هل يجوز للنبي طرح الخلافة من قبله كما يظهر من آية الإنذار
الإمامة
منذ 15 سنة
هل يجوز للنبي طرح الخلافة من قبله كما يظهر من آية الإنذار
السؤال : حديث الدار لما نزل قول الله تعالى : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}(الشعراء/214). في السنة الثالثة من البعثة: « دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عشيرته إلى دار عمه أبي طالب ، و بعد أن أكلوا و شربوا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : أيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي من بعدي . فأحجم القوم، فقال علي عليه السلام : أنا يا نبي اللّه . و حين قالها لثالث مرة وعلي يقول : أنا يا نبي الله . أخذ برقبة علي وقال : إنّ هذا أخي ووصي وخليفتي من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا» .
هذا الحديث الشريف من الأحاديث الشريفة التي احتج بها الشيعة على خلافة علي بن أبي طالب عليه السلام ، إلا أنّ الحديث يحمل نوع من الإشكالية وسؤال استفهام حار فيه العقل وقصر عنه النظر؟ ، فلم نجد له جواباً ، والإشكال يتنافى مع ما نعتقده من أنّ خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه كانت بالتنصيص من الرسول الأعظم عليه في روايات كثيرة لا مجال لذكرها وسردها ، والتعيين من قبل الله سبحانه وتعالى منذ الأزل .
الإشكال : هل يجوز للنبي طرح الوصايا والخلافة من قبله كما ورد في الرواية بقوله : « أيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي من بعدي » على عشيرته ، وتكون بالقابلية والاستعداد ومفتوحة لكل صاحب رغبة أن يقبل بها ؟ !
ثمّ ألا يكون ذلك منافياً للتعيين من قبل الله سبحانه وتعالى ؟ ! ألا يكون ذلك تعارض ما بين إرادة الله سبحانه وتعالى ، وعرض رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثمّ لو فرضنا ( وفرض المحال ليس بمحال ) تقدم أحد المتواجدين في الدار غير أمير المؤمنين وقال أنا هو ، فهل سيسلمه الرسول الخلافة والوصايا ؟ ! أم سيعتذر له وسيقول له أن الأمر ليس بيدي ( وهذا محال في رسول الله صلى الله عليه وآله فهو الصادق الأمين ) .
نرجو التكرم علينا بالجواب ، ونفي الشبهة الواردة بالدليل الجلي والحجة الواضحة ، وإن أمكن تفصيلا واطالة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الجواب : من سماحة السيد علي الميلاني
السلام عليكم وتقبّل أعمالكم ووفقكم لأمثاله . وبعد : قد ثبت بالأدلة النقلية والعقلية على أنّ الإمامة منصب إلهي ، وأن نصب الإمام بيد الله تعالى فقط ، ومن الموارد التي صدع بها الصادق الأمين قوله لمّا عرض رسالته في أوّل البعثة على القبائل العربية ، وقد طلب بعضها منه أن يكون الأمر بيدها من بعده في مقابل مؤازرته : « أنّ الأمر بيد الله يضعه حيث يشاء » . رواه ابن هشام في السيرة النبوية ، وكذا غيره . فالأمر بيد الله ...
لكنّكم غفلتم عن أنّ النبي صلى الله عليه وآله:{وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}(النجم/3 ـ 4).
وأنّ الله يقول:{ مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(الحشر/7). وعقد المجلس ودعوة العشيرة كان بأمر من الله إذ قال:{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}(الشعراء/214). فكان كلّ ما فعله وقاله من جانب الله ، والله سبحانه لم يشأ أن يضع الأمر إلا حيث وضع ...
ونظير ذلك قصّة حديث الطير المشوي ، فالرسول دعا الله أن يحضر عنده من هو أحب الخلق مطلقاً عند الله ورسوله ليأكل معه من الطير ، فما حضر إلاّ علي ، حتى أنّ الشيخين أتيا ورجعا ولم يدخلا الدار ، وحتى أن أنس بن ملك حاول الحيلولة دون دخول علي ، لكنّ علياً دخل على رسول الله واكل معه ، وكان هو الأحب عند الله ورسوله ، فهو الإمام من بعده.
والحاصل : إنّ هناك تعليمات من الله لرسوله وقرارات في ما بينهما ، ولذا لمّا سدّ الأبواب إلا باب علي قال : « ما أنا سددت أبوابكم ، وفتحت بابه بل الله سدّ أبوابكم وفتح بابه» . ولمّا انتجاه في محضر منهم حتى حسدوه وتكلّموا في ذلك قال : « ما أنا انتجيته بل الله انتجاه ... » وهكذا ... وصلى الله عليهما وآلهما ورزقنا شفاعتهم .. والسلام
التعلیقات