كيف يأمر الله الناس بالفسق ثمّ يعاقبهم ذلك؟
الجبر والاختيار
منذ 14 سنةكيف يأمر الله الناس بالفسق ثمّ يعاقبهم ذلك ؟
السؤال : ذكر اللّه سبحانه وتعالى : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } {الإسراء/16} ، إنّ اللّه لا يأمر بالسوء والفحشاء فكيف يأمر بالفسوق؟
فهل أنّ اللّه يقصد : « أمرّنا » بتشديد الراء ، فكان الفسق من عمل المترفين ، فجاءت فاء السببية : { فَفَسَقُواْ } ، { فَحَقَّ } ، { فَدَمَّرْنَاهَا } على الترتيب .
حقيقة قرأت هذه الآية بتمعّن شديد بعد مشاهدة أحد البرامج المسيحية التي يتّهم صاحبها اللّه جلّ وعلا بمصادرة حرية الأشخاص « القرية في الآية الكريمة » ، ولا ذنب لهم ؛ لأنّ اللّه أمرهم ، وهو عذّبهم .
فهل أنّ اللّه يقصد : « أمرّنا » بتشديد الراء ، فكان الفسق من عمل المترفين ، فجاءت فاء السببية : { فَفَسَقُواْ } ، { فَحَقَّ } ، { فَدَمَّرْنَاهَا } على الترتيب .
حقيقة قرأت هذه الآية بتمعّن شديد بعد مشاهدة أحد البرامج المسيحية التي يتّهم صاحبها اللّه جلّ وعلا بمصادرة حرية الأشخاص « القرية في الآية الكريمة » ، ولا ذنب لهم ؛ لأنّ اللّه أمرهم ، وهو عذّبهم .
الجواب : من سماحة السيّد علي الحائري
هذه الآية الشريفة مع ماقبلها وما بعدها من الآيات تتعرّض بموجوعها لبعض القوانين التكوينية ، والسنن الإلهية التاريخية الجارية دائماً في المجتمعات البشرية ، ومعنى الآية ـ طبقاً لقرائتها الفعلية الموجودة في المصحف الشريف المتداول لدى المسلمين اليوم ـ هو عبارة عن سنّة إلهية تاريخية ، ومعادلة ربّانية تكوينية حاكمة على كلّ مجتمع بشري ، وهي : أنّ السبب الرئيسي لتدهور المجتمع البشري ، وانحطاطه ، وزوال مجده وعظمة وحضارئه ، وبالتالي فانّ السبب الأساسي لهلاكه هو فسق الطبقة المترفة ، أيّ : أولئك الذين اُتيحت لهم كلّ الإمكانيات المادّية الوسيعة ، وتوفّرت لهم النعم الإلهية من الثروة والسلطة وغيرهما .
وفسقهم : يعني كفرانهم لتلك النعم والإمكانيات ، وسوء الانتفاع بها ، وعدم استثمارها في مجالاتها الطبيعية والمناسبة ، وعدم الاستفادة منها بالشكل الذي أمر اللّه تعالى به ، وبالتالي فانّ الفسق يعني التمرّد على كلّ القيم والمبادئ والأسس التي يقوم عليها المجتمع البشري ، والتي هي قوام الحياة الاجتماعية السليمة ، فانّ هذا الفسق ، وهذا الكفران للنعم ، وهذا النوع من سوء الانتفاع بها ، واستغلالها للأهداف غير السليمة سوف يؤدّي ـ ولو بالتدريج وخلال فترة زمنية قد تكون طويلة ـ إلى اضمحلال ذلك المجتمع البشري ـ كمجتمع ـ وزواله ودمارهم ، هذه هي سنّة اللّه تعالى في كلّ مجتمع .
إذاً : فالأمر بالفسق ليس أمراً تشريعياً ؛ فانّ اللّه تعالى لا يأمر أمراً تشريعياً بالفسق ـ وحاشاه ـ ، بل هو ينهى نهياً تشريعياً عن الفسق والفحشاء والمنكر ، فكيف يأمر بما ينهى عنه؟ وأنّما المراد بالأمر بالفسق في الآية الشريفة الأمر التكويني ، أيّ : تكوين الأرضية المساعدة للفسق ، وإيجاد الإمكانيات والفرص التي يمكن للبشر استغلالها في سبيل الفسق ، وإعطاء النعم الوفيرة ، وإتاحة الثروة والسلطة وغيرهما ممّا يتمكّن به الإنسان من الفسق و الفجور والتمرّد على القيم والمبادئ الإنسانية ، فإنّ هذه الأرضية ، وتلك الإمكانيات والفرص والنعم التي مَنّ اللّه تعالى بها على الإنسان إنّما وفرّها اللّه تعالى له لكي ينتفع بها بالشكل السليم ، لكنّ الإنسان بفسقه الذي صدر منه بسوء إرادته واختياره استغلالها أسوأ استغلال ، فكانت النتيجة الطبيعية عبارة عن الدمار والهلاك.
إذاً : فما جاء في السؤال ، وهو أنّ الأشخاص لا ذنب لهم ؛ لأنّ اللّه أمرهم بالفسق فكيف يعذّبهم عليه؟
جوابه : قد اتضحّ ممّا ذكرناه ؛ فإنّ اللّه تعالى لم يأمرهم بالفسق أمراً تشريعياً ، ـ سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ـ ؛ فإنّ اللّه يأمر بالعدل والإحسان ، وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، بل المقصود بالأمر بالفسق في الآية الشريفة هو الأمر التكويني الذي شرحناه ، فلا توجد إذاً أيّ مصادرة للحرّيّة والاختيار ، بل الأمر بالعكس ؛ فإنّ الفسق الصادر من الإنسان إنّما صدر منه بكامل حريّته واختياره ، وبسوء إرادته كما قلنا ، هذا هو ما نفهم من الآية الشريفة ، واللّه العالم.
هذه الآية الشريفة مع ماقبلها وما بعدها من الآيات تتعرّض بموجوعها لبعض القوانين التكوينية ، والسنن الإلهية التاريخية الجارية دائماً في المجتمعات البشرية ، ومعنى الآية ـ طبقاً لقرائتها الفعلية الموجودة في المصحف الشريف المتداول لدى المسلمين اليوم ـ هو عبارة عن سنّة إلهية تاريخية ، ومعادلة ربّانية تكوينية حاكمة على كلّ مجتمع بشري ، وهي : أنّ السبب الرئيسي لتدهور المجتمع البشري ، وانحطاطه ، وزوال مجده وعظمة وحضارئه ، وبالتالي فانّ السبب الأساسي لهلاكه هو فسق الطبقة المترفة ، أيّ : أولئك الذين اُتيحت لهم كلّ الإمكانيات المادّية الوسيعة ، وتوفّرت لهم النعم الإلهية من الثروة والسلطة وغيرهما .
وفسقهم : يعني كفرانهم لتلك النعم والإمكانيات ، وسوء الانتفاع بها ، وعدم استثمارها في مجالاتها الطبيعية والمناسبة ، وعدم الاستفادة منها بالشكل الذي أمر اللّه تعالى به ، وبالتالي فانّ الفسق يعني التمرّد على كلّ القيم والمبادئ والأسس التي يقوم عليها المجتمع البشري ، والتي هي قوام الحياة الاجتماعية السليمة ، فانّ هذا الفسق ، وهذا الكفران للنعم ، وهذا النوع من سوء الانتفاع بها ، واستغلالها للأهداف غير السليمة سوف يؤدّي ـ ولو بالتدريج وخلال فترة زمنية قد تكون طويلة ـ إلى اضمحلال ذلك المجتمع البشري ـ كمجتمع ـ وزواله ودمارهم ، هذه هي سنّة اللّه تعالى في كلّ مجتمع .
إذاً : فالأمر بالفسق ليس أمراً تشريعياً ؛ فانّ اللّه تعالى لا يأمر أمراً تشريعياً بالفسق ـ وحاشاه ـ ، بل هو ينهى نهياً تشريعياً عن الفسق والفحشاء والمنكر ، فكيف يأمر بما ينهى عنه؟ وأنّما المراد بالأمر بالفسق في الآية الشريفة الأمر التكويني ، أيّ : تكوين الأرضية المساعدة للفسق ، وإيجاد الإمكانيات والفرص التي يمكن للبشر استغلالها في سبيل الفسق ، وإعطاء النعم الوفيرة ، وإتاحة الثروة والسلطة وغيرهما ممّا يتمكّن به الإنسان من الفسق و الفجور والتمرّد على القيم والمبادئ الإنسانية ، فإنّ هذه الأرضية ، وتلك الإمكانيات والفرص والنعم التي مَنّ اللّه تعالى بها على الإنسان إنّما وفرّها اللّه تعالى له لكي ينتفع بها بالشكل السليم ، لكنّ الإنسان بفسقه الذي صدر منه بسوء إرادته واختياره استغلالها أسوأ استغلال ، فكانت النتيجة الطبيعية عبارة عن الدمار والهلاك.
إذاً : فما جاء في السؤال ، وهو أنّ الأشخاص لا ذنب لهم ؛ لأنّ اللّه أمرهم بالفسق فكيف يعذّبهم عليه؟
جوابه : قد اتضحّ ممّا ذكرناه ؛ فإنّ اللّه تعالى لم يأمرهم بالفسق أمراً تشريعياً ، ـ سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ـ ؛ فإنّ اللّه يأمر بالعدل والإحسان ، وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، بل المقصود بالأمر بالفسق في الآية الشريفة هو الأمر التكويني الذي شرحناه ، فلا توجد إذاً أيّ مصادرة للحرّيّة والاختيار ، بل الأمر بالعكس ؛ فإنّ الفسق الصادر من الإنسان إنّما صدر منه بكامل حريّته واختياره ، وبسوء إرادته كما قلنا ، هذا هو ما نفهم من الآية الشريفة ، واللّه العالم.
التعلیقات