تطرأ في ذهني أسئلة عن يوم القيامة والجنّة والنار
السيّد علي الحائري
منذ 14 سنةالسؤال :
تطرأ في ذهني أسئلة عن يوم القيامة والجنّة والنار ؟
الجواب :
وأمّا يوم القيامة فهو يوم الجزاء ، والجنّة والنار يمثّلان الجزاء العادل الذي يلقاه الإنسان الصالح والإنسان غير الصالح إزاء ما قام به من عمل في هذه الدنيا ولم يجد جزاءه هنا ، وهذا ما يدلّنا عليه العقل السليم والوجدان.
فكلّنا نؤمن ـ بعقلنا الفطري البديهي ـ بوجود قيم ومبادئ عامّة للسلوك والتصرّف وهي القيم التي تؤكّد أنّ « العدل » حقّ وخير ، وأنّ « الظلم » باطل وشرّ ، وأنّ مَن يعدل في سلوكه جدير بالإحترام والمثوبة ، ومَن يظلم ويعتدي جدير بعكس ذلك. فهذه القيم التي نؤمن بها بعقلنا ووجداننا يدعونا إلى العدل والإستقامة والأمانة الصدق والوفاء ونحوها من صفات ، وتشجب الصفات المضادّة لها ، وأيضاً هذه القيم تطالب بالجزاء المناسب لكلّ من هذه الصفات ، فإنّ العقل الفطري السليم يدرك أنّ الظالم والخائن جدير بالمؤاخذة ، وأنّ العادل الأمين الذي يضحّي في سبيل العدل والأمانة جدير بالمثوبة ، وكلّ واحد منّا يجد في نفسه ووجدانه دافعاً من تلك القيم إلى مؤاخذة الظالم المنحرف وتقدير وتكريم العادل المستقيم ، ولا يحول دون تنفيذ هذا الدافع عند أحد إلّا عجزه عن اتّخاذ الموقف المناسب أو تحيّزه الشخصي ، وما زلنا نؤمن بأنّ الله سبحانه وتعالى عادل مستقيم في سلوكه وقادر على الجزاء المناسب ثواباً وعقاباً ، فلا يوجد ما يحول دون تنفيذه عزّ وجلّ لتلك القيم التي نؤمن بها بعقولنا وتطبيقه تعالى لتلك القيم في شكل الجزاء العادل ، فتلك القيم هي التي تفرض الجزاء ، وتحدّد المردود المناسب للسلوك الصالح الشريف والسلوك الشائن البغيض ؛ فمن الطبيعي أن نؤمن ، ونستنتج من ذلك أنّ الله سبحانه يجازي المحسن على إحسانه ، وينتصف للمظلوم من ظالمه ، ولكنّنا نلاحظ في نفس الوقت أنّ هذا الجزاء كثيراً ما لا يتحقّق في هذه الحياة الدنيا على الرغم من أنّ الله سبحانه وتعالى قادر على ذلك ، وما تقدّم خير دليل ـ بعد أخذ المعلومات السابقة بعين الإعتبار ـ على وجود يوم للجزاء في المستقبل يجد فيه العامل الذي ضحّى مثلاً من أجل هدف كبير ، ولم يقطف ثمار تضحيته ، والظالم الذي أفلَتَ من العقاب العاجل ، وعاش على دماء المظلومين وحطامهم ، يجد هذا وذاك في ذلك اليوم جزاء هما العادل ، وهذا هو يوم القيامة الذي يجسّد كلّ تلك القيم التي آمنّا بها بعقولنا ، وبدون وجود يوم القيامة لا يكون لتلك القيم معنى ، فالذي ينكر يوم القيامة يجب أن يرفع يده عن تلك القيم أيضاً.
التعلیقات