هل النبيّ صلّى الله عليه وآله يكره ولاية علي عليه السلام ؟
السيّد جعفر علم الهدى
منذ 14 سنةنشر أحد السلفيّة موضوعاً بعنوان : النبيّ يكره ولاية عليّ من الكافي ، وجاء في موضوعه النصّ التالي :
4 ـ مجلسي حسن 3 / 250 ـ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ ، وَالْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ ، وَبُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، وَبُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَأَبِي الْجَارُودِ جَمِيعاً عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السّلام قَالَ : « أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) [ المائدة : 55 ] ، وَ فَرَضَ وَلَايَةَ أُولِي الْأَمْرِ فَلَمْ يَدْرُوا مَا هِيَ ؟ فَأَمَرَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلّى الله عليه وآله أَنْ يُفَسِّرَ لَهُمُ الْوَلَايَةَ ، كَمَا فَسَّرَ لَهُمُ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصَّوْمَ وَالحجَّ ، فَلَمَّا أَتَاهُ ذَلِكَ مِنَ اللهِ ضَاقَ بِذَلِكَ صَدْرُ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله ، وَتَخَوَّفَ أَنْ يَرْتَدُّوا عَنْ دِينِهِمْ ، وَ أَنْ يُكَذِّبُوهُ ، فَضَاقَ صَدْرُهُ وَرَاجَعَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَوْحَى الله عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِِ ) [ المائدة : 67 ]. فَصَدَعَ بِأَمْرِ اللَّهِ » الكافي المجلد الأوّل صفحة 290 .
أقول : في هذه الرواية النبيّ يضيق صدره عندما أمره الله بولاية عليّ ، هذا ليس من صفات المؤمنين ، فمن صفات المؤمنين : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ) [ الأحزاب : 36 ] ، بل أمرهم الله بالتسليم مع طيب النفس للنبيّ ، وبالتالي النبيّ أولى بهذا الأمر مع الله : ( ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [ النساء : 65 ]. ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [ النور : 51 ] ، ولكنّ النبيّ هنا لم يسمع ، ولم يطع ، بل راجع ربّه فى هذا الأمر .
الأسئلة حول هذه الرواية :
أليس الأولى بالنبيّ أن يفرح بولاية عليّ ، لا أن يضيق صدره عندما أمر بها ؟
أليست هذه الولاية هي التي أكملت الدين ؟
أليس هذا ممّا يفرح به النبيّ ؟
لماذا راجع النبيّ ربّه ؟ هل كان يريد إلغاء هذا الأمر ؟
النبيّ كان يخاف على أمّته من الضلال والردّة ؟ فهل النبيّ أشفق بأمّته من الله ؟
هذه الرواية تثبت بُعد نظر النبيّ ؛ لأنّ ما خاف منه النبيّ وقع ، وهو الردّة ؟!
فهل بهذا يكون النبيّ أعلم بالناس من الله ؟
ألا تنسف هذه الرواية العصمة ؛ لأنّ النبيّ راجع ربّه ، وضاق صدره بأوامر الله ، ولم يفعله إلاّ بعد التهديد كما تقول الرواية ؟
ألا تقدح هذه الرواية فى علم النبيّ بالله ؛ لأنّه راجع ربّه ، وهو يعلم أنّه لا يبدلّ القول لديه ؟
أنا أشهد الله أنّ هذه الرواية مكذوبة ، وهي تطعن في النبيّ ، بل وفي ربّه ، فهل تشهدون معي يا إمامية ؟
ما هو ردّكم على ما جاء في هذا الطرح ؟ وهل الرواية صحيحة ، وكاملة كما نقلها الكاتب ؟ أم فيها التدليس والبتر كما أعتدنا ؟
4 ـ مجلسي حسن 3 / 250 ـ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ ، وَالْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ ، وَبُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، وَبُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَأَبِي الْجَارُودِ جَمِيعاً عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السّلام قَالَ : « أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) [ المائدة : 55 ] ، وَ فَرَضَ وَلَايَةَ أُولِي الْأَمْرِ فَلَمْ يَدْرُوا مَا هِيَ ؟ فَأَمَرَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلّى الله عليه وآله أَنْ يُفَسِّرَ لَهُمُ الْوَلَايَةَ ، كَمَا فَسَّرَ لَهُمُ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصَّوْمَ وَالحجَّ ، فَلَمَّا أَتَاهُ ذَلِكَ مِنَ اللهِ ضَاقَ بِذَلِكَ صَدْرُ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله ، وَتَخَوَّفَ أَنْ يَرْتَدُّوا عَنْ دِينِهِمْ ، وَ أَنْ يُكَذِّبُوهُ ، فَضَاقَ صَدْرُهُ وَرَاجَعَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَوْحَى الله عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِِ ) [ المائدة : 67 ]. فَصَدَعَ بِأَمْرِ اللَّهِ » الكافي المجلد الأوّل صفحة 290 .
أقول : في هذه الرواية النبيّ يضيق صدره عندما أمره الله بولاية عليّ ، هذا ليس من صفات المؤمنين ، فمن صفات المؤمنين : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ) [ الأحزاب : 36 ] ، بل أمرهم الله بالتسليم مع طيب النفس للنبيّ ، وبالتالي النبيّ أولى بهذا الأمر مع الله : ( ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [ النساء : 65 ]. ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [ النور : 51 ] ، ولكنّ النبيّ هنا لم يسمع ، ولم يطع ، بل راجع ربّه فى هذا الأمر .
الأسئلة حول هذه الرواية :
أليس الأولى بالنبيّ أن يفرح بولاية عليّ ، لا أن يضيق صدره عندما أمر بها ؟
أليست هذه الولاية هي التي أكملت الدين ؟
أليس هذا ممّا يفرح به النبيّ ؟
لماذا راجع النبيّ ربّه ؟ هل كان يريد إلغاء هذا الأمر ؟
النبيّ كان يخاف على أمّته من الضلال والردّة ؟ فهل النبيّ أشفق بأمّته من الله ؟
هذه الرواية تثبت بُعد نظر النبيّ ؛ لأنّ ما خاف منه النبيّ وقع ، وهو الردّة ؟!
فهل بهذا يكون النبيّ أعلم بالناس من الله ؟
ألا تنسف هذه الرواية العصمة ؛ لأنّ النبيّ راجع ربّه ، وضاق صدره بأوامر الله ، ولم يفعله إلاّ بعد التهديد كما تقول الرواية ؟
ألا تقدح هذه الرواية فى علم النبيّ بالله ؛ لأنّه راجع ربّه ، وهو يعلم أنّه لا يبدلّ القول لديه ؟
أنا أشهد الله أنّ هذه الرواية مكذوبة ، وهي تطعن في النبيّ ، بل وفي ربّه ، فهل تشهدون معي يا إمامية ؟
ما هو ردّكم على ما جاء في هذا الطرح ؟ وهل الرواية صحيحة ، وكاملة كما نقلها الكاتب ؟ أم فيها التدليس والبتر كما أعتدنا ؟
الرواية صحيحة السند ، وليس في مدلولها ما ينافي مع قدسيّة الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله ، ولا مع عصمته ؛ إذ لم يكن ضيق صدره عن إعلام ولاية عليّ عليه السّلام على رؤوس الأشهاد ، وبنحو عامّ ، لأجل أغراض نفسانيّة ، ولا لأجل الخوف على نفسه ، بل كان لأجل حرصه الشديد على الإسلام ، وكان يخاف من إرتداد أكثر المسلمين إذا أعلن ولاية عليّ عليه السّلام ، و أخذ البيعة من المسلمين لعليّ عليه السّلام ؛ وذلك لأسباب كثيرة أهمّها الأحقاد الكامنة في صدور القوم الذي كان حديثي عهد بالإسلام ؛ لأنّ عليّاً عليه السّلام قتل آباءهم وإخوانهم وأبناء عشيرتهم في الغزوات دفاعاً عن النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله ، وفي سبيل تشييد أركان الإسلام ، وإلى ذلك أشارت الزهراء عليها السّلام في خطبتها المعروفة : « وما نقموا من أبي الحسن ؟ نقموا والله نكير سيفه ، وقلّة مبالاته بحتفه ، و شدّة تنمّره في ذات الله ».
فلم يكونوا يتحمّلون خلافة عليّ عليه السّلام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وأخذ البيعة له ، وهو الذي قتل آباءهم وأقربائهم ؛ فإنّ أكثرهم قد أسلم طوعاً أو كرهاً بعد فتح مكّة ، بل حتّى المخلصين منهم لم يكونوا يتقبّلون عليّاً عليه السّلام بقبولٍ حسنٍ ؛ إذ كانوا لا شعورياً منحرفين عن عليّ عليه السّلام ، وإن كان قتله لأقربائهم حقّاً ، وكانوا يذعنون بأنّ عليّاً عليه السّلام قام بواجبه الشرعي والعقلي والعرفي ، لكن الإنسان مهما أُوتي من إيمان وإخلاص لا يتمكّن نفسياً ولا شعورياً أن يتحمّل قاتل أبيه أو أقربائه.
كما أنّ الحزب القريشي لم يكن يتحمّل أن تكون النبوّة والإمامة كليهما في بني هاشم ، وكان أقطاب هذا الحرب يجتهدون ويسعون ويخططون لكي تكون الخلافة في قبيلة أُخرى من قريش ، وقد صرّح عمر بن الخطّاب بذلك لابن عبّاس حينما سأله أتدري لماذا ترك الناس عليّ بن أبي طالب ، واختاروا للخلافة غيره ؟
قال : لا .
قال عمر : لأنّهم لم يريدوا أن تكون الخلافة والنبوّة كليهما في قومك ـ أيّ في بني هاشم ـ هذا المضمون كلام عمر بن الخطّاب .
ومنه يظهر السبب في ضيق صدر النبيّ صلّى الله عليه وآله عن إعلام خلافة عليّ عليه السّلام بصورة علنيّة ، وإن كان يفرح كثيراً بتبليغه و إعلامه ، كما أنّه اهتمّ كثيراً بأمر الخلافة وصرّح في مواطن كثيرة بخلافة عليّ عليه السّلام وأفضليّته عن جميع الخلق ، فضلاً عن الصحابة ، بل صرّح بولاية عليّ عليه السّلام من أوّل يوم أظهر الدعوة إلى الإسلام ، وذلك حينما نزل قوله تعالى : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) [ الشعراء : 214 ]. جمع رسول الله صلّى الله عليه وآله أعمامه وبني عمومته وأقرباءه من بني هاشم ، ودعاهم إلى الإسلام ، وذكر أن أوّل مَن يظهر إيمانه وإسلامه يكون وزيره وخليفته ، فلم يتقدّم منهم أحد غير علي بن أبي طالب عليه السّلام حيث إنّه أظهر إيمانه وإسلامه أمام القوم ـ وقد كان آمن برسول الله صلّى الله عليه وآله سرّاً قبل ذلك ـ فخرج القوم وهم يستهزؤون ويقولون لأبي طالب : أطع إبنك فقد صار أميراً عليك.
وهكذا استمرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله في بيان ولاية عليّ عليه السّلام وخلافته إلى آخر يوم من أيّام وفاته ، نعم كان يخاف من الإعلام الرسمي والعلني حرصاً على مصير الإسلام إلى أن أمره الله بذلك ، ونزل قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ) [ المائده : 67 ].
ولمّا كان هذا الأمر مؤكّداً أقام النبيّ صلّى الله عليه وآله بتنفيذه ، وجمع المسلمين في غدير خمّ ، وخطب فيهم ، ثمّ أخذ بيد عليّ عليه السّلام ورفعه وأعلن بصورة علنية وعامّة خلافته ، وأخذ البيعة منهم ، كما في بعض روايات أهل السنّة وفي روايات أهل البيت عليهم السّلام ، كما أن قوله تعالى : ( فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) [ المائده : 67 ] ليس تهديداً ، وإنّما هو بيان لأهمّية الإمامة والخلافة.
التعلیقات