ما الدليل على هجوم عمر على فاطمة الزهراء عليها السلام وإسقاط جنينها ؟
السيد علي الميلاني
منذ 15 سنةالسؤال :
ما الدليل على هجوم عمر على فاطمة الزهراء عليها السلام وإسقاط جنينها ؟ لِمَ لم يعينها علي عليه السلام ، وهو حامل باب خيبر ؟
وإليكم روايات تشاركنا في موضوعنا :
قام رسول الله صلّى الله عليه وآله بعد رجوعه من تبوك ـ بقيّة رمضان وشوّال وذي القعدة ـ ثمّ بعث أبا بكر رضي الله عنه أميراً على الحج ليقيم للناس حجّهم. وأهل الشرك على دينهم ومنازلهم من حجهم. فخرج أبو بكر في ثلاثمائة من المدينة. وبعث رسول الله صلّى الله عليه وآله بعشرين بدنة. قلّدها وأشعرها بيده ، ثمّ نزلت « سورة براءة » في نقض ما بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه ، فأرسل بها علي بن أبي طالب على ناقته العضباء ليقرأ « براءة » على الناس. وينبذ إلى كل ذي عهد عهده ، فلمّا لقي أبا بكر قال له : « أمير ، أو مأمور ؟ فقال علي : بل مأمور ». فلمّا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب فقال : يا أيها الناس لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان له عهد عند رسول الله صلّى الله عليه وآله فهو إلى مدّته. زاد المعاد : 1 / 186.
أمّا بالنسبة للخلافة ، فإليك هذه الروايات :
وإنا لنرى أبا بكر أحق بها ـ أي بالخلافة ـ إنّه لصاحب الغار. وإنا لنعرف سنه. ولقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بالصلاة خلفه وهو حي. نهج البلاغة ، تحقيق العالم الشيعي الشريف الرضي : 1 / 132.
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو يذكر بيعته لأبي بكر :
فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ، ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون ، فتولى أبو بكر تلك الاُمور ، فيسّر وسدّد وقارب واقتصد ، فصحبته مناصحاً ، وأطعته في ما أطاع الله فيه جاهداً. الغارات للثقفي : 2 / 305.
جبير بن مطعم ، قال :
اتت أمرأة إلى النبي صلّى الله عليه وآله فأمرها أن ترجع إليه ، فقالت : إن جئت فلم أجدك. كأنها تقول الموت ، قال : أن لم تجديني فاءتي أبا بكر. رواه البخاري : 2 / 197 ، ورواه مسلم : 4 / 186.
وعن حذيفة رضي الله عنه ، قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : أقتدوا بالذين من بعدي : أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. رواه أحمد : 5 / 385 ، والترمذي : 5 / 609 ، وابن ماجة : 1 / 37.
وعن أنس رضي الله عنه ، قال :
بعثني بنو المصطلق إلى الرسول صلّى الله عليه وآله أن أسأله : إلى من ندفع صدقاتنا بعدك ؟ فقال : إلى أبي بكر. رواه الحاكم في المستدرك : 3 / 77.
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت :
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله في مرضه الذي مات فيه : ادعِ لي أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمّنٍ ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر . رواه مسلم : 4 / 1857 ، وأحمد : 6 / 106.
الجواب :
أنا لا أدري هل الأخ من أهل السنّة أو من الشيعة الإماميّة ، وأقول :
أوّلاً : استدلال السنّي بما في كتبه على الشّيعي غير صحيح ؛ وعليه فالاستدلال بما في كتابي البخاري ، ومسلم ، ومسند أحمد ، وغيرها ، وزاد المعاد لابن قيم الجوزيّة لا ينفعه.
ثانياً : استدلال السنّي بما في كتب الشيعة على الشيعي صحيح شريطة أن يقبل الشيعي بالدليل ؛ لأنّ الشيعة ليس عندهم كتاب روائي يلتزمون بصحّة جميع رواياته من أوّلها إلى آخرها ، حتّى كتاب الكافي للكليني رحمه الله ينظرون في أسانيده ويأخذون بما صحّ منها ، ويطرحون ما لم يصحّ.
ثالثاً : الاستدلال بمقطع من الكلام وإسقاط ما قبله وبعده عمل قبيح ؛ لأنّه خيانة في النقل ، ويوجب الوهن للناقل وعدم الاعتماد عليه في سائر نقولاته ، والباحث الحرّ الصادق تأبى نفسه عن ارتكاب مثل ذلك. وما نقله الأخ عن « الغارات » من هذا القبيل ، ونحن ننصحه أن يقرأ الكلام بصورة كاملة ، ثمّ يستغفر الله عمّا فعل من التقطيع ، وما صدر عنه من الفعل الشنيع.
رابعاً : ما حكاه عن « نهج البلاغة » لم نجده فيه ، فليطالع الأخ مرّة أخرى ، فإن وجده فليعطنا رقم الخطبة أو الكتاب ، وإن كان يدري عدم وجوده فيه فلماذا الكذب ؟ نسأل الله العافية.
خامساً : إنّ من جملة ما نقله عن الكتب السنّية ما يراه القوم أنفسهم أنّه كذب ، فكيف يريد بناء مذهبه على الأكاذيب ؟ وكيف يريد إلزام الآخرين بالأكاذيب ؟ إنّ ما جاء في بعض كتبهم عن النبي أنّه قال : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر ، كذّبه كبار أئمّتهم.
ومن كان في ريب في ما قلته ، فليرجع إلى كتبهم :
فيض القدير في شرح الجامع الصغير (1).
الضعفاء الكبير للعقيلي (2).
ميزان الاعتدال (3).
الفصل في الملل والنحل (4).
مجمع الزوائد (5).
لسان الميزان (6).
هذا ، وأمّا الدليل على الهجوم على دار الزهراء الطاهرة ، فهو في الكتب التاريخيّة المعتمدة عند أهل السنّة ـ فضلاً عن كتب الإماميّة ـ ، فالقضية يرويهّا : البلاذري (7) والطبري (8) وابن عبد ربه (9) وابن قتيبة (10) وابن الشحنة (11) وأبو الفداء (12) وغيرهم (13) ؛ فإن كان هؤلاء كاذبين فما ذنب الشيعة ؟
وبعد ، فإنّا على استعداد للتعاون مع كلّ من يريد الوصول إلى الحقيقة على ضوء الكتاب الكريم والسنّة المعتبرة وحكم العقل السليم ، بشرط عدم التعصّب والاجتناب عن التدليس ؛ والله الموفق .
الهوامش
1. فيض القدير في شرح الجامع الصغير « للمناوي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 56 ـ 57 / الناشر : دار المعرفة / الطبعة : 2.
2. الضعفاء الكبير « للعقيلي » / المجلّد : 46 / الصفحة : 94 ـ 95 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 2.
3. ميزان الإعتدال في نقد الرجال « للذهبي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 105 / الناشر : دار المعرفة / الطبعة : 2.
4. الفصل في الملل والأهواء والنحل « لابن حزم » / المجلّد : 4 / الصفحة : 88 / الناشر : المكتبة الخانجي.
5. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد « للهيثمي » / المجلّد : 9 / الصفحة : 53 / الناشر : مكتبة القدسي.
6. لسان الميزان « لابن حجر العسقلاني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 188 / الناشر : مؤسسة الأعلمي / الطبعة : 2.
7. أنساب الأشراف « للبلاذري » / المجلّد : 1 / الصفحة : 586 / الناشر : معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية.
8. تاريخ الطبري « للطبري » / المجلّد : 2 / الصفحة : 443 / الناشر : مؤسسة الأعلمي / الطبعة : 4.
9. العقد الفريد « لابن عبد ربه الأندلسي » / المجلّد : 5 / الصفحة : 13 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 1.
10. الإمامة والسياسة « لابن قتيبة الدينوري » / المجلّد : 1 / الصفحة : 30 / الناشر : انتشارات الشريف الرضي.
11. روض المناظر في علم الأوائل والأواخر « لابن الشحنة » / الصفحة : 101 / الناشر : دار الكتب العلميّة.
12. المختصر في تاريخ البشر ـ تاريخ أبي الفداء ـ « لأبي الفداء » / المجلّد : 1 / الصفحة : 156 / الناشر : دار المعرفة.
13. راجع :
المعجم الكبير « للطبراني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 62 / الناشر : دار إحياء التراث العربي / الطبعة : 2.
مروج الذهب « للمسعودي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 301 ـ 302 / الناشر : منشورات دار الهجرة / الطبعة : 2.
المصنف « لابن أبي شيبة الكوفي » / المجلّد : 8 / الصفحة : 572 / الناشر : دار الفكر / الطبعة : 1.
التعلیقات
٢