كيف يحق لنا اتهام الخليفة الاول والثاني بغصب ، بالرغم مما قويت شوكة الإسلام في خلافتهما ؟
الشيخ حسن الجواهري
منذ 15 سنةالسؤال :
في زمن الخليفة الأوّل والخليفة الثاني زادت الفتوحات وقد قويت شوكة الإسلام في خلافتهما ، ومن المشهود لهما باخلاصهما وعدالتهما ، فكيف يحق لنا اتهامّهما بغصب الخلافة بالرغم ممّا أعلاه ؟ !.
الجواب :
إنّ المؤكّد لدى الشيعة والسنّة ورود الروايات الكثيرة والمتواترة في نصب علي « أمير المؤمنين » عليه السلام خليفة على المسلمين يوم غدير خم في آخر عمر رسول الله في حجّة الوداع ؛ إذ قال القولة المتواترة : « ألست أوْلى بكم من أنفسكم ؟! » ، فقالوا : بلى يا رسول الله ، فقال : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وادر معه الحقّ حيث دار ».
كما إنّ من المؤكّد ما ورد لدى الطرفين من حديث الثقلين الذي قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « انّي مخلّف فيكم الثقلين ـ أحدهما أكبر من الآخر ـ : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ... ».
وقد وردت الروايات المتواترة معنىً في نصب علي خليفة كما في حديث الإنذار في قوله تعالى : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) [ الشعراء : 214 ] ؛ فقد ذكر الطبري والبغوي أنّ النبي صلّى الله عليه وآله جمع بني عبد المطلب فانذرهم ، ثمّ قال : « فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّ وخليفتي فيكم ؟ قال عليّ فأحجم القوم عنها وقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ثمّ قال : إنّ هذا أخي ووصيّ وخليفتي فيكم فأسمعوا له واطيعوا ».
انظر تفسير الطبري عند هذه الآية ، والحديث اينهما في تاريخ الطبري 2 / 217 . والكامل في التاريخ 2 / 62 ـ 64 ، وابن أبي الحديد 13 / 21 والسيرة الحلبية 1 / 461.
وهكذا نفهم إنّ الرسول صلّى الله عليه وآله قد عمل منذ تسلّمه أمر الدعوة إلى الدين على التمهيد لعليّ عليه السلام في الخلافة من بعده ، وحتّى وهو على فراش الموت أراد أن يكتب هذا الذي مهد له بالأقوال المتواترة ، فقال : « إئتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً ».
فمنع من ذلك عمر وقال : إنّ الرجل ليهجر ! وتنازع القوم في ايصال الدواة والكتف إليه ، إلّا أنّ النبي صلى الله عليه وآله بعد أن أفاق هجرهم وطردهم وقال ـ بعد أن قالوا له : أنأتي بالدواة والكتف ـ : « أو بعد الذي قلتم ، اخرجوا لاينبغي عند نبي نزاع ».
وعلى كلّ حال فقد عرف عمر إنّ النبي يريد أن يثبّت حديث الثقلين ، الذي فيه : « ما إن تمسكتم بهما ـ أي الثقلان ـ لن تضلّوا أبداً » ، فمنع من ذلك ، وإلّا فلماذا يمنع من كتاب النبي صلّى الله عليه وآله كتاباً يكون التمسّك به مانعاً من ضلال الاُمّة ؟!!.
إذا المؤكّد الذي لا ريب فيه إنّ الرسول : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) [ النجم : 3 ـ 4 ].
قال في موارد متعدّدة بأنّ : عليّاً خليفة رسول الله ، وتوجّتها يوم غدير خم وهذا باتّفاق الجميع.
إلّا أنّ أبا بكر وعمر سارا بسيرة اُخرى مخالفة لإرادة الرسول صلّى الله عليه وآله في مقولاته المتعدّدة وحصلت السقيفة ، وبعد التنازع في الخلافة بين بعض المهاجرين وبعض الأنصار ، نصب أبو بكر خليفة من دون نصّ عليه بل النصّ على عليّ عليه السلام ، واستلموا أمر الحكومة وعليّ عليه السلام وبنو هاشم وبعض الصحابة مشغولون في أمر تجهيز النبي صلّى الله عليه وآله وبعد لم يقبر في قبره ، وهذا أمر مسلّم عند الجميع.
فما يقوله الشيعة هو إنّ الله على لسان رسوله أراد أن يكون عليّاً عليه السلام هو خليفة النبي صلّى الله عليه وآله من بعده كتشريع من السماء ولكن القوم خالفوا ذلك ، وهذا واضح من الأمر الأوّل والثاني لا شائبة فيه ، فالشيعة الإماميّة ليس لهم عداء مع شخص ، ولا يقولون شيئاً من دون دليل ، وهذه أدلّتنا ونحن نتمسّك بها أمام الله تعالى في صحّة مقولتنا بأنّ الخلافة قد أرادها الرسول وأمر بها لعليّ ولكن القوم خالفوا ذلك.
التعلیقات