اللعن في زيارة عاشوراء لماذا؟
اللعن
منذ 15 سنةاللعن في زيارة عاشوراء لماذا؟
السؤال : أنا طالب في معهد إسلامي في الدانمارك أدرس في العقائد والفقه والقرآن بصورة مبسطة ، في إحدى دروس نهج البلاغة تطرقنا إلى موضوع لعن الذين ظلموا أهل البيت فأوضح لنا الاُستاذ بأنّ ذلك لا يجوز؛ لأنّ فيه تشتيت لوحدة المسلمين ، علماً بأنّ جميع الحاضرين من موالي أهل البيت ، ولما أشكلت أنا عليه بالرجوع إلى زيارة عاشوراء ، وهي من كلام المعصوم فقال : إنّ الزيارة مشكوكة السند ، وفيها تساؤلات عند العلماء . لذا أرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا صحة هذا الأمر من ناحية السند والموضوع .
وهل صحيح أنّ الإمام عندما قال : « اللهم العن أوّل ظالم ظلم حق محمّد وآل محمّد وآخر تابع له على ذلك » كان منفعلاً ؟ ! وهل صحيح أنّ قول المعصوم يراد به ذلك الزمان وليس زماننا ؟!
نرجوا الإجابة على هذه الأسئلة مأجورين .
الجواب : من سماحة السيّد علي الميلاني
إنّ استاذكم الذي أشرتم إليه لا ينكر وقوع الظلم على أهل البيت ، وإنّما يمنع من لعن الظالمين « لأنّ فيه تشتيتاً لوحدة المسلمين » بل إنّ في العذر المذكور دلالةً واضحة على معرفة الاستاذ بالظالمين وما صدر عنهم من الظلم بالتفصيل ، غير أنّه لمّا كان لعنهم يوجب انزعاج بعض الطوائف والفرق الإسلامية فرأى أنّ الأفضل هو الكفّ عنه حفاظاً على الوحدة .
فنقول : إنّ قبح الظلم ووجوب التبرّي من الظالم ـ أي ظلم كان وأي ظالم ـ من الأحكام العقليّة الثابتة لدى جميع العقلاء في كلّ زمانٍ ، من دون حاجةٍ إلى مراجعة الكتاب أوالسنّة أو غيرهما ، ومن مداليل « اللعن » هو الإعلان عن هذا التبرّي ، فإن أدّى الإعلان عن ذلك إلى إثارة الفتنة بين المسلمين ، وترتّبت عليه المفاسد الكبيرة ، فلا بُدّ من ترك الجهر به والإعلان عنه أمام غير الموالين ، أمّا تركه من أصله ، فغير صحيح ؛ لأنّ التبرئ من الأعداء من لوازم الولاء ، ولما أشرنا إليه من حكم العقل ، على أنّ السكوت عن ظلم الظالمين قد يجرّؤهم على الظلم الأكثر والأشد وهذا لا يجوز ، بل قد يستفاد منه الرضا بأفعالهم ، وهذا يستتبع المشاركة معهم فيها ، كما في الروايات .
أمّا الوحدة بين المسلمين ، فإنّ النبي صلى الله عليه وآله قد رسم بنفسه الطريق إلى تحقيقها ، حينما قال في الحديث المتواتر بين جميع المسلمين : « إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً ... » . فإنّ هذا الحديث خير جامع لشمل المسلمين ، وأفضل ما يضمن وحدتهم ومصالحهم ، فكل من لم يأخذ به كان هو السبب في تشتيت المسلمين ، وعليه أن يتحمّل وزر ذلك إلى يوم القيامة .
وزيارة عاشوراء معتبر سندها عند جميع علمائنا منذ صدورها ، وقد كان أكابر الطائفة ـ وما زالوا ـ ملتزمين بقراءتها ، حتى في كلّ يوم من أيّام السنة ، طول حياتهم ، وقد نقلت لذلك آثار وبركات كثيرة ، فليس المراد منها ذلك الزمان فقط ، وما كان الإمام عليه السلام منفعلاً لمّا قال ذلك ، على أنّ الأدلة الدالة على وجوب لعن الظالم ، في الكتاب والسنّة ، كثيرة ، لكن لا حاجة إلى التطويل بذكرها ، والسلام عليكم ورحمة وبركاته .
التعلیقات