ماذا يعني انّ رسول الله يقول لعمّه أبي طالب : قل لا إله إلّا الله أشفع لك بها يوم القيامة ؟
السيّد جعفر علم الهدى
منذ سنةالسؤال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعمّه أبي طالب وهو في الموت : قل لا إله إلّا الله أشفع لك بها يوم القيامة. ولم يكن رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول له إلّا ما يكون منه على يقين ، وليس ذلك لأحد من الناس كلّهم غير شيخنا ـ أعني أبا طالب ـ ...
ماذا يعني بها الإمام الحسن عليه السلام في خطبته عند معاوية لعنه الله ؟ وهل قالها أبو طالب عليه السلام استجابة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟
الجواب :
أبو طالب كان مؤمناً موحّداً ومعتقداً بنبوّة ورسالة محمّد صلّى الله عليه وآله ، وكان يظهر إيمانه وإعتقاده من خلال الأشعار الكثيرة ، كقوله عليه السلام :
ولقد علمت بانّ دين محمّد |
من خير أديان البريّة دينا |
وقوله :
أنت النبي محمّد |
قرم أغرّ مسود |
|
لمسوّدين أكارم |
طابوا وطاب المحتد |
وكقوله في وصيّته :
اوصي بنصر نبيّ الخير أربعة |
ابني عليّاً وعمّ القوم عباسا |
|
وحمزة الأسد الحامي حقيقته |
وجعفراً ان تذودا دونه الناسا |
وكقوله يمدح النبي الأعظم :
لقد أكرم الله النبي محمّداً |
فاكرم خلق الله في الناس أحمد |
|
وشقّ له من اسمه ليجلّه |
فذو العرش محمود وهذا محمّد |
وكقوله في قصيدة في مدح النبي صلّى الله عليه وآله :
أمين حبيب في العباد مسوّم |
بخاتم ربّ قاهر في الخواتم |
|
يرى الناس برهاناً عليه وهيبة |
وما جاهل في قومه مثل عالم |
|
نبيّ أتاه الوحي من عند ربّه |
ومن قال لا ، يقرع بها سنُّ نادم |
قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 3 / 314 ، قالوا وقد اشتهر عن عبد الله المأمون انّه كان يقول : أسلم أبوطالب والله بقوله :
نصرتُ الرسول رسول المليك |
ببيض تلألأ كلمع البروق |
|
اذبّ واحمي رسول الإله |
حماية حام عليه شفيق |
وقوله للنجاشي يدعوه إلى الإسلام :
تعلّم خيار الناس انّ محمّداً |
وزير لموسى وعيسى بن مريم |
|
أتى بالهدى مثل الذي أتيا به |
فكل بأمر الله يهدى ويعصم |
|
وانّكم تتلونه في كتابكم |
بصدق حديث لا حديث الترجّم |
|
فلا تجعلوا لله نداً وأسلموا |
فان طريق الحق ليس بمظلم |
وكان أمير المؤمنين علي عليه السلام يعجبه ان يروى شعر أبي طالب وان يدوّن ، وقال : تلموه وعلموه أولادكم فانّه على دين الله وفيه علم كثير.
وقد ورد عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام : انّ ايمان أبي طالب لو وضع في كفّة ميزان وايمان هذا الخلق في كفّة ميزان لرجح ايمان أبي طالب على إيمانهم.
وعن الرضا عليه السلام في جواب كتاب عبدالعظيم الحسني : بسم الله الرحمن الرحيم امّا بعد فانّك ان شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار.
وعن الصادق عليه السلام انّه قال : يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب ؟ قال : جعلت فداك يقولون هو في ضحضاح من النار وفي رجليه نعلان من نار تغلي منها امّ رأسه. فقال : كذب أعداء الله ، انّ أبا طالب من رفقاء النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
وفي الحديث : انّ نوره يوم القيامة يطفئ أنوار الخلائق إلّا خمسة أنوار.
وفيه : انّ مثله مثل أصحاب الكهف وانّه كان مستودعاً للوصايا فدفعها الى رسول الله صلّى الله عليه وآله.
وعليه فما ورد انّ النبي صلّى الله عليه وآله قال لأبي طالب عليه السلام عند موته : قل لا إله إلّا الله كذب محض ، فانّ النبي صلّى الله عليه وآله كان يعلم بايمان أبي طالب عليه السلام ، كيف نصدّق ذلك مع انّ أبا طالب لما حضرته الوفاة دعا بني عبد المطلب ، فقال : لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمّد وما اتبعتم أمره فاتّبعوه واعينوه ترشدوا.
وفي لفظ : يا معشر بني هاشم اطيعوا محمّداً وصدّقوا تفلحوا وترشدوا.
قال البرزنجي : هذا الحديث دليل على إيمان أبي طالب ، ونعما هو قال : قلت بعيد جدّاً ان يعرف انّ الرشاد في اتّباعه ويأمر غيره بذلك ويتركه هو ؟!
وذكر ابن حجر في الإصابة 4 / 116 ، عن طريق اسحاق بن عيسى الهاشمي ، عن أبي رافع ، قال : سمعت أبا طالب يقول : سمعت ابن أخي محمّد بن عبد الله يقول : انّ ربّه بعثه بصلة الأرحام ، وان يعبد الله وحده ، ولا يعبد معه غيره ، ومحمّد الصدوق الأمين. [ أسنى المطالب / الصفحة : 6 ].
وروى الشيخ إبراهيم الحنبلي في نهاية الطلب ، عن عروة الوثقى ، قال : سمعت أبا طالب رضي الله عنه يقول : حدّثني ابن أخي الصادق الأمين ، وكان والله صدوقاً ، انّ ربّه أرسله بصلة الأرحام وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وكان يقول : أشكر ترزق ولا تكفر تعذّب.
وللمزيد راجع البحار المجلّد 35 وكتاب الغدير.
التعلیقات