عقيدة الشيعة في الصحابة
الصحابة والتابعين
منذ 15 سنة
عقيدة الشيعة في الصحابة
السؤال : أمّا بعد : قرأت بعض المقالات الموجودة في صفحتكم ، وحقيقة صادفني بعض الاستغراب من الذي قرأته من الاستدلال بأحاديث في صحيح البخاري وكلام من أئمة السنة ، فالرجاء أريد معرفة عقيدتكم في أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم .
الجواب : من سماحة السيّد علي الكوراني
سألت عن رأينا في أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية ، فاليك منهجنا في تقييم الصحابة : نظرتنا إلى الصحابة ونظرة إخواننا الذين يتسمون بـ ( السلفيين ) .
ـ الفرق الأوّل : أننا نؤمن بحرية البحث العلمي في الصحابة ، وأنّ للمسلم أن يعتقد في كل واحد منهم ما يتوصل إليه اجتهاده أو تقليده بينه وبين ربه ، وهو معذور إن عمل بشروط الاجتهاد والتقليد المتفق عليها . بينما يريد إخواننا ( السلفيون ) أن يكون البحث العلمي فيهم حراماً ، حتى البحث في تقييمهم لبعضهم ، أو تقييم الرسول صلى الله عليه وآله لهم ، فكل ذلك عندهم حرام مُقفل عليه بأقفال !!
ـ الفرق الثاني : أننا نحترم الصحابة ونحترم آراء المسلمين فيهم ، ولكن لا يجوز لنا أن نقول : ( صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ) ؛ لأنّه ثبت عندنا وعندهم أنّ النبي صلى الله عليه وآله أخبر عن ربه بأنّ العديد من أصحابه يُمنعون من الورود على حوض الكوثر ، ويؤمر بهم إلى النار !! وهو الحديث المعروف بحديث الحوض الصحيح ، وفي بعض نصوصه أنّه : لا ينجو منهم « إلا مثل همل النعم » ، وهمل النعم هي الأنعام المنفردة عن القطيع ! ولعمري إنّ المتأمّل في نصوص الحوض يكاد يشيب من هولها !!
فلا بدّ للمسلم في فقهنا أن يقيّد صلاته على الصحابة بالمؤمنين أوالكرام وما شابه ؛ لأنّه لا يجوز للمسلم شرعاً أن يصلي على أهل النار !!
ـ الفرق الثالث : أنّهم يفضلون الصحابة على العترة الطاهرة من أهل البيت عليهم السلام ، وحجتهم أنّهم صحابة ، بينما أهل البيت صحابة وآل وعترة ، ولكنا لا نفضلهم للصحبة والنسب ، بل نفضلهم ؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وآله أمرنا بتفضيلهم واتباعهم من بعده .. وحديث الثقلين صحيح متواتر عند الجميع . وحديث : « أنّ حب علي وبغضه ميزان الإيمان والنفاق» .. وحديث الكساء .. وحديث المباهلة .. وعشرات الأحاديث متفق على صحتها !!
ـ الفرق الرابع : أننا تعتقد بأنّ الله تعالى كلّفنا بولاية واتباع أهل البيت النبوي الطاهرين عليهم السلام ، فنحن مسؤولون فى حشرنا ونشرنا عنهم ، ولا يسألنا تعالى عن رأينا في الصحابة إلا بمقدار ما يتعلق بأهل البيت النبوي .. فلمإذا نكلّف أنفسنا أمراً لم يكلّفنا إياه الله تعالى ولا يسألنا يوم القيامة عنه ؟
إنّ الجميع متفقون على أنّه لا تصح صلاة المسلم إلا بالصلاة على محمّد وآل محمّد .. وهذا أعظم دليل على أنّ الله تعالى يريدنا أن نصلي عليهم مع رسوله في كل صلاة .. صلى الله على رسوله وآله .
ولم أجد أحداً من فقهاء المسلمين ، حتى الخوارج ، أفتى بوجوب الصلاة على الصحابة .. بل إنّ إضافة : ( وصحبه ) في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ، حتّى في غير الصلاة ، هي بمقاييس المتشدّدين السلفيين بدعة ، وفاعلها فاسق ؛ لأنّه لا يوجد فيها عندهم حتى حديث ضعيف حسب علمي ! بينما هي في مذهبنا جائزة بشرط التقييد بما يدل على الإيمان والعمل الصالح !! ، وإذا كان هذا حال جواز الصلاة عليهم ، فلمإذا لا يترك للمسلم حرية الاعتقاد بهم حسب ما يصل إليه بينه وبين ربه ، مع مراعاة مشاعر المحبين لهم والمغالين فيهم !!
هذا ما خطر ببالي من الفروق في منهج البحث في الصحابة وتقييمهم ، ونرجو من الأخوة الذين يطرحون مسألتهم علينا أن لا يهددوا الشيعة بورقة الصحابة ؛ لأنّ بيدهم ورقة أهل البيت عليهم السلام ، وهي قوية إلى حد أنّ الله ورسوله قد جعلا حب علي وفاطمة والحسن والحسين وبغضهم ميزاناً لإيمان الأمة ونفاقها .. جميع الأمة بمن فيها الصحابة ..
إنّ أهل البيت عليهم السلام هم القاسم الوحيد المشترك بين فئات الأمة الإسلامية ، فلتكن أبحاثكم فيهم ، وإنّ الأمّة قد جرّبت الصحابة والخلافة قروناً فيها الحلو والمر ، وقد انتهت الخلافة على يد العثمانيين وانهارت الأمّة ..
وجاءت مرحلة الوعد الإلهي والنبوي بالمنقذ الموعود من أهل البيت الطاهرين ، كما ثبت عند الجميع .
لقد دخلت الأمّة والعالم في عصر أهل البيت بعد طول معاناة ، وقد قال علي عليه السلام : « والله لتعطفن علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها » .
رحم الله الصحابة الأبرار جميعاً .. وصلى الله على أهل البيت الأطهار ، وعجّل الله فرج الاُمة بهم ، وصلى الله على خاتمهم الموعود من رب العالمين على لسان سيّد المرسلين .
التعلیقات