دعاء الصباح لأمير المؤمنين عليه السلام
الشيخ عبّاس القمّي
منذ 14 سنةدعاء الصباح لأمير المؤمنين عليه السلام
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَللَّهُمَّ يا مَنْ دَلَعَ لِسانَ الصَّباحِ بِنُطْقِ تَبَلُّجِهِ ، وَسَرَّحَ قِطَعَ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ بِغَياهِبِ تَلَجْلُجِهِ ، وَأَتْقَنَ صُنْعَ الْفَلَكِ الدَّوَّارِ فِي مَقادِيرِ تَبَرُّجِهِ ، وَشَعْشَعَ ضِياءَ الشَّمْسِ بِنُورِ تَأَجُّجِهِ ، يا مَنْ دَلَّ عَلَى ذاتِهِ بِذاتِهِ ، وَتَنَزَّهَ عَنْ مُجانَسَةِ مَخْلُوقاتِهِ ، وَجَلَّ عَنْ مُلائمَةِ كَيْفِيَّاتِهِ ، يا مَنْ قَرُبَ مِنْ خَطَراتِ الظُّنُونِ ، وَبَعُدَ عَنْ لَحَظاتِ الْعُيُونِ ، وَعَلِمَ بِما كانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ، يا مَنْ أَرْقَدَنِي فِي مِهادِ أَمْنِهِ وَأَمانِهِ ، وَأَيْقَظَنِي إلَى ما مَنَحَنِي بِهِ مِنْ مِنَنِهِ وَإحْسانِهِ ، وَكَفَّ أَكُفَّ السُّوءِ عَنِّي بِيَدِهِ وَسُلْطانِهِ ، صَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى الدَّلِيلِ إلَيْكَ فِي اللَّيْلِ الأَلْيَلِ ، وَالْماسِكِ مِنْ أَسْبابِكَ بِحَبْلِ الشَّرَفِ الْأَطْوَلِ ، وَالنَّاصِعِ الْحَسَبِ فِي ذِرْوَةِ الْكاهِلِ الْأَعْبَلِ ، وَالثَّابِتِ الْقَدَمِ عَلَى زَحالِيفِها فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ ، وَعَلَى آلِهِ الأَخْيارِ الْمُصْطَفَينَ الْأَبْرارِ ، وَافْتَحِ اللَّهُمَّ لَنا مَصارِيعَ الصَّباحِ بِمَفاتِيحِ الرَّحْمَةِ وَالْفَلاحِ ، وَأَلْبِسْنِي اللَّهُمَّ مِنْ أَفْضَلِ خِلَعِ الْهِدايَةِ وَالصَّلاحِ ، وَاغْرُسِ اللَّهُمَّ بِعَظَمَتِكَ فِي شِرْبِ جَنانِي يَنابِيعَ الْخُشُوعِ ، وَأَجْرِ اللَّهُمَّ لِهَيْبَتِكَ مِنْ آمَاقِي زَفَراتِ الدُّمُوعِ ، وَأَدِّبِ اللَّهُمَّ نَزَقَ الْخُرْقِ مِنِّي بِأَزِمَّةِ الْقُنُوعِ ، إِلهِي إنْ لَمْ تَبْتَدِئْنِي الرَّحْمَةُ مِنْكَ بِحُسْنِ التَّوْفِيقِ ، فَمَنِ السَّالِكُ بِي إلَيْكَ فِي واضِحِ الطَّرِيْقِ ؟ وَإنْ أَسْلَمَتْنِي أَناتُكَ لِقائِدِ الْأَمَلِ وَالْمُنَى فَمَنِ الْمُقِيلُ عَثَراتِي مِنْ كَبَواتِ الْهَوَى ؟ وَإنْ خَذَلَنِي نَصْرُكَ عِنْدَ مُحارَبَةِ النَّفْسِ وَالشَّيْطانِ ، فَقَدْ وَكَلَنِي خِذْلانُكَ إلَى حَيْثُ النَّصَبُ وَالْحِرْمانُ ، إلهِي أَتَرانِي مَا أَتَيْتُكَ إلا مِنْ حَيْثُ الآمالُ ، أَمْ عَلِقْتُ بَأَطْرافِ حِبالِكَ إلَّا حِيْنَ باعَدَتْنِي ذُنُوبِي عَنْ دارِ الْوِصالِ ، فَبِئْسَ الْمَطِيَّةُ الَّتِي امْتَطَتْ نَفْسِي مِنْ هَواها ، فَواهاً لَها لِما سَوَّلَتْ لَها ظُنُونُها وَمُناها ، وَتَبّاً لَها لِجُرأَتِها عَلَى سَيِّدِها وَمَوْلاها ، إِلهِي قَرَعْتُ بابَ رَحْمَتِكَ بِيَدِ رَجائِي ، وَهَرَبْتُ إلَيْكَ لاجِئاً مِنْ فَرْطِ أَهْوائِي ، وَعَلَّقْتُ بِأَطْرافِ حِبالِكَ أَنامِلَ وَلائِي ، فَاصْفَحِ اللَّهُمَّ عَمَّا كُنتُ [ كَانَ ] أَجْرَمْتُهُ مِنْ زَلَلِي وَخَطائِي ، وَأَقِلْنِي مِنْ صَرْعَةِ رِدائِي ، [ دائي ] فَإنَّكَ سَيِّدِي وَمَوْلايَ وَمُعْتَمَدِي وَرَجائِي ، وَأَنْتَ غايَةُ مَطْلُوبِي وَمُنايَ فِي مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ ، إلهِي كَيْفَ تَطْرُدُ مِسْكِيناً الْتَجَأَ إلَيْكَ مِنَ الذُّنُوبِ هارِباً ، أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ مُسْتَرْشِداً قَصَدَ إلَى جَنابِكَ ساعِياً [ سابقاً ] أَمْ كَيْفَ تَرُدُّ ظَمْآناً وَرَدَ إلَى حِياضِكَ شارِباً ؟ كَلَّا وَحِياضُكَ مُتْرَعَةٌ فِي ضَنْكِ المُحُولِ ، وَبابُكَ مَفْتُوحٌ لِلطَّلَبِ وَالْوُغُولِ ، وَأَنْتَ غايةُ السُّؤُلِ [ المسؤول ] ونِهايَةُ الْمأْمُولِ ، إِلهِي هذِهِ أَزِمَّةُ نَفْسِي عَقَلْتُها بِعِقالِ مَشِيئَتِكَ ، وَهذِهِ أَعْباءُ ذُنُوبِي دَرَأْتُها بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ ، وَهذِهِ أَهْوائِي الْمُضِلَّةُ وَكَلْتُها إلَى جَنابِ لُطْفِكَ وَرَأْفَتِكَ ، فَاجْعَلِ اللَّهُمَّ صَباحِي هَذا نازِلاً عَلَيَّ بِضِياءِ الْهُدَى [ وَالسَّلامَةِ ] ، وَبِالسَّلامَةِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيا ، وَمَسائِي جُنَّةً مِنْ كَيْدِ الْعِدَى [ الأعْداء ] وَوِقايَةً مِنْ مُرْدِياتِ الْهَوَى ، إنَّكَ قادِرٌ عَلَى ما تَشاءُ ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ، وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ، وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ، لا إلهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، مَنْ ذا يَعْرِفُ قَدْرَكَ فَلا يَخافُكَ ، وَمَنْ ذا يَعْلَمُ ما أَنْتَ فَلا يَهابُكَ ، أَلَّفْتَ بِقُدْرَتِكَ الْفِرَقَ ، وَفَلَقْتَ بِلُطْفِكَ الْفَلَقَ ، وَأَنَرْتَ بِكَرَمِكَ دَياجِيَ الْغَسَقِ ، وَأَنْهَرْتَ الْمِياهَ مِنَ الصُّمِّ الصَّياخِيدِ عَذْباً وَأُجاجاً ، وَأَنْزَلْتَ مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً ، وَجَعَلْتَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لِلْبَرِيَّةِ سِراجاً وَهَّاجاً ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تُمارِسَ فِيما ابْتَدَأْتَ بِهِ لُغُوباً وَلا عِلاجاً ، فَيا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْعِزِّ وَالْبَقاءِ ، وَقَهَرَ عِبادَهُ بِالْمَوْتِ وَالْفَناءِ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْأَتْقِياءِ ، وَاسْمَعْ نِدائِي ، وَاسْتَجِبْ دُعائِي ، وَحَقِّقْ بِفَضْلِكَ أَمَلِي وَرَجائِي ، يا خَيْرَ مَنْ دُعِيَ لِكَشْفِ الضُّرِ وَالْمَأْمُولِ في كُلِّ [ لِكُلِّ ] عُسْرٍ وَيُسْرٍ ، بِكَ أَنْزَلْتُ حاجَتِي فَلا تَرُدَّنِي مِنْ سَنِيِّ [ من باب ] مَواهِبِكَ خائِباً يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى الله عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ.
ثمّ اسجد وقل : إلهِي قَلْبِي مَحْجُوبٌ ، وَنَفْسِي مَعْيُوبٌ ، وَعَقْلِي مَغْلُوبٌ ، وَهَوائِي غالِبٌ ، وَطاعَتِي قَلِيلٌ ، وَمَعْصِيَتِي كَثِيرٌ ، وَلِسانِي مُقِرٌّ بِالذُّنُوبِ ، فَكَيْفَ حِيلَتِي يا سَتَّارَ الْعُيُوبِ ، وَيا عَلَّامَ الْغُيُوبِ ، وَيا كاشِفَ الْكُرُوبِ ، اغْفِرْ ذُنُوبِي كُلَّها بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، يا غَفَّارُ يا غَفَّارُ يا غَفَّارُ ، بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
أقول : قد أورد العلامة المجلسي ( رحمه الله ) هذا الدعاء في كتابي الدعاء والصلاة من البحار ، وذيّله في كتاب الصلاة بشرح وتوضيح ، وقال : إنّ هذا الدعاء من الأدعية المشهورة ، ولكن لم أجده في كتاب يعتمد عليه سوى كتاب المصباح للسيد ابن باقي ( رضوان الله تعالى عليه ) وقال أيضاً : إنّ المشهور هُو أن يدعى به بعد فريضة الصبح ، ولكن السيد ابن باقي رواه بعد نافلة الصبح ، والعمل بأيّهما كان حسناً.
مقتبس من كتاب : مفاتيح الجنان / الصفحة : 112 ـ 115
التعلیقات
٦