الاِمام السيد الموَيد أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون
أعلام الزيدية
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 404 ـ 406
________________________________________(404)
7
الاِمام السيد الموَيد أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون (333 ـ 411هـ)
من أئمة الزيدية في أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس، ترجمه حسام الدين المحلي في الحدائق الوردية وقال: نسب تعنو له الاَنوار، وتغض من شعاعها الشموس والاَقمار، ينتهي إلى جوهر النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ جواهره، ونمت إلى عنصره الكريم عناصره، وهذا هو الفضل الرائق، والحسب الفائق.
كان وحيد عصره وفريد دهره، والحافظ لعلوم العترة _ عليهم السلام _ والناصر لفقه الذرية الكرام فَأُخذ عنه مذهب الزيدية، وقرِىَ عليه الكلام على طريقة البغدادية وكان في الاَصل إمامياً فوضح له الحقّ فانقاد له أحسن انقياد واختلف أيضاً إلى أبي الحسين علي بن إسماعيل بن إدريس. وقُرأ عليه فقه الزيدية والحنفية وروى عنه الحديث عن الناصر للحق _ عليه السلام _.
وكان أبو الحسين هذا من أجلة أهل طبرستان رئاسة وستراً وفضلاً وعلماً، قال مصنف سيرته: وكان _ عليه السلام _ في الورع والتقشف والاحتياط والتفرد إلى حد يقصر العبارَة عنه، والفهم عن الاِحاطة وتصوّف في عنفوان شبابه حتى بلغ في علومهم مبلغاً منيعاً وحلّ التصوف والزهد محلاّ ً رفيعاً وصنف سياسة المريدين.
وكان يحمل السمك من السوق إلى داره، وكانت الشيعة يتشبثون ويتبركون بحمله فلا يمكن أحداً من حمله، ويقول: أنا أحمله قسراً للهوى وتركاً للتكبر لا لاعواز من يحمله.
________________________________________
(405)
وكان قدس اللّه روحه يجالس الفقراء وأهل المسكنة ويكابر أهل السير والعفة ويميل إليهم، وكان يرد الهدايا والوصايا إلى بيت المال وكان يكثر ذكر الصالحين وإذا خلى بنفسه يتلو القرآن بصوت حزين إلى آخر ما ذكره (1)وقال الزركلي: أحمد بن الحسين بن هارون الاَقطع، من أبناء زيد بن الحسن العلوي الطالبي القرشي، أبو الحسين: إمام زيدي، من أهل طبرستان. مولده بها في آمل، ودعوته الاَُولى سنة 380 بويع له بالديلم ولقب بالسيد «الموَيد باللّه» ومدة ملكه عشرون سنة. وكان غزير العلم، له مصنفات في الفقه والكلام، منها «الاَمالي» و« التجريد» في علم الاَثر، و «شرحه» في أربعة مجلدات (2)
أقول: له ترجمة ضافية في مقدمة الجزء الاَوّل من كتابه «شرح التجريد في فقه الزيدية».
وما ذكره حسام الدين المحلي من أنه كان إمامياً، ثم صار زيدياً، حقّ، وقد نبه بذلك الشيخ الطوسي في أوائل كتاب التهذيب ناقلاً عن الشيخ المفيد أنّه قال: إنّ أبا الحسين الهاروني العلوي كان يعتقد الحقّ ويدين بالاِمامة فرجع عنها لما التبس عليه الاَمر في اختلاف الاَحاديث وترك المذهب، ودان بغيره لما لم يتبين له وجوه المعاني فيها. وهذا يدل على أنّه دخل فيه على غير بصيرة واعتقد المذهب من جهة التقليد، لاَنّ الاختلاف في الفروع لا يوجب ترك ما ثبت بالاَدلة من الاَُصول (3).
أقول: قد ذكرنا علل اختلاف الاَخبار المروية عن أئمة أهل البيت وذكرنا أسبابها المختلفة، مقرونا بالشواهد في محاضراتنا في الاَُصول (4)وكان الشيخ أبا
________________________________________
(1) حسام الدين المحلى: الحدائق الوردية: 2|65ـ 66.
(2) الزركلي، الاَعلام: 1|116.
(3) الطوسي: التهذيب: 1|2ـ3.
(4) المحصول: 4|429 ـ 437.
________________________________________
(406)
الحسين لم يكن واقفاً عليها عن كثب، وإلاّ لما ترك المذهب، وقد وصل إلينا من كتبه، كتابه «شرح التجريد في فقه الزيدية» في ثلاثة أجزاء كبار ـ على القطع الرحلي، نشرته مكتب عنبر بدمشق عام 1405 والكتاب شرح لفتاوى الاِمامين: القاسم بن إبراهيم الرسي، والهادي يحيى بن الحسين بوجه مبّسط، وقد تجلّـى فيه تبحره في الفقه الزيدي بعيداً عن الفقه الحنفي كما هو ظاهر لمن طالع الكتاب بالاِمعان والدقة ولاَبي الحسين الهاروني، شعر رائق منه ما يمدح به الصاحب بن عباد نقتبس منه ما يلي: سقى عهدها، صوب من المزن الهاطل * يحيّى بها تلك الربا والمنازل
منازل نجم الوصل فيهن طالع * يضىء ونجم الهجر فيهن آفلإلى أن يقول:
ألا أيّها ذا الصاحب الماجد الذي * أنا مله العليا غيوث هواطل
أنامل لو كنت تشير إلى الصفا * تفجر للعافين منها جداول
إليك عميد المجد سارت ركابهم * وليس لهم إلاّ علاك وسايل
وأسعدتهم والنحس لولاك ناجم * وأعذرتهم والذل لولاك شامل
فكل زمان لم تزينه عاطل * وكل مديح غير مدحك باطل (1)
________________________________________أنامل لو كنت تشير إلى الصفا * تفجر للعافين منها جداول
إليك عميد المجد سارت ركابهم * وليس لهم إلاّ علاك وسايل
وأسعدتهم والنحس لولاك ناجم * وأعذرتهم والذل لولاك شامل
فكل زمان لم تزينه عاطل * وكل مديح غير مدحك باطل (1)
(1) شرح التجريد: قسم المقدمة: بقلم يوسف بن السيد محمد الموَيد الحسن: 71 ـ 72.
التعلیقات