ثورة عبد اللّه بن الزبير
الثورات الناجمة عن ثورة الاِمام الحسين ع
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 243 ـ 245
________________________________________(243)
2ثورة عبد اللّه بن الزبير
عبد اللّه بن الزبير بن العوام ولد بعد الهجرة بعشرين شهراً، وكان أبوه ابن عمة علي _ عليه السلام _ وهو ابن خاله، وهو ممن سلّ سيفه يوم السقيفة لصالح علي وقال: لا أغمد سيفي حتى يبايع علي، ولكن ـ و للاَسف ـ كان ولده على الطرف النقيض من ذلك فهو كما قال علي _ عليه السلام _: ما زال الزبير منّا أهل البيت حتى نشأ عبد اللّه فأفسده (1)وهو الذي دفع أباه إلى محاربة الاِمام في وقعة الجمل بعد ما ندم وأراد التصالح والتراجع.
ومع هذا هو ممن اتخذ ثورة الاِمام حجّة على خروجه في وجه الحاكم الاَموي وروى الطبري بسنده إلى عبد الملك بن نوفل قال: حدثني أبي: قال لما قتل الحسين _ عليه السلام _ قام ابن الزبير في أهل مكة وعظّم مقتله، وعاب أهل الكوفة خاصة ولام أهل العراق عامة فقال بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه وصلّـى على محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ : إنّ أهل العراق غدر فجر إلاّ قليلاً، وإنّ أهل الكوفة شرار أهل العراق وأنّهم دعوا حسيناً لينصروه ويولوه عليهم، فلمّا قدم عليهم صاروا إليه، فقالوا له: إمّا أن تضع يدك في أيدينا فنبعث بك إلى ابن زياد بن سمية، فيمضي فيك حكمه وإمّا أن تحارب فرأى واللّه أنّه هو مقتول ولكنّه اختار
________________________________________
(1) تنقيح المقال: 2|184، مادة «عبد اللّه بن الزبير».
________________________________________
(244)
الميتة الكريمة على الحياة الذميمة فرحم اللّه حسيناً، وأخزى قاتل حسين ـ إلى أن قال: ـ أفبعد الحسين نطمئن إلى هوَلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهداً لا ولا نراهم لذلك أهلاً. أما واللّه لقد قتلوه، طويلاً بالليل قيامه، كثيراً في النهار صيامه، أحقّ بما هم فيه منهم وأولى به في الدين والفضل.أما واللّه ما كان يبدل بالقرآن، الغناء، ولا بالبكاء من خشية اللّه الحداء، ولا بالصيام شرب الحرام، ولا بالمجالس في حلَق الذِّكر الركض في تطلاب الصيد (يعرض بذلك يزيد) فسوف يلقون غياً.
فثار إليه أصحابه فقالوا له: أيها الرجل أظهر بيعتك فإنّه لم يبق أحد (إذ هلك حسين) ينازعك هذا الاَمر وقد كان يبايع الناس سراً ويظهر أنّه عائذ بالبيت (1)
لما فرغ مسلم من قتال أهل المدينة ونهبها شخص بمن معه نحو مكة يريد ابن الزبير ومن معه، واستخلف على المدينة رَوْح بن زِنباع الجُذاميّ، وقيل: استخلف عمرو بن مخرمة الاَشجعي، فلمّا انتهى إلى المشلَّل نزل به الموت، وقيل: مات بثنيّة هَرْشَى، فلمّا مات سار الحصين بالناس فقدم مكة لاَربع بقين من المحرم سنة أربع وستين وقد بايع أهلها وأهل الحجاز عبد اللّه بن الزبير واجتمعوا عليه، ولحق به المنهزمون من أهل المدينة فحمل أهل الشام عليهم حملةً انكشف منها أصحاب عبد اللّه، ثم نزل فصاح بأصحابه، وصابرهم ابن الزبير إلى الليل ثم انصرفوا عنه.
هذا في الحصر الاَوّل ثم أقاموا يقاتلونه بقية المحرم وصفر كلّه حتى مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الاَوّل سنة أربع وستين، ولاَجل القضاء على ابن الزبير
________________________________________
(1) الطبري: التاريخ: 4|364، ابن الاَثير: الكامل: 4|98 ـ 99.
________________________________________
(245)
المتحصن في المسجد الحرام رموا البيت بالمجانيق وحرقوه بالنار، وكانت الحرب طاحنة إذ بلغهم نعي يزيد بن معاوية لهلال ربيع الآخر ولم يكن أمامهم إلاّ طريق واحد وهو الرجوع إلى الشام واختار الرجوع إليها (1)كان ابن الزبير يسوس الحجاز والعراق وفيهما عماله إلى أن استولى عبد الملك على العراق عام إحدى وسبعين من الهجرة وانحصرت إمارة ابن الزبير بالحجاز وعند ذاك وجّه عبد الملك، الحجاج بن يوسف الثقفي في ألفين وقيل في ثلاثة آلاف من أهل الشام لقتال عبد اللّه بن الزبير، وقدم مكة وحصر ابن الزبير والتجأ هو وأصحابه إلى المسجد الحرام، ونصب الحجاج المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة إلى أن خرج أصحابه إلى الحجاج بالآمان، و قتل ابن الزبير يوم الثلاثاء من جمادي الآخرة عام ثلاث وسبعين من الهجرة (2)
________________________________________
(1) ابن الاَثير: الكامل: 4|123 ـ 124، الطبري: التاريخ: 4|381 ـ 384.
(2) الطبري: التاريخ: 5|24، ابن الاَثير: الكامل: 4|349 ـ 356.
التعلیقات