ما هي تفسير ومصادر زواج المتعة عند الشيعة ؟
السيّد جعفر علم الهدى
منذ 12 سنةالسؤال :
ما هي تفسير ومصادر زواج المتعة عند الشيعة ؟
الجواب :
زواج المتعة زواج شرعي له شروطه وأحكامه ، ولا فرق بينه و بين الدائم إلّا في كونه موقّتاً.
وقد نصّ القرآن الكريم على صحّته وحليّته :
قال الله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (1).
بل روى السيوطي في تفسير الدرّ المنثور ، في ذيل هذه الآية ، عن ابن عبّاس : ان الآية نزلت هكذا : « فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى فآتوهن اجورهن ». (2)
وقد صرّح الكثير من الصحابة أمثال جابر بن عبد الله الأنصاري (3) وابن عبّاس (4) وعمران بن حصين (5) انّ المتعة كانت محلّله على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وأبي بكر وردحاً من خلافة عمر الى أن حرّفها عمر بن الخطاب ، بقوله : متعتان كانا على عهد رسول الله صلّى الله عليه ـ وآله ـ وسلّم انهى عنهما واعاقب عليهما : متعةُ النساء ، ومتعةُ الحجّ (6). وهذا الكلام صريح في أنّ المتعة كانت محلّله على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ويعترف بذلك عمر بن الخطاب.
فمن كان نبيّه محمّداً صلّى الله عليه وآله ، فلابدّ أن يقول بحليّة المتعة ، ومن كان نبيّه عمر فليقتد به في حرمة المتعة ؛ لأنّه هو الذي حرّمها.
في الحديث عن أمير المؤمنين علي عليه السلام : لولا ان عمر نهى عن المتعة ما زنا إلّا شقي. (7) وهذا الكلام صريح أيضاً انّ المتعة كانت محلّلة ، وانّ الذي حرّفها هو عمر بن الخطاب.
وقد كان الصحابة يتمتّعون على عهد النبي صلّى الله عليه وآله ، بل ولد لهم أولاد من المتعة كالزبير ، فانّ ولده عبد الله بن الزبير قد تولّد من المتعة ، كما اعترفت بذلك أمّه أسماء بنت أبي بكر.
وإليك بعض الروايات الواردة في كتب أهل السنّة :
أ. حدثنا الْحَسَنُ الْحُلْوانيُّ حَدَّثَنا عَبْدُالرَّزّاقِ اَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْج قالَ قالَ عَطاءٌُ قَدِمَ جابِرُ بنُ عَبْداللهِ مُعْتَمِراً فَجِئناهُ في مَنزِلِهِ فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ عَنْ اشْياءَ ثُمَّ ذَكَرُوا الْمُتْعَةَ فَقالَ نَعَم اسْتَمتَعنا عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ. (8)
ب. حدثنا حَامِدُ بنُ عُمَرَ بْنُ الْبَكْرَاوِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. قَالَا ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ : قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ : نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ في كِتابِ اللهِ ( يَعْني مُتْعَةَ الْحَجِّ ) وَاَمَرَنا بِها رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ وَلَمْ يَنْهِ عَنْها رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتّى ماتَ قالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ بَعْدُ ماشاءَ. (9)
ج. وروي أيضاً تحليلها وإجازتها عن أبي سعيد الخدري وجابر ابن عبد الله ، قالا : تمتعنا إلى نصف من خلافة عمر ، رضي الله تعالى عنه ، حتى نهى عمرُ النَّاسَ عنهَا في شأن عمرو بن حريث. (10)
وأخرجه ابن رشد في بداية المجتهد ، عن جابر بلفظ :
سمعت جابر بن عبد الله يقول : « تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه ـ وآله ـ وسلّم وَأَبِي بَكْرٍ ، وَنِصْفًا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا عُمَرُ النَّاسَ ». (11)
د. وقال عبد الرزاق : حدثنا مَعمر ، عن أيوب ، قال : قال عُروة لابن عباس : ألا تتَّقي الله تُرَخِّصُ في المُتعة ؟! فقال ابنُ عباس : سل أُمَّك يا عُرَيَّةُ. فقال عُروة : أمَّا أبو بكر وعمر ، فلم يفعلا ، فقال ابنُ عباس : واللهِ ما أراكم مُنتهين حتى يُعَذِّبَكُمُ الله ، أُحدِّثُكم عن رسول الله صلّى الله عليه ـ وآله ـ وسلّم ، وتُحدِّثُونا عن أبي بكر وعمر ؟ (12)
قال الأميني قدّس سرّه :
إحالة ابن عبّاس فصل القضاء على اُمِّ عروة أسماء بنت أبي بكر إنَّما هي لتمتّع الزُّبير بها ، وانّها ولدت له عبدالله. (13)
قال الراغب في المحاضرات :
عَيَّرَ عبد الله بن الزبير عبد الله بن عباس بتحليله المتعة فقال له : سل أمك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك. فسألها فقالت : ما ولدتك إلا في المتعة. (14)
وأخرج أبو داود الطيالسي في مسنده :
حدثنا يُونُسُ ، قال : حَدَّثَنا أبو داودَ ، قال : حَدَّثَنا شُعبةُ ، عن مُسْلِمٍ القُرِيِّ ، قال : دَخَلْنا على أسماءَ بنتِ أبي بَكْرٍ ، فسَأَلْنَاها عن مُتْعَةِ النِّسَاءِ ، فقالَتْ : فَعَلْنَاهَا على عَهْدِ النبيِّ صلّى الله عليه ـ وآله ـ وسلّم. (15)
وللمزيد راجع الغدير المجلّد السادس. (16)
الهوامش
1. النساء : 24.
2. راجع :
الدرّ المنثور « للسيوطي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 140 / الناشر : دار المعرفة.
3. راجع :
صحيح مسلم « لمسلم النيسابوري » / المجلّد : 4 / الصفحة : 131 / الناشر : دار الفكر.
مسند أحمد « لأحمد بن حنبل » / المجلّد : 23 / الصفحة : 306 / الناشر : مؤسسة الرسالة / الطبعة : 1.
4. زاد المعاد في هدى خير العباد « لابن القيم الجوزي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 206 / الناشر : مؤسسة الرسالة :
وقال عبد الرزاق : حدثنا مَعمر ، عن أيوب ، قال : قال عُروة لابن عباس : ألا تتَّقي الله تُرَخِّصُ في المُتعة ؟! فقال ابنُ عباس : سل أُمَّك يا عُرَيَّةُ. فقال عُروة : أمَّا أبو بكر وعمر ، فلم يفعلا ، فقال ابنُ عباس : واللهِ ما أراكم مُنتهين حتى يُعَذِّبَكُمُ الله ، أُحدِّثُكم عن رسول الله صلّى الله عليه ـ وآله ـ وسلّم ، وتُحدِّثُونا عن أبي بكر وعمر ؟
5. صحيح البخاري / المجلّد : 5 / الصفحة : 158 / الناشر : دار الفكر :
حدثنا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنا يَحْيى عَنْ عِمْرانَ أَبي بَكْرٍ حَدَّثَنا اَبُو رَجاءٍ عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ تَعالى عَنْهُ قالَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ في كِتابِ اللهِ فَفَعَلْناها مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْزَل قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْها حَتّى ماتَ قالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ ما شاءَ قالَ مُحَمَّدُ يُقالُ اِنَّهُ عُمَرُ.
6. كنز العمال « للمتقي الهندي » / المجلّد : 16 / الصفحة : 519 / الناشر : مؤسسة الرسالة.
راجع :
مسند أحمد « لأحمد بن حنبل » / المجلّد : 23 / الصفحة : 132 / الناشر : مؤسسة الرسالة / الطبعة : 1.
صحيح مسلم « لمسلم النيسابوري » / المجلّد : 4 / الصفحة : 131 / الناشر : دار الفكر.
صحيح مسلم « لمسلم النيسابوري » / المجلّد : 4 / الصفحة : 38 / الناشر : دار الفكر.
7. الكشف والبيان عن تفسير القرآن « للثعلبي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 286 / الناشر : دار إحياء التراث العربي / الطبعة : 1.
8. صحيح مسلم « لمسلم النيسابوري » / المجلّد : 4 / الصفحة : 131 / الناشر دار الفكر.
راجع :
مسند أحمد « لأحمد بن حنبل » / المجلّد : 23 / الصفحة : 306 / الناشر : مؤسسة الرسالة / الطبعة : 1.
9. صحيح مسلم « لمسلم النيسابوري » / المجلّد : 4 / الصفحة : 48 ـ 49 / الناشر : دار الفكر.
راجع :
الكشف والبيان في تفسير القرآن « للثعلبي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 286 / الناشر : دار إحياء التراث العربي / الطبعة : 1.
مفاتيع الغيب ـ التفسير الكبير ـ « لفخر الدين الرازي » / المجلّد : 10 / الصفحة : 41 / الناشر : دار إحياء التراث العربي / الطبعة : 3.
تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان « لحسن بن محمد النيسابوري » / المجلّد : 2 / الصفحة : 392 / الناشر : دار الكتب العلمية / الطبعة : 1.
10. عمدة القاري « للعيني » / المجلّد : 17 / الصفحة : 329 / الناشر : دار الكتب العلميّة.
11. بداية المجتهد ونهاية المقتصد « لابن رشد » / المجلّد : 4 / الصفحة : 334 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 1.
12. زاد المعاد في هدى خير العباد « لابن القيم الجوزي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 206 / الناشر : مؤسسة الرسالة.
13. الغدير « للشيخ الأميني » / المجلّد : 6 / الصفحة : 208 / الناشر : دار الكتاب العربي.
14. محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء « للراغب الاصفهاني » / المجلّد : 2 / الصفحة : 234 / الناشر : دار الأرقم بن أبي الأرقم ـ بيروت / الطبعة : 1.
15. مسند أبي داود الطيالسي « لسليمان بن داود الطيالسي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 208 / الناشر : هجر للطباعة والنشر.
16. الغدير « للشيخ الأميني » / المجلّد : 6 / الصفحة : 205 ـ 213 / الناشر : دار الكتب العربي.
التعلیقات