عداني عن التشبيب بالرشأ الأحوى

طباعة

قد كنت عملت أبياتا من سنين أمدحه و أتشوقه (عليه السلام) و هي :

عداني عن التشبيب بالرشأ الأحوى *** و عن بانتي سلع و عن علمي حزوى

‏عزامي بناء عن عزامي و فكرتي *** تمثله للقلب في السر و النجوى

‏من النفر الغر الذين تملكوا *** من الشرف العادي غايته القصوى

‏هم القوم من أصفاهم الود مخلصا *** تمسك في أخراه بالسبب الأقوى

‏هم القوم فاقوا العالمين مأثرا *** محاسنها تجلي و آياتها تروى

‏بهم عرف الناس الهدى فهداهم *** يضل الذي يقلي و يهدي الذي يهوى

‏موالاتهم فرض و حبهم هدى *** و طاعتهم قربى و ودهم تقوى

‏أ مولاي أشواقي إليك شديدة إذا *** انصرفت بلوى أسى أردفت بلوى

‏أكلف نفسي الصبر عنك جهالة *** و هيهات ربع الصبر مذ غبت قد أقوى‏

و بعدك قد أغرى بنا كل شامت *** إلى الله يا مولاي من بعدك الشكوى

و لما شرعت في سطر مناقبه و ذكر عجائبه عملت هذه الأبيات أنا ذاكرها على حرف الميم ثم إني ذكرت أني مدحت الإمام الكاظم (عليه السلام) بقصيدة على هذا الوزن و الروي فتركتها و شرعت في أخرى و ها أنا ذا أذكر الميمية التي لم أتمها و أكتب الأخرى عقيبها و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب .

و هي :

تحية الله و رضوانه *** على الإمام الحجة القائم

‏على إمام حكمه نافذ *** إذا أراد الحكم في العالم

‏خليفة الله على خلقه *** و الآخذ للحق من الظالم

‏العادل العالم أكرم به *** من عادل في حكمه عالم

‏مطهر الأرض و محيي الورى *** العلوي الطاهر الفاطمي

‏ناصر دين الله كهف الورى *** محيي الندى خير بني آدم

‏الصاحب الأعظم و الماجد *** الأكرم المولى أبو القاسم‏

و صاحب الدولة يحيا بها *** ممتحن في الزمن الغاشم

و النافذ الحكم فرعيا له *** و جادة الوابل من حاكم

‏من حاتم حتى يوازي به *** عبيده أكرم من حاتم

‏لو أنني شاهدته مقبل *** في جحفل ذي عيثر قاتم

‏لقلت من فرط سروري به *** أهلا و سهلا بك من قادم

و الأخرى التي شرعت فيها هي هذه :

إن شئت تتلو سور الحمد *** فخبر الأقوال في المهدي‏

و امدح إماما حاز خصل *** العلى و فاز بالسؤدد و المجد

إمام حق نوره ظاهر *** كالشمس في غور و في نجد

القائم الموجود و المنتمى *** إلى العلى بالأب و الجد

و صاحب الأمر و غوث الورى *** و حصنهم في القرب و البعد

و ناشر العدل و قد جارت *** الأيام و الناس عن القصد

و المنصف المظلوم من ظالم *** و الملجأ المرجو و المحتدي‏

و باذل الرفد إلى أن يرى *** لا أحد يرغب في الرفد

جلت أياديه و آلاؤه *** و الحمد للواهب عن عد

و أصبحت أيامه لا نقضت و لا تولت جنة الخلد

سيرته تهدي إلى فضله *** و هديه يهدي إلى الرشد

يمنع بالله و يعطي به *** موفق في البذل و الرد

ليس له في الفضل من مشبه *** و لا له في النبل من ند

العلم و الحلم و بذل الندى *** جاوز فيها رتب الجد

قد عمه الله بألطافه *** و خصه بالطالع السعد

أدعوه مولاي و من لي بأن *** يقول لي إن قال يا عبدي

‏أدعو به الله و ما من دعا *** بمثله يجبه بالرد

أعده ذخرا و أرجوه في *** بعثي و في عرضي و في لحدي

‏فليت مولاي و مولى الورى *** يذكرني في سره بعدي

و ليته يبعث لي دعوة *** يسعد في الأخرى بها جدي

‏مولاي أشواقي تذكي الجوى *** لأنها دائمة الوقد

أود أن ألقاك في مشهد *** أشرح فيه معلنا ودي

‏برح بي وجد إلى عالم *** بما أعاينه من الوجد

وهمت في حب فتى غائب *** و هو قريب الدار في البعد

فاعطف علينا عطفة و اشف *** ما نلقاه من هجر و من صد

و أظهر ظهور الشمس و اكشف لنا *** عن طالع مذ غبت مسود

قد تم ما ألفت من وصفكم *** فجاء كالروضة و العقد

و لست فيه بالغا حقكم *** لكن على ما يقتضي جهدي

‏فإن يكن حسني فمن عندكم *** أو كان تقصير فمن عندي

‏و رفدكم أرجوه في محشري *** يا باذلي الإحسان و الرفد

و الحمد لله و شكرا له *** أهل الندى و الشكر و الحمد

و قلت هذه الأبيات لتكون خاتمة لهذا الكتاب و هي :

أيها السادة الأئمة أنتم *** خيرة الله أولا و أخيرا

قد سموتم إلى العلى *** فافترعتم بمزاياكم المحل الخطير

اأنزل الله فيكم هل أتى *** نصا جليا في فضلكم مسطور

امن يجاريكم و قد طهر *** الله تعالى أخلاقكم تطهير

الكم سؤدد يقرره القرآن للسامعينه تقريرا

إن جرى البرق في مداكم كبا *** من دون غاياتكم كليلا حسيرا

و إذا أزمة عرت و استمرت *** فترى للعصاة فيها صريرا

بسطوا الندى أكفا سباطا و وجوها *** تحكي الصباح المنيرا

و أفاضوا على البرايا عطايا *** خلفت فيهم السحاب المطيرا

فتراهم عند الأعادي ليوثا *** و تراهم عند العفاة بحورا

يمنحون الولي جنة عدن و *** العدو الشقي يصلى سعيرا

يطعمون الطعام في العسر و اليسر *** يتيما و بائسا و أسيرا

لا يريدون بالعطاء جزاء *** محبطا أجر برهم أو شكورا

فكفاهم يوما عبوسا و أعطاهم *** على البر نضرة و سرورا

و جزاهم بصبرهم و هو أولى *** من جزى الخير جنة و حريرا

و إذا ما ابتدوا لفصل خطاب *** شرفوا منبرا و زانوا سريرا

بخلوا الغيث نائلا و عطاء *** و استخفوا يلملما و ثبيرا

يخلفون الشموس نورا و إشراقا *** و في الليل يخجلون البدورا

أنا عبد لكم أدين بحبي *** لكم الله ذا الجلال الكبيرا

عالم أنني أصبت و أن الله *** يؤلي لطفا و طرفا قريرا

مال قلبي إليكم في الصبا *** الغض و أحببتكم و كنت صغيرا

و توليتكم و ما كان في أهلي *** و لي مثل فجئت شهيرا

أظهر الله نوركم فأضاء الأفق *** لما بدا و كنت بصيرا

فهداني إليكم الله لطفا بي *** و ما زال لي وليا نصيرا

كم أياد أولي و كم نعمة أسدي *** فلي أن أكون عبدا شكورا

أمطرتني منه سحائب جود عاد *** حالي بهن غضا نضيرا

و حماني من حادثات عظام *** عدت فيها مؤيدا منصورا

لو قطعت الزمان في شكر أدنى *** ما حباني به لكنت جديرا

فله الحمد دائما مستمرا و *** له الشكر أولا و أخيرا

ضمن كتاب كشف الغمة الجزء الثالث