ثورة الإمام الحسين عليه السلام بين العاطفة والعقل
الشيخ محمد السند
منذ 15 سنةالسؤال :
الموقف العقلي يمكن التشكيك فيه بأساليب كثيرة ، في حين أنّ الموقف العاطفي المشتعل لا يقبل التردّد أمام التشكيك العقلي ، هناك من يقول : إنّ الاُمّة كانت تدرك ظلم يزيد وآل اُميّة ، ولكنّها كانت تحتاج إلى أن ينتقل من المستوى العقلي إلى المستوى العاطفي ، وهذا هو الذي تكفّلت به ثورة الإمام عليه السلام ، كيف تقيّمون هذه الرؤية ؟
الجواب :
العقل يطلق ويراد به معانٍ ، فقد يراد به العقل النظري وهي قوّة الإدراك الفكري ، وقد يطلق ويراد به العقل العملي وهو قوّة العقل العمّال المحرّك المسيطر على قوّة التحريك في النفس من قوى الغضب والشهوة (1).
وقد سئل الكاظم عليه السلام عن العقل ، فقال عليه السلام : ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان (2). وهو ينطبق على العقل العملي ، ومصنع الإرادة في النفس هو العقل العملي ، ولا يكفي لهداية وكمال وصلاح الإنسان أن يدرك الحقّ والحقيقة الصادقة بعقله النظري ، دون أن يصدق ويذعن ويسلّم بذلك ، فيقيم عزمه على ذلك ، وبالتالي تنطلق قواه العمّالة على مقتضى ذلك ، فالعاطفة عبارة عن نحو تفاعل وانشداد للنفس مع الشيء المُدْرَك ، فتنظير الحقيقة من دون الإيمان والحركة على هديها كالطيران بجناح واحد.
ومن هنا تكمن فضيلة البكاء في رثاء مصاب سيّد الشهداء حيث إنّه يلهب المشاعر النفسيّة دفعة تجاه الفضيلة من الغيرة على الدين والشجاعة والفداء والتضحية وغيرها من مكارم الصفات التي يلزم تحلي النفس بها.
الهوامش
1. الموجز في أصول الفقه « للشيخ السبحاني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 146 / الناشر : مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام / الطبعة : 14 :
الإدراك العقلي ينقسم إلى إدراك نظري وإدراك عملي ، فالأوّل إدراك ما ينبغي أن يعلم ، كإدراك العقل وجود الصانع وصفاته وأفعاله وغير ذلك ، والثاني إدراك ما ينبغي أن يعمل ، كإدراكه حسن العدل وقبح الظلم ووجوب ردّ الوديعة وترك الخيانة فيها.
2. الكافي « للشيخ الكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 11 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 5.
التعلیقات