سبب نزول سورة النور؟
القرآن الكريم وتفسيره
منذ 15 سنةسبب نزول سورة النور ؟
السؤال : أود أن أسال عن سبب نزول سورة النورعند المذهب الإمامي والسني ؟
الجواب : من سماحة الشيخ علي الكوراني
لا يمكن القول عن سبب نزول سورة النور سبب واحد ، وما ذكروه من أسباب تصلح لبعض آياتها دون غيرها ..
قال الواحدي في أسباب النزول/211 ، في سبب نزول قوله تعالى : { الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ...} (النور/3). الآية : قال المفسرون : « قدم المهاجرون إلى المدينة وفيهم فقراء ليست لهم أموال ، وبالمدينة نساء بغايا مسافحات يكرين أنفسهن وهن يومئذ أخصب أهل المدينة ، فرغب في كسبهن ناس من فقراء المهاجرين ؛ فقالوا : لو أنا تزوجنا منهن فعشنا معهن إلى أن يغنينا الله تعالى عنهن ، فاستأذنوا النبي صلى الله عليه وآله في ذلك ، فنزلت هذه الآية وحرّم فيها نكاح الزانية صيانة للمؤمنين عن ذلك .
وقال عكرمة : " نزلت الآية في نساء بغايا متعالجات بمكة والمدينة ، وكن كثيرات ، ومنهن تسع صواحب رايات ، لهن رايات كرايات البيطار يعرفونها : أم مهدون ، جارية السائب بن أبي السائب المخزومي ، وأم غليظ ، جارية صفوان بن اُمية ، وحية القبطية ، جارية العاص بن وائل ، ومرية ، جارية ابن مالك بن عمثلة بن السباق ، وجلالة ، جارية سهيل بن عمرو ، وأم سويد ، جارية عمرو بن عثمان المخزومي ، وشريفة ، جارية زمعة بن الاسود ، وقرينة ، جارية هشام بن ربيعة ، وفرتنا ، جارية هلال ابن أنس ، وكانت بيوتهن تسمى في الجاهلية المواخير ، لا يدخل عليهن ولا يأتيهن إلا زانٍ من أهل القبلة ، أو مشرك من أهل الاوثان ، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن ، ليتخذوهنّ مأكلة ، فأنزل الله هذه الآية ، ونهى المؤمنين عن ذلك وحرّمه عليهم" .
أخبرنا أبو صالح منصور بن عبد الوهاب البزاز ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، قال : أخبرنا ابن الحسن بن عبد الجبار ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عروة بن معتم ، عن أبيه ، عن الحضرمي ، عن القاسم بن محمّد ، عن عبد الله بن عمر : أنّ امرأة يقال لها أم مهدون كانت تسافح ، وكانت تشترط للذي يتزوجها أن تكفيه النفقة ، وأنّ رجلاً من المسلمين أراد أن يتزوجها ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فنزلت هذه الآية : { وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ...} (النور/3) » .
وقال ابن نجيم في البحر الرائق : 4 / 188 : « وقد اختلف في سبب نزولها ؛ فروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنّ هلال بن اُمية قذف امرأته عند رسول الله صلى الله عليه وآله بشريك ابن سحماء . فقال : النبي صلى الله عليه وآله : البينة وإلا حدّ في ظهرك . فقال : يا رسول الله ! إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : البينة وإلا حدّ في ظهرك ».
فقال هلال : « والذي بعثك بالحق إني لصادق ، ولينزلن الله تعالى ما يبرئ ظهري من الحدّ . فنزل جبريل فأنزل الله : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } حتى بلغ : { إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ }(النور/6 ـ 9).، فانصرف النبي صلى الله عليه وآله فأرسل إليهما ، فجاء هلال فشهد والنبي صلى الله عليه وآله يقول : الله يعلم أنّ أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب ؟ ثمّ قامت فشهدت ، فلما كانت عند الخامسة وعظها ، وقال إنّها موجبة . فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنّها ترجع ، ثمّ قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم . فمضت ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين شائع الاليتين خدلج الساقين ، فهو لشريك بن سحماء . فجاءت به كذلك فقال النبي صلى الله عليه وآله : لولا ما مضى من كتاب الله تعالى لكان لي ولها شأن » .
وأخرج البخاري أيضاً عن سهل بن سعد ، قال : « جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال : سل رسول الله صلى الله عليه وآله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فقتله ، أيقتل به أم كيف يصنع ؟ فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وآله ، فعاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلقيه عويمر فقال : ما صنعت ؟ ! إنك لم تأتني بخير ؛ سألت رسول الله صلى الله عليه وآله ، فعاب السائل . فقال عويمر : والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وآله ولأسألنه . فأتاه فوجده قد اُنزل عليه فدعا بها ، فلاعن بينهما ، فقال عويمر : إن انطلقت بها يا رسول الله فقد كذبت عليها ، ففارقها قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وآله فصارت سُنّة للمتلاعنين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أبصروها فإن جاءت به أسحم العينين عظيم الاليتين ، فلا أراه إلا قد صدق ، وإن جاءت به اُحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبا ، فجاءت به مثل النعت المكروه . وذكر البقاعي أنّه لا يمتنع أن يكون للآية الواحدة عدة أسباب معا أو منفرقا ، وتمام الروايات باختلاف طرقها في الدر المنثور للجلال السيوطي ». انتهى
وأنت تلاحظ أنّ البخاري روى سبب نزول آية اللعان دون غيرها .. وهكذا .. فالصحيح أن يقال إنّ لها عدة أسباب نزول تتعلق بموضوعات السورة ، التي هي تشريعات ربانية لضمان طهارة الاُسرة ، وتشريعات لمعالجة حالات الخلل والانحراف .
وفيها أيضاًمفاهيم عقيدية عن نور الله تعالى ، ونوره في الأرض ..الخ.
راجع أيضاً : سبل السلام ـ لابن حجر ـ : 3 / 191 ، والمبسوط ـ للسرخسي ـ : 9 / 36 : وحاشية الشرواني : 8 / 202 ، : والدر المنثور ـ للسيوطي ـ : 5 / 47 ، مجمع الزوائد ـ للهيثمي ـ : 6 / 264 . وتفسير الطبري : 18 / 111 : أحكام القرآن ـ للجصاص ـ : 2 /135 .
ومن مصادرنا : فقه القرآن ـ للقطب الراوندي ـ : 2 / 27 ، وبحار الأنوار ـ للمجلسي ـ : 76 / 60 ، والتفسير الصافي ـ للفيض الكاشاني ـ : 3/ 414 .
التعلیقات