القول بإتيان بحورية لهابيل ، وبجنية لقابيل يخالف آراء بعض الخطباء
زواج اولاد آدم
منذ 15 سنة
القول بإتيان بحورية لهابيل ، وبجنية لقابيل يخالف آراء بعض الخطباء
السؤال : إنني من المتصفحين لأجوبتكم على الصفحة العقائدية ولاحظت ما يلي :
الصفحة العقائدية رقم 29 ، السؤال الرابع : ( ثالثاً ) : هل تزوج أولاد آدم من أخواتهم ( كل من التوأم الآخر ) أم تزوج الأولاد من بنات اُخريات؟
وكان الجواب من فضيلة الشيخ هو : الصحيح المعتمد لدى الإمامية بحسب روايات أهل البيت عليهم السلام وهم أدرى بما في البيت هو : إنّ الله تعالى أتى لهابيل بحورية ، ولقابيل بجنية تمثلت وتكشفت لكل منهما فتزوجاهما ، ثمّ تناكح ما خرج من بطنهما من أبناء وبنات العم وتكثر النسل. پ
والملاحظة هي : إنّ هذا الرأي يخالف تماماً ما يقوله أحد كبار خطباء الطائفة في الوقت الحاضر وهو الشيخ الدكتور أحمد الوائلي حفظه الله حيث يقول ما مضمونه : أولاً : إنّ هذا كلام اليهود والإسرائيليات وهو كلام غير مقبول لعدة أمور :
1 ـ : أن الجنية ليست من جنس الإنسان حتى يتزوجها الإنسي.
2 ـ : الأدلة التي يقول بها أصحاب هذا الرأي غير ناهضة وليست لها علاقة لقوله تعالى : { جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } (النحل/72) ، (الشورى/11). أي من نوعكم وجنسكم ، فالجنية مخلوقة من نار والإنسي مخلوق من طين ، وهاتين الطبيعتين مختلفتين كل عن الآخر حيث أنّ للإنس خواص تختلف عن خواص الجن ، فهذا الكلام لا يمكن قبوله في حال من الأحوال . ويقول الدكتور أيضاً : نحن بدون هذه الكيفية من الزواج واقعين في الضيم ، فكيف عندما يكون أحدهم ابن حورية ، والأخر بن جنية ، وهل الله عاجز عن إيجاد حل آخر ؟ ! فكما خلق الله حواء من التراب لآدم عليه السلام هل هو عاجز عن خلق آخرين ، وهذا لزوم ما لا يلزم ؛ لأنّ الله قادر على فعل كل شيء.
كيف لنا أن نوفق بين كل من القولين على ما بهما من اختلاف جذري ، وبأيهما يجب أن نأخذ ، علماً بأنّ كلام الدكتور ( حفظه الله ) يتفق مع ما جاء به الدين وأقرب للعقل.
الجواب سماحة الشيخ محمّد السند
كلام الدكتور رحمه الله تعالى ورعاه بجميل عنايته هو القول الثاني لدى علماء الإمامية ، وقد اختاره جمع منهم كالعلامة الطباطبائي في تفسير الميزان وغيره ، ولكن مشهور علماء الإمامية هم على القول الأوّل تبعاً لجملة من روايات أهل البيت عليهم السلام ، وإن كانت بعض الروايات عنهم قد وردت بمفاد القول الثاني من تزوّج الأخوات بالاخوان الذي هو قول وروايات العامة ، لكنها محمولة على التقية .
أمّا الأدلة التي استند إليها :
فأمّا الأوّل : فليس كل ما تقول به اليهود ممّا يوافق الحق والقرآن الكريم هو مرفوض ، أليس هم يقولون بنبوة النبي موسى وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فهل اللازم رفض ذلك.
وأمّا الثاني : فكون الجن ليس من جنس الإنسان لا يمنع من حصول النكاح ، ويشير إلى ذلك قوله تعالى في سورة الرحمن : { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } (الرحمن/56).
وقوله : { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ... لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } (الرحمن/72 ـ 74) ؛ إذ يظهر منه أنّ الحور العين مع كونهم من جنس يختلف عن الإنس والجن إلا أنّه مجمع مشترك بين الجنسين ، لإمكان حصول النكاح ، وهذا يعزز امكان حصوله بين الجنسين في ما بينهما كما هو مقرر مسلم عند من يتعاطى الصلة بالجن من أنّهم بامكانهم التكثف والتجسد والتشكل بأشكال مختلفة كما تشير إليه سورة الأنفال حيث تشير إلى تجسد إبليس يوم بدر واغرائه المشركين بالحرب ووعده إياهم بالنصر .
وأمّا الثالث : وهو قوله تعالى: { جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } (النحل/72) ، (الشورى/11). فلا تنافي حصول الزوجية من جنس آخر كما هو الحال في سورة الرحمن من إثباتها حصول الزوجية من الحور العين في دار الآخرة .
قال تعالى : { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (البقرة/25).
وقال : { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } (الدخان/54). فالآية محمولة على الغالب الأكثر ، وإلا فالنبي عيسى مثله مثل آدم خلقه من تراب من دون أن يكون لمريم زوج .
وقال تعالى : { وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوالِ وَالأَولاَدِ وَعِدْهُمْ } (الإسراء/64).
وقد ورد أنّ من لم يسم عند وطء خليلته وزوجته شاركه الشيطان في تكوين نطفة ولده ، وكان ولده شرك شيطان ممّا يدل على نحو مناسبة في مناكحة الجنسين . كما هو مفاد للآية .
وقد يشير إليه قوله : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا } (الأنعام/128).
هذا مع أن قد اشارت الروايات إلى أن نسل الأنبياء والأوصياء طاهر مطهر لم ينسل من حرام ، وتحريم نكاح الأخوات هو تشريع في كل الشرائع السماوية ، كما هو الحال في تحريم نكاح الأمهات ، فلم يكن لولد آدم أن ينكحوا اُمّهم حواء ، وأنّ هذا التحريم حكم فطري فطر الله عليه الحيوانات فضلاً عن بني آدم ، وهناك من الوقائع والحوادث في الحيوانات المعروفة ما يشهد بوجود هذه الفطرة في الحيوانات .
التعلیقات