ما هو الدليل العقائدي للتوسّل بالأئمّة لشفاء مرض ؟
الشيخ محمد السند
منذ 15 سنةالسؤال :
ما هو الدليل العقائدي للتوسّل بالأئمّة لشفاء مرض ؟ وهل هناك من أهل السنة من توسّل بالصحابة مع ذكر المصادر ؟
الجواب :
هناك العديد من الأدلّة المتكاثرة على ذلك ، نذكر منها مقتطفاً مثل قوله تعالى : ( اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ * وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ * قَالُوا تَاللَّـهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ * فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (1).
وفي ذيل سورة يوسف يقول تعالى : ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ ) (2).
فما ذكره الله تعالى من استشفاء نبي الله يعقوب بقميص ابنه نبي الله يوسف ورجوع بصره ببركة قميصه ليس حديثاً يفترى خيالي بل عبرة لاُولي الألباب كي يستنّوا بسنن أنبياء الله تعالى.
ومثل : قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) (3).
ومن المعلوم أنّ مرض الروح وهو الذنوب أعظم من مرض البدن ، فإذا كانت شفاعته صلى الله عليه وآله في النجاة الأبديّة والخلاص الدائم مقبولة ، فكيف لا تكون شفاعته صلّى الله عليه وآله مقبولة في النجاة من المرض البدني الموقّت ؟! وقد أجمع المسلمون في روايات الفريقين على شفاعته صلّى الله عليه وآله.
ومثل ما روى أصحاب كتب السير المعروفة لدى الفريقين وكتب الحديث والتواريخ والتفسير أنّه صلّى الله عليه وآله في غزوة خيبر عندما لم يظفر المسلمون باليهود وقلاعهم المحصنة ، وكان صلّى الله عليه وآله قد أرسل أبا بكر وعمر وعمرو بن العاص كلّ واحد في مرّة مع الجيش ، فيرجعون فراراً في يئس من الظفر باليهود وفي حالة من الذعر ، فقال صلّى الله عليه وآله : لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّار غير فرّار ، يفتح الله على يديه ، فتطاولت إلى ذلك أعناق القوم ، وقالوا : من يعطاها ؟ وكلّ واحد تمنّى أن يكون هو ، فأصبح صلّى الله عليه وآله ونادى : أين علي ؟ فقالوا له : أنّه مريض مصاب بالرمد في عينيه. فقال : آتوني به ، فجاؤوا به أرمد العينين فمسح صلّى الله عليه وآله عيني على بريق ماء فمه الشريف ، فبرئ عليّ ، وأخذ الراية ، وفتح الله تعالى على يديه حصون اليهود وقتل مرحباً ، وكانت أحد مواقفه عليه السلام التي بنت صرح الدولة الإسلاميّة العظمى. (4)
فنرى في هذا الموقف أنّ عليّاً عليه السلام قد شفى بريق النبي صلّى الله عليه وآله. (5)
وقد روى أصحاب الصحاح الستّة أنّ المسلمين كان يتبرّكون بفاضل وضوئه صلى الله عليه وآله. (6)
إلى غير ذلك من الموارد التي لا تحصى.
الهوامش
1. يوسف : 93 ـ 96.
2. يوسف : 111.
3. النساء : 64.
4.
5. راجع :
صحيح البخاري / المجلّد : 4 / الصفحة : 20 / الناشر : دار الفكر.
صحيح مسلم / المجلّد : 7 الصفحة : 120 / الناشر : دار الفكر.
خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب « للنسائي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 42 / الناشر : مكتبة المعلا / الطبعة : 1.
6. مسند أحمد بن حنبل / المجلّد : 31 / الصفحة : 247 / الناشر : مؤسسة الرسالة / الطبعة : 1 :
ثم إنَّ عروة جَعَلَ يَرْمُقْ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم بعينه ، قال : فوالله ما تَنخَّمَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم نُخَامَةَ إلّا وَقَعتْ في كَفِّ رَجُلٍِ منهم ، فَدَلَكَ بها وَجْهَهُ وجِلْدَهُ ، وإذا أَمَرَهُمْ ابتدروا أمْرَه ، وإذا توضَّأ كادوا يقتتِلون على وَضوئه ، وإذا تكلَّموا ، خَفَضُوا أصْوَاتَهُم عنده ، وما يُحِدُّون إليه النَّظَرَ تعظيماً له.
راجع :
صحيح البخاري / المجلّد : 4 / الصفحة : 58 / الناشر : دار الفكر.
التعلیقات