ما هي الأسباب التي أدّت إلى غضب الزهراء عليها السلام لأبي بكر وعمر ؟
السيد علي الميلاني
منذ 15 سنةالسؤال :
ما هي الأسباب التي أدّت إلى غضب الزهراء عليها السلام لأبي بكر وعمر ؟
ممكن احصل منكم على شرح مفصّل عن هذا الموضوع مدعماً بالبراهين من كتب الفريقين.
الجواب :
إنّ الأسباب كلّها ترجع إلى نكث بيعة الغدير وغصب خلافة الأمير عليه الصلاة والسلام ؛ إذ اجتمع ثلاثة من المهاجرين وعدّة من الأنصار في « سقيفة بني ساعدة » ، وأسفر اجتماعهم بعد تنازع وتدافع شديدين عن خلافة أبي بكر ببيعة عمر بن الخطاب ، ثمّ متابعة الآخرين عن رهبةٍ أو رغبة ، بينما كان علي عليه السلام وبنو هاشم وسائر رجالات المسلمين وأعلام الصحابة مشغولين بتجهيز النبي صلّى الله عليه وآله ودفنه ، فلّما فرغوا من ذلك اجتمعوا في بيت فاطمة عليها السلام بضعة الرسول صلّى الله عليه وآله ، حيث قصده عمر بن الخطاب بأمرٍ من أبي بكر في جمعٍ فيهم خالد بن الوليد ونظراؤه وبعض الموالي ، كقنفذ مولى عمر ، لحمل من في البيت على البيعة لأبي بكر (1).
وبذلك بدأت الحوادث والكوارث التي طالما سعى أتباعهم من المؤرّخين والمحدِّثين إلى كتمانها ، وكيف يرجى ممّن يحرّم نقل أخبار المنازعات والمشاجرات الواقعة بين الصحابة ـ كما لا يخفى على من راجع « شرح المقاصد » (2) للتفتازاني ، و « الصواعق المحرقة » (3) لابن حجر المكي ، وغيرهما من كتبهم ، هؤلاء الذين يحرّمون حتّى رواية أخبار استشهاد أبي عبد الله الحسين السبط وأصحابه في كربلاء ـ أن يرووا لنا ما وقع من عمر ومن معه تجاه أهل البيت عليهم السلام. ومع ذلك ، فإن المتتبّع المحقّق يعثر على نتفٍ من أخبار القضايا.
ففي كتاب « المصنف » لابن أبي شيبة وغيره ، أنّه لما أتى بيت فاطمة البتول خاطبها قائلاً :
وايمُ الله ما ذاك بمانعي إنِ اجتمع هؤلاء النفرُ عندك أن آمر بهم أن يُحَرَّق عليهم البيت. (4)
لكنْ لم يكن تهديداً فحسب ، بل في « أنساب الأشراف » (5) للبلاذري ، و « العقد الفريد » (6) ، و « المختصر في أخبار البشر » (7) ، وغيرها ، واللفظ للعقد الفريد :
فأما علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمرَ بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة ، وقال له : إنْ أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبَسٍ من نار على أن يضرم عليهم الدار ، فلقيتهُ فاطمة فقالت : يا ابن الخطاب ، أجئت لتُحرق دارَنا ؟ قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة ! (8)
وفي « مروّج الذهب » (9) ، وعنه ابن أبي الحديد في « شرح النهج » في قضيةٍ : لمّا تأخّروا عن بيعة أبي بكر ، فإنه أَحضَر الحَطَب ليُحرِّق عليهم الدار (10).
فقد أحضر النار وأحضر الحطب وأحرق الباب.
وكما قال إمامنا أبو عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام : والله ما بايع عليُّ حتّى رأى الدّخان قد دخل بيته (11).
رواه الشريف المرتضى في كتاب « الشافي » (12) عن كتاب « السقيفة » للثقفي ، وذلك أنّهم كشفوا البيت ودخلوا ، الأمر الذي تمنّى أبو بكر أن لم يكن قد وقع ، كما في « تاريخ الطبري » (13) ، و « العقد الفريد » (14) ، و « مروج الذهب » (15) ، و « الإمامة والسياسة » (16) ، وغيرها (17).
وما وقع إلّا بعصر الزهراء وكسر ضلعها وإسقاط جنينها ، كما روى ذلك الحافظ الإمام ابن أبي دارم بترجمته من كتاب « ميزان الاعتدال » (18) للحافظ الذهبي ، ورواه المتكلّم الشهير إبراهيم بن سيّار النظام بترجمته في « الوافي بالوفيات » (19) للصفدي ، و « الملل والنحل » (20) للشهرستاني وغيرهما.
ثمّ إنّ فاطمة عليها السلام ماتت وهي واجدة ـ أي غاضبة ـ على أبي بكر ، كما في « صحيح البخاري » (21) ، وغيره من المصادر المهّمة (22).
وقد أوصت أن تدفن بالليل ولا يؤذن أحد ممّن آذاها وأغضبها. (23)
وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : فاطمة بضعة مني فمن اغضبها أغضبني (24) ، و « فَاطِمةُ بِضْعَةٌ مِنّي يُؤْذيني مَا آذَاهَا » (25). وبهذين اللفظين ونحوهما في « البخاري » (26) و « مسلم » (27) و « مسند أحمد » (28) و « صحيح الترمذي » (29) و « المستدرك » (30) وغيرها.
وفي « فيض القدير » عن جمعٍ من الحفاظ : أنّ أذاها يوجب الدخول في النار. (31)
كما في المصادر أيضاً أنّه قال صلّى الله عليه وآله : « من آذى علياً فقد آذاني ». « المسند » (32) ، و « المستدرك » (33) ، وفي « الإصابة » (34) ، و « اُسد الغابة » (35) ، وغيرهما بترجمته عليه السلام.
فهذا مجمل ما وقع ، وفي مصادرنا بعض التفاصيل.
الهوامش
1. راجع :
الإمامة والسياسة « لابن قتيبة الدينوري » / المجلّد : 1 / الصفحة : 21 ـ 31 / الناشر : انتشارات الشريف الرضي / الطبعة : 1.
تاريخ الطبري / المجلّد : 2 / الصفحة : 443 ـ 444 / الناشر : مؤسسة الأعلمي / الطبعة : 4.
صحيح البخاري / المجلّد : 8 / الصفحة : 286 ـ 289 / الناشر : دار الفكر.
الإستيعاب « لابن عبد البر القرطبي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 975 / الناشر : دار الجيل / الطبعة : 1.
أنساب الأشراف « للبلاذري » / المجلّد : 1 الصفحة : 586 / الناشر : معهد المخطوطات بجامة الدول العربيّة.
كتاب سليم بن القيس الهلالي / الصفحة : 143 ـ 151 / الناشر : دليل ما / الطبعة : 1.
تفسير العياشي « لمحمد بن مسعود العياشي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 67 / الناشر : المكتبة العلميّة الإسلاميّة.
2. راجع :
شرح المقاصد « للتفتازاني » / المجلّد : 5 / الصفحة : 303 / الناشر : انتشارات الشريف الرضي / الطبعة : 1.
3. راجع :
الصواعق المحرقة « لأحمد بن حجر الهيثمي المكّي » / الصفحة : 216 / الناشر : مكتبة القاهرة / الطبعة : 2.
4. المصنف « لابن أبي شعبة » / المجلّد : 20 / الصفحة : 579 / الناشر : دار القرطبة / الطبعة : 1.
5. راجع :
أنساب الأشراف « للبلاذري » / المجلّد : 1 / الصفحة : 586 / الناشر : معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية.
6. راجع :
العقد الفريد « لأحمد بن محمّد بن عبدربه الأندلسي » / المجلّد : 5 / الصفحة : 13 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 3.
7. راجع :
المختصر في أخبار البشر « لأبي الفداء » / المجلّد : 1 / الصفحة : 156 / الناشر : دار المعرفة.
8. العقد الفريد « لأحمد بن محمّد بن عبدربه الأندلسي » / المجلّد : 5 / الصفحة : 13 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 3.
9. مروج الذهب ومعادن الجوهر « للمسعودي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 77 / الناشر : دار الهجرة / الطبعة : 2.
10. شرح نهج البلاغة « لابن أبي الحديد » / المجلّد : 20 / الصفحة : 147 / الناشر : منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي / الطبعة : 2.
11. بحار الأنوار « للعلّامة المجلسي » / المجلّد : 28 / الصفحة : 390 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2.
12. راجع :
الشافي في الإمامة « للسيد المرتضى » / المجلّد : 3 / الصفحة : 241 / الناشر : مؤسسة إسماعيليان / الطبعة : 2.
13. راجع :
تاريخ الطبري « لمحمد بن جرير الطبري » / المجلّد : 2 / الصفحة : 619 / الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.
14. راجع :
العقد الفريد « لأحمد بن محمد الأندلسي » / المجلّد : 5 / الصفحة : 21 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 1.
15. راجع :
مروج الذهب ومعادن الجوهر « للمسعودي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 301 / الناشر : منشورات دار الهجرة ـ ايران / الطبعة : 2.
16. راجع :
الإمامة والسياسة « لابن قتيبة الدينوري » / المجلّد : 1 / الصفحة : 36 / الناشر : انتشارات الشريف الرضي / الطبعة : 1.
17. راجع :
كتاب الأموال « لحميد بن مخلد بن قتيبة » / الصفحة : 126 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 1.
المعجم الكبير « للطبراني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 62 / الناشر : دار إحياء التراث العربي / الطبعة : 2.
أنساب الأشراف « للبلاذري » / المجلّد : 10 / الصفحة : 346 / الناشر : دار الفكر / الطبعة : 1.
18. راجع :
ميزان الاعتدال « للذهبي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 139 / الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر / الطبعة : 1.
19. راجع :
الوافي بالوفيات « للصفدي » / المجلّد : 6 / الصفحة : 15 / الناشر : دار إحياء التراث.
20. راجع :
الملل والنحل « للشهرستاني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 57 / الناشر : دار المعرفة.
21. راجع :
صحيح البخاري « للبخاري » / المجلّد : 4 / الصفحة : 42 / الناشر : دار الفكر.
22. راجع :
مسند أحمد بن الحنبل / المجلّد : 1 / الصفحة : 204 ـ 205 / الناشر : مؤسسة الرسالة / الطبعة : 1.
السنن الكبرى « للبيهقي » / المجلّد : 6 / الصفحة : 300 ـ 301 / الناشر : دار الفكر.
السيرة النبوية « لابن كثير » / المجلّد : 4 / الصفحة : 567 / الناشر : دار المعرفة.
23. راجع :
صحيح البخاري / المجلّد : 5 / الصفحة : 82 ـ 83 / الناشر : دار الفكر.
تأويل مختلف الحديث « لابن قتيبة الدينوري » / الصفحة : 279 / الناشر : دار الكتب العلمية.
المصنف « لعبد الرزاق الصنعاني » / المجلّد : 3 / الصفحة : 521 و 410 / الناشر : منشورات المجلس العلمي.
24. صحيح بخاري / المجلّد : 4 / الصفحة : 210 / الناشر : دار الفكر.
25. صحيح مسلم / المجلّد : 7 / الصفحة : 141 / الناشر : دار الفكر.
26. تقدم ذكره في هامش 25.
27. تقدم ذكره في هامش 28.
28. مسند احمد بن حنبل / المجلّد : 26 / الصفحة : 46 الناشر : مؤسسة الرسالة / الطبعة : 1.
29. سنن الترمذي / المجلّد : 5 / الصفحة : 360 / الناشر : دار الفكر / الطبعة : 2.
30. المستدرك على الصحيحين « للحاكم النيسابوري » / المجلّد : 3 / الصفحة : 159 / الناشر : دار المعرفة
31. فيض القدير شرح جامع الصغير « للمناوي » / الملجلّد 6 / الصفحة : 24 ـ 25 / الناشر : دار الكتب العلمية / الطبعة : 1.
32. المستدرك على الصحيحين « للحاكم النيسابوري » / المجلّد : 3 / الصفحة : 122 / الناشر : دار المعرفة.
33. الإصابة « لابن حجر العسقلاني » / المجلّد : 4 / الصفحة : 534 / الناشر : دار الكتب العلمية / الطبعة : 1.
34. اسد الغابة « لابن أثير » / المجلّد : 3 / الصفحة : 438 / الناشر : دار الفكر / الطبعة : 1.
التعلیقات