حول بعض التشدّدات على المرأة
السيّد علي الحائري
منذ 13 سنةالسؤال :
الإسلام لم يفرّق في التكليف الديني بين الرجل والمرأة فكلاهما على السواء مطالب بعبادة الله تعالى وإقامة دينه والدعوة إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقد حمّل القرآن الكريم الرجال والنساء جميعاً مسؤوليّة تقويم المجتمع وإصلاحه ـ أيّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ في قوله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ ) [ التوبة : 71 ].
ومن هنا شاركت المرأة في عهد الرسول صلّى الله عليه وآله سلّم والخلفاء في مختلف مجالات الحياة وعبر شتّى مراحل الدعوة من البعثة إلى إقامة الدولة إلى عهود الفتح ضمن آداب الإسلام وضوابطه وأخلاقه التي لم تستثن الرجال من دون النساء.
فلماذا إذن يتشدّد بعض علماء الإسلام وأتباعه تجاه المرأة ؟! فيم يمنعونها حقوقاً أساسيّة تصل عند البعض إلى منع خروجها من البيت ، وعند آخرين إلى منعها من التعلّم ، وعند غيرهم إلى منعها من المشاركة في الحياة السياسيّة ، فأين تكمن المشكلة ؟
هل في عدم وضوح نصوص الشريعة من القرآن والسنّة أم في الأعراف والتقاليد التي لا تكترث لما يترتّب عليها من ظلم وإجحاف بحقّ المرأة أم في ثقافة العصر الإباحيّة التي هدمت المقدّسات وقلّبت المعايير فدفعت إلى مزيد من التشدّد والتطرف بدعوى سدّ باب الذرائع أم في المزاج النفسي والميول الشخصيّة التي سرعان ما تتحوّل إلى قوانين ودساتير تجبر الآخرين على العمل بها ؟
الجواب :
لم يمنع الإسلام المرأة عن الخروج من البيت ولا عن التعلّم ولا عن المشاركة في الحياة السياسيّة أبداً.
نعم على المرأة المتزوّجة أن تستأذن زوجها في الخروج من البيت ، وفلسفة ذلك واضحة ، فإنّ إدارة الحياة الزوجيّة جعلت في الإسلام بيد الزوج ، قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) [ النساء : 34 ] ، والسبب في ذلك هو أنّ الرجل أقوى في الإدارة من المرأة ، هذا أوّلاً.
ثانياً لأنّ الرجل هو المموّل للحياة الزوجيّة ، فمن الطبيعي أن يكون المدير هو الفرد الأقوى إدارةً والمموّل الذي يُنفق ويتكفّل مصاريف الحياة الزوجيّة ، لاحظوا الآية الشريفة : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) [ النساء : 34 ]. فإذا كانت الإدارة بيد الزوج ، فمن الطبيعي أن لا تخرج من البيت بدون الإذن المدير ، وأين هذا من منع الإسلام المرأة عن الخروج من البيت ؟
أمّا أنّ المشكلة أين تكمن ، فالجواب هو أنّها لا تكمن في عدم وضوح الموقف الشريعة بل تكمن في الأسباب والعوامل الأُخرى التي أشرتم في السؤال إلى بعضها ، والله العالم.
التعلیقات