بعض روايات الوضوء البيانية
المصدر : القول المبين عن وجوب مسح الرّجلين ، تأليف : أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي ، تحقيق : علي موسى الكعبي ، ص 35 ـ 36
________________________________________ الصفحة 35 ________________________________________
بعض روايات الوضوء البيانية
فمنها: أن النبي صلى الله عليه وآله قام (59) بحيث يراه أصحابه، ثم توضأ فغسل وجهه وذراعيه، ومسح برأسه ورجليه (60).
ومنها: أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال للناس في الرحبة (61):«ألا أدلكم على وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله»؟
قالوا: بلى.
فدعا بقعب (62) فيه ماء، فغسل وجهه وذراعيه، ومسح على رأسه ورجليه، وقال: «هذا وضوء من لم يحدث حدثاً»(63).
فإن قال الخصم: ما مراده بقوله:«وضوء من لم يحدث حدوثاً» ؟ وهل هذا إلا دليل على أنه قد كان على وضوء قبله ؟
قيل له: مراده بذلك أنه الوضوء الصحيح الذي كان يتوضؤه رسول الله صلى الله عليه وآله، وليس هو وضوء من غير وأحدث في الشريعة ما ليس منها.
ويدل على صحة هذا التأويل، وفساد ما توهمه الخصم: أنه قصد أن يريهم فرضاً يعولون عليه ويقتدون به فيه، ولو كان على وضوء قبل ذلك، لكان لم يعلمهم الفرض الذي هم أحوج إليه.
____________
(59) في الاصل: قال.
(60) سنن أبي داود 41:1|160، كنز العمال 476:9|27042، تفسير الطبري 86:6.
(61) الرحبة: قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة.«معجم البلدان 33:3».
(62) القعب: قدح من خشب مقعر. «الصحاح ـ قعب ـ 204:1».
(63) تفسير الطبري 86:6، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 28:2، الدر المنثور 262:2.
________________________________________ الصفحة 36 ________________________________________
ومن ذلك: ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله:«ما نزل القرآن إلا بالمسح»(64) ولا يجوز أن يكون أراد بذلك إلا مسح الرجلين، لان مسح الرؤوس لا خلاف فيه.
ومنه: قول ابن عباس رحمة الله عليه: نزل القرآن بغسلين ومسحين (65).
ومن ذلك: إجماع آل محمد عليهم السلام على مسح الرجلين دون غسلهما(66)، وهم الائمة والقدوة في الدين، لا يفارقون كتاب الله عز وجل إلى يوم القيامة، وفيما أوردناه كفاية، والحمد لله.
____________
(64) التهذيب 63:1|175، والحديث عينه مروي عن أنس والشعبي.
انظر: الدر المنثور 262:2.
(65) انظر: الدر المنثور 262:2، تفسير الطبري 82:6، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 27:2، التهذيب 63:1|176.
(66) انظر: تفسير النيسابوري بهامش الطبري 73:6، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 25:2، نيل الاوطار 193:1، سنن أبي داود 42:1|164، التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ 161:11.
واُنظر: التهذيب 1: 65 / 184، الاستبصار 64:1|191، الكافي 24:3|1.
التعلیقات