واحد : ليس له نظير ولا مثيل
التوحيد
منذ 15 سنةالمصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج2، ص 11 ـ 12
(11)
التوحيد في الذات
(1)
واحد : ليس له نظير ولا مثيل
إنَّ من أبرز صفاته تعالى أنّه واحد لا ثاني له ، وهذا هو
المصطلح عليه في ألْسِنَةِ المتكلمين بالتوحيد الذاتي ، يهدفون به نفي أي
مِثْل له . وربما يطلق التوحيد الذاتي على كونه سبحانه واحداً بمعنى أنَّه
بسيط لاجزء له. ولأجل التفريق بين هذين التوحيدين الذاتيين يعبرون عن
الأوّل ، بالتوحيد الواحدي ، مشيرين إلى أنّه لا ثاني له ، وعن الثاني
بالتوحيد الأحدي ، مشيرين به إلى أنّه تعالى لا جزء له . وقد أشار سبحانه
إليهما في سورة ( الإخلاص ) فقال في صدر السورة :{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ،
هادفاً إلى أنّه بسيط لاجزء له وقال في ختامها :{ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } ،
بمعنى لا ثاني له ، وقد فسرت الآيتان على النحو الذي ذكرناه دفعاً للزوم
التكرار . و نحن نبحث عن كل قسم من التوحيدين في فصل خاص ، وهذا
الفصل مختص بالقسم الأوّل منهما.
ثمّ إنّه ربما يستعمل في هذا المقام « نَفْيُ الشَّرِيك » ، ولكنه أخص
ممّا نتبنّاه ، فإنّه يهدف إلى تنزيهه سبحانه عن وجود شريك له في الخلق والتدبير
والعبادة ، مع أنَّ البحث أوسع من ذلك ؛ لأنّه مركز على أنَّه سبحانه واحد لا
ثاني لا ( يمتنع تَثَنّيه ) ، سواء أكان هناك خلق أم لا ، أكان هناك تدبير أم
________________________________________
(12)
لا ، أكانت هناك عبادة أم لا . والتوحيد في هذه المراحل الثلاث : الخلق
والتدبير والعبادة ، متأخر عن التوحيد الذاتي ، بمعنى أن ذاته واحدة لا ثاني
لها.
وقد استدل الإلهيون على توحيد وجوده ببراهين عقلية واضحة ، كما
أنّه تعالى وصف نفسه في الذكر الحكيم بهذا الوصف مقترناً بالبرهان العقلي ،
ونحن نكتفي من البراهين بأخصرها و أوضحها ، ولا نستقصيها جميعاً ، و نقدّم
البحث عن معنى كونه واحداً.
التعلیقات