي ولده هذا ، أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه ( عليه السلام ) حتى انه جاء الى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء ، وكان كل ايام يزور سامراء ويعود الى بغداد فزارها في تلك السنة اربعين مرة ، طمعاً ان يعود له الوقت الذي مضى او يقضي له الحظ بما قضى ومن الذي اعطاه دهره الرضا ، أو ساعده بمطالبه صرف القضا فمات ( رحمه اللّه ) بحسرته ، وانتقل الى الآخرة بغصته ، واللّه يتولاه وإيانا برحمته ، بمنه وكرامته ، وحكى لي السيد باقي بن عطوة العلوي الحسيني ، ان اباه عطوة ، كان به ادرة وكان زيدي المذهب ، وكان ينكر على بنيه الميل الى مذهب الامامية ، ويقول : لا اصدقكم ولا اقول بمذهبكم حتى يجيء صاحبكم يعني المهدي فيبرئني من هذا المرض ، وتكرر هذا القول منه ، فبينا نحن مجتمعون عند وقت عشاء الآخرة ، اذا ابونا يصيح ويستغيث بنا ، فاتيناه سراعا ، فقال : الحقوا صاحبكم فالساعة خرج من عندي فخرجنا فلم نر احدا ، فعدنا اليه وسألناه فقال : انه دخل اليّ شخص ، وقال يا عطوة فقلت من انت؟ فقال انا صاحب بنيك قد جئت لابرئك مما بك ، ثم مد يده فعصر قروتي ومشى ، ومددت يدي فلم ار لها اثراً ، قال لي ولده : وبقي مثل الغزال ليس به قلبة ، واشتهرت هذه القصة وسألت عنها غير ابنه فاخبر عنها ، فاقرَّ بها.

انتهى.

وتشرفهما بخدمة مولانا صاحب الزمان ( صلوات اللّه عليه ) ، وبرء ما بهما من التوثة والادرة ببركته ، ثم قال والاخبار عنه ( عليه السلام ) في هذا الباب كثيرة وأن جماعة قد انقطعوا في طرق الحجاز ، وغيرها ، فخلصهم وأوصلهم الى حيث ارادوا ولولا التطويل ، لذكرت منها حملة ، ولكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كاف انتهى.

الهوامش :

(1) هو ابن عثمان المتقدم ذكره.

كان وكيلاً للناحية الشريفة بعد ابيه مات سنة خمس او اربع وثلاثمئة وكان يتولى هذا الأمر نحواً من خمسين سنة وقال عند موته امرت ان اوصي إلى ابي القاسم بن روح واوصى ابو القاسم عند موته الى ابي الحسن علي السمري.

(2) أي اكثركم او عن قريب فان الظاهر ان محمد بن عثمان رضي اللّه عنه كان يراه في ايام سفارته واللّه العالم ( منه ).

(3) الدكان هو الدكة أي المكان المرتفع الذي يقعد عليه الجمع.

(4) يعني ان له خمس سنين ولكن له نماء من مضى عليه عشرة او نحوها.

(5) بمفتوحة فساكنة : أي انهما يميلان الى الغلظ والقصر.

(6) هي الشعر المجتمع على الرأس.

(7) على وزن فعيل : أي له كنية رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ).

(8) أي الدعلجي ( منه ).

(9) أي التهيؤ للرحيل.

(10) هو شيخنا المفيد ( رحمه اللّه ) ( منه ).

(11) احمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي النحوي اللغوي كان اماماً في علوم شتى خصوصاً اللغة فانه اتقنها والف كتاب الجمهرة والجمل وسيرة النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) وغير ذلك ، الظاهر ان لاجل تشيعه لم ينقل الحلبي اسامي كتبه في كشف الظنون اخذ منه بديع الزمان الهمداني وروي عن الخطيب التبريزي والصاحب بن عباد والشيخ الصدوق ( رحمه اللّه ) ( منه ).

(12) اي الهيبة والوقار وزي الاخيار.

(13) سواء تلك الأرض ، أي وسطها.

(14) أي طرفه ( منه ).

(15) أي مسست جبيني بالتراب.

(16) أي ترجع اليهم.

(17) اتاح اللّه له الشيء : أي قدره له.

صحاح.

( منه ).

(18) أي صعبة.

(19) بالكسر : مطرة ( منه ).

(20) الابطح : مسيل واسع فيه رمل ودقاق الحصى ، وموضع قرب مكة.

(21) هذه القصة بتمامها في الحاشية.

(22) التوثة الظاهر انها جرح والادرة نفخة في الخصية ( منه ).

ضمن كتاب الانوار البهية