كيف يمكن إثبات أنّ الكتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ؟
أعلام وكتب
2024 Sep 7
كيف يمكن إثبات أنّ الكتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ؟
السؤال :
كتاب الإمامة والسياسة من الكتب التاريخية التي تذكر بعض ما فعله الغاصبين للخلافة بأهل البيت عليهم السلام ، وعند الاستشهاد ببعض ما جاء في هذا الكتاب أثناء الحوارات التي تدور مع بعض الأخوة من السنة ينكرون نسبة هذا الكتاب إلى ابن قتيبة الدينوري ، والسؤال هو : كيف نثبت لهؤلاء أن كاتب هذا الكتاب هو نفسه الإمام الفقيه أبي محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري ؟
الجواب : من سماحة السيّد علي الميلاني
أوّلاً : هذا الكتاب طبع في مصر طبعات عديدة وبتحقيق علماء مصريّين من أهل السنة .
وثانياً : من هذا الكتاب نسخ مخطوطة قديمة في مكتبات العالم ، منها نسخة في طهران قديمة وثمينة جداً ، وعليها ختم القاضي الأسنوي الفقيه الأصولي المؤرخ ، صاحب كتاب طبقات الشافعيّة .
وثالثاً : قد نقل غير واحد من المؤرّخين المشاهير من هذا الكتاب مع نسبته إلى ابن قتيبة منهم : عمر بن فهد المكّي ، العلامة المؤرّخ الكبير ، في كتابه : ( إتحاف الورى بأخبار أم القرى ) ، وولده العلامة الشهير عز الدين عبد العزيز بن عمر بن فهد ، في كتابه : ( غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام ) ، والإمام العلامة تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي المكي ، في كتابه : ( العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) .
ومن العلماء الأعلام الناقلين عن كتاب ( الإمامة والسياسة ) : أبو الحجاج يوسف بن محمّد البلوي الأندلسي المتوفى سنة ٦٠٤ ، في كتابه : ( الألف باء ، في المحاظرات ) المذكور في : ( كشف الظنون ) وفي : ( معجم المؤلفين ) .
وإليكم نصّ ما جاء في : ( العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ) ، للإمام تقي الدين الفاسي ، المتوفّى سنة ٨٣٢ ؛ فقد جاء في الجزء ٦ الصفحة ٧٢ : « ٢٤٥٨ ـ مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي الأُموي : أمير مكة ، ذكر ولايته عليها ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ؛ لأنّه قال : ذكروا : « إنّ مسلمة بن عبد الملك كان والياً على أهل مكة ، فبينا هو يخطب على المنبر إذ أقبل خالد بن عبد الله القسري من الشام والياً عليها ، فدخل المسجد ، فلما قضى مسلمة خطبته صعد خالد المنبر ، فلما ارتقى في الدرجة الثالثة تحت مسلمة ، أخرج طوماراً مختوماً ففضّه ، ثمّ قرأه على الناس ، فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى أهل مكة ، أمّا بعد فإني ولّيت عليكم خالد بن عبدالله القسري ، فاسمعوا له وأطيعوا ، ولا يجعلن امرؤ على نفسه سبيلاً ، فإنّما هو القتل لا غيره ، وقد برئت الذمة من رجل آوى سعيد بن جبير ، والسلام " » .
ثمّ التفت إليهم خالد فقال : « والذي يحلف به ويحجّ إليه ، لا أجده في دار أحد إلا قتلته ...ودعا مسلمة برواحله ولحق بالشام . وذكر باقي خبر سعيد بن جبير وكلاماً قبيحاً لخالد القسري في أمره ».
أقول : وهذا النص موجود في الإمامة والسياسة٢ / ٦٠ بتحقيق الاستاذ علي شيري .
وتلخص : إننّا نحتج على القوم بما في هذا الكتاب ؛ لكونه بشهادة علمائهم من كتب أحد مؤرّخيهم الكبار وهو ابن قتيبة الدينوري ، لكنّ احتجاجنا به لا يعني اعتقادنا بكلّ ما فيه ، كما أنّ مطالبه التي نحتجّ بها غير منحصرة به ، فهي موجودة في غيره من كتب القوم أيضا ً، وقد دأب القوم ـ عند العجز عن الجواب عن احتجاجاتنا ـ على الإنكار والتكذيب ، وعلى الاتّهام والتحريف .
التعلیقات
٣