أدلّة الرجعة : الإجماع
علي موسى الكعبي
منذ 15 سنةأدلّة الرجعة : الإجماع
نقل جماعة من علمائنا إجماع الإماميّة علىٰ اعتقاد صحّة الرجعة وإطباقهم علىٰ نقل أحاديثها وروايتها ، وعلىٰ أنّها من اعتقادات أهل العصمة عليهم السلام ، وكل ما كان من اعتقاداتهم فهو حقّ ، وتأوّلوا معارضها علىٰ شذوذ وندور :
قال الشيخ الجليل رئيس المحدّثين أبو جعفر ابن بابويه رحمه الله في كتاب « الإعتقادات » باب الإعتقاد بالرجعة : اعتقادنا ـ يعني الإماميّة ـ في الرجعة أنّها حقّ (1).
وقال الشيخ المفيد رحمه الله : اتّفقت الإماميّة علىٰ رجعة كثير من الأموات إلىٰ الدنيا قبل يوم القيامة ، وإن كان بينهم في معنىٰ الرجعة اختلاف (2).
ونقل الإجماع السيّد المرتضىٰ علم الهدىٰ رحمه الله في أكثر من موضع من رسائله ، قال في « الدمشقيّات » : قد اجتمعت الإماميّة علىٰ أنَّ الله تعالىٰ عند ظهور القائم صاحب الزمان عليه السلام يعيد قوماً من أوليائه لنصرته والإبتهاج بدولته ، وقوماً من أعدائه ليفعل بهم ما يستحقّ من العذاب ، وإجماع هذه الطائفة قد بيّنا في غير موضع من كتبنا أنّه حجّة ، لأنَّ المعصوم فيهم ، فيجب القطع علىٰ ثبوت الرجعة مضافاً إلىٰ جوازها في القدرة (3).
وقال في جواب المسائل التي وردت إليه من الري : الطريق إلىٰ إثبات الرجعة إجماع الإماميّة علىٰ وقوعها ، فإنّهم لا يختلفون في ذلك ، وإجماعهم قد بيّنا في مواضع من كتبنا أنّه حجّة لدخول قول الإمام فيه ، وما يشتمل علىٰ قول المعصوم من الأقوال لا بدَّ فيه من كونه صواباً (4) ونقل هذا عنه الشيخ ابن شهر آشوب رحمه الله في « متشابه القرآن » (5).
وقال الشيخ الطبرسي قدّس سرّه في تفسيره : إنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيتطرق إليها التأويل عليها ـ أيّ علىٰ رجوع الدولة دون رجوع أعيان الأشخاص ـ وإنّما المعوّل في ذلك علىٰ إجماع الشيعة الإماميّة ، وإن كانت الأخبار تعضده وتؤيّده (6).
وألّف الشيخ الحسن بن سليمان بن خالد القمي رسالة في الرجعة قال فيها : الرجعة مما أجمع عليه علماؤنا بل جميع الإماميّة (7).
ونقل الإجماع علىٰ ذلك من علمائنا المتأخّرين الشيخ الحرّ العاملي ، قال : الذي يدلُّ علىٰ صحّة الرجعة إجماع جميع الشيعة الإماميّة وإطباق الطائفة الاثنىٰ عشرية علىٰ اعتقاد صحّة الرجعة ، فلا يظهر منهم مخالف يعتدّ به من العلماء السابقين ولا اللاحقين ، وقد علم دخول المعصوم في هذا الإجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي والأئمّة عليهم السلام الدالّة علىٰ اعتقادهم بصحّة الرجعة ، حتىٰ إنّه قد ورد ذلك عن صاحب الزمان محمّد ابن الحسن المهدي عليه السلام في التوقيعات الواردة عنه وغيرها (8) وممّا يدلُّ علىٰ ثبوت الإجماع اتّفاقهم علىٰ رواية أحاديث الرجعة حتّىٰ إنّه لا يكاد يخلو منها كتاب من كتب الشيعة (9).
وكذلك العلّامة المجلسي في « البحار » ، قال : أجمعت الشيعة علىٰ الرجعة في جميع الأعصار ، واشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار ، حتّىٰ نظموها في أشعارهم (10) واحتجّوا بها علىٰ المخالفين في جميع أمصارهم ، وشنّع المخالفون عليهم في ذلك ، وأثبتوه في كتبهم وأسفارهم ، منهم الرازي والنيسابوري وغيرهما (11).
الهوامش
1. الإعتقادات ، للصدوق : ٦٠.
2. أوائل المقالات ، للمفيد : ٤٦. والإختلاف الذي أشار إليه وقع في تأويل معنىٰ الرجعة علىٰ رجوع الدولة والأمر والنهي دون رجوع أعيان الأشخاص وإحياء الأموات وسيأتي بيانه في الفصل اللاحق.
3. رسائل الشريف المرتضى ٣ : ١٣٦ ـ الدمشقيّات ـ دار القرآن الكريم ـ قم.
4. المصدر السابق ١ : ١٢٥.
5. متشابه القرآن ومختلفه ، لابن شهر آشوب ٢ : ٩٧.
6. مجمع البيان ، للطبرسي ٧ : ٣٦٧.
7. الايقاظ من الهجعة ، للحرّ العاملي : ٤٣.
8. الايقاظ من الهجعة ، للحرّ العاملي : ٣٣.
9. المصدر السابق : ٤٣.
10. من ذلك ما رواه ابن عياش في « المقتضب : ٤٨ » بالاسناد عن أبي سهل النوشجاني ، أنّه أنشد لأبيه مصعب بن وهب الحرون :
ولي ثقة بالرجعة الحقّ مثلما * وثقت برجع الطرف مني إلىٰ الطرف
11. بحار الأنوار ، للمجلسي ٥٣ : ١٢٢.
مقتبس من كتاب : [ الرّجعة أو العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت ] ، الصفحة : 48 إلى 50
التعلیقات