هل أنّ النبي محمّد صلّى الله عليه وآله مات ميتة طبيعيّة أو أنّه قتل وقضى شهيداً ؟
السيّد جعفر علم الهدى
منذ سنةالسؤال :
هل أنّ النبي محمّد صلّى الله عليه وآله مات ميتة طبيعيّة أو أنّه قتل وقضى شهيداً ؟
الجواب :
قال الإمام الحسن عليه السلام :
والله إنّه لعهد عهده إلينا رسول الله صلّى الله عليه وآله ، أنّ هذا الامر يملكه إثنا عشر اماماً من ولد ( علي عليه السلام و ) فاطمة عليها السلام ، ما منّا إلّا مسموم أو مقتول. (1)
وقال الإمام الصادق عليه السلام :
ما منّا إلّا مقتولٌ أو شهيد. (2)
وقد اتّفق المسلمون من السنّة والشيعة على انّ النبي صلّى الله عليه وآله مات مسموماً ، لكن السنّة يدّعون أنّه مات بسبب السمّ الذي دسّته المرأة اليهوديّة في ذراع أهدته إليه. (3)
وقد وردت في رواياتهم قوله صلّى الله عليه وآله : ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السمّ (4) ، رواه البخاري في صحيحه. لكن قصّة خيبر كانت في السنة الثامنة للهجرة ، والنبي صلّى الله عليه وآله استشهد في أوائل السنة الحادية عشر للهجرة ، ومن البعيد جدّاً أن يؤثر السم بعد سنتين.
وأكثر وقد ورد في الروايات الواردة من طرق الشيعة والسنّة انّ الذراع أخبرته بأنّها مسمومة فلم يأكل منها ، وأكل منها بعض أصحابه فمات فوراً. (5)
ولذلك يحتمل قويّاً ـ كما يظهر من بعض رواياتنا ـ انّه توفّي بسبب السمّ الذي دسّته إليه بعض أزواجه بعد واقعة الغدير بأمر من والديهما.
وقد أشارت بعض روايات أهل السنّة إلى ذلك ، حيث يستفاد منها انّ بعض أزواجه أجبرت النبي صلّى الله عليه وآله على شرب شيء كان النبي يمتنع من شربه.
ففي صحيح البخاري :
حدثنا عَليُّ حَدَّثَنا يَحْيى وَزادَ قالَت عائِشَةُ لَدَناهُ في مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشيرُ اِلَيْنا اَنْ لا تَلدُّوني فَقُلْنا كَراهيّةُ الْمَريضِ لِلدَّواءِ فَلَمَّا اَفاقَ قالَ اَلَمْ اَنْهكُمْ اَنْ تَلُدُّوني قُلْنا كَراهِيّةُ المَريضِ لِلدَّواءِ فَقالَ لا يَبْقى اَحَدٌ فِي الْبَيْتِ اِلّا لُدَّ وَاَنا اَنْظُرُ العَبّاسَ فَاِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ (6) ـ وفي مسند أحمد : فإنَّه لم يَشْهَدْكُنَّ (7).
ويظهر من ذلك انّ النبي صلّى الله عليه وآله اتّهم أزواجه بدسّ السمّ إليه ، وإلّا لا معنى لقوله : لا يبقى أحد في البيت إلّا لدّ.
الهوامش
1. كفاية الأثر « للخزاز القمي » / الصفحة : 330 ـ 331 / الناشر : دليل ما.
راجع :
إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات « للحر العاملي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 344 / الناشر : أعلمي / الطبعة : 1.
2. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة « لابن الصبّاغ » / المجلّد : 2 / الصفحة : 1093 / الناشر : دار الحديث للطباعة والنشر / الطبعة : 1.
راجع :
كشف الغمة في معرفة الأئمّة « لعلي بن أبي الفتح الإربلي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 227 / الناشر : دار الأضواء.
3. سنن أبي داود / المجلّد : 2 / الصفحة : 369 ـ 370 / الناشر : دار الفكر / الطبعة : 1 :
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقبل الهدية ولا يأكل الصدقة ، زاد : فأهدت له يهودية بخيبر شاة مَصْلِيّة سمّتْهَا ، فأكل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منها وأكل القوم ، فقال : « ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة » فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري ، فأرسل إلى اليهودية : « ما حملك على الذي صنعت » ؟ قالت : إن كنت نبياً لم يضرك الذي صنعت ، وإن كنت ملكا أرحت الناس منك ، فأمر بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقتلت ، ثم قال في وجعه الذي مات فيه : « ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت بخيبر ، فهذا أوان قطعت أبهري ».
4. صحيح البخاري / المجلّد : 5 / الصفحة : 137 / الناشر : دار الفكر :
قالَ عُرْوَةُ قالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْها كانَ النّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ يَقُولُ في مَرَضِهِ الَّذي ماتَ فيهِ يا عائشَةُ ما اَزالُ اَجِدُ اَلَمَ الطَّعامِ الَّذي اَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهذا اَوانَ وَجَدْتُ انْقِطاعَ اَبْهَري مِنْ ذلِكَ السُّمِّ.
راجع :
السنن الكبرى « لأحمد بن الحسين البيهقي » / المجلّد : 10 / الصفحة : 11 / الناشر : دار الفكر.
السيرة النبوية « لابن كثير » / المجلّد : 4 / الصفحة : 449 / الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر.
فتح الباري « لابن حجر العسقلاني » / المجلّد : 2 / الصفحة : 208 / الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر / الطبعة : 2.
5. البرهان في تفسير القرآن « للسيّد هاشم البحراني / المجلّد : 2 / الصفحة : 117 / الناشر : مؤسسة الأعلمي / الطبعة : 2 :
عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : أتدرون مات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أو قتل إن الله يقول : ( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) فسُمّ قبل الموت إنهما سقتاه ، فقلنا : إنهما وأبويهما شر من خلق الله.
6. صحيح البخاري / المجلّد : 5 / الصفحة : 143 / الناشر : دار الفكر.
7. مسند أحمد بن حنبل / المجلّد : 40 / الصفحة : 308 / الناشر : مؤسسة الرسالة / الطبعة : 1.
التعلیقات