لماذا لم يكن للمرأة حقّ طلاق نفسها من الرجل إذا تزوّج الرجل بامرأة ثانية ؟
الشيخ حسن الجواهري
منذ 15 سنةالسؤال :
أليس العدل ثاني أصل من أصول الدين ؟ أليس الله يتّصف بأنّه العادل ؟ كيف يمكن أن يسمح الله لشخص أن يبني سعادته على شقاء آخر ؟
تعدد الزوجات حقّ من حقوق الرجل ، وهو شرع الله لا شكّ منه ، ولكن كيف لا يكون حقّ المطالبة بالطلاق للمرأة إن تزوّج الرجل بأخرى ؟ أليس الطلاق شرع الله وللرجل متى شاء ولأيّ سبب كان له أن يطلق ولو كانت المرأه صالحة ؟ فكيف لا يكون لها حقّ المطالبة إن كان ذلك له الأثر السلبي على دينها ، كأن يؤثّر ذلك على تربيتها لأولادها أو معاملتها لزوجها أو حتّى أثره على عبادتها كصلاتها ، أليس من باب المحافظه على دينها وعدم الوقوع بمعصية الله مع الرجل أن تطالب بالانفصال ؟ أليس الله هو من خلقها وأوجد فيها تلك الأحاسيس والتي يصف الإمام أمير المؤمنين كالريحانة ؟ فكيف يمكن أن يحاسبنا الله على شيء خلقها فينا دون إرداتنا وهو العادل ؟ ولم يكون ذلك الاختيار بالتعدد والزواج والانفصال بيد الرجل فقط وهي من تملك ذلك الكم الهائل من المشاعر والأحاسيس ؟
لم في حال آخر لو كانت للمرأة طاقة جنسيّة تفوق طاقة ذلك الرجل وهو تزوّج بأخرى ، ألا يحقّ لها المطالبة بالانفصال من باب المحافظة على النفس وعدم الوقوع بالحرام ؟ إن كان لا يشبع واحدة ، فكيف له أن يشبع اثنتان ؟ أليس منعها من الانفصال عنه فيه مفسده ؟ ألا يجرها هذا المنع للوقوع بما حرّم الله ؟ أليس من باب أولى المحافظه على المجتمع والمرأه بشكل خاصّ ؟ أليس هذا ما يطالب به شرع الله ؟
الجواب :
إنّ هذا السؤال ـ وفروعه ـ ينصب على قضيّة واحدة رئيسية هي لماذا لم يكن للمرأة حقّ طلاق نفسها من الرجل إذا تزوّج الرجل بامرأة ثانية ؟
والجواب : إنّ الإسلام جعل الطلاق بيد الرجل فله الحقّ أن يتخلّص من زوجته ، سواء كانت صالحة أم لا ، ولكن الإسلام جعل للمرأة الحقّ في طلاق نفسها من زوجها في موارد متعددة :
1 ـ إذا اشترطت هي أن تكون وكيلة عن الزوج ـ بحيث لا يتمكّن الزوج من اسقاط هذه الوكالة ـ في طلاق نفسها في موارد محدّدة كسجنه خمسة سنين أو أكثر ، أو في صورة إدمانه على المخدّرات أو شرب الخمر ، أو في حالة زواجه من امرأة ثانية ، أو في حالة سوء أخلاقه.
كما يجوز للمرأة أن تجعل نفسها وكيلة في طلاقها من زوجها متى أرادت في تكون الزوج وكيلة في هذا العمل إن اشترطت ذلك في عقد الزواج فتتمكّن المرأة من الإنفصال ، ولكن بهذا الشرط في ضمن العقد.
2 ـ إن لم تشترط المرأة ذلك في متن العقد فتتمكّن أن تبذل للزوج مقداراً من المال ـ إن كرهت الإقامة معه ـ على أن يطلقها ، فإنّ وافق الزوج يتمكّن أن يطلقها ويأخذ المال المبذول.
3 ـ إن كرهت الزوجة الزوج ولم يوافق على أخذ المال من أجل الطلاق إلا أنّ حياة الزوجة أصبحت عذاباً بسبب سوء معاملة الزوج معها بحيث لا تتمكّن من الحياة مع زوجها لسوء المعاملة ، فإنّ السيد السيستاني حفظه الله تعالى يقول بأنّ : الولي له الحقّ في طلاق هذه المرأة.
وأمّا إذا كان الزوج باذلاً المؤنة لزوجته ، ولم يقصّر في حقّها من الناحية الشرعيّة ولم تشترط المرأة أن تكون وكيلة في طلاق نفسها عند زواجه ثانية ، وقد تزوّج ثانياً ، فلا يحقّ للمرأة أن تطلق نفسها في هذه الحالة.
أقول لصاحب السؤال : لماذا لم تحتاطوا من أوّل الأمر في اختيار الزوج الصالح لبناتكم ؟ ثمّ لمإذا لم تشترطوا أن تكون الزوجة وكيلة في طلاق نفسها في حالات خاصّة أو مطلقاً من أجل تحسب أن تحتاج المرأة إلى الإنفصال ؟ فهذه تقصيراتكم ، ثمّ تجعلون اللوم على الشرع المقدّس ، فإنّ الشارع المقدّس والفقهاء جعلوا للمرأة مخرجاً من هذه الحالات التعيسة ، ولكنّكم لا تشاورون مع العلماء والفقهاء فتقعون في المشكلة ، أبعدكم الله عن المشاكل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التعلیقات